صحيفة روسية تستعرض تأثير استقالة السراج على موازين القوى في ليبيا

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "إزفيستيا" الروسية، مقالا للكاتبين إلنار باينازاروف، وديميتري لارو، عبرا فيه عن وجهة نظرهما بأن استقالة رئيس حكومة الوفاق الوطني، فايز السراج، لن تغير موازين القوى في البلاد، كما أنها لن تؤثر على موقف روسيا فيما يتعلق بالصراع.

وأضاف الكاتبان أنه بغض النظر عمن سيحل محل السراج، فإن موسكو ستواصل الدعوة إلى حوار ليبي داخلي بوساطة الأمم المتحدة، حسب البيان الصادر عن المجلس الفيديرالي الروسي للصحفيين.

ولفتا إلى أن الخبراء ومتابعي الشأن الليبي أوضحوا أن استقالة الحكومات في طبرق (شرق ليبيا) وطرابلس (غربا) هي جزء من نفس العملية، مما يشير إلى تغيير في الإستراتيجيات، نظرا لفشل محاولات حل النزاع بالوسائل العسكرية التي قد استنفدت ولم ترض الليبيين ولا المجتمع الدولي، وأن السبيل الوحيد للحل هي مفاوضات السلام.

تغيير مرتقب

في 17 سبتمبر/ أيلول 2020، أعلن رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني فايز السراج-المعترف بها دوليا- عبر التلفزيون الوطني أنه يعتزم التنحي نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2020، وذلك "لإفساح المجال لقادة جدد".

وبحسب المقال، فإن السراج سلط الضوء في خطابه على التغييرات الإيجابية وأشار إلى أن المفاوضات بوساطة الأمم المتحدة بين الفصائل المتنافسة في البلاد أدت إلى "مرحلة تحضيرية جديدة" لتوحيد المؤسسات الليبية والتحضير للانتخابات البرلمانية والرئاسية.

وذكر الكاتبان أن "إعلان استقالة رئيس الحكومة يأتي على خلفية الاحتجاجات الاجتماعية في طرابلس منذ 23 أغسطس/ آب 2020، حيث استمرت المسيرات ضد ارتفاع الأسعار والفساد في المدن الكبرى في غرب البلاد، وكانت استقالة السراج من أهم مطالب المتظاهرين".

وأشار المقال إلى ما نشرته وكالة "بلومبرغ" الأميركية في 15 سبتمبر/أيلول 2020 عن رحيل وشيك لرئيس الوزراء، نقلا عن مصادر. وبحسب الصحيفة، فإن رئيس جهاز الأمن العام يخطط لترك منصبه لتخفيف الضغط على شخصيته في ضوء محادثات السلام المقبلة في جنيف - المقرر إجراؤها في أكتوبر/ تشرين الثاني 2020.

ومن جانب آخر، ففي 13 سبتمبر / أيلول 2020، ووسط احتجاجات اجتماعية، غادرت ما يسمى "حكومة شرق ليبيا"، بقيادة رئيس الوزراء عبد الله الثني. وقبل ذلك اندلعت المظاهرات في بنغازي (أكبر مدينة في شرق البلاد) في 10 سبتمبر/ أيلول 2020، بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية وأسعار الوقود وانقطاع التيار الكهربائي المستمر.

وأعاد الكاتبان التذكير بأن رغم التغييرات في حكومتي غرب وشرق البلاد، إلا أن موقف روسيا سيبقى على حاله، حسبما قال أليكسي بوشكوف، رئيس لجنة مجلس الاتحاد لسياسة المعلومات، للصحيفة الروسية.

وقال بوشكوف: "ندعم حل المشكلة الليبية على غرار الحوار الليبي الداخلي ومن خلال الأساليب السياسية - بمشاركة الأمم المتحدة". وشدد على أنه لا يرى أي سبب لتغيير موقف موسكو بشكل جذري بسبب تغير الوجوه، وأنه يجب تشكيل حكومة مشتركة في ليبيا يعترف بها جميع المشاركين في العملية، لأنه ببساطة لا توجد طريقة أخرى للتسوية.

