غضب هاكابي.. كيف يكشف الشرخ في العلاقات بين إسرائيل والأميركيين الإنجيليين؟

“هذه سابقة توتر جديدة في العلاقة”
"حتى مايك هاكابي سئم من إسرائيل"، إلى هذا خلص تقرير لمجلة أميركية، رصدَ التوتر غير المسبوق في العلاقات بين إسرائيل والأميركيين الإنجيليين.
ويحمل هاكابي العديد من الصفات، فهو مرشح سابق للرئاسة عن الحزب الجمهوري الأميركي، وحاكم سابق لولاية أركنساس، ووالد الحاكمة الحالية للولاية، وقسٌّ معمداني.
ويشغل حاليا منصب السفير الأميركي لدى دولة الاحتلال الإسرائيلي، وقد علّق الرئيس دونالد ترامب على تعيينه قائلا: "إنه يحب إسرائيل وشعبها، وبالمثل، يحبه شعب إسرائيل".
إحباط شديد
وقالت مجلة “ريسبونسبل ستيتكرافت”: "يبدو أن حب هاكابي لإسرائيل ليس في أفضل حالاته هذه الأيام؛ إذ يواجه المسيحيون الإنجيليون الأميركيون صعوبات ملحوظة في الحصول على تأشيرات سياحية لزيارة البلاد".
وأضافت “هو أمر لم يكن يُشكل مشكلة في السابق، فقد كانت أول زيارة لهاكابي إلى إسرائيل، التي يصفها بأنها (أرض مقدسة لليهود والمسيحيين والمسلمين)، في عام 1973، ويدّعي أنه زارها قرابة مئة مرة”.
وعلى مدى عقود، اعتادت الجماعات المسيحية الأميركية السفر إلى إسرائيل بسهولة قانونية نسبية.
لكن في رسالة حديثة وجهها إلى وزير الداخلية الإسرائيلي موشيه أربيل، عبّر هاكابي عن إحباطه الشديد مما يبدو أنها سياسة جديدة تقضي بمنع دخول المسيحيين الأميركيين إلى إسرائيل، وهدد بأنه إذا لم يتغير هذا الوضع، فقد تُعامِل الولايات المتحدة الإسرائيليين بالمثل.
وقال هاكابي: "أكتب إليكم ببالغ الأسى وخيبة الأمل؛ لأن الاجتماع الذي عُقد في مكتبكم لم يسفر عن حل بسيط كنت أرجوه لمسألة منح التأشيرات بشكل روتيني للمنظمات والعمال المسيحيين، كما جرت العادة منذ عقود".
وقد أرسل هاكابي نسخا من الرسالة إلى كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس إسحاق هرتسوغ، ووزير الخارجية جدعون ساعر، ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر، ورئيس الكنيست أمير أوحانا.
وأضاف: "سيكون من المؤسف جدا أن تضطر سفارتنا إلى إعلان عام في الولايات المتحدة يفيد بأن إسرائيل لم تعد ترحب بالمنظمات المسيحية وممثليها، بل تمارس مضايقات وتعاملا مجحفا بحق منظمات لها علاقات ممتدة ومواقف إيجابية تجاه الصهيونية، وتجاه الصداقة مع الشعب اليهودي وإسرائيل".
ومن الواضح -بحسب المجلة الأميركية- أن هاكابي يرى فيما يحدث تجاه هذه المجموعات المسيحية "نوعا من المضايقة".
وأفاد هاكابي في رسالة إلى الوزير أربيل بأن وزارة الداخلية الإسرائيلية بدأت مطلع عام 2025 تحقيقات مع عدد من المنظمات المسيحية الإنجيلية التي تربطها علاقات طويلة الأمد بإسرائيل، من بينها "المؤتمر المعمداني في إسرائيل" و"التحالف التبشيري المسيحي".
وأضاف التقرير: "أبلغ هاكابي أربيل بأن هذه المنظمات طُلب منها تعبئة استبيانات مطوّلة، ورغم تقديمها طلبات الحصول على تأشيرات جديدة لقياداتها الدينية منذ بداية العام، فإنها لم تتلقّ أي رد حتى الآن".
وقالت المجلة: إن هذه "كلمات قاسية من هاكابي، الذي يؤمن، كصهيوني، بأن الله قد أعطى عهدا لليهود في العهد القديم، يمنحهم حقا إلهيا في هذه الأرض".
الكنيسة الكاثوليكية
ويأتي هذا التوتر أيضا في أعقاب الغارة الإسرائيلية التي استهدفت الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في غزة، في 17 يوليو/تموز 2025، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة الكاهن.
وقد جدّد البابا ليون الرابع عشر دعوته لوقف إطلاق النار في غزة بعد الحادث، وعارض صراحة عمليات القتل في تلك المنطقة طوال فترة حبريته.
ورغم تقديم إسرائيل اعتذارا عن الضربة، فإن بعض الشخصيات الكَنَسية، مثل الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، أعربت عن شكوكها، ملمّحة إلى احتمال أن تكون الضربة متعمّدة، خاصة بعد أن أدان قادة كاثوليك هجمات شنّها مستوطنون إسرائيليون على بلدة مسيحية في الضفة الغربية.
وليس واضحا بعد ما إذا كانت إسرائيل تستهدف جميع المسيحيين عمدا في هذه الحالات، أو إن كانت ردّ فعل على الانتقادات التي توجهها الكنيسة الكاثوليكية لحروبها، وفق التقرير.
وأضاف: "صحيح أن الفاتيكان أدان الحرب في غزة، لكن المسيحيين الصهاينة من أمثال هاكابي نادرا ما يوجهون انتقادات لحكومة إسرائيل، خصوصا حكومة نتنياهو، حتى إن الإنجيليين الأميركيين يرفعون بانتظام أعلاما إسرائيلية إلى جانب الأعلام الأميركية، حتى داخل الكونغرس".
واستطرد: "مع ذلك، ها نحن نشهد موقفا استثنائيا، إحدى أبرز الشخصيات السياسية الإنجيلية في أميركا غاضبة بشدة من الحكومة الإسرائيلية؛ لأنها منعت المسيحيين الأميركيين من زيارة إسرائيل".
فقد كتب هاكابي في رسالته: "إذا واصلت الحكومة الإسرائيلية فرض التكاليف والمضايقات البيروقراطية في منح تأشيرات الدخول الروتينية، والتي كانت تُمنح لعقود بسهولة، فلن يكون أمامي خيار سوى أن أوجه القسم القنصلي لدينا إلى مراجعة خيارات المعاملة بالمثل تجاه المواطنين الإسرائيليين المتقدمين للحصول على تأشيرات للولايات المتحدة".
وهدّد السفير كذلك بإبلاغ المسيحيين الأميركيين بأن تبرعاتهم لإسرائيل “لم تعد تلقى ترحيبا حارا، وربما ينبغي عليهم إعادة النظر في خطط سفرهم إذا كانت تشمل زيارة إسرائيل”.
وقال التقرير: "هذه سابقة توتر جديدة في العلاقة بين إسرائيل والمسيحيين الأميركيين، الذين كانوا تاريخيا من أشد أنصارها حماسة ودعما".
وختم قائلا: "إلى أي مدى يمكن أن يتسع هذا الشرخ أو يتفاقم؟ لا أحد يعلم، لكن إن كانت إسرائيل قد خسرت مايك هاكابي…"، ولم يكمل التقرير العبارة، ربما في إشارة إلى أن هذا حدث له ما بعده.