"أهداف خيالية".. موقع إيراني: لهذا تتحالف تركيا مع أذربيجان وباكستان
.jpg)
تحدث موقع إيراني عما أسماها "رغبة تركيا في إحياء الخلافة العثمانية"، مستدلا على ذلك بعدة أحداث جرت مؤخرا في أذربيجان وآسيا الوسطى وغيرها من المناطق.
وقال موقع "إيران ديبلوماسي"، في مقال للخبير في العلاقات الدولية حسين آهن، إن "تركيا تسعى لتوطيد نفسها في عدة دول خاصة تلك التي تتحدث باللغة التركية في آسيا الوسطى وحتى توطيد العلاقات مع الأوزبك في أفغانستان بشكل خاص".
وبيّن أن هذه الدلالات "تشير إلى رغبة تركيا في خلق إمبراطورية عثمانية كبرى كما مضى"، لكنه تساءل عن أهداف أنقرة من تقوية علاقتها بباكستان.
القلق والنزاعات
وتطرق الكاتب إلى الاجتماع الثلاثي الذي عقد على مستوى وزراء خارجية دول باكستان وتركيا وأذربيجان في إسلام آباد 13 يناير/كانون الثاني 2021.
وأكدت جميع تلك الأطراف على توطيد العلاقات وخاصة في المجال الدفاعي والعسكري وأعربوا عن قلقهم من اضطهاد المسلمين وموجة الإسلاموفوبيا المتصاعدة في العالم وخاصة الغرب.
ويضيف: من ناحية أخرى تم الاتفاق على أن الدول الثلاث ستزيد فرص التعاون في المجالات الأمنية. وأثناء هذه الجلسة، شكر وزير خارجية أذربيجان جيهون بيرموف تركيا وباكستان على دعمهم أثناء النزاع على منطقة قرة باغ".
ودعا وزير الخارجية الأذربيجاني الشركات التركية والباكستانية للمشاركة في إعادة إعمار الأراضي المحررة، في إقليم "قره باغ" بعد عملية أطلقتها باكو في 27 سبتمبر/ أيلول 2020، واستعادت بعدها أراضيها من أرمينيا.
وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو إنهم اتخذوا قراراً بخصوص العمل معاً في العديد من المجالات، وقال: "قررنا اتخاذ خطوات مهمة من أجل تعزيز الأمن والاستقرار والازدهار، وعقد اجتماعات بهذه الصيغة بشكل متكرر أكثر".
ولفت إلى عقدهم النسخة الأولى من الاجتماع في باكو عام 2017، مبيناً أن الاجتماع المقبل سينعقد في تركيا، وأوضح أن الاجتماع الثلاثي تطرق أيضاً إلى أهمية تطوير العلاقات بين الدول الثلاث.
ويمكن القول إن مدى الاهتمام الإسلامي هو الرابط بين تلك الدول، ولكن أذربيجان على الأقل لا يمكن إدراجها في هذا القالب باعتبارها دولة مثالية، بحسب الكاتب.
ويتابع: "حاولت كثيرًا أن أجد سببًا لجمع هذه الدول الثلاث فتذكرت أن باكستان بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وإعلان استقلال أرمينيا، امتنعت عن الاعتراف بالأخيرة بسبب الاختلافات مع أذربيجان حول مسألة قره باغ".
وفي عام 2016 كذلك مانعت أرمينيا عضوية باكستان في منظمة معاهدة الأمن الجماعي، وكذلك دعمت إسلام آباد أذربيجان في حرب قره باغ.
وخلال النزاع على قرة باغ، اتهمت أرمينيا باكستان بإيفاد إرهابيين مسلحين للمشاركة في الحرب.
ويشير الكاتب إلى أنه من خلال محتوى الحوارات بين وزير الخارجية الأذربيجاني مع المسئولين الباكستانيين تبين أن تدخل إسلام آباد في التأثير على نتيجة هذه الحرب جدير بالاهتمام. ولكن ما دور تركيا بين كل هذه الأحداث؟
يقول الكاتب: "مما لا شك فيه أن تأثير العلاقات بين تركيا وباكستان كانت مفتاحا منذ استقلال أذربيجان وأرمينيا. تربط بين البلدين علاقات جيدة باعتبارهما عضوين في حلف بغداد خلال الحرب الباردة، وكذلك العلاقة بين عساكر كلتا الدولتين قديمة وأصيلة".