قلعة سرت

وزعم الكاتبان، أن "روسيا لا تدعم علانية أيا من أطراف النزاع وتتفاوض مع كل من طرابلس وطبرق، داعية العاصمتين إلى بدء حوار سلمي". وحسب تأكيدات وزارة الخارجية الروسية، فقد كانت موسكو أحد المبادرين لعقد اجتماع شخصي بين خليفة حفتر، وفايز السراج في يناير/ كانون الثاني 2020 من هذا العام في موسكو، وأنها كانت أحد المشاركين في مؤتمر برلين الذي أطلق آلية "تسوية جنيف".

وأكدا أن طرابلس شنت حملة عسكرية ناجحة ضد قوات حفتر وتقدمت داخليا إلى خط سرت الجفرة (الأول ميناء نفطي كبير، والثاني قاعدة جوية عسكرية). خلف هذا الخط توجد حقول النفط الغنية التي يسيطر عليها خليفة حفتر.

وبحسب المقال، فإن وسطاء دوليين أوضحوا أنهم لن يسمحوا لقوات حكومة الوفاق بالتقدم شرقا والوصول إلى سرت، حيث نوقش ذلك في القاهرة والإمارات وكذلك في فرنسا وروسيا. وأكد خبير أن الطرفين أوضحا أن الحل العسكري للصراع لا يناسبهما، ويجب أن تنتقل طرابلس وطبرق إلى مفاوضات حقيقية.

ونوه إلى أن "استقالة السراج لن تؤثر على دعم تركيا لحكومة الوفاق الليبية، على عكس العديد من اللاعبين، لم تحافظ أنقرة بعد عام 2011 على وجودها الاقتصادي في غرب ليبيا فحسب، بل زادت أيضا. كما نما التعاون العسكري بين البلدين بشكل مماثل".

في غضون ذلك، على خلفية استقالة مدوية، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو: إن موسكو وأنقرة على وشك التوصل إلى اتفاق بشأن معايير وقف إطلاق النار في ليبيا.

مصير حفتر

أما بخصوص الجنرال خليفة حفتر، فيقول الكاتبان: إن الخبراء الدوليين، يقولون إنه من غير المجدي انتظار استقالة خليفة حفتر في المستقبل المنظور، وبما أن "القائد العام للجيش الوطني الليبي" ليس منصبا انتخابيا وليس منصبا سياسيا، فإن حفتر  يواصل الحفاظ على مستوى نفوذه.

وشدد الخبراء السياسيون أنه "على خلفية الإصلاح المرتقب للخريطة السياسية لليبيا وفقا لأنماط رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، فإن المشير (حفتر) قد يذهب إلى الظل".

ورأى الكاتبان أن روسيا تعمل مع تركيا لإقرار هدنة في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا، مؤكدين أن  المستشرق فياتشيسلاف ماتوزوف يعتقد أن صالح هو الذي سيصبح على رأس ثلاثية سياسية جديدة في ليبيا. ووفقا له، فإنه يتمتع بالدعم داخل البلاد وبين اللاعبين الخارجيين، فقد تم دعم مقترحاته لتشكيل مجلس رئاسي وتشكيل حكومة جديدة في القاهرة وموسكو وواشنطن.

وذكر الكاتبان، أن الاستقالة المخطط لها لا تعني أن رئيس الوزراء سيترك السياسة بالكامل. على الأرجح، هذا رحيل مؤقت إلى وظائف أخرى. على أي حال، سيسلم شؤونه لأقرب مناصريه. علاوة على ذلك، سيزداد دور الإخوان المسلمين هناك، حسبما أفاد المستشرق رولان بيدزاموف في مقابلة مع "إزفستيا".

وفي عام 2015 عيّن فايز السراج رئيسا لوزراء حكومة الوفاق الوطني- المعترف به دوليا- بعد اتفاقيات الصخيرات. وفي 23 ديسمبر / كانون الأول 2015، تبنى مجلس الأمن الدولي القرار 2259، الذي وافق على هذه الاتفاقات كعنصر أساسي في حل الأزمة الليبية الداخلية.

وأكد الكاتبان أنه بإصرار من روسيا، تضمنت الوثيقة بنودا "تضمن إمكانية انخراط تلك القوى الليبية المؤثرة التي رفضت لأسباب مختلفة التوقيع على الاتفاق السياسي". ومن بين هذه القوى مجلس النواب (برلمان طبرق) الذي يرفض الموافقة على حكومة الوفاق بحجة أنها لا تمثل مصالح جميع القوى والأقاليم السياسية الليبية.