وكالة روسية: "الحدود الطاجيكية" أبرز تحد أمام رئيس قيرغيزستان الجديد

قسم الترجمة - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

نشرت وكالة "سبوتنيك" الروسية مقالا يسلط الضوء على التحديات الكبرى التي تنتظر رئيس قيرغيزستان الجديد صادير جاباروف، ومن أبرزها الملف الحدودي مع طاجيكستان، بعد توترات دامت سنوات بين البلدين، وأيضا المشاكل الداخلية.

وتحدث الصحفي أليكسي ماشيف، في المقال، عن استلام الرئيس الجديد لقرغيزيا جاباروف مهام عمله، بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية، بعد ثورة شعبية أطاحت بالرئيس السابق وحكومته.

وقال الكاتب إن "الثورة الشعبية في البلاد التي عبرت عن غضب الشعب الشديد من غطرسة الرئيس والحكومة السابقة، والتي تخللها أعمال عنف ونهب وشغب، خلقت تحديات كبيرة أمام الرئيس الجديد، ناهيك عن المشاكل الخارجية والحدودية التي ورثها عن أسلافه".

واعتبر  أن "جاباروف على استعداد لحل المشاكل بفعالية على الحدود الطاجيكية القرغيزية، لكن الأزمة الداخلية في قيرغيزستان نفسها يمكن أن تمنع ذلك".

معترف به

وأشار ماشيف إلى أن "جاباروف حقق فوزا ساحقا في الانتخابات المبكرة التي أجريت على خلفية أزمة سياسية، حيث صوت نحو 80 بالمئة من المواطنين لصالحه، وإن كانت نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع ضئيلة -40 في المائة- فقط".

واستدرك قائلا: "ولا شك أن الزعيم الجديد لقيرغيزستان معترف به عالميا من قبل كل من الشعب والمجتمع الدولي، حيث تم بالفعل تهنئة جاباروف بفوزه من قبل رؤساء كل من روسيا والولايات المتحدة ودول أخرى، بما في ذلك رئيس طاجيكستان، إمام علي رحمان".

وقد عبرت برقية التهنئة التي أرسلها الرئيس الطاجيكي، من بين خطابات رسمية أخرى، عن "الأمل في بذل الجهود والتنسيق المشترك للارتقاء بمجموعة العمل والتكامل الطاجيكي القرغيزي ورفع التعاون إلى مستوى جديد ونوعي".

وأوضح الكاتب أن "هذا التعاون والحوار بين البلدين سيكون هو الأكثر إلحاحا ويعكس الرغبة المشتركة لدبلوماسية الدولتين من أجل حل القضايا الشائكة والخلافات الحدودية في إطار حوار شامل بين دوشانبي وبيشكيك".

والسؤال المطروح وبتعبير أدق هو، كيف يمكن حل النزاعات الإقليمية على الحدود، عندما تكون هذه الخلافات مصحوبة بمعارك مكثفة بين الشعبين، وإطلاق نار وسقوط ضحايا؟، وفق ماشيف.

وأشار الكاتب إلى "استمرار الصراع بين البلدين سنوات، رغم كل الخطوات والجهود والاقتراحات البناءة من قبل سلطات البلدين؛ للتوصل إلى حل وسط، إلا أنه لم ينته الصراع أو يتوقف حتى الآن". 

وسألت وكالة "سبوتنيك طاجيكستان"، الخبراء عما إذا كان الرئيس الجديد لقيرغيزستان "سيتمكن أخيرا من حل هذه التناقضات".

بناء الجسور 

ووفقا للخبير في العلاقات الدولية والعالم السياسي، شارباتولو سوديكوف، قال: "رغم دعم السكان والرغبة الواضحة في إرساء السلام أخيرا على الحدود، فإن جاباروف، للأسف، لن يحقق أكثر من سابقيه في هذا الاتجاه".

وتابع: "من المدهش أنه من بين جميع المرشحين حصل جاباروف على هذه النسبة العالية من الأصوات، مما يدل على إمكانياته وشعبيته ما يشجع بالطبع على التفاؤل موضوع تسوية الخلافات".

واستدرك قائلا: "لكن يجب أن نتذكر أن المفاوضات حول هذه القضية قد أجريت بالفعل منذ سنوات عديدة، وتم توقيع الاتفاقيات والمذكرات الواحدة تلو الأخرى، ومع ذلك، من الواضح للمتابعين أن الوضع لا يزال لا يتغير ولا يزال هناك إطلاق نار على الحدود".

