مؤرخ تركي: إعلان "إسرائيل" يهودية يهدد السلام العالمي

12

طباعة

مشاركة

في عصر الثاني عشر من مارس/آذار الجاري، وفي تصعيد خطير، طلبت قوات الاحتلال الإسرائيلية من المرجعيات الدينية الفلسطينية مغادرة المسجد الأقصى مهددة باستخدام القوة ضد رجال الدين.

وقالت دائرة الأوقاف في القدس في بيان إن "أعدادا كبيرة من شرطة الاحتلال اقتحمت ساحات المسجد الأقصى واعتدت على من فيه بالضرب بعد اندلاع حريق في غرفة تابعة للشرطة في المسجد".

وأخلت السلطات الإسرائيلية المسجد الأقصى المبارك من كل الموظفين والمصلين وطلبة المدارس الشرعية، وأوصدت جميع أبوابه، ولم تسمح برفع أذان المغرب، حسب البيان.

الحدث أثار حالة من الاستياء والغضب لدى المسلمين، وهو ما دفع المؤرخ التركي "زكريا قورشان" لكتابة مقال في صحيفة يني شفق التركية تحت عنوان "إعلان إسرائيل يهودية يهدد السلام العالمي".

وبحسب المؤرخ التركي، "بات السيناريو الذي تقوم به الشرطة الإسرائيلية خلال اليومين الماضيين مكشوفًا، حين أغلقت أبواب المسجد الأقصى ومنعت الأذان فيه بحجة السيطرة على حريق اندلع في أحد نقاط التفتيش التابعة للاحتلال، على مسمع ومرأى من العالم كله سيما الولايات المتحدة التي تدعم مثل هذه الخطوات".

قورشان مضيفا، أن "هذه الإجراءات التي تهدد المسجد الأقصى تأتي إلى جانب إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أن إسرائيل دولة يهودية الأمر الذي لا يهدد سلام المنطقة فحسب، بل يهدد أيضًا السلام العالمي".

وحسب المقال "لا يكتفي نتنياهو بذلك، بل يصر على أن يفتري على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على مسمع ومرأى العالم وأجمع من خلال استخدامه لوسائل التواصل الاجتماعي، مدعيًا في الوقت نفسه أن هناك 2 مليون عربي يعيشون في "إسرائيل" بحرية ومساواة. وهذا على الرغم من أن تذكير نتنياهو المستمر بأن إسرائيل دولة يهودية هو أيضًا إعلان بأن غير اليهود هم مواطنون من الدرجة الثانية".

ويؤكد قورشان في مقاله أنه "ليس فقط الذين لا يدينون بالديانة اليهودية، يواجهون تفرقة عنصرية، بل إن هناك تفرقة عنصرية حقيقية بين المواطنين اليهود أنفسهم. وأبرز مثال على ذلك هم اليهود الفلاشا حيث يتم التمييز بينهم وبين بقية المهاجرين بشكل فاضح".

مراحل احتلال القدس

واستعرض الكاتب سريعا مراحل احتلال القدس، قائلا "على مر التاريخ سقطت القدس تحت الاحتلال أكثر من مرة، وفي العصور القديمة هدمت القدس أكثر من مرة كذلك، وأعيد بنائها، وبعد أن سقطت القدس تحت يد الغزو الصليبي تمكن القائد صلاح الدين من تحريرها مرة أخرى. وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وقعت تحت الاحتلال البريطاني ومن هنا استمرت الكارثة. وعد بلفور، ومؤتمر "سان ريمو" كان دعائم هذا الاحتلال ثم سهلت لبعض زعماء الحركة الصهيونية مثل "ستروس" والسير "هاربرت" بأن يضعوا شيء من السيطرة على القدس من خلال إدارة الانتداب التي أسسها الإنجليز في تلك الفترة".

وتابع "في عام 1922 قامت ما عرف بعصبة الأمم بخطوات أخرى على طريق احتلال فلسطين عن طريق تسهيل الهجرة من جهة وتعزيز المهاجرين بالمقومات وهو ما بدا ظاهرًا في أول حادثة واشتباك مباشر بين اليهود والفلسطينيين عام 1929 وعرف وقتها بأحداث البراق. ووقتها الإجراءات الصعبة التي اتخذها البريطانيون كلفت أرواح العديد من المسلمين الأبرياء في المسجد الأقصى".

الكاتب أكد أن هذه الأحداث سمحت للمسلمين الفلسطينيين بالاستيقاظ وعقد المؤتمر الإسلامي في القدس (عام 1931)، وكان هذا المؤتمر أول موقف جاد عمد إليه المسلمون في مواجهة احتلال القرن العشرين. ومع ذلك، لم تتمكن الجهود المحلية الفلسطينية ولا حتى الدولية من حل مشكلة القدس.

وبحسب المقال فإن "عدم إيجاد الحل وإبقاء الوضع على ما هو عليه مهد الطريق لخطة التقسيم لعام 1947 ثم في عام 1948 مهدت لتأسيس قيام دولة إسرائيل. وفي 1948-1949، خاضت مصر والدول المحيطة بها، وخاصة الأردن، حربًا كبيرة للدفاع عن القدس، لكن لم يتم تحقيق أي نتائج تذكر. ومع اتفاق وقف إطلاق النار لعام 1949، تم ترك 77 ٪ من الأراضي الفلسطينية لإسرائيل، في حين تركت القدس الشرقية للأردن، لكن إسرائيل تجاهلت قرارات الأمم المتحدة وأعلنت القدس كلها عاصمة لها في عام 1950 وبدأت في نقل بعض مؤسساتها هناك".

بعد هذا التاريخ، ووفق قورشان، "بدأت إسرائيل باحتلال القدس أكثر، وبسياسة استعمار كل فلسطين غير أنه وبسبب ردود أفعال الدول الإسلامية والمجتمع الدولي، لم تكمل إسرائيل احتلال القدس بشكل فعلي، ولكنها قامت بذلك بشكل غير مباشر من خلال إنشاء آليات تحكم مختلفة".

ومع الضربة الجوية التي أطلقتها إسرائيل في عام 1967، باتت البلدة القديمة في القدس بأيدي إسرائيل. والتي تسمى "النكسة" ومنذ ذلك التاريخ أخذت إسرائيل بوضع أقدامها القذرة على المسجد الأقصى.

حريق 1969

وفي استرجاع للتاريخ، قال قورشان "تماما مثل حادثة الحريق التي حدثت قبل يومين (12 مارس)، نشب حريق عام 1969 في المسجد الأقصى على يد شخص مجهول الهوية حتى الآن، لكن الجميع يعلم أن من قام بذلك هو الاحتلال الإسرائيلي، وفي الجهة المقابلة ومن أجل اتخاذ تدابير ضد الاحتلال والهجمات التي يشنها على المسجد الأقصى في عام 1969، أعلن عن تأسيس المؤتمر الإسلامي والذي عرف بعد باسم منظمة التعاون الإسلامي".

واعتبر الكاتب أنه "بسبب الخلافات بين الدول العربية والرؤى المختلفة للحل وغيرها من الأسباب، لم يخرج عن هذه الخطوة أي نتيجة تذكر وبات مستقبل القدس رهينة بيد الاحتلال".

هاجس الخوف

بحسب الصحيفة التركية، فإن "الوضع اليوم لم يتغير، فإسرائيل تعيش هاجس الخوف