مهريبان علييفا.. السيدة الأولى و"المرأة الحديدية" في أذربيجان

12

طباعة

مشاركة

مهريبان علييفا، نائبة الرئيس والسيدة الأولى في أذربيجان، هي رابع شخصية تناولتها صحيفة "لوتون" السويسرية في ملفها الذي خصصته لعدد من زوجات الزعماء المستبدين حول العالم.

تساءلت الصحيفة في بداية تقرير لها خصصته لهذه المرأة التي نشأت في عائلة باشاييف النافذة في البلاد: هل تمتلك السيدة الأولى القوية لأذربيجان طموحات وراء قناعها؟

وقالت "لوتون" الناطقة بالفرنسية: عادة ما ينشر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي "إنستجرام" افتتاح المدارس أو المستشفيات الممولة من قبل مؤسستها، أو زياراتها للمتاحف في الخارج، وأيضا المظهر الشبابي والأنيق لـ"باربي السمراء". 

وأضافت: "لكن التوتر المتجدد الذي وقع قبل بضعة أيام في ناغورنو كاراباخ- في إشارة إلى النزاع بين أرمينيا وأذربيجان حول هذا الإقليم- دفع النائبة الأولى للرئيس إلى كتابة رسالة لنحو 450 ألف مشترك على حسابها.

وقالت مهريبان في رسالتها: "الشعب الأذربيجاني لن يقبل الاحتلال أبدا! أرضنا ونضالنا من أجل الوطن مقدسة، لقد تم إرجاع العدو للخلف وسيظل دائما كذلك! [...] الله يحمي أذربيجان وشعبنا".

وبحسب الصحيفة، فإن هذا الخطاب لا يحمل أي جديد في هذا الجانب، حيث لا يزال التنديد بأرمينيا هو الأساس لأي خطاب سياسي، لكنه كاف لإحياء الشائعات حول خطط مهريبان علييفا، التي بعد أن كانت زوجة الرئيس فقط منذ عقود، تأخذ حاليا مكانا متزايدا في باكو. 

دبلوماسية الكافيار

وتابعت: "فمن أجلها أنشأ إلهام علييف منصب نائب الرئيس عام 2017، وإذا استقال فستخلفه. فهل هي في طريقها لتولي السلطة بأجندة سياسية خاصة بها؟ أم أنها تشغل المنصب فقط، حتى الوقت المناسب لإعداد ابنها الأخير لخلافة الأب؟ حيث يمكن أن يؤدي انخفاض سعر النفط إلى تعديل البطاقات.

وأوضحت "لوتون" أن السلطة مسألة عائلية في أذربيجان، تحكمها عائلة علييف بقبضة حديدية لأكثر من أربعين سنة.

وانتخب حيدر علييف (والد إلهام)، الذي كان جنرالا سابقا في جهاز الاستخبارات السوفيتي "كي جي بي"، رئيسا للبلد عام 1993، وكان يسعى لتسليم البلاد لابنه قبل وفاته، ومنذ عام 2003، يحكم إلهام علييف البلاد، التي ربما تنتظر زوجته (خلافته).

ولفتت الصحيفة إلى أن النفط والغاز عزز من مستويات المعيشة مع فنادقه الخمسة، لكن الفساد منتشر، ففي عام 2017، أدانت مكافحة الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP) ما أسمته بدبلوماسية الكافيار.

وهذه القضية تعود لـ 2017، ومعروفة في الأوساط الدبلوماسية والصحفية، وهي فضيحة هزت الأوساط السياسية الأوروبية على خلفية توجيه اتهامات لنواب من الجمعية البرلمانية التابعة لمجلس أوروبا لحصولهم على هدايا ومكافآت من السلطات الأذربيجانية.

وبحسب "لوتون" فإن القمع هائل ضد المدونين والصحفيين والمعارضين في أذربيجان الذين اضطر الكثير منهم للذهاب إلى المنفى، مشيرة إلى أنه كدليل على أن هذا البلد "واحد من أعنف الديكتاتوريات"، تمت مقاضاة الصحفية الفرنسية إليز لوسيه بتهمة التشهير من قبل أذربيجان عام 2015 (وانتهت الشكوى بعدم القبول).

وتقول الصحيفة: إن مهريبان مثل زوجها، تنحدر من عائلة قوية للغاية، وهي الباشاييف، الذين قاموا بأعمال تجارية هائلة في الاتصالات والبنوك والعقارات. 

لكن على موقعها الإلكتروني، تفضل أن تقول سيدة أذربيجان الأولى، إنها تأتي من عائلة مثقفة، وهذا صحيح أيضا إذ كانت والدتها أول أمرأة تحصل على الدكتوراة في الأدب العربي بالبلاد. 

ولدت مهريبان عام 1964، وهي طبيبة عيون، تدربت في موسكو، وكانت في التاسعة عشر من عمرها عندما تزوجت إلهام علييف، وعلى مدار أكثر من خمسة وثلاثين عاما من الزواج، أنجبت ثلاثة أطفال ما يجعل السلطة مستمرة لدى العائلة.

وجه متجمد

ونوهت "لوتون" بأن قوة المال تأتي في المقام الأول،  فبحسب برقيات دبلوماسية أميركية نشرها جوليان أسانج مؤسس موقع ويكيليكس "يبدو أن السيدة مهريبان علييفا قد خضعت لعدد من العمليات التجميلية، ربما في الخارج. فعلى التلفزيون، وفي الصور، وعندما نراها في الحياة الواقعية، فإن وجهها المتجمد غير قادر على إظهار بعض التعبيرات".

أما في الخارج، فتعتبر مهريبان الورقة الساحرة للإستراتيجية الدبلوماسية للبلاد، فهي أنيقة، ومتعددة اللغات كما ظهر خلال زيارة واشنطن، وقصر الإليزيه، ومتحف أورساي، والفاتيكان، والمنتدى الاقتصادي العالمي، وصالات عرض لندن المتطورة.

كما أنها حصلت على جوائز في روسيا، وفي أوروبا قدم لها الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي وسام جوقة الشرف (تم إطلاق عريضة هذا العام لسحبه منها)، وكذلك في سويسرا حصلت على جائزة من منظمة الصحة العالمية، من قبل مؤسسة منتدى كرانس مونتانا، وهي أيضا سفيرة النوايا الحسنة لليونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة)، والإيسيسكو، نظيرتها الإسلامية. 

وداخليا، تدير مهريبان المؤسسة، التي أطلق عليها اسم والد زوجها، "مؤسسة حيدر علييف"، وتركز على دراسة وعقد الأحداث لتعزيز أيديولوجية حيدر علييف السياسية، غير أن الصندوق الخيري الذي أنشأته هو سبب شهرتها. 

وذكر تقرير في عام 2014 صادر عن وكالة أنباء أذربيجانية وبثته شبكة سي إن إن الأميركية أن "جميع الفتيات الصغيرات يعشقونها ويريدن تقليدها".

وذكرت "لوتون" أن سيدة أذربيجان الأولى، التي لديها قناة على يوتيوب، وأيضا حساب على إنستجرام، وموقع على شبكة الإنترنت، وتشغل كذلك منصب نائب رئيس "يني أذربيجان" (أذربيجان الجديدة) الحاكم، هي أقوى امرأة في البلاد. 

وتساءلت: هل تريد هذه السيدة ذات يوم أن تغير المشهد بطريقتها الخاصة؟، مشيرة إلى أنه بحسب الصحفي والمدون أرزو جيبولا، المقيم في إسطنبول، فإن الأشخاص الذين أحضرتهم إلى الحكومة هم من التكنوقراط، والمتعلمين جيدا، وربما أقل فسادا، وأكثر حداثة، على الأقل من الخارج. 

وأضاف:"ربما سيفاجؤوننا ذات يوم، ولكن حتى الآن لا توجد إشارة، والحقيقة هي أننا لا نعرف شيئا عما تفكر فيه مهريبان خلف وجهها المتجمد".