وربما التصور الأصلي هو أن لدى كل من الدول الثلاث العديد من المشاكل، ومن ثم فهي بحاجة إلى مساعدة بعضها البعض لحلها.
فلدى تركيا مشكلة قبرص، وأذربيجان متعمقة في قضية قره باغ، وكذلك باكستان مستغرقة في قضية كشمير منذ بداية تأسيسها، وفقًا لما ذكره الخبير.
إحياء الخلافة
وأردف الكاتب: لدى تركيا قضية أخرى، يبدو أنها تحاول إحياء الخلافة العثمانية من جديد، حتى أنها تريد توطيد العلاقة بشكل خاص مع الأوزبك الكائنين في أفغانستان، كل هذا ضمن الأمور المطروحة. ولكن ماذا تريد أنقرة من إسلام أباد؟
وتابع الكاتب قائلًا: اتحدت الخلافة العثمانية في الحرب العالمية الأولى مع الإمبراطورية الألمانية، لتخرج بهذا الأمل من طريق العزلة طويلة الأمد خاصتها.
واجهت الدولة العثمانية العديد من المشاكل من بينها الثورات المتعددة كثورة العرب، حيث أثرت الهزيمة النهائية في الحرب بالغ الأثر.
هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى أدت إلى احتلال أراضي هذه الإمبراطورية من قبل المتفقين. وفي نهاية الأمر، قسمت القوى المنتصرة، الإمبراطورية العثمانية في الشرق الأوسط وفق معاهدة سايكس بيكو.
وجرى هذا التقسيم بناءً على آراء فرنسا وإنجلترا دون النظر إلى التقسيم الدولي في الإمبراطورية العثمانية.
وأدت ثورات أتراك الأناضول ضد الاحتلال من قبل المتحدين في حرب استقلال تركيا إلى تأسيس الجمهورية التركية وانقراض الخلافة العثمانية.
ويقول الكاتب: "يجب الأخذ بالاعتبار دور إنجلترا في سقوط الدولة العثمانية ووضع مسلمي شبه القارة الهندية تحت سلطة الإنجليز، وقيام حركة بواسطة المسلمين في شبه القارة الهندية تسمى بحركة الخلافة وكان أبرز روادها محمد علي جوهر وأخيه شوكت علي، وكانت حركة مذهبية ضد الإنجليز هدفها الحفاظ على الخلافة العثمانية".
ويضيف الكاتب: كان يريد مسلمو الهند تقوية أنفسهم ضد إنجلترا عن طريق الاتصال بالخليفة العثماني، وكانوا يعتقدون أن سبب هزيمة المسلمين تفرقهم".
كان الخليفة عبدالحميد الثاني على علم بهذه الحركة في شبه القارة الهندية وآسيا الوسطى، وكان لديه أمل في مسلمي هاتين المنطقتين. ومن هذا المنطلق كانت هناك علاقة وطيدة بين مسلمي الهند والإمبراطورية العثمانية.
كانت هذه الحركة فعالة خلال 1919 - 1924 وكان رؤساؤها وأعضاؤها متحالفين جنبًا إلى جنب. وأحد أهم الأسباب في اتحادهم معارضتهما للإنجليز وحربهما معها.
وبعد عقدين من الحرب الشعبية لشبه القارة الهندية ضد إنجلترا خرجت الأخيرة بشكل نهائي، وما تبقى من آثار حركة الخلافة هو إعلان باكستان دولة مستقلة بشكل رسمي، على حد تعبير الكاتب.
ويبدو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يفكر في جلب دعم باكستان ومسلمي شبه القارة الهندية لإحياء الخلافة الإسلامية مرة أخرى، وفق تقدير الكاتب.
وتابع: "يهتدي ذهننا إلى هذا الصوب حيث وجود علاقات متقاربة بينه وقادة الجماعة الإسلامية في باكستان، ويربط بينهما أفكار إخوانية (في إشارة لجماعة الإخوان المسلمين)، وتحركات تركيا الدبلوماسية في باكستان ما هي إلا جذر في فصل من التاريخ لم ينجح في وقته".
واختتم الكاتب مقالته قائلًا: "مما لا يدع مجالًا للشك أن إحياء الخلافة العثمانية غير ممكن وأشبه إلى الخيال من الواقع".