بعد اتفاق أبوظبي وتل أبيب.. هذه السيناريوهات المحتملة بالشرق الأوسط
.jpg)
تحدثت مجلة إيطالية عن السيناريوهات المستقبلية الممكنة في الشرق الأوسط بعد إعلان تطبيع العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل بوساطة أميركية.
وقال محلل معهد الدراسات السياسية الدولية "جوزيبي دانتشي" لمجلة فورميكي: إن الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل إنجاز سياسي مهم للولايات المتحدة، ونقطة يمكن من خلالها الخوض في تفكير أعمق، خاصة وأن الاتفاق يمثل إشارة مرسلة إلى الصين وروسيا.
كما يؤكد، بحسب رأيه، على استمرارية الإستراتيجية الأميركية الكبرى في التعامل مع الشرق الأوسط وركائزها (الشراكة مع إسرائيل والوجود الجغرافي الإستراتيجي في الخليج العربي).
من جانبه، كتب "بلال صعب"، الباحث في معهد الشرق الأوسط، في مجلة "فورين بوليسي''، أن "الشرق الأوسط ككل سيستفيد بالتأكيد من أي تهدئة للتوترات وأي دبلوماسية إيجابية".
لكن من سيخرج أقوى من الاتفاق هو إسرائيل، بحسب مجلة فورميكي الإيطالية.
من ناحية أخرى، شكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي وحكومتي سلطنة عمان والبحرين على دعمهما للاتفاق "التاريخي"، وهذا ما يفسر البعد الإقليمي له.
ضم الضفة
وفي الوقت نفسه، هناك الكثير من المغالطات والروايات السياسية من أبوظبي حول حقيقة أن الاتفاق مع الإسرائيليين يخدم مصلحة الفلسطينيين، ويعيد إمكانية قيام دولتين ويوقف خطط ضم الضفة الغربية (لكنه في الحقيقة، كما هو محدد أيضا من قبل الولايات المتحدة، يقوم بتجميدها).
ويشير المحلل الإيطالي دانتشي إلى أن "إسرائيل كانت قد قالت إنها لن تسعى إلى فرض السيادة على الضفة الغربية، لكن من غير المؤكد أنها ستوقف عمليات الضم".
وبالتالي كما يقول صعب: "إسرائيل تحصل على إضفاء الطابع الرسمي على الوضع الإقليمي الراهن، وتجني ما كانت تتوق إليه". وفي البيان المشترك بشأن الاتفاق، كانت هناك إشارة إلى حظر المزيد من عمليات الضم، لكن دون الإشارة إلى تلك الموجودة بالفعل المعترف بها.
وبحسب المحلل الإيطالي، يجب توضيح سوء فهم نشأ عن الإعلان، حيث يقول في هذا الصدد: إن "هذا ليس اتفاق سلام، لأن اتفاق السلام كان بين إسرائيل ومصر أو الأردن، وهي دول دافعت عن القضية الفلسطينية، وجعلتها قضيتها الأولى لأسباب تاريخية وثقافية".
لكن ما توصلت إليه إسرائيل والإمارات هو اتفاق بشأن تطبيع العلاقات، وفق قوله.
وبفضل هذه المسافة بالتحديد عن القضية الفلسطينية التي تشكلت على مر السنين (أيضا في السياسة الخارجية الإماراتية)، أوجدت أبوظبي مساحات لبدء تقارب في المصالح التكتيكية والإستراتيجية مع إسرائيل في ملفات متعددة.
وبعيدا عن الشكل، ينبغي النظر إلى الجوهر لفهم الآثار المترتبة لهذا الاتفاق الذي وصفته وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم بالتاريخي.
براغماتية سياسية
يضيف دانتشي: "ترى إسرائيل في الإمارات نوعا من القفل للتسرب إلى العالم العربي، وهي أولوية يمكن الوصول إليها مع الإماراتيين بشكل أفضل من المصريين أو الأردنيين لأنه في حالة هذين البلدين، يُنظر إلى العلاقات على أنها تهدف إلى سلام بارد فقط في السياق الإسرائيلي الفلسطيني وفي ملفات محدودة أكثر".
ولكلا الطرفين مصالح من نوع آخر، فعلى سبيل المثال، تمكنت إسرائيل من تطوير علاقة واسعة مع دولة ذات نمو اجتماعي واقتصادي قوي بشأن قضايا مثل تكنولوجيا المعلومات.
وهذه الاتفاقيات لها نفس الأهمية بالنسبة للإمارات لأنها ستساعدها في سياق التنويع الاقتصادي فضلا عن موضوع الأمن والاستخبارات وفقا للمجلة.
ويوضح دانتشي قائلا: إنه "يبدو أن عنصر إنشاء بنية أمنية ذات وظيفة معادية لإيران أصبح حاليا عاملا ملحا نسبيا".
وترى المجلة أن المشاكل السياسية الداخلية لإيران، والتداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا، والقيود التجارية بسبب العقوبات، بالإضافة إلى بناء جبهة في الأمم المتحدة، والتي تمتد من الولايات المتحدة وإسرائيل إلى العالم العربي، لتمديد حظر السلاح تضع طهران في مأزق خطير.
وبعد أن ضعفُت، يُنظر إليها في البراغماتية السياسية على أنها عدو أبدي ولكن ليس عاجلا، لدرجة أنه في الأيام الأخيرة كان لوزيري الخارجية الإماراتي والإيراني مكالمة وجها لوجه عبر تقنية الفيديو.
وبحسب المحلل الإيطالي، الأولوية بالنسبة للخليج العربي على الأقل في الوقت الحالي، هي تركيا، الناشطة للغاية في مناطق مختلفة من المنطقة.
وهنا يساعد الاتفاق أبوظبي على احتواء المبادرات التركية ويساعد إسرائيل أيضا، التي من الصحيح أنها تنظر إلى أنقرة كشريك اقتصادي محتمل ، لكنها لن تكون شريكا سياسيا في سيناريو دائم التطور مثل البحر الأبيض المتوسط (التنقيب عن النفط).
وبهذا الاتفاق ستسمح إسرائيل لنفسها بالسيطرة على التوجهات العسكرية التركية عبر التوازن الإماراتي، وفق رأي المحلل.