"لوبوان": فرنسا ترفض تطهير الجزائر من النفايات النووية أو تسليم خرائطها
.jpg)
رغم انتهاء الاحتلال الفرنسي للجزائر عام 1962، ما زال البلد العربي يعاني حتى اليوم من جرائم باريس الاستعمارية التي "لا تسقط بالتقادم"، وأخطرها نتائج الانفجارات النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية.
الجزائر طالبت فرنسا في عهد الرئيس إيمانويل ماكرون بتطهير أراضيها من تلك النفايات، إلا أن باريس لم تقدم من الناحية الفنية أي مبادرة لتطهير المواقع، كما لم تقم بأي عمل إنساني لتعويض الضحايا.
الصحيفة الفرنسية "لوبوان"، ألقت الضوء على بوادر الأزمة الجزائرية الفرنسية الجديدة، إحدى تبعات الاحتلال الفرنسي للجزائر الذي دام نحو 130 عاما (1830- 1962).
وأشارت الصحيفة إلى لوم السلطات الجزائرية نظيرتها الفرنسية لمنع الأخيرة الجزائريين من الوصول إلى الخرائط الطوبوغرافية للنفايات السامة الناجمة عن الانفجارات النووية التي قامت بها فرنسا في الصحراء الجزائرية.
وزير المجاهدين في حكومة تسيير الأعمال الجزائرية، الطيب زيتوني، كشف لوكالة "الأنباء الجزائرية"، (رسمية)، عشية الذكرى 59 لاستقلال الجزائر 5 يوليو/ تموز 2021، عن ملامح الأزمة.
وقال إن باريس"ترفض تسليم الخرائط الطبوغرافية التي تجعل من الممكن تحديد مواقع طمر النفايات الملوثة أو المشعة أو الكيميائية التي لم يتم اكتشافها حتى الآن".
حديث الوزير المنتهية ولايته، وينتظر تشكيل حكومة جزائرية جديدة، يأتي ردا على سؤال حول طلب الرئيس عبدالمجيد تبون، من فرنسا تنظيف مواقع التفجيرات النووية ومعالجة الضحايا.
تبون، في مقابلة له مع "لوبوان"، أكد أنه طلب من فرنسا أن "تأتي وتنظف مواقع التجارب النووية، وهي عملية جارية على قدم وساق، لأنه حتى يومنا هذا بقيت تأثيرات التلوث"، مضيفا: "دعوا فرنسا تعتني بضحايا التجارب النووية".
لا تسقط بالتقادم
وصرح وزير المجاهدين، بأن " الجانب الفرنسي لم يقد من الناحية الفنية أي مبادرة لتطهير هذه المواقع، وفرنسا لم تقم بأي عمل إنساني لتعويض الضحايا".
وذكر العالم، بأن التجارب النووية الفرنسية التي بلغت 17 تفجيرا بين 1960 و1966، "دليل قاطع على الجرائم المرتكبة والتي ما زالت إشعاعاتها تؤثر على الإنسان والبيئة".
بحسب الطيب زيتوني، فإنها "جرائم لا تسقط بالتقادم"، وتذكر بالإضافة إلى التجارب النووية، "ملف المفقودين وندوب خط شالي وموريس والألغام وضحايا النابالم".
المؤرخ بنجامين ستورا، في تقريره عن ذكرى الحرب الجزائرية الذي قدمه يوم 20 يناير/ كانون الثاني 2021، إلى إيمانويل ماكرون دعا لـ"مواصلة العمل المشترك بمواقع التجارب النووية في الجزائر، وكذلك الألغام المزروعة على الحدود".
الوزير الجزائري، درس في يونيو/ حزيران 2021، إنشاء "وكالة لإعادة تأهيل مواقع التجارب النووية الفرنسية السابقة والتفجيرات النووية في جنوب الجزائر".
مدير مرصد التسلح، باتريس بوفريه ، حسبما أوردته "وكالة الأنباء" الجزائرية، أشار إلى أن إنشاء هذه الوكالة يحقق "إرادة سياسية بعدم ترك المواقع كما هي".
واعتبر أن إنشاء تلك الوكالة "خبر سار للسكان الذين يعيشون بالقرب من المناطق المتضررة من 17 تجربة نووية أجرتها فرنسا بين عامي 1960 و 1966".