ولفت الكاتب إلى أنه "في الواقع، لم ينجح أي من قادة قيرغيزستان في قطع عقدة الصراعات المشدودة، ولكن من ناحية أخرى، ومن المبشرات أنه كانت إحدى أولى خطوات جاباروف على الساحة الدولية هي على وجه التحديد تعزيز العلاقات مع جيرانه".

في وقت مبكر من نوفمبر/تشرين الثاني 2020، حيث كان جاباروف يشغل منصب القائم بأعمال رئيس الجمهورية، أصدر تعليماته باتخاذ كل ما يلزم والإسراع في حل الخلافات الحدودية مع طاجيكستان، وذلك بعد تبادل إطلاق النار في منطقة "إسفارا" الحدودية من جديد.

وذكر ماشيف أن المسؤول في إدارة الحدود القيرغيزستانية "شدد على أن الرئيس سيقوم قريبا برحلة عمل تستغرق عدة أيام إلى مناطق باتكين وأوش وجلال أباد من أجل التعرف على جميع المشاكل القائمة بشأن القضايا الحدودية على الفور".

ولخص الكاتب تاريخ الخلاف بالقول: إن"القسم القرغيزي الطاجيكي من حدود الدولة أصبح بشكل دوري منطقة نزاع بين السكان المحليين أو حرس الحدود".

وأوضح أن "السبب الرئيس هو المناطق غير المقسمة، حيث يستحيل تحديد الحدود بين الدول، وحتى الآن، تم ترسيم 504 كيلومترات فقط من أصل 970 كيلومترا".

المشاكل الداخلية

وانتقل الكاتب في مقاله إلى نقاش الوجه الآخر لعملة الخلافات، ويقول: "مع كل ما ذكر سابقا، فإن المشكلة الرئيسة التي انتخب من أجلها جاباروف وحصل على ثقة الشعب بجميع مكوناته، هو تكليفه شعبيا، مديرا لمكافحة الأزمة، بالتغلب والقضاء على الصراع السياسي الداخلي الخطير".

ويضيف: "وهذا يعني أن قضايا السياسة الخارجية، حتى ولو كانت مصادمات على الحدود مع استخدام الأسلحة، فإنها بالنسبة للرئيس جاباروف لا تزال تتلاشى في خلفية الأزمة الداخلية، كما يقول أندري كازانتسيف، كبير الباحثين في معهد (MGIMO) للدراسات الدولية".

وأوضح الخبير كازانتسيف، لسبوتنيك طاجيكستان: "من ناحية، مشكلة الحدود مهمة ويحتاج الرئيس إلى حلها، وبدون ذلك، يظل الاستقرار في كلا البلدين في خطر، ولكن ومن ناحية أخرى، يجب أن نفهم المهام والتحديات الوحشية التي تواجه جابروف".

وقال كازانتسيف: "الانكماش الاقتصادي، ويحتاج أيضا الرئيس إلى تحسين عمل أجهزة الدولة، ففي الواقع، تم انتخاب جاباروف كمدير لمواجهة الأزمة، وللتعامل مع الأوضاع الداخلية بصرامة، وبالتالي لا أعتقد أنه في العام المقبل، أو حتى العامين المقبلين، ستتاح له الفرصة لتكريس الوقت بجدية لهذه القضية".

وتابع: "ومع ذلك، فإن حل الخلافات الحدودية يمكن أن يمهد إلى حل للمشاكل الداخلية ولا سيما الاقتصادية منها، وهذا لا يتعارض على الأقل مع تفاعل وزارتي خارجية البلدين، علاوة على ذلك، اقترحت بيشكيك مؤخرا حلا وسطا وإستراتيجية مفيدة محتملة لكلا الجانبين، لبناء مشاريع مشتركة في المناطق الحدودية". 

وبحسب الدبلوماسيين، فإن "احتمالات المكاسب المالية في نظر السكان على جانبي الحدود ستكون أقوى من المطالبات الإقليمية القديمة".

ويختم ماشيف مقاله بالقول: إن "البلدين لم يكونا قادرين على الاتفاق على مصير أكثر من 70 منطقة متنازع عليها منذ انهيار الاتحاد السوفيتي.. فهل ستسود الحكمة والتعقل وبناء مصير مشترك، إدارة البلدين ممثلة بزعمائها؟".