موقع إيطالي: 3 عقبات أمام الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالصومال

قسم الترجمة - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في الصومال، يتخوف مراقبون من فشل إجرائها في وقتها المحدد، في ظل 3 إكراهات أساسية، التوترات السياسية الداخلية، وتهديدات حركة "الشباب"، وجائحة كورونا.

ونشر موقع ''لوسبيغوني'' الإيطالي تقريرا يسلط الضوء على مناخ التوترات السياسية والاجتماعية القوية التي تعكس حالة الانقسام المزمن في الصومال بين حكومة مقديشو والأقاليم، قبيل أسابيع من موعد انتخاب برلمان فيدرالي ورئيس للجمهورية. 

وقال الموقع: إن "الاتفاق الذي تم التوصل إليه في الأسابيع الأخيرة بين المركز والإدارات الإقليمية، يمثل خطوة مهمة نحو مشاركة أوسع للأقاليم والمعارضة في الانتخابات، إلا أنه لا تزال هناك شكوك جدية بشأن قدرة الأطراف على تنفيذ الاتفاقات في الوقت المناسب".

وأضاف: "كما ألقت إعادة تسلح حركة الشباب والميليشيات العشائرية والعامل المجهول للانتشار الحقيقي لجائحة كوفيد 19 في البلاد، بظلالها على قدرة حكومة مقديشو على إدارة العملية  الانتخابية الحساسة دون اللجوء إلى حلول استبدادية وأحادية الجانب".

التاريخ الحديث

في أغسطس/آب 2012، تبنت الصومال دستورا مؤقتا بنظام فيدرالي، وتم تقسيم البلاد إلى 18 إدارة إقليمية، غير معترف بها رسميا كدول لكنها تتمتع بهوامش واسعة من الحكم الذاتي.

ويتكون البرلمان الفدرالي الصومالي من مجلسين: مجلس الشيوخ الذي يضم 54 مقعدا ومجلس الشعب الذي يضم 275 مقعدا.

ومنذ فبراير/شباط 2017، يترأس الحكومة الرئيس محمد عبد الله محمد، المعروف باسم "فارماجو"، والمُنتخب وفقا لبرنامج سياسي يركز على المصالحة مع مختلف العشائر والمعارضين في البلاد، وأيضا محاربة الفقر، بالإضافة إلى تحقيق الاستقرار والديمقراطية في الصومال، وإصدار دستور فيدرالي جديد ونهائي.

لكن الرئيس فارماجو "أثبت أنه غير قادر على معالجة المشاكل الهيكلية للجمهورية الفيدرالية، ولم يمنح البلاد دستورا دائما، كما تميز بإدارة أحادية الجانب للسلطة ونزعة نادرة للحوار مع الطلبات الملحة للأقاليم، فضلا عن الاستخدام المنهجي للرقابة والعمليات السياسية والعنف المؤسسي"، وفقا للموقع الإيطالي.

وذكر ''لوسبيغوني'' أنه بعد عقود من الحرب الأهلية التي أعقبت سقوط نظام محمد سياد بري العسكري عام 1991، "لا يزال الجهاز الإداري للدولة الصومالية هشا للغاية اليوم".

واعتبر أن "الاقتصاد الصومالي يعاني من مناخ انعدام الأمن المستمر، في ظل بقاء بنية السلطة العشائرية سليمة إلى حد كبير".

وقال: إن "على الدولة مجابهة ظاهرة القرصنة في مياهها الإقليمية وأيضا تنظيم الشباب الجهادي الذي يعتبر الحليف الرئيسي لتنظيم القاعدة في إفريقيا".

انقسام مستمر

أشار الموقع الإيطالي إلى أنه في الأشهر الأخيرة، ومع اقتراب موعد الانتخابات، تجاوز التوتر السياسي بين مقديشو ومختلف مراكز السلطة الإقليمية مستويات التحذير.

وتسلط هذه الاحتكاكات التي تعبر عن الانقسام المستمر بين سلطات الدولة الفيدرالية وسلطات الأقاليم شبه المستقلة، الضوء على أن "المنطق داخل العشائر وفيما بينها لا يزال يلعب دورا حاسما في تحديد التوازن السياسي الصومالي".

