"حرب واسعة".. صحف إسبانية: هذه عواقب اغتيال العالم النووي الإيراني

12

طباعة

مشاركة

بعد اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، في 28 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، تناسلت التحليلات حول الرد الإيراني "هذه المرة" على إسرائيل، إثر اتهامها من طهران بالوقوف وراء العملية، وأفردت صحف ومواقع عالمية مساحات لتوقعاتها بشأن إمكانية وتوقيت تنفيذ التهديدات.

وفي تحليل نشره موقع معهد "إلكانو الملكي" الإسباني للدراسات، وصف المحلل فيليكس أورتيغا، العلاقات بين الغرب وإيران بـ"المعقدة"، مفسرا ذلك بأن الغرب يتعامل مع دولة ذات وجهين: "الأول إصلاحي، وقريب وناعم؛ والآخر محافظ، وبعيد وصلب، وأحيانا صلب للغاية". 

فيما أوضحت صحيفة "الكونفدنسيال" الإسبانية أنه "في أوقات عدم الاستقرار السياسي هذه، تصبح العلاقة أكثر تعقيدا، ويمكن أن تصل الأمور إلى أبعد من ذلك، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أنه في الولايات المتحدة خسر دونالد ترامب الانتخابات ويريد بيع هزيمته غاليا.

وأشارت إلى أن "إدارة ترامب أرادت مؤخرا مهاجمة إيران، لكن مستشاريها نصحوه بعدم القيام بذلك".

وأوضحت أن "هذه المعلومات نُشرت في صحيفة نيويورك تايمز التي ذكرت بالتفصيل أن الأمر عولج في اجتماع عقد بعد يوم من إعلان الأمم المتحدة، عبر الوكالة الدولية للطاقة الذرية، عن زيادة في احتياطيات إيران من اليورانيوم المخصب".

ولفتت الصحيفة الإسبانية إلى أن "المثير للاهتمام في عملية اغتيال العالم النووي فخري زاده، أنها حدثت بعد يوم فقط من هذا الإعلان".

ففي 28 نوفمبر، اغتيل فخري زاده، المعروف بـ"عراب الاتفاق النووي الإيراني" عن عمر 63 عاما، إثر استهداف سيارة كانت تقله قرب العاصمة.
ووقع الهجوم في منطقة "آبسرد" بمحافظة طهران على يد مسلحين أطلقوا النار باتجاه سيارة العالم، واندلعت مواجهة مع المهاجمين، أصيب خلالها عدد من حراس العالم بجروح، حسب بيان وزارة الدفاع الإيرانية، السبت. 

انتقام قاس

بعد 24 ساعة من حادث الاغتيال، تعهدت إيران بالثأر للعالم "فخري زاده"، ووجهت اتهاماتها لـ"المرتزقة" الإسرائيليين تحت قيادة واشنطن، "مما أدى إلى تفاقم التوتر في وقت حرج في البيت الأبيض، ينتظر فيها تسليم الصلاحيات إلى الرئيس المنتخب حديثا جو بايدن"، وفق "الكونفدنسيال".

وأضافت: أنه "في غضون أسابيع قليلة تنتهي ولاية إدارة ترامب، التي طبقت سياسة (الضغط الأقصى) ضد إيران. وفي هذه المرحلة الحاسمة سيعيق أي عمل مزعزع للاستقرار الجهود النهائية للرئيس المنتخب، بايدن، الساعية لتحقيق الحد من التوتر مع نظام آية الله (علي خامنئي)".

وأشارت أن "القائد العام للحرس الثوري، حسين سلامة، حذر من أن مرتكبي اغتيال الرئيس الحالي لهيئة البحث والابتكار بوزارة الدفاع سيواجهون انتقاما قاسيا".

ونوهت الصحيفة بأن "مصدر الهجوم غير معروف في الوقت الحالي، لكن يجدر الإشارة إلى أوجه تشابه معينة مع حالات قتل علماء آخرين مرتبطين بالبرنامج النووي الإيراني بين عامي 2010 و 2012 في البلاد". 

وأوضحت الصحيفة أنه بـ"مقتل العالم الإيراني فخري زاده، أصبح 5 خبراء نوويين اغتيلوا خلال عقد من الزمن في إيران، بعد سلسلة الاغتيالات المسجلة بين عامي 2010 و2012".

وذكرت أن "السلطات الإيرانية قد ألقت باللوم في جميع عمليات القتل، بما في ذلك مقتل فخري زاده، على ألد أعدائها، إسرائيل والولايات المتحدة، اللتين التزمتا الصمت بشأن القضية الأخيرة".

وإلى جانب مقتل العالم النووي فخري زاده، عرضت صحيفة "الإسبانيول" ملخص جرائم القتل الأربعة الأخرى لعلماء إيرانيين، المعروفين باسم "الشهداء النوويين":

1-مسعود علي محمدي، أول عالم نووي اغتيل في 12 يناير/كانون الثاني 2010، شمال طهران، بانفجار عبوة ناسفة بجهاز التحكم عن بعد ووضعت على دراجة نارية متوقفة أمام باب منزله.

وعلي محمدي، هو أول حاصل على درجة الدكتوراه في الفيزياء بإيران وتخصص في الجسيمات الأولية وعلم الكونيات، كما عمل أستاذا للفيزياء في جامعة طهران.

