كيف عزز الاتحاد الأوروبي “الأمن السيبراني” خوفا من تدخل روسيا في انتخاباته؟

4 months ago

12

طباعة

مشاركة

قبل بدء انتخابات البرلمان الأوروبي، أبدت القارة العجوز مخاوفها من أي اختراق إلكتروني، وبذلت الدول الأعضاء ما في وسعها لتعزيز "الأمن السيبراني" لمنع روسيا من التدخل في الاستحقاقات، وفق تصريحات مسؤوليها.

وقالت صحيفة "الإندبندينتي" الإسبانية إن “الخطر كامن بشكل دائم، كما أن الجرائم الإلكترونية في أوجها، وتتمثل أحد أهداف بعض الأنظمة في نزع الشرعية من المؤسسات الأوروبية”". 

وعلى مدار 4 أيام، خلال الفترة من 6 وحتى 9 حزيران 2024 صوت الناخبون في 27 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي لاختيار 720 نائبا لـ5 خمس سنوات مقبلة.

ساعات حساسة

وقالت الصحيفة الإسبانية إنه "من أجل تجنب هجمات إلكترونية، عملت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خلال الساعات الأخيرة من العملية الانتخابية على حماية الأصوات الانتخابية لأكثر من 360 مليون أوروبي يختارون ممثليهم السياسيين في بروكسل". 

وأشارت إلى أن "الهجمات الإلكترونية لها مصادر متنوعة، لكن، توجه أصابع اتهام جميع الخبراء إلى روسيا". 

وفي السياق، قالت بياتريس بيثيرا، برلمانية أوروبية سابقة: "ليس كل شيء يأتي من روسيا، لكن غالبية عمليات التدخل في الانتخابات ذات بصمة روسية". 

وعلى سبيل المثال، عندما استهلت عملية التصويت في الانتخابات البرلمانية الأوروبية في هولندا، تعرض ما لا يقل عن ثلاث صفحات ويب لأحزاب سياسية مختلفة للهجوم من قبل المجموعات المؤيدة للكرملين، التي لم تنكر مسؤوليتها. 

وبينت الصحيفة أن مخاطر الهجمات السيبرانية مستقرة بشكل دائم عمليا، إلا أن مصادر من البرلمان الأوروبي أشارت إلى أن الساعات الـ72 الأخيرة كانت حساسة بشكل خاص. 

وأشارت مصادر من البرلمان الأوروبي إلى أن "هناك فرقا مخصصة لمراقبة أي نوع من الهجمات، حيث يجرى إدارة أي عطل واتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل منع الهجمات السيبرانية". 

ونوهت الصحيفة إلى أن "طبيعة هذه الأنشطة" تفرض على الجهات الأوروبية عدم تفسير نوع هذه التدابير التي تعتمد إلى حد كبير على الدول الأعضاء، حيث إن التصويت جرى في الدول الـ27 التي يتكون منها الاتحاد الأوروبي. 

لكن "الهدف مشترك، لأن الهجمات في دولة واحدة يمكن أن تعرض النتائج العامة للخطر"، مثلما تحذر شبكة أنظمة المعلومات التابعة للمفوضية الأوروبية.

وجاء في تقرير عن الأمن السيبراني في العمليات الانتخابية أن "تعطيل شبكة أو أنظمة معلومات دولة واحدة، أو حتى الشكوك في هجوم مزعوم، يمكن أن يؤثر على فرز الأصوات على المستوى الوطني ويؤخر إخطار أعضاء البرلمان المنتخبين، مما يؤدي إلى مشكلة في الأداء السليم للبرلمان الأوروبي و"شرعيته الديمقراطية"".

ومن أجل تجنب هذا الوضع، تفسر مصادر من البرلمان الأوروبي أن "هناك إجراءات معتمدة للمراقبة المزدوجة المتعلقة بفرز الأصوات، بغض النظر عن كيفية الإدلاء بها، وهناك أنظمة للإشعار والتأكد وإصلاح الأخطاء التقنية الممكنة، حيث إنه من الوارد أن تحدث مخالفات بسيطة وأخطاء بشرية". 

وفي إسبانيا، يتولى المعهد الوطني للأمن السيبراني ضمان أمن الانتخابات. 

