4 مرات خلال 3 سنوات.. لماذا فشل "المجلس الانتقالي" في انقلاباته باليمن؟

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في خطوة بدت مرتبكة، واستنساخا لما تقوم به ميلشيات اللواء الانقلابي خليفة حفتر في ليبيا، من إصدار بيانات متتالية لانطلاق ساعة الصفر، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا بمدينة عدن في اليمن، بيان إعلان ما سماها "الإدارة الذاتية" للجنوب.

فرغم إعلان المجلس الانتقالي الحكم الذاتي للمحافظات الجنوبية، فإن 6 محافظات من إجمالي 8 محافظات جنوبية رفضت البيان، وقالت: "إن هذا تصعيد مرفوض، وإنها ملتزمة بشرعية الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي التي نص عليها اتفاق الرياض".

محافظو كل من حضرموت، شبوة، المهرة، سقطرى، أبين، ولحج، أصدروا بيانات متتالية أوضحوا فيها موقفهم من بيان المجلس الانتقالي بإعلان الإدارة الذاتية للمحافظات الجنوبية، ورفضوه شكلا ومضمونا، وعدوه انقلابا على الاتفاقات السابقة.

اللجنة الأمنية بمحافظة شبوة قالت في بيانها: "رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي هو الوحيد المخول بإعلان حالة الطوارئ، ولا يحق لغيره ممارسة هذا الإعلان".

وأضافت: "نرفض ما جاء في بيان الانتقالي الجنوبي جملة وتفصيلا، لا يمكن للمليشيات أن تكون بديلا للدولة ومؤسساتها".

في حين اعتبرت السلطة المحلية بمحافظة حضرموت (كبرى محافظات الجنوب)، إعلان الانتقالي خرقا للشرعية واتفاق الرياض"، وقالت في بيانها: "محافظة حضرموت وسلطتها المحلية تقف صفا واحدا خلف القيادة السياسية ورئيسها عبدربه منصور هادي".

وكذلك الحال في السلطة المحلية بمحافظة المهرة، التي أعلنت تمسكها بالرئيس هادي، واعتبرت إعلان المجلس الانتقالي "انقلابا على اتفاق الرياض، وتكريسا للأزمة القائمة في البلاد".

وفي موقف مماثل، أعلنت السلطات بمحافظتي أبين وسقطرى في بيانين منفصلين، رفضهما إعلان المجلس الانتقالي إدارة ذاتية للجنوب، ودعتا إلى "ضرورة التمسك بشرعية الرئيس هادي".

الانفصال الرابع

إعلان الانتقالي حكما ذاتيا في الجنوب، جاء في وقت متأخر من مساء السبت 25 أبريل/نيسان 2020، وهو الإعلان الرابع منذ تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي منتصف عام 2017.

الإعلانات الأربعة كانت جميعها في مؤتمرات وعبر بيانات، لكن أبرزهم جاء في خطاب التأسيس بساحة العروض عام 2017، حينما أعلن عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي، الإدارة الذاتية للمحافظات الجنوبية بجميع الموارد، ووجه الجيش الجنوبي للقيام بدوره في تنفيذ هذا الإعلان، حد قوله.

ذلك الإعلان المتكرر بالحكم الذاتي، جعل متابعين يقللون من أهميته، رغم كونه محاولة لإعلان الانفصال، وكشف في نفس الوقت عن تخبط الانتقالي المدعوم من قبل الإمارات، مذكرا بموقف مماثل لميلشيا حفتر المدعومة من قبل الإمارات أيضا، والتي أعلنت عدة مرات ساعة الصفر لما سمته تحرير طرابلس..

أضعف حالاته

الإعلان الرابع، جاء في وقت يعيش فيه الانتقالي أضعف حالاته، سياسيا وعسكريا وقبليا وشعبيا، فمن الناحية السياسية، فإن المجلس الانتقالي محاصر باتفاق الرياض، وبعض قادته ممنوعون من العودة إلى عدن، بموجب تفاهامات بين السعودية والإمارات.

ومن الناحية العسكرية يعيش الانتقالي في حالة دفاع، فجيش الحكومة الشرعية يقف على بعد 40 كيلومترا فقط من حدود العاصمة المؤقتة عدن، في حال الوصول لقناعة بانهيار اتفاق الرياض بشكل كلي.

