صحيفة فرنسية: مخاوف من إخفاء "لجنة ماكرون" حقيقة الإبادة في رواندا

12

طباعة

مشاركة

الانسحابات المتتالية من اللجنة الفرنسية المكلفة بالتحقيق في الدور الذي لعبته باريس في الإبادة الجماعية في رواندا (1990-1994)، أثارت المخاوف من "طمس حقيقة" ومصداقية تقرير اللجنة المقرر تقديمه للرئيس إيمانويل ماكرون، العام المقبل.

وتحدثت صحيفة "لاكروا" في عددها الصادر بتاريخ 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، عن تراجع عضو في لجنة المؤرخين المكلفة بتسليط الضوء على دور فرنسا في الإبادة الجماعية برواندا بين عامي 1990 و 1994.

وقالت: إن "هذا الانسحاب انتقده العديد من المؤرخين لكونه متحيزا، ويشكك في توجهات التقرير الذي من المُزمع أن تقدمه هذه اللجنة إلى إيمانويل ماكرون في أبريل/نيسان 2021".

وذكرت "لاكروا" أنه "بعد مغادرة المؤرخة آنيت ويفوركا، في سبتمبر/أيلول 2019، جاء دور جولي داندورين لترك هذا الفريق المعين (في أبريل 2019) والذي يجب أن يقدم التقرير في أبريل المقبل".

وأوضحت أن "التقرير المرتقب هو نتاج التورط العسكري والسياسي الفرنسي في رواندا، حيث تم إبادة 800 ألف من التوتسي في ربيع 1994، وفقا للأمم المتحدة".

رحيل مفاجئ

وقالت الصحيفة: "بحسب رئيس اللجنة المؤرخ فنسنت دوكلرت، أنه إذا كانت )ويفوركا) قد تركت هذه اللجنة لأنها لم تشعر بالشجاعة والقوة لتُقحم نفسها في هذا العمل الهائل، فقد تراجعت )داندورين( في 25 أغسطس/آب 2020، وأعلنت ذلك بشكل مفاجئ في 14 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل".

وأشارت إلى أن "داندورين لم تُحدد السبب، ولا ترغب في الإدلاء بأي تصريحات أخرى، على حد قول رئيس اللجنة دوكلرت".

وقال دوكلرت: إن "هذا الانسحاب الطوعي يعني أن السيدة داندورين لم تعد تطلع على الأرشيفات، وأنها لم تعد تشارك في اجتماعات الفريق، ولم تساهم في صياغة التقرير".

وأوضح أن "هذا التقرير سيرفع في 5 أبريل إلى ماكرون الذي سينشره على الفور بجميع مصادره، كما تم تحديده وإعلانه سابقا".

جدل قائم

وأوضحت "لاكروا" أن "إعلان انسحاب داندورين جاء عندما كانت المؤرخة في خضم جدل أثاره مقالها في مجلة (لوكانار أونشانيه) نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي".

وذكرت أن هذه المجلة الأسبوعية كشفت عن مقال كتبته داندورين في علاقة بما وصفته بـ"التدخل العسكري الإنساني الفرنسي" ضمن العملية العسكرية "فيروز"، خلال الفترة ما بين يونيو/حزيران وأغسطس/آب 1994.

وأضافت: أنه "بعد قراءة هذا المقال عن عملية فيروز، انتقد العديد من المؤرخين توجهات داندورين، ولا سيما جان بيير كريتيان".

وقال المؤرخ كيريتيان: "أعترف بأنني أتساءل عن التناسق التاريخي للسيدة داندورين في مواجهة السؤال الرواندي عندما كتبت أن (التاريخ سيثبت حق فرنسا في عملية فيروز)، بمجرد أن يتمكن المؤرخون من فتح الأرشيف في غضون 50 عاما"، وفق "لاكروا".

وفي 23 يونيو/حزيران 1994، أطلقت فرنسا العملية، بهدف إنشاء منطقة آمنة لحماية اللاجئين في جنوب غرب البلاد، لكنها بدلا من إعاقة الإبادة الجماعية، قدمت الأسلحة والعتاد للمتطرفين من جماعة الهوتو.

وتمكن الجيش التابع للجبهة الوطنية الرواندية بقيادة "باول كاغامي"، رئيس البلاد الحالي، من السيطرة على كيغالي وبوتاري بتاريخ 4 يوليو/ تموز 1994.

وفي 17 يوليو، أعلن الجيش إحكام سيطرته على كامل البلاد تقريبا، وسقط نتيجة الأحداث التي استغرقت حوالي 3 أشهر، 800 ألف شخص وفقا للأمم المتحدة، في حين تقول مصادر رواندية رسمية: إن عدد الضحايا تجاوز المليون من التوتسي والهوتو.

طمس الحقيقة 

وأشارت الصحيفة الفرنسية لتصريحات المؤرخة هيلين دوماس، المتخصصة في شؤون رواندا، والمستبعدة من هذه الهيئة بأن "توجه كتابات داندورين واضح، فهو يسير في الاتجاه الذي يريده المدافعون عن دور الجيش الفرنسي في رواندا".

واعتبرت دوماس أن "انسحاب داندورين يثير تساؤلات حول التقرير المستقبلي لهذه اللجنة: أي مكان ودور سيكون للعمل الذي قدمته لمدة عام ونصف في إعداد التقرير المستقبلي، نحن لا نعلم".

دوماس أشارت إلى أنه "بعد نشر كتابات داندورين في مجلة لوكانار أونشانيه، في 28 أكتوبر الماضي، ناقشت الأمر مع رئيس اللجنة دوكلرت عدة مرات، وقد كانت آنذاك في اللجنة"، وفق الصحيفة.

وذكرت أنه "بالتفكير في الأمر فقد اضطر دوكلرت، للتخلي عن داندوراين لأن حضورها ألقى أكبر قدر من الشك على حيادية التقرير المستقبلي".

وختمت "لاكروا" مقالها بتصريحات فرانك "في الوقت الحالي تُعد مقالة (لداندوراين) سيئة للغاية، ولا شك في ذلك وأنها هي نفسها تدرك ذلك، بعد أن بحثت، كجزء من لجنة دوكلرت، في المحفوظات العسكرية في ذلك الوقت".