تزامنا مع تطبيع الجيران الخليجيين.. لهذا هاجم تركي الفيصل إسرائيل

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "يني شفق" التركية الضوء على التصريحات المفاجئة لرئيس المخابرات السعودية السابق تركي الفيصل بشأن إسرائيل، في القمة الأمنية التي عقدت في العاصمة البحرينية المنامة.  

وقال الفيصل في 6 ديسمبر/كانون الأول 2020: إن إسرائيل هي في الواقع "قوة استعمارية غربية" رغم أنها تروج نفسها بأنها "دولة صغيرة محاطة بقتلة متعطشين للدماء ومهددة بالانقراض".

وقدم الفيصل أمثلة مختلفة على المعاملة الوحشية التي يواجهها الفلسطينيون ومظاهر وأشكال الاحتلال "، وقال: "لا يمكنكم معالجة جرح مفتوح بالمهدئات ومسكنات الألم".

كما ذكر أن إسرائيل سجنت الفلسطينيين في معسكرات الاعتقال وتركتهم يتعفنون فيها، سواء كانوا صغارا أو كبارا أو رجالا أو نساء، مذكرا بأنها أيضا تهدم المنازل كما يحلو لها وتغتال من تريد بلا رادع.

موقف غير متوقع 

وشدد أيضا على أن حكومة المملكة العربية السعودية لن تقبل إلا بالحل العادل الذي سيرضي الفلسطينيين، في تصريحات استدعت ردا من وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي، الذي حضر الاجتماع عن بعد.

وقال الكاتب في صحيفة "يني شفق" التركية، طه كيلينج: "كان أشكنازي مندهشا للغاية بينما كان يستمع إلى كلمات الأمير تركي".

وعندما حان دوره في التحدث، قال أشكنازي: "أود أن أعبر عن أسفي بما يتعلق بتصريحات الفيصل، التي لا تعكس روح التغيير في الشرق الأوسط اليوم"، وبعد أن تمالك نفسه قليلا، واصل رد فعله على حسابه في تويتر.

ولفت الكاتب إلى أن خطاب الأمير تركي الفيصل، الذي كان رئيسا للمخابرات في بلاده في الأعوام ما بين 1979-2001، لم يكن مهما فقط بسبب منصبه الوظيفي السابق وبسبب قربه الشخصي من الملك سلمان.

بل اكتسبت تصريحاته هذه أهمية ومعنى خاصا أيضا لأنه كان ابن فيصل ملك المملكة العربية السعودية، الذي بدأ الحظر النفطي الشهير في عام 1973 احتجاجا على دعم الولايات المتحدة والدول الغربية لإسرائيل، والذي تم اغتياله لاحقا في قصره في الرياض. 

واستدرك قائلا: "في الحقيقة، وضمن سيل ردود الفعل التي ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي، كانت شرائح مهمة للغاية تؤكد وتشير إلى فكرة العودة إلى مهمة وهدف الملك فيصل". 

ومع أنه يبدو أن "العودة إلى مهمة الملك فيصل" هدف كبير وبعيد كل البعد عن الإدارة السعودية الحالية، إلا أن الأصوات التي تعلو من الرياض في الأسابيع الأخيرة، مثيرة جدا للاهتمام.

وشرح ذلك بالقول: "تتخذ المملكة العربية السعودية موقفا معاكسا لما يتوقع منها من خلال تحركاتها المتتالية، بعد أن كان يتوقع منها أن تنضم إلى قطار التطبيع مع إسرائيل" الذي تستقله حكومات الإمارات والبحرين والسودان، كعربة خلفية.

تحول حاد

كما أشار كيلينج إلى أنه "يبدو من الواضح أن موقف السعودية يتغير مع العملية الجديدة التي يقودها الملك سلمان شخصيا، من خلال الاستغناء عن الموقف العدائي تجاه تركيا، وإعادة فتح قنوات الحوار والمصالحة".

وكما أكد المراقبون السياسيون في وسائل الإعلام العالمية، فإن التفسير الأكثر منطقية للتغيير المذكور في الأسلوب هو الرغبة في الالتزام بسياسات الشرق الأوسط التي ستتبعها إدارة جو بايدن في الولايات المتحدة، بحسب الكاتب.

وفسر ذلك قائلا: "إذا أعاد بايدن إيران إلى اللعبة، فمن المؤكد أن السعودية ستكون محاصرة بالكامل، ولهذا كان يبدو أن الخيار الأكثر منطقية ومعقولية بالنسبة للسعوديين هو زيادة التقارب مع تركيا بعد أن اتخذت خطوات غير مقبولة في الشرق الأوسط بدافع من الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصهره اليهودي جاريد كوشنر خاصة في السنوات الثلاث الأخيرة، لكن ما حدث لم يكن أبدا في الحسبان".

واستطرد الكاتب التركي: "لم يكن سرا أن الرياض ركزت كل استثماراتها ليفوز ترامب، ولكن بعد مجيء فوز جو بايدن بالانتخابات، كان من الضروري بطبيعة الحال حدوث بعض التحولات الحادة في الوضع الجديد".

 فخطوات "السلام والمصالحة" المفاجئة التي تم اتخاذها ليس فقط مع تركيا، بل مع قطر أيضا، تخدم نفس الغرض.

وأردف: "أدى الحصار المفروض على قطر، والذي تم إطلاقه في يونيو/حزيران 2017، في نهاية المطاف إلى اقتراب إيران من شبه الجزيرة العربية ـ من خلال الدوحة ـ".

وعلى صعيد آخر، تقوم الإمارات التي تعمل خفية مع النظامين السوري والإيراني من ناحية، باستفزاز السعودية ضد "خطر طهران" من الناحية الأخرى. لذلك وفي مثل هذه الظروف، لا يوجد خيار آخر للسعودية سوى الانضمام لصف تركيا وقطر، وفق تقدير الكاتب.

واختتم كيلينج مقاله قائلا: "بينما تحدث هذه التطورات المذهلة في المنطقة، فإن السؤال الذي يشغل بال الجميع هو: أين مكان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الملك الفعلي للسعودية، في هذه المعادلة؟ فبينما تسير الرياض في طريق العودة إلى الوضع القديم من خلال الملك سلمان، فإن ما يفعله ويفكر فيه ابنه أمر يثير الفضول".

ويرى أنه "إذا تمكن ابن سلمان من قراءة التوازنات في المنطقة بشكل صحيح، فسوف يتخلى على الفور عن المغامرات الخطيرة التي جرها العقل السياسي في أبوظبي عليه وعلى بلاده".

وإذا لم يتمكن من ذلك فمن الواضح أن العواقب ستكون غير سارة وستنعكس نتائجها المريرة على الشرق الأوسط بأكمله، وحتى على العالم الإسلامي. وبالطبع فإن الخيار الأول هو الذي تأمله شعوب المنطقة، يقول الكاتب.


المصادر