وقبليا، أعلنت عدة قبائل مساندتها لمحافظات الجنوب، وأصدرت مرجعية قبائل حلف حضرموت بيانا أعلنت فيه تأييدها لبيان محافظ حضرموت الذي يقضي برفض إعلان الانتقالي الجنوبي.

وشعبيا، فإن مدينة عدن في حالة غليان واسع، حيث اندلعت مظاهرات تتهم الانتقالي بالتنصل من الخدمات، خصوصا بعد السيول التي أغرقت المدينة.

ورجح متابعون، أن الإعلان موجه في المقام الأول لجماهير عدن، في محاولة من المجلس لكبح جماح الاحتجاجات التي تتسع يوما بعد يوم وتهتف ضده، خصوصا أن الانتقالي يعتقد أن المظاهرات في عدن انقلاب مدبر ضده، يأتى بالتنسيق مع الحكومة الشرعية للضغط عليه من الداخل، ولديه مخاوف من أن يفقد عدن

مأزق سياسي

إعلان الانفصال الأخير اعتبره البعض خطوة تكميلية لعلمية الانقلاب التي نفذها المجلس الانتقالي في أغسطس/آب 2019، بدعم مباشر من أبوظبي، لكن الفترة منذ أغسطس/آب 2019، وحتى الآن، كانت كفيلة بخلق حالة من عدم الثقة بالمجلس الانتقالي لدى المكونات الشعبية والسياسية التي كانت تابعة للمجلس، ما جعل المجلس يواجه مأزقا سياسيا غير مسبوق.

فمنذ سيطرة الانتقالي على عدن، شهد المجلس استقالات بالجملة، بدأت في ديسمبر/كانون الأول 2019، باستقالة أكثر من 30 عضوا وقياديا، 24 منهم قدموا استقالاتهم في أسبوع واحد، في حدث عصف بالمجلس منذ إنشائه منتصف 2017.

كان أبرز المستقيلين مستشار رئيس الجمعية العمومية للمجلس الانتقالي نديم حسن النقيب، الذي أعلن أن سبب استقالته هو "انحراف اتجاه بوصلة المجلس الانتقالي الجنوبي ومشروعه نحو أهداف أخرى غير التحرير والاستقلال"، في إشارة إلى خدمة المجلس الانتقالي للأجندة التي تسعى إليها أبوظبي في عدن والمحافظات الجنوبية.

تسببت تلك الاستقالات في حدوث تصدعات وتفككات داخل البنية السياسية للمجلس، وأثرت على مستقبله في الحصول على مقاعد ضمن الحكومة القادمة التي سيتم تشكيلها بناء على اتفاق الرياض.

كما شهد المجلس هجوما من قبل فصائل وكيانات سياسية جنوبية أخرى، تتهمه بتقديم نفسه كممثل حصري ووحيد للجنوب، ومحتكرا حق تمثيل الحكومة، مستبعدا كل المكونات السياسية الأخرى، بما فيها الحراك الجنوبي، أقدم كيان سياسي طالب بتسوية القضية الجنوبية.

علاوة على ذلك، فقد الانتقالي الحاضنة الشعبية وتأييد الشارع، حيث خرجت مظاهرات غاضبة واحتجاجات شعبية تحمل المجلس الانتقالي مسؤولية تدهور الأوضاع وتردي الخدمات بشكل غير مسبوق، ما ضاعف من حالة عدم الثقة وتغير مزاج الشارع الجنوبي.

السيول التي أغرقت مدينة عدن مؤخرا، وتسببت في انقطاع التيار الكهربائي بشكل كلي، وتضرر أكثر من 2000 أسرة، ومقتل وإصابة أكثر من 33 شخصا، في وقت يستمر الانتقالي بمنع الحكومة الشرعية من العودة لممارسة مهامها، تسبب بحالة غليان شعبي في محافظة عدن على وجه الخصوص.

لغة تصالحية

ومع أن كثيرين يقللون من أهمية إعلان الانتقالي الجنوبي الانفصال، إلا أن ذلك الإجراء دفع الحكومة الشرعية لمطالبة السعودية بتحمل مسؤوليتها التاريخية تجاه وحدة وسلامة أراضي الجمهورية اليمنية.