ولتحقيق هذه الغاية، ومنذ مايو/ أيار 2024، أولت "اهتماما خاصا لاكتشاف ومراقبة الأنشطة الضارة أو التي يحتمل أن تكون ضارة، مع تحديد أولويات وتصنيف المخاطر الرقمية".

ونقلت الصحيفة أن "المجهودات لمحاربة الهجمات السيبرانية قد تزايدت، وتنامت بالتزامن مع ذلك الجرائم الإلكترونية". 

الكشف السريع

وفي هذا الصدد، ذكر رئيس الأمن السيبراني الأوروبي، يوهان ليباسار، أن "عدد الاختراقات ضد البنية التحتية الأوروبية تضاعف منذ الربع الأخير من سنة 2023 والربع الأول من سنة 2024".

ونقلت الصحيفة عن الخبيرة بيثيرا أن "المواطنين الأوروبيين أصبحوا أكثر وعيا، وهو ما تؤكده الأرقام". 

وبحسب مقياس يوروباروميتر، يعد حوالي 81 بالمئة من مواطني الاتحاد الأوروبي أن الأخبار الزائفة أو التي لا تتوافق مع الحقيقة تمثل مشكلة بالنسبة للديمقراطية. 

ولا يتعلق الأمر بالأمن السيبراني فقط، ولكن أيضا بـ"الكشف السريع عن محاولات نشر معلومات زائفة". 

ولهذا السبب ترى  الخبيرة بيثيرا أن “هذه الانتخابات لم تشهد أي هجمات ذات وزن”.

وأضافت: "عدا أكاذيب بعض السياسيين"، على حد تعبيرها.

وذكرت بيثيرا أنه "في العمليات الانتخابية الأخرى، كما هو الحال في الولايات المتحدة أو الهند، كانت مقاطع الفيديو المصنوعة باستخدام الذكاء الاصطناعي أو الصفحات المستنسخة التي تتظاهر بأنها منشور ذو صلة تحظى بأهمية أكبر".

وأشارت إلى أنه "على المستوى الأوروبي، كان هناك موقف وقائي، حيث حرصت الدول على عدم تسجيل هجمات سيبرانية".

وسلط البرلمان الضوء على "مجموعة الأدوات المحددة لمواجهة التلاعب بالمعلومات والتدخل الأجنبي، والتي تتضمن مجموعة من الأدوات تتراوح بين الوعي بالوضع وتنمية القدرات على المقاومة وصولا إلى التشريعات والضغط الدبلوماسي".

وأشارت الصحيفة إلى أن "إيلاء اهتمام لمسألة الأمن السيبراني أمر بالغ الأهمية، لكن رغم أن الحجج المتعلقة بالجرائم الإلكترونية والمعلومات المضللة مبالغ فيها وتتحدث عن "الشرعية الديمقراطية للمؤسسات"، إلا أن حماية الاتحاد الأوروبي من التهديد الإلكتروني أمر له وزنه خاصة في خضم انتخابات مهمة لجميع المواطنين الأوروبيين. 

وأضافت الخبيرة أن "الاتحاد الأوروبي كان حاضرا بقوة فيما يتعلق بالتشريعات التي تنظم الفضاء الإلكتروني وتعزز الأمن السيبراني". 

وتؤكد عضو البرلمان الأوروبي السابقة على أمثلة على التدابير الرامية إلى التخفيف من تأثير الغزو الروسي لأوكرانيا أو الموافقة على آلية التعافي والمرونة حتى تتمكن الدول من إنفاق الأموال الأوروبية بسرعة أكبر.

وأشارت بيثيرا إلى أنه "ليس من السهل إيصال الرسالة، لكن تدخلا من هذا النوع يدعو إلى التشكيك في الأرضية المشتركة للتعايش". 

وإذا كانت روسيا بالنسبة للكثيرين هي العدو الخارجي الأكبر، فإن آخرين يرون أنها عدو متغلغل في الداخل. 

ويتمثل أحد المخاوف الكبرى للمسؤولين الأوروبيين في تقدم الأحزاب اليمينية المتطرفة، والتي تعد أغلبها متشككة في أوروبا أو ذات برامج تسعى إلى تفضيل مصالح الدول الأعضاء على المصالح الإقليمية. 

وبحسب مصدر من الخدمة الخارجية الأوروبية: "يعتمد جزء كبير من مستقبل الاتحاد الأوروبي على التشكيل الجديد للبرلمان الأوروبي".