خطاب متناقض.. الرياض وأبوظبي تدعيان التسامح وتخنقان الإخوان المسلمين

قسم الترجمة - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

انتقدت صحيفة تركية "فتاوى" السعودية والإمارات التي يتم دعمها من خلال الاستدلال بالآيات والأحاديث، وتسخيرها في استهداف جماعة الإخوان المسلمين.

وقالت صحيفة يني شفق: إن هذه الفتاوى، هي امتداد ديني لسياسات السعودية والإمارات في مكافحة الإخوان المسلمين، والتي تحولت إلى "حرب" في السنوات الأخيرة. 

وتطرق الكاتب طه كلينج في هذا الصدد إلى الفتوى الأخيرة لهيئة كبار العلماء السعودية، التي أعلنت في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 أن الإخوان "جماعة إرهابية ضالة لا تمت للإسلام بصلة"، وفق قوله. 

وتابع ساخرا: "وكما هو متوقع، قام مجلس الإفتاء الشرعي في الإمارات العربية المتحدة بنسخ هذه الفتوى الحديثة والسياسية"، وأصدر بيانا مشابها اعتبر فيه الإخوان "منظمة إرهابية".

وبغض النظر عن التشكيك فيما إذا كان الأشخاص الذين يشغلون المقاعد في الهيئات التي ذكرناها مقابل رواتب عالية، يتم الاعتراف بهم كـ"علماء" في نظر الشعب أو لا، هناك أمران غريبان ومثيران للعجب فيما يحدث، يقول الكاتب.

ويتابع: "بينما تؤكد ممالك الخليج على تبنيها لخطاب مناهض للعنف وترسل رسائل تسامح إلى العالم من ناحية، تحاول خنق منظمة سياسية لا تتبنى العنف أسلوبا لها وتملك سمعة ومكانة طيبة في الشارع العربي وعلى استعداد تام للعمل بانسجام معها بشكل فعلي من ناحية أخرى". 

أما الغرابة الثانية فتظهر في تصنيف التنظيمات السلفية المسلحة وغير المسلحة، لحركة الإخوان المسلمين على أنها حركة "تنحرف عن الاتجاه الصحيح وتؤمن بالممارسات الديمقراطية بدلا من المبادئ الأساسية للإسلام"، بينما تصنف السعودية والإمارات ومصر نفس الحركة على أنها "منظمة إرهابية غارقة حتى الأذن في العنف". 

وعلق الكاتب ساخرا: "مسكينة حركة الإخوان المسلمين فهي لم تستطع إرضاء أي من الأطراف في النهاية".

عواقب الاضطهاد 

ويعتبر كيلنج أنه وعلى الرغم من الضربات الكثيرة التي تلقتها والاضطهاد المستمر لأعضائها وسياسة القبضة الحديدية التي تمارس عليها من قبل الدول في مختلف البلدان منذ تأسيسها في عام 1928 على يد حسن البنا ورفاقه، فإن الإخوان المسلمين لا تزال واحدة من أكثر حركات المعارضة تنظيما في العالم العربي.

وتظهر التجربة التاريخية أنه لا يمكن تفريق وتفكيك جماعة الإخوان المسلمين من خلال "ضربها على رأسها" بمعنى اضطهادها وقمعها. 

وهذا بسبب أن جماعة الإخوان المسلمين لا تمثل منظمة سياسية فقط؛ بل تمثل فكرة بذاتها ـ مع التذكير بأن نتائج الممارسة مفتوحة للنقد ـ، بحسب الكاتب التركي.

واستدرك: وفي هذا الصدد، يمكن أن نجيب على سؤال "هل تنتهي حركة الإخوان المسلمين؟"بالقول: "لن تنتهي. ربما ستغير من اسمها أو تغير من شكلها، لكنها لن تنتهي".

من ناحية أخرى يقول الكاتب: "يمكن أن نرى بالطبع، أنه لم تفضل كل دولة في العالم العربي شن حرب على جماعة الإخوان المسلمين. وتشكل الطريقة التي تستخدمها المملكة الأردنية استثناء مثيرا للاهتمام، على الرغم من أن الإدارات العسكرية تهاجم الجماعة عموما".

وشرح ذلك بالقول: أعطى الملك حسين حرية واسعة لكوادر الإخوان المسلمين بعد استبعاد الجماعات الفلسطينية في البلاد عقب عملية الصراع المسماة بـ "أحداث أيلول الأسود" عام 1971. 

وعلى الرغم من التوترات التي كانت تحدث في الحين والآخر، حصلت جماعة الإخوان المسلمين على نصيبها من الديمقراطية النسبية في البلاد بسخاء في الأردن، يقول الكاتب.

وينوه أن هذا الوضع الذي يمكن أن نصفه بـ "سياسة رؤية الواقع وتطويعه لصالح الدولة"، تكرر بالمثل في المملكة المغربية. فلا يزال حزب العدالة والتنمية، الذي هو امتداد لـ "فكرة الإخوان" ونموذجه الذي تكيف مع ظروف المغرب، يعتلي عرش السلطة هناك.

فعلى الرغم من أن الملك محمد السادس يملك سلطة اتخاذ القرار والقوة المطلقة في قبضته، إلا أن الحكومة "ذات المظهر الإسلامي" هي التي تعمل فعليا. 

وبالتالي فإن كلا الطرفين راضيان، فبينما يحتوي النظام الملكي أكثر حركات المعارضة تنظيما في البلاد بهذه الطريقة، فإن السياسيين الإسلاميين الذين يعملون في النظام يجدون فرصة للمشاركة والممارسة أيضا.

ويختم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن "التاريخ يخبرنا أن سياسات القمع والملاحقة المطبقة على جماعة الإخوان المسلمين في البلدان المركزية من الشرق الأوسط سيكون لها عواقب وخيمة على السلطات على المدى المتوسط ​​والطويل".

ويرى أن صراع "الحرب على الإسلام السياسي" لم يخرج أحد منه ظافرا، مضيفا: "ليت الفاعلين الذين يشعلون نيران الحرب عليها في الداخل والخارج في هذه المنطقة الجغرافية يفهمون ذلك".