رغم صور قيصر.. لماذا يصمت العالم العربي على جرائم الأسد؟

إسطنبول - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

أعاد ناشطون على موقع تويتر، تداول الصور التي سربها عسكري سوري منشق في عام 2014، والتي توثق تعرض معتقلين سوريين للتعذيب حتى الموت على يد قوات نظام بشار الأسد.

وبدأ عرض الصور بعد قرابة الأسبوع من دخول "قانون قيصر" الأميركي حيز التنفيذ في 17 يونيو/حزيران 2020، ويقضي بفرض عقوبات على النظام السوري بسبب جرائم في حق السوريين،.

وفي عام 2014 جلس "قيصر"، وهو الاسم الرمزي لمصور عسكري سابق عمل مع الشرطة العسكرية للنظام السوري، أمام أعضاء من الكونغرس الأميركي وشرح لهم مضامين 55 ألف صورة تكشف عن جرائم قتل وعمليات تعذيب منظمة أقدم عليها نظام الأسد.

الصور التي يقول قيصر إنه قد هرّبها خارج البلاد تظهر ألوف الجثث التي جرى اقتلاع أعينها، وجثث أخرى بترت أطرافها وفظاعات أخرى مورست في مراكز الاعتقال السورية، كما تأكد المحققون من حقيقة الصور رغم إعلان وزارة العدل التابعة للنظام السوري أنها مزورة.

وتداول ناشطون عبر حساباتهم الشخصية وتغريداتهم على وسم #صور_قيصر، شهادات ذوي المعتقلين الذين تعرفوا على صور أبنائهم وأقاربهم بين آلاف الضحايا التي تظهر عليهم آثار التعذيب، معربين عن تعاطفهم معهم وتقديرهم لصعوبة الموقف. 

واستنكر هؤلاء غياب الموقف العربي والإنساني المتضامن مع الشعب السوري، بالرغم من إثبات جرائم النظام السوري عبر آلاف الصور، معلنين موت جامعة الدول العربية والضمير العالمي.

ملاحقة القتلة

وشدد ناشطون على ضرورة ملاحقة رموز النظام السوري والداعمين له، وإنقاذ باقي المعتقلين في سجون الأسد حتى لا يلقوا نفس المصير، مؤكدين أن الصور المتداولة صادمة وتدمي القلوب.

وقال الكاتب ياسر الزعاترة: "لا بد من ملاحقة القتلة في كل مكان وبكل وسيلة ممكنة، ثارات سوريا ستظل تلاحق القتلة بلا توقف". 

ودعا د. عبد المنعم زين الدين -منسق عام بين فصائل الثورة السورية، كل الناشطين والشرفاء والأحرار، لمظاهرات حاشدة، ووقفات احتجاجية، داخل سوريا وخارجها، يوم الجمعة القادم 26 يونيو/حزيران للمطالبة بمحاسبة عصابة الأسد، وإنقاذ ما تبقى من المعتقلين السوريين في مسالخه الوحشية. 

وأكد محمد الضبياني أن صور #قيصر تسبب فاجعة في كل بيت سوري، ووصف محتواها بأنه "جرائم مروعة وإرهاب إيراني أسدي بحق أنبل شباب سوريا ورجالها..".

رفض المصالحة

وسخر ناشطون من استمرار الموالين للأسد في الدفاع عنه، رغم ما تثبته صور قيصر المسربة، ووصفوهم بالمجرمين، معلنين رفضهم لكل الأصوات التي تطالب الثورة السورية بالمصالحة مع النظام الأسدي.

واعتبر أحمد موفق زيدان الكاتب والإعلامي السوري، كل من تردد ويتردد ويدعم أو يطالب الثورة بالتصالح مع عصابة طائفية مجرمة قاتلة بعد كل هذه الصور التي سربها #قيصر شريك حقيقي في قتل السوريين على مدى عشر سنوات، مضيفا: "لن نغفر ولن ننسى ولن نستمح.. ما تسرّب قمة جليد معاناتنا". 

وأشار السياسي والإعلامي السوري عمر مدنية، إلى أن إحدى شبيحات الأسد على القنوات الموالية قالت: إن تسريب قيصر لصور الـ55 ألف شخص المقتولين تحت التعذيب هي خيانة للوطن، مستطردا: "تسريب الصور خيانه؛ قتل هؤلاء بدم بارد دافع عن الوطن! (مجرمون)".