الحكومة الشرعية، أصدرت بيانا، نشرته وكالة سبأ الرسمية، قالت فيه: إن "إعلان المجلس الانتقالي يعد تمردا واضحا على الشرعية، وانقلابا صريحا على الاتفاق الذي رعته الرياض، وحملت الانتقالي وقيادته الموجودة في أبوظبي مسؤولية فشل الاتفاق".

عقب ذلك، أصدر التحالف بيانا طالب فيه الانتقالي بـ"إلغاء الإعلان وعودة الأوضاع إلى طبيعتها"، داعيا إلى "إيقاف أي تصعيد وسرعة العودة لاستكمال تنفيذ اتفاق الرياض".

ورغم دعوة التحالف، الانتقالي، إلى إلغاء إعلانه الانفصالي الأخير، إلا أن متابعين أبدوا انزعاجهم مما اعتبروه لغة تصالحية تضمنها بيان التحالف.

وفي حديث للاستقلال قال المحلل السياسي ياسين التميمي: "لغة البيان الذي أصدره التحالف كانت مرنة ومتصالحة مع إعلان المجلس الانتقالي الإدارة الذاتية للمحافظات الجنوبية، وكان يفترض أن يرفض التحالف ذلك الإعلان من حيث المبدأ، لا أن يدعو لإلغاء ذلك الإعلان، وكأنما الإعلان صادر عن كيان شرعي".

وأضاف التميمي: "التحالف استغرق في بيانه في الدفاع عن نفسه، وإثبات أنه حاول الدفع لتنفيذ اتفاق الرياض، وحمل السلطة الشرعية والانتقالي مسؤولية تنفيذ هذا الاتفاق، من غير تسمية الطرف المعرقل، مع العلم بأن الانتقالي هو الطرف الذي يستمر بمنع عودة الحكومة الشرعية إلى عدن لتأدية مهامها".

وتابع التميمي: "يجب حالا على الحكومة الشرعية أن تعلن بأن التحالف يستهدف وجودها ويستهدف الدولة اليمنية، ويتصرف على الضد من قرارات المجتمع الدولي الصادرة من مجلس الأمن، وعلى الضد من المبادرة الخليجية، وكل أسس العملية السياسة في اليمن، والتي أتاحت لهذا التحالف بأن يتدخل على الساحة اليمنية".

اتفاق الرياض

في أغسطس/آب 2019 وقعت اشتباكات بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، والقوات التابعة للحكومة اليمنية في محافظة عدن، نتج عنها سيطرة المجلس الانتقالي على عدن ومناطق أخرى.

بعدها دعت السعودية طرفي النزاع للحوار في مدينة جدة ومناقشة الخلافات لتوحيد الصف والتصدي لميليشيا الحوثي، كما شاركت الإمارات في هذه المفاوضات التي بدأت في 20 أغسطس/آب حتى 24 أكتوبر/تشرين الأول 2019.

وفي 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، تم توقيع اتفاق الرياض بالعاصمة السعودية، برعاية الملك سلمان بن عبدالعزيز، وحضور ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، ومثّل الحكومة اليمنية في توقيع الاتفاق سالم الخنبشي، فيما مثّل المجلس الانتقالي الدكتور ناصر الخبجي.

أكد الاتفاق على عدد من البنود، من أبرزها: تفعيل دور كافة سلطات ومؤسسات الدولة اليمنية، وإعادة تنظيم القوات العسكرية تحت قيادة وزارة الدفاع، وإعادة تنظيم القوات الأمنية تحت قيادة وزارة الداخلية.

كما نص أيضا على الالتزام بحقوق المواطنة الكاملة لكافة أبناء الشعب اليمني ونبذ التمييز المناطقي والمذهبي ونبذ الفرقة والانقسام، وإيقاف الحملات الإعلامية المسيئة بكافة أنواعها بين الأطراف، وتوحيد الجهود تحت قيادة تحالف دعم الشرعية لاستعادة الأمن والاستقرار في اليمن، ومواجهة التنظيمات الإرهابية.

كما نص على تشكيل لجنة تحت إشراف تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية تختص بمتابعة وتنفيذ وتحقيق أحكام الاتفاق وملحقاته، كما تضمن الاتفاق مشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي في وفد الحكومة لمشاورات الحل السياسي النهائي لإنهاء انقلاب الميليشيا الحوثية المدعومة من النظام الإيراني.