ناشطة يهودية: ترامب يخضع للوبي الصهيوني وترحيل "مؤيدي فلسطين" وصمة عار (خاص)

عمرو حبيب | منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

قالت الناشطة الأميركية اليهودية، ميديا بنيامين، إن سياسات الرئيس دونالد ترامب المتعلقة بترحيل كل من يعارض إسرائيل “تعكس مدى رضوخه لضغط اللوبي الصهيوني المنظم في الولايات المتحدة”. 

وأكدت بنيامين، في حوار مع "الاستقلال" أن إصرار إدارة ترامب على ترحيل من يعبر عن رأيه تجاه الفلسطينيين بشكل لا يرضيها “هو أمر مخيب للآمال ولا يعكس صورة إيجابية لأميركا”.

وأشارت إلى أن "الإعلام الرسمي في الولايات المتحدة لا يعكس صورة حقيقية ولا عادلة لمأساة الفلسطينيين في غزة. 

وأبدت بنيامين استغرابها ممن يحتلون مناصب سياسية عليا ويرون كيف تقتل إسرائيل وتذبح المدنيين في غزة، ومع ذلك مصرون على تأييد رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو ومن معه.

ولفتت إلى أن “غزة هي أكبر سجن مفتوح وهذا حدث على يد إسرائيل وحلفائها، ومهما روجوا لمسألة السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 (طوفان الأقصى) فلن يستطيعوا تغيير الحقائق”.

والناشطة الأميركية سوزان بنيامين وُلدت بولاية نيويورك في 10 سبتمبر 1952 لأسرة يهودية، وغيرت اسمها إلى ميديا (تأثرا بأسطورة إغريقية شهيرة)، وذلك أثناء عامها الجامعي الأول.

وعام 1988، أسست ميديا وزوجها مؤسسة "غلوبال إكستشانج" التي تطالب ببدائل تجارية عادلة في زمن العولمة.

وانتشر أثرها بقوة عام 2022 عندما أسست مجموعة "كود بينك" الداعمة للسلام، كما اشتهرت بعد العدوان الإسرائيلي على غزة بملاحقة المشرعين الأميركيين الداعمين لإسرائيل لإحراجهم.

ومع الوقت أصبحت بنيامين تشكل شوكة شديدة الأثر في حلق الإدارات الأميركية المتعاقبة فيما يخص الحروب المدعومة من واشنطن خاصة في الشرق الأوسط.

غزة والحريات

كيف ترين اعتقال الطالب محمود خليل في الولايات المتحدة؟ وما تداعياته على صورة البلاد عالميا؟

دائما ما تصور الولايات المتحدة نفسها كمنارة لحرية التعبير، ونرى الآن العكس تماما، اعتقال خليل لمجرد عدم إعجابهم بخطابه سابقة مروعة في تاريخنا.

بالفعل، نشهد حاليا ترحيل العديد من الأشخاص أو منعهم من دخول الولايات المتحدة لأسباب مثل منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي مؤيدة لفلسطين. 

بالطبع أمر سيئ للغاية بالنسبة لنا، نحن الذين نؤمن بحرية التعبير، والانعكاس طبعا واضح حيث يُخيف هذا الأمر الناس بشأن التعبير عن آرائهم، ويُسيء إلى صورة الولايات المتحدة في الخارج. 

هل يعقل أن تخشى الولايات المتحدة من الأصوات التي تنادي بأمر معين؟! لذلك أنا أقول إن ترامب لن يدع أي وسيلة يقمع بها معارضيه إلا وسيتبعها داخل الولايات المتحدة أو خارجها. 

يعتقد البعض أن الولايات المتحدة أصبحت دولة من دول العالم الثالث من حيث الحريات وحقوق الإنسان، ما تعليقك؟

أعتقد أننا نمر بمرحلة قمع للحريات وحقوق الإنسان غير مسبوقة، وأن مجتمعنا- مع مرور الوقت- تسيطر على إدارته حفنة من الأثرياء - من أمثال إيلون ماسك.

هذا عكس ما ينبغي أن يكون عليه المجتمع الديمقراطي السليم، المجتمع الحر لا تتحكم فيه الأموال والصفقات وإلا فلن تكون هذه سياسة، ستكون مجرد استغلال للفرص للانقضاض على حقوق الغير وتهميش أي فقير مع الوقت. 

أعد هذا بمثابة كارثة حلت على المجتمع الأميركي، نحن لا نحتاج إلى أثرياء بقدر احتياجنا إلى إدارة ديمقراطية حرة تعرف قيمة الإنسان في الداخل والخارج.

برأيك، لماذا تمتلك إسرائيل أحيانا كل هذه القوة للسيطرة على القرارات الأميركية؟ ما وراء ذلك؟

الجواب بسيط، اللوبي الإسرائيلي، مُموّل ومُنظّم بشكل جيد، ويتكوّن من جماعات صهيونية يهودية ومسيحية مُتعصبة لإسرائيل وقد امتلكت وسائل ضغط هائلة على أكثر من صعيد.

