"حصان خاسر".. موقع أميركي يرصد أفول نجم حزب الله اللبناني

12

طباعة

مشاركة

في مدينة النبطية جنوبي لبنان، ترفرف أعلام "حزب الله" على أعمدة الإنارة، وتظهر اللوحات الإعلانية وجوه أعضاء الحزب الذين قُتلوا على أرض هذه المدينة التي تعد حسب التقديرات، خامس أكبر مدن لبنان.

ويتجول رجال ملتحون ينتمون إلى "حزب الله" في الشوارع بسيارات جديدة من فئة "بي إم دبليو"، لا تحمل لوحاتها أية أرقام؛تأكيدا على أن أصحابها "فوق القانون اللبناني".

هكذا يصف الصحفي الأميركي ميشال روبين جولته في النبطية، خلال تقرير نشره على موقع "ناسيونال أنترست".

النبطية هي قلب "حزب الله" النابض، على بعد أقل من 15 ميلا من حدود لبنان مع فلسطين المحتلة -عندما احتلت إسرائيل المنطقة العازلة في جنوب لبنان- كانت النبطية بمحاذاتها مباشرة، وبالتالي كانت صفا أماميا وجبهة قتال لـ"حزب الله".

في 1996، خلال عملية "عناقيد الغضب" أو "حرب أبريل" كما يسميها حزب الله، قصفت إسرائيل مواقع في المدينة، لكن الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب في مايو/أيار 2000 عزز موقف "حزب الله" بتحويله إلى أول قوة عربية تهزم إسرائيل في حرب مواجهة.

وخلال حرب إسرائيل عام 2006 عانى كل من حزب الله والنبطية، غير أن نهاية الحرب وإعادة تسليح حزب الله اللاحقة سمحت له بدعم من إيران أن يظهر في صورة "الكيان القوي المتماسك"، وفق روبين.

أنواع المقاتلين

في مقهى على مشارف البلدة، يجلس السكان المحليون -بمن فيهم المحاربون القدامى ضد إسرائيل– لكنهم يروون قصة مختلفة الآن.

ونقل روبين عن السكان بالقول: لقد أصبح هناك 3 أنواع من أعضاء حزب الله الآن، الأول: هم المقاتلون العقائديون الحقيقيون، والنوع الثاني: مقاتلون اعتنقوا مبادئ حزب الله في البداية لكنهم يشعرون الآن بالحرج من سياساته وسلوكه، والنوع الثالث: مرتزقة اشتركوا مع الحزب للحصول على المال فحسب.

وأفاد بأن "الجميع يواجه صعوبة في التوفيق بين خطاب المجموعة والواقع، في حين أن شعارات حزب الله المكتوبة على اللافتات والملصقة على اللوحات الإعلانية تَعِد السكان بالأمن والازدهار، إلا أن سكان النبطية اليوم لا يملكون أياً منهما".

وأوضح روبين: "ربما لا يزال أعضاء حزب الله يتلقون رواتب أعلى بكثير من المعدل المحلي للمواطن العادي، لكن مشاكل إيران المالية وما تلاها من تقليص دعمها لحزب الله دفع الحزب إلى تقليص نفقاته إلى النصف، مما أدى إلى التذمر في الداخل، وتلقي السخرية من الخارج".

وتواجه طهران مشاكل دولية بسبب العقوبات الأميركية المفروضة عليها بعد انسحاب واشنطن من "الاتفاق النووي" عام 2018.

عاجز عن الانتقام

في غضون الأحداث الأخيرة صار لزاما على "الأعضاء العقائديين" أصحاب الولاء المطلق للحزب، والذين رسموا وقدموا أنفسهم ذات يوم على أنهم طليعة نظام جديد، أن يشرحوا للأتباع كيف يظلون هم وإيران عاجزين عن الرد، بحسب الصحفي الأميركي.

هذا الرد يتجلى في اغتيال الولايات المتحدة لقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في 3 يناير/كانون الثاني 2020، وعن ما حصل مؤخرا من اغتيال محسن فخري زاده، رأس برنامج إيران النووي السري، في 27 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

وقال روبين: إن "كثيرين في إيران والعديد من الصحفيين المحليين والغربيين نسبوا اغتيال فخري زاده إلى إسرائيل، وأقسم القادة الإيرانيون وحزب الله على أنهم سينتقمون ويردون على كلَي الهجومين".

واستدرك قائلا: "لكن لم يصدر عنهم أي شيء ذو بال، صحيح أنهم أطلقوا عددا قليلا من الصواريخ على القوات والمنشآت الأميركية في العراق، ولكن معظمها أخطأ الهدف وتسبب القليل منها بالضرر".

ولفت إلى أن "السكان المحليين يتحدثون أيضا عن مقتل 4 آلاف من أعضاء حزب الله في سوريا، ويتساءلون عن سبب قيام منظمة صورت نفسها على أنها وطنية لبنانية، بالسماح لأعضائها بالعمل كمرتزقة لإيران ورئيس النظام بشار الأسد في سوريا، ولماذا لم يحققوا نصرا واضحا حتى في مهمتهم الارتزاقية؟".

بينما سخر البعض من الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، باعتباره خامس "سلاحف النينجا" لأن عليه أن يختبئ في مجاري الضاحية الجنوبية لبيروت خوفا من أن يكون ظهوره على الملأ سيجعله ينضم بسرعة إلى سليماني وفخري زاده، وفق ما كتبه روبين.

هيبة تتلاشى

كشف روبين أن "الأهم من ذلك، لم يعد المواطنون في النبطية وغيرها من البلدات التي يسيطر عليها حزب الله أو حركة أمل المنافسة له يقصرون انتقاداتهم على المحادثات السرية أو يستترون بآرائهم".

وأوضح أنه "حين اندلعت الاحتجاجات في أكتوبر/تشرين الأول الماضي ضد النخبة السياسية في لبنان، انضم إليها شبان وشابات من النبطية، وخلعت النساء حجابهن، وأزال الرجال أقنعة الوجه التي تستر وجوههم".

وقال روبين: "ببساطة، فقد السكان المحليون خوفهم من الحزب".

وفي سياق آخر، أشار الصحفي الأميركي إلى أن "هناك مفارقة في الولايات المتحدة، تجري بين الديمقراطيين الذين يرفعون صوتهم مصرحين بها، والجمهوريين الذين يعبرون عن رأيهم بهدوء".

ملخص هذه الأصوات -بحسب روبين- أن حملة "الضغط الأقصى ضد إيران كانت فاشلة، ولكن في قلب بلد حزب الله يروي السكان قصة مختلفة، حزب الله  أضحى فقيرا ويعاني من السيولة المالية، كما يبدو مستاء وفاقدا لبريقه".

وذكر أن "زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن كانت له مقولة شهيرة، مفادها: عندما يرى الناس حصانا قويا وحصانا ضعيفا، فإنهم بطبيعتهم يميلون لتشجيع الحصان القوي".

وختم روبين مقاله ضمن هذا السياق بالقول: إنه "وفقا لهذا المعيار لم يعد السكان المحليون في لبنان يعولون على حزب الله  أو ينظرون إليه كحصان سبَّاق يستحق الرهان عليه".