ووصلت هذه الخلافات إلى ذروتها بين فبراير/شباط ومارس/آذار الماضيين، بعد أن تطور التنافس السياسي بين الرئيس فارماجو وزعيم ولاية جوبالاند، أحمد محمد إسلام (مادوبي) إلى صراع مسلح وقع بين القوات الفيدرالية والميليشيات الموالية لجوبالاند في منطقة جدو، مما تسبب في نزوح 56 ألف شخص.

وأفاد الموقع بأن "تخوفات المعارضة من استغلال الرئيس فارماجو، حالة الطوارئ السياسية والصحية للبقاء في السلطة، وتأجيل الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في ديسمبر/كانون الأول المقبل، من جانب واحد، في زيادة التوتر".

واستدرك "لكن بعد أن بدأت المحادثات بين الأقاليم تؤتي ثمارها في سبتمبر/أيلول الماضي، تضاءل خطر تأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى".

مفاوضات الانتخابات

ذكر ''لوسبيغوني'' أن المحاولة الأولى لحل الأزمة (تأجيل الانتخابات) جرت أواخر يوليو/تموز الماضي، عندما اجتمعت سلطات الحكومة الفيدرالية وقادة الولايات الأعضاء في مدينة دوسامارب وسط الصومال". 

وأوضح أن "الطرفين اتفقا على تشكيل لجنة فنية مكلفة بفحص طرق التصويت، وحسب الاتفاق، اجتمعت الأطراف بعد شهر لعقد اجتماع ثان في عاصمة محافظة جلجدود (وسطا)، لكن نتائج ونطاق هذه المحادثات الأولى تأثرت بشدة بمقاطعة سلطات أقاليم ولايتي بونتلاند وجوبالاند".

ونوه الموقع بأنه "تم تجاوز هذه العقبة في 17 سبتمبر/أيلول الماضي، بانطلاق مسار جديد من المفاوضات، شهد هذه المرة مشاركة زعماء المناطق التي قاطعت الجولة الأولى".

وأشار إلى أن "المحادثات بين ممثلي الحكومة الفيدرالية وزعماء الدول الأعضاء الخمسة، المجتمعين في مقديشو، أسفرت عن اتخاذ خطوة مهمة نحو حل وسط، بالاتفاق على الخطوط العامة للعملية الانتخابية".

وأوضح الموقع أن "هذا الحل نص على التخلي النهائي عن هدف الاقتراع العام المباشر وإحياء نموذج التصويت غير المباشر، على غرار النموذج الذي تم اعتماده  في الانتخابات البرلمانية لعام 2016". 

وذكر أنه "بسبب التأخيرات والمشاكل الفنية التي يطرحها تسجيل التصويت، اتفقت الأطراف على أن نظام التصويت غير المباشر- المرتبط بحكم الأمر الواقع ارتباطا وثيقا بمنطق الانتماء العشائري - هو الطريقة الوحيدة القابلة للتطبيق". وبالتالي فُوتت الفرصة، التي ضمنها في البداية فارماجو نفسه، بأن تدخل هذه الانتخابات في التاريخ كأول تصويت عام مباشر خلال الخمسين عاما الماضية، منذ الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي أجريت في مارس/آذار 1969 قبل انقلاب سياد بري، بحسب ''لوسبيغوني''.

ومطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خلال المنتدى الاستشاري الوطني المنعقد في فيلا الصومال (مقر الرئيس بمقديشو)، توصل فارماجو وزعماء الإدارات الإقليمية لبونتلاند، وجنوب غرب الصومال، وجوبالاند، وهيرشابيل، وغالمودوغ، إلى جانب حاكم منطقة بنادر، إلى اتفاق أيضا بشأن تحديد مواعيد العملية الانتخابية. 

وسيتم تقسيم الدورة الانتخابية إلى 3 مراحل، من 1 إلى 10 ديسمبر/كانون الأول المقبل، ستجرى انتخابات مجلس النواب، وفي الفترة من 10 إلى 27 من الشهر ذاته، سيتم انتخاب أعضاء مجلس الشيوخ.

وبعد تنصيب البرلمان الفيدرالي الجديد، سيتم دعوة النواب المنتخبين في 8 فبراير/شباط 2021 لتأكيد فارماجو لولاية ثانية أو لانتخاب رئيس جديد للصومال.