غادرت إدارة جو بايدن بعد دعمها القوي لإسرائيل في حربها على غزة. هل ترين أي اختلافات بين إدارتي بايدن وترامب في هذه القضية؟

للأسف كلاهما مدين للوبي الإسرائيلي الذي يُسيطر على سياستنا في الشرق الأوسط..

كان واضحا جدا في تعامل إدارة بايدن مع القضية الفلسطينية كأنهم يتلقون إملاءات من جهة ما. 

وللأسف إدارة ترامب كذلك، المسألة لها خلفيات أيديولوجية وولاءات وتحكم اقتصادي واسع من قبل اللوبي الصهيوني..

انتشر تصريحك الأخير الذي قلت فيه إن كل من يقف مع نتنياهو يمثل الشر المطلق.. هل يُمكن شرح هذا التصريح أكثر؟

قلتُ إن كل من يواصل الوقوف مع إسرائيل شرير، نعم. بعد كل هذا الوقت الذي شاهدنا فيه الأطفال يُذبحون، كيف يُمكن لأحد أن يستمر في تأييد الحكومة الإسرائيلية؟ لا يمكنهم فعل ذلك إلا بإنكار إنسانية الشعب الفلسطيني، وهذا شرٌّ مطلق لا حدود له. 

مرور الوقت لا يسقط الحقائق، نتنياهو يذبح الأطفال والنساء ويهدم بيوت الناس فوق رؤوس ساكنيها ودولته تحتل أراضي الغير، هذه الحقائق لن تتغير مهما فعلت الإدارة الأميركية التي تقف إلى جانبه وتمثل الشر.

سياسات ترامب

اتخذ ترامب قرارا بإغلاق وزارة التعليم وتغيير مسارها، برأيكم، لماذا اتخذ هذه الخطوة؟

هذا وعدٌ قطعه على نفسه خلال حملته الانتخابية، متعللا بأن الوزارة مليئة بـ"الليبراليين" الذين يشوهون نظامنا التعليمي، وأن هذه القضايا يجب أن تُترك للولايات. 

الحقيقة لا أراها مسألة مؤثرة بشدة لكن أيضا هي تعكس عجرفة من هذه الإدارة..

من الواضح أن إدارة ترامب لا تنوي التراجع عن دعمها لنتنياهو وتزويده بالسلاح والمال، هل ترين طرقا مبتكرة للضغط على إدارته للتراجع؟

كنت أتمنى أن تكون لدي طرق أخرى، لا أرى إلا الطرق التي اتبعناها سابقا، بمظاهرات أسبوعية، لكن هذه لا تُغير آراء الناس في البيت الأبيض.

ربما ما سيُغيره أمران، الأول هو تغيّر الرأي العام، حتى في الحزب الجمهوري، حيث يصبح الناس يريدون السلام ولا يريدون الاستمرار في إنفاق أموال دافعي الضرائب على الحرب. 

والثاني هو الوضع المتقلب في المنطقة بأسرها، وترامب لا يرغب في التورط في حرب إقليمية (بما في ذلك الحرب مع إيران)، لذا، ربما تُؤثر هذه العوامل عليه وتجعله يعدل عن هذا الأمر.. وأقول ربما وليس أكيدا.

 

على المستوى الإنساني.. كيف ترون تعامل الكونغرس- كمؤسسة لها تأثير أساسي في توجيه سياسات أميركا- مع ما يحدث في غزة؟

هذه الإدارة تقول نحن نهتم بالشعب الفلسطيني، كما يدعون أنهم يضغطون على إسرائيل: أرجوكم توقفوا عن قتل هذا العدد الكبير من الناس، لا تجوعوا الناس. هذا كله ادعاء كاذب، إن ما يفعلونه هو عكس ذلك تماما!

حاليا، يصوتون لتقديم مزيد من الأموال إلى إسرائيل لشراء مزيد من القنابل ليقتلوا بها الشعب في غزة. 

الكونغرس للأسف غير صادق في هذه المسألة على الإطلاق، وكما قلت كل هذا بسبب تحكم من اللوبي الصهيوني متشعب ومنظم ولا يصح أن نترك الولايات المتحدة تحت تأثير هؤلاء..

منذ تولي ترامب منصبه، سعى إلى فرض ضرائب أعلى على سلع الدول الأخرى، هل ترين هذا مفيدا لأميركا؟

أعتقد أن هذه الحروب التجارية بشكل عام ستضر بالمستهلكين الأميركيين ولن تعيد الكثير من الوظائف إلى الولايات المتحدة. 

أتوقع أن يضطر ترامب إلى التراجع عن مساره مع تذمر الناس من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأخرى. 

ولذلك يجب أن يكون لديه من ينصحه في هذه الجوانب، لأن الأمور الاقتصادية لا يفهمها فقط من مارس التجارة أو كان رجل أعمال، يجب أن يضع سياساتها متخصصون وخبراء. 

ما يفعله ترامب بهذا الشأن يضر بالولايات المتحدة أكثر مما يفيدها..