مطالب الجيش الجزائري
وبشأن ملف تعويض الضحايا الجزائريين، استنكر وزير المجاهدين الشروط "المعوقة" لـ"قانون موران"، الصادر في 5 يوليو/ تموز 2010، والتي "لم تسمح للجزائريين بالاستفادة من أي تعويض حتى الآن".
الطيب زيتوني، كشف أيضا، أن الجانب الفرنسي، "يصر على التعامل مع ملف التجارب النووية بمنتهى السرية".
وتابع: "رغم المحاولات العديدة من قبل القضاة وجمعيات ضحايا التجارب النووية الفرنسية في الجزائر، الذين عملوا على فتح الأرشيف الخاص بالدولتين على الأقل لتحديد المواقع ومجال التجارب”.
رئيس أركان الجيش الجزائري سعيد شنقريحة، طلب في أبريل/ نيسان 2021، من نظيره الفرنسي الجنرال السابق فرانسوا لوكوانتر، دعمه "للإدارة النهائية للعمليات لإعادة تأهيل موقعي رقان وعكر".
وطلب الجيش الجزائري، كذلك من الجيش الفرنسي، "الخرائط الطبوغرافية التي تسمح بتحديد مواقع الردم، غير المكتشفة حتى الآن، للنفايات الملوثة أو المشعة أو الكيميائية".
المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية قال في 25 مايو/ أيار 2021: إنه بالفعل عقدت الدورة الـ17 للمجموعة المشتركة الجزائرية الفرنسية يومي 19 و 20 مايو/ أيار 2021 .
وذكر بتكوين مجموعة العمل الجزائرية الفرنسية حول التجارب النووية عام 2008 من قبل سلطات البلدين.
وأضاف: "تتمثل مهمة هذه المجموعة المكونة من جملة من الخبراء في الدراسة المشتركة لمسألة إعادة تأهيل مواقع التجارب النووية السابقة في الصحراء، مع الاهتمام الأساسي بحماية الناس والبيئة".

وأوضح أن "مسألة اختبارات الأسلحة النووية الفرنسية في الجزائر موضوع معقد"، قائلا: إن "بلدينا يعملان سويا للتعامل معه بمنتهى الجدية".
رفات "المجاهدين"
لكن وزير المجاهدين أصر على أن العلاقات الجزائرية الفرنسية "شهدت مؤخرا تقدما ملحوظا في مجال مراقبة ملفات الذاكرة".
في هذا السياق يقول: "لنتذكر العرض الأخير لنتائج عمل اللجنة العلمية الجزائرية الفرنسية المسؤولة عن التعرف على رفات الجزائريين الموجودة في المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي في باريس".
وأعيد جزء من رفات مجاهدي المقاومة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي بالقرن الـ19، إلى الجزائر في يوليو/ تموز 2020.
لكن ملفات أخرى ظلت معلقة، بحسب الطيب زيتوني، الذي يثير السؤال الشائك المتعلق بـ"أرشيف المختفين" إبان حرب الاستقلال الجزائرية عن فرنسا.
وهي ملفات "لم تعرف أي تطور، الأمر الذي يتطلب من الطرف الفرنسي الانخراط والرد على طلب الجزائر، والسماح بذلك، لاستعادة أرشيفها الوطني وتقديم معلومات كافية تتعلق بالمفقودين الجزائريين والأماكن التي يوجدون فيها".
وبحسب الطيب زيتوني، "تمكنت الجزائر من التعرف على 2000 جزائري مفقود وأماكن دفنهم مجهولة حتى الآن".
وتبقى الملفات التذكارية، بحسب زيتوني "في خضم المحادثات بين الجزائر وفرنسا في إطار اللجنة الحكومية الجزائرية الفرنسية رفيعة المستوى واللجان الخاصة والمجموعات المشتركة التي تضم عدة قطاعات وزارية".
لكن آخر لجنة حكومية فرنسية جزائرية رفيعة المستوى، كان من المقرر عقدها في أبريل/ نيسان 2021، تم تأجيلها.
وصرح الرئيس الجزائري في لقائه مع "لوبوان" الفرنسية أن "الكرة في ملعب الحكومة الفرنسية لتنظيم لقاء آخر".