وفي هذا الصدد، أورد الموقع أن المنافسين للرئيس محمد عبد الله محمد فرماجو في السباق الرئاسي هما الرئيسان السابقان للبلاد، الزعيم السابق لـ"اتحاد المحاكم الإسلامية"، والذي ترأس الصومال من 2009 إلى 2012، شريف شيخ أحمد، وسلف فرماجو، حسن شيخ محمود، الذي حكم البلاد من 2012 إلى 2017.

يُذكر أن المرشحين قررا في أكتوبر/تشرين الأول 2019 توحيد الصفوف والانضمام إلى أحزاب المعارضة الرئيسية وتأسيس "ائتلاف منتدى الأحزاب الوطنية".

كما اتفق الطرفان على إنشاء لجنة مستقلة لتسوية النزاعات، مكلفة بمراقبة الامتثال للاتفاقيات وضمان انتظام العملية الانتخابية، وستتألف اللجنة من 21 عضوا منهم 9 من الحكومة المركزية و 11 تختارهم الإدارات الإقليمية.

المليشيات و"الشباب"

يرى الموقع الإيطالي أن "المليشيات ولا سيما حركة الشباب، استفادت من الأزمة السياسية الصومالية، من خلال حملات جديدة للتجنيد والتدريب وإعادة التسلح تمهيدا لاستعادة الأراضي التي خسرتها سابقا وإفساد الانتخابات".

ونقل الموقع تصريحا للمدير السابق لجهاز الأمن والمخابرات الصومالي عبد الرحمن محمود طوريارآ، قال فيه: إن "حركة الشباب لن تتردد في استغلال هشاشة المؤسسات الحكومية عبر تصعيد الهجمات من أجل عرقلة إجراءات التصويت".

وأوضح أن "إستراتيجية زعزعة الاستقرار التي نفذتها حركة الشباب، على غرار الهجمات الأخيرة التي استهدفت منطقة مقديشو، تشير إلى أن العملية الانتخابية ستجرى في مناخ يتسم بانعدام الأمن المتزايد، وهو عامل يمكن أن يضر بإجراءات وشرعية التصويت".

تهديد كورونا

أكد الموقع أن "جمهورية الصومال التي تعاني من أزمة سياسية ومؤسسية عميقة، ضربها أولا غزو الجراد ثم اجتاحتها مرة أخرى الفيضانات العنيفة التي أجبرت حوالي 650 ألف شخص في المناطق الجنوبية على هجر منازلهم".

ومنذ مارس/آذار الماضي، يواجه الصومال أيضا حالة الطوارئ الصحية الناجمة عن تفشي جائحة كوفيد 19.

ووفقا لبيانات منظمة الصحة العالمية، بلغت الحالات الإيجابية التي تم التأكد من إصابتها بفيروس كورونا في الفترة من مارس/آذار الماضي إلى نوفمبر/تشرين الثاني 4301 حالة، منها 107 وفيات.

وفي تعليق على هذه الأرقام، قال الموقع: إن "هذه البيانات التي قد لا تبدو للوهلة الأولى مثيرة للقلق، لا تعكس الوضع الحقيقي لانتشار الفيروس، خاصة وأن النظام الصحي الصومالي الهش غير قادر على إجراء اختبارات الفحص والمسحات الكافية".

وأضاف: أن "ارتفاع معدل الحالات الإيجابية في العدد الإجمالي للمسحات التي تم إجراؤها يؤكد أن الوباء أكثر انتشارا بكثير مقارنة بما تذكره الإحصاءات الرسمية.

وخلص الموقع إلى أن "حكومة مقديشو اضطرت في الأشهر الأخيرة، إلى مواجهة عدة تحديات للمحافظة على استقرار البلاد وتحديدا بسبب الظروف الطارئة التي ستجرى فيها هذه الانتخابات".

وشدد على أن "تحقيق الاستقرار الدائم في الصومال رهين بإجراء انتخابات شرعية ودون حوادث أو مخالفات".

واستدرك الموقع بالقول: "إذا لم يتم استيفاء هذه الشروط، فهناك خطر حقيقي من أن تؤدي الانتخابات إلى أزمة ذات أبعاد أكبر، تتفاقم بسبب الظروف الاقتصادية والبيئية والصحية والأمنية غير المستقرة في البلاد".