2-ماجد شهرياري، عالم وأستاذ الفيزياء النووية في جامعة "شهيد بهيشي" في طهران، اغتيل في نوفمبر/تشرين الثاني 2010، قبل أيام قليلة من عيد ميلاده الرابع والأربعين، وتوفي هذا الطبيب في الهندسة النووية وعضو الرابطة النووية الإيرانية جراء انفجار قنبلة وضعت في سيارته على دراجة نارية.
وفي نفس اليوم، كانت هناك أيضا محاولة اغتيال خارج جامعة "شهيد بهشتي" ضد عالم آخر اسمه، فريدون عباسي، الذي نجا من الهجوم.

3-داريوش رضايي نجاد، في 23 يوليو/تموز 2011، أصيب بعيارات نارية أثناء وجوده في سيارته مع زوجته وابنته أمام منزلهما في طهران، وكان رضايي نجاد طالب دكتوراه في الكهرباء يعمل مع وزارة الدفاع الإيرانية.

وفي سن 34 عاما، كان نائب رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية وتخصصه الرئيسي، دراسة نظام التفجير في الرؤوس الحربية النووية.

4-مصطفى أحمدي روشن، لقي مصرعه في يناير/كانون الثاني 2012، بطهران في هجوم مماثل للهجوم الذي تعرض له شهرياري، وألقت السلطات باللوم على كل من إسرائيل ومنظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة، وربطتهم بعمليات قتل أخرى.
ودرس روشن "هندسة البوليمرات" في جامعة شريف في طهران، وعام 2002 شارك في مشروع لتصنيع "أغشية البوليمرات" لفصل الغاز، الذي كان يتم تنفيذه لأول مرة في البلاد.

وكان العالم روشن ينتمي إلى النخبة العلمية والجامعية في البلاد وتولى منصب المسؤولية في منشأة "نطنز" النووية.

حالة تأهب

أوردت صحيفة "الإسبانيول" أن "إسرائيل وضعت سفاراتها في حالة تأهب منذ 28 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، خشية انتقام إيران، التي اتهمتها بالوقوف وراء اغتيال العالم النووي البارز".

وتعقيبا على هذه الإجراءات، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية: إنهم لا يعلقون على الجوانب "المتعلقة بالأمن"؛ كما رفض مكتب نتنياهو الرد على الاتهامات التي تحمل إسرائيل مسؤولية الجريمة مع الولايات المتحدة.

وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو، وصف العالم الإسرائيلي البارز في 2018 بأنه "زعيم برنامج نووي سري مزعوم"، قبل أسبوع من تخلي واشنطن عن الاتفاق بين إيران والقوى الست للحد من تطويرها لبرنامجها النووي. 

واعتبرت أن "الاتفاق النووي الإيراني ضعف بشكل كبير منذ انسحاب واشنطن منها وإعادة فرض العقوبات على طهران".

وفي مايو/ أيار 2018، انسحبت واشنطن من الاتفاق، الموقع في 2015، بين إيران ومجموعة (5+1)، التي تضم روسيا وبريطانيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، وفرضت على طهران عقوبات اقتصادية.

كما قالت الصحيفة: إن "اغتيال فخري زاده في هذه المرحلة، لم يساهم إلا في تعميق ضعف تلك الاتفاقية وإظهار التوتر الشديد القائم بين الولايات المتحدة وإسرائيل مع إيران".

وأردفت: أن "الهجوم الأخير يترك بايدن في موقف حساس، حيث سيتولى منصبه في يناير/كانون الثاني المقبل. وبهذا الشكل، تضاف مشكلة أخرى في أجندة الديموقراطيين، الذين يتعين عليهم تخفيف حدة التوتر القائم بين واشنطن وطهران عند تسلم مهام البيت الأبيض".

وفي نفس السياق، رأت صحيفة "لاراثون" الإسبانية أن "حلم الانفتاح الذي يحمله بايدن يصطدم بعدة إشكالات، فيما يتعلق بإيران، سيعرقل اغتيال فخري زاده مساعي بايدن للعودة إلى الاتفاق النووي القديم والمفاوضات في هذا الشأن؛ خاصة في ظل توعد السلطات الإيرانية بالانتقام". 

وفي حوار للصحيفة مع أستاذ العلاقات الدولية في جامعة ولاية ماساتشوستس، كانيشكان ساتاسيفام، قال المحلل: إنه "من المرجح أن إسرائيل هي الجهة التي نفذت الهجوم، ربما بدعم كبير من الولايات المتحدة ودول أخرى".

وأكد "ساتاسيفام" أن "إسرائيل هي الجهة الوحيدة القادرة على الحصول على عملاء داخل إيران". 

وشدد على أنه "من المنطقي أيضا أن يقوم الإسرائيليون بهذه الخطوة الآن لأنهم يريدون تنفيذ هذه الأنواع من العمليات قبل تنصيب بايدن رئيسا جديدا لأميركا".

وأرجع ساتاسيفام ذلك إلى أن "هناك فرصة جيدة في أن يكون الديمقراطي معتدلا تماما في هذه المسائل، ومن المحتمل جدا أن لا يوافق على مثل هذه الأعمال الإسرائيلية".

وخلصت "لاراثون" في مقالها إلى أن "هناك علامات واضحة جدا على ظهور تحالف بين إسرائيل والإمارات والسعودية ضد إيران يتشكل في الشرق الأوسط، وهذا بالتأكيد، شجع نتنياهو على أن يكون مستعدا لاتخاذ إجراءات قوية ضد برنامج إيران النووي قبل حرب واسعة النطاق".