ووصف أحدهم صور قيصر بأنها "هلوكوست العصر"، جازما بأنها "جزء صغير من ما يعاني منه أضعاف مضاعفة من السوريين في المعتقلات". وتعجب قائلا: "كل هذا الدمار والتهجير وقتل الأطفال والنساء لم تؤثر بضمائركم!".

صمت عربي 

وهاجم ناشطون الأنظمة العربية والغربية والمنظمات الحقوقية التي تجاهلت المسالخ البشرية والمحارق الإنسانية التي نفذها الأسد وما زال بحق السوريين، مستنكرين "خذلانهم لدماء المسلمين".

وأشاروا إلى أن الأرقام الحقيقية لجرائم الأسد وعدد المسالخ البشرية التي يملكها النظام السوري لا أحد يعلمها، مذكرين بأن هذه الصور التقطت في الفترة منذ 2011 وحتى تسريبها في 2014 ولكن إجرام الأسد ما زال مستمرا حتى هذه اللحظة. 

واستنكر أحد المغردين قائلا: "55000 صورة وحشية لسجناء قتلوا في زنازين التعذيب في سجون نظام بشار، ولم نسمع صوتا عربيا واحدا يشجب ويستنكر، مثلما سمعنا أصواتهم ورأينا دموعهم عند دفاعهم عن أكراد صالح مسلم وعند أي أقلية تدعي بأنها مضطهدة كالأزيديين في العراق!؟". 

وقال علي العنزي: إن التاريخ سيذكر أن العرب تعاطفوا مع أنثى الفيل –في إشارة إلى نفوقها منفجرة في الهند بعد إطعامها بفاكهة بها مفرقعات-، أكثر من #صور_قيصر، مضيفا: "55000 شهيد لم تهزهم.. #الجامعة_العربية  لا تمثلني".

وكتب مأمون بن كامل الضبع: "#صور_قيصر ستمر مرور الكرام، حالهم حال من كان قبلهم من المسلمين، لن نرى تعاطف من العالم.. عفوا، بل لن نسمع أصواتا ممن يُحسبون من أبناء جلدتنا الذين رأيناهم يتباكون على أنثى الفيل، رحم الله إخواننا الشهداء في سوريا وغفر لهم وأهلك طاغيتهم ومن عاونه".

وقال فهد الخمسان: "55 ألف صورة تم تسريبها عن جرائم نظام البعث المجرم بشار في سوريا لم نر استنكارا من الجامعة العربية ولا الدول الإسلامية"، مستطردا: "متى ما أراد الغرب أن يتحدثوا ويستنكروا سوف يفعلون ذالك !!".

يشار إلى أن صور قيصر نشرت علنا للمرة الأولى في يناير/ كانون الثاني 2014 بعد ستة أشهر من تمكن "قيصر" من الفرار من سوريا في يوليو/تموز 2013، وتشمل 55 ألف صورة لـ11 ألف معتقل قتلوا تحت التعذيب في سجون النظام السوري.

وأقر مجلس الشيوخ الأميركي في 17 ديسمبر/كانون الأول 2019 قانون "قيصر" الذي ينص على فرض عقوبات على النظام السوري، وداعميه الإيرانيين والروس، وكل شخص أو جهة، أو دولة تتعامل معه، وذلك بعد أربعة أعوام من تقديمه.

وبدأت الولايات المتحدة في 17 يونيو/حزيران، تطبيقه وفرض عقوبات تهدف إلى حجب إيرادات للنظام السوري منها عقوبات على 39 كيانا سوريا بما في ذلك بشار الأسد وزوجته، ورجل الأعمال محمد صابر حمشو، وأحمد صابر حمشو، وماهر الأسد شقيق بشار، وفرقته الرابعة في الجيش، وقائديه غسان علي بلال وسامر الدانا، ولواء "الفاطميون".

وأدرجت أيضا بشرى ومنال الأسد (الأخيرة زوجة ماهر)، وعمر وعلي وسمية حمشو، ورانيا الدباس على قائمة العقوبات.

وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد أكدت صحة الصور التي سربها "قيصر" وأصدرت تقريرا في ديسمبر/كانون الأول 2015 بعنوان "لو تكلم الموتى: الوفيات الجماعية والتعذيب في المعتقلات السورية". 

ويذكر أن لجنة تحكيم جائزة نورنبرغ الألمانية منحت "قيصر" جائزتها لعام 2017 لأنه أراد بهذه الصور "ألا تظل انتهاكات حقوق الإنسان الموثّقة دون عقاب".