ما رأيك في تصريحات ترامب بشأن شراء غرينلاند، وكذلك الاستثمار في غزة وقضايا أخرى؟

هذا شخص متناقض للغاية، فمن جهة يتحدث عن "أميركا أولا"، ومن جهة أخرى يتحدث عن الاستيلاء على غرينلاند وكندا وقناة بنما وغزة.. إلخ! أعتقد أن الكثير من هذا الكلام جنوني.. 

أعتقد أن الأميركيين أكثر اهتماما بالمشاكل الداخلية ولا يرغبون في الاستيلاء على دول أخرى، لذلك تجد أن ترامب يتراجع عن كثير مما يقوله في هذا الإطار، ربما يتبع طريقة رفع السقف إلى أعلى مستوى ثم الوصول إلى ما يريد بالتفاوض..

كيف ترين قرارات ترامب بشأن المهاجرين غير النظاميين؟

أعتقد أنه يُظهر عدم تقدير وعدم فهم لمدى مساهمة المهاجرين في مجتمعنا، ووصف المهاجرين بالمغتصبين والمجرمين أمر مُهين للغاية لملايين المهاجرين الكادحين.

يجب عليه التوقف عن شيطنة المهاجرين وإيجاد سبل لإضفاء الشرعية على وضع ملايين الأشخاص الذين يعيشون في بلدنا منذ عقود ولكن لم تتح لهم فرصة أن يصبحوا مواطنين قانونيين، وهدا يحدث في كثير من الدول..

لكن أن يظل يروج لسياساته من خلال قضايا مثل هذه تمس الواقع الإنساني للناس هذا أمر لا يليق بالولايات المتحدة ولا يفيدها.

دعم الديكتاتوريات

تواصل الولايات المتحدة دعمها الأنظمة القمعية في الشرق الأوسط والعالم العربي. كيف ترين تأثير هذا على النشطاء السياسيين في هذه البلدان وعلى صورة أميركا عالميا؟

هذا واقع نلمسه دائما.. دعم الولايات المتحدة الأنظمة القمعية في الشرق الأوسط يضر بالنشطاء في دول مثل مصر والسعودية الذين يرغبون في تغيير حكوماتهم.

ويُظهر هذا نفاق الولايات المتحدة، التي تفرض عقوبات على بعض الحكومات (مثل فنزويلا) لأن انتخاباتها لا تُعد "حرة ونزيهة"، بينما تبيع أسلحة بمليارات الدولارات لدول أخرى، مثل السعودية وهي تعلم أن أنظمتها غير ديمقراطية.. 

هذا نفاق وتناقض واضح وهذه القضية من كبرى القضايا التي تتجنب الإدارات الأميركية دائما الوقوف عندها وتتهرب منها لأن هذه الإدارات تجد مصالحها دائما مع الديكتاتورية في الشرق الأوسط للأسف. 

هذا أمر يجب أن يتوفر له حل من الداخل، يجب أن ينادي الجميع بألا تكون أميركا في هذا الموقف المتناقض والذي يعبر عن عداء للإنسان نفسه.

وإدارة ترامب لا تختلف عن غيرها في هذا الأمر بل تزيد عليه لدرجة أن يتفاخر بأنه يدعم الديكتاتوريات في بعض البلدان، للأسف وصلنا إلى الحضيض بسبب هذه السياسات.

يدّعي البعض أن المشكلة مع إسرائيل بشأن غزة بدأت في السابع من أكتوبر، كيف تنظرون إلى ذلك؟

نعم هناك من يكثف من الدعاية لهذه الفرضية الخاطئة، وهذا طبعا بهدف إقناع الرأي العام بالتساهل مع إسرائيل وقبول الإبادة التي تشنها.. 

ونحن نتساءل أين مواقف هؤلاء الحقيقية منذ عام 1948 عندما بدأت إسرائيل في تهجير الفلسطينيين وقتلهم ذبحا وحرقا والمجازر تشهد على ذلك تاريخيا؟

 حتى في غزة وعلى المستوى القريب إسرائيل استمرت في قمعها للشعب الفلسطيني هناك حتى بعد خروجها من القطاع في 2006، حيث ظلت تسيطر على الأرض والبحر والجو وحاصرته حتى جعلت الحياة شبه مستحيلة.. 

هل يستطيع أحد أن يهرب من هذه الحقائق؟ غزة هي أكبر سجن مفتوح وهذا حدث على يد إسرائيل وحلفائها ومهما روجوا لمسألة السابع من أكتوبر فلن يستطيعوا تغيير الحقائق.

هل ترين أن وسائل الإعلام الرئيسة في الولايات المتحدة تقدم صورة عادلة عما يحدث في غزة؟

بالطبع لا، ولذلك علينا أن نبذل قصارى جهدنا لمحاولة إقناع الشعب الأميركي بأنه لا يمكننا دعم حكومة نتنياهو. 

أنا يهودية، لذا أعتقد أن لي صوتا مشروعا في كل هذا. هذا لا يساعد اليهود. هذا لا يساعد إسرائيل، وبالتأكيد لا يساعد علاقات الولايات المتحدة مع العالم الإسلامي، أو استقرار العالم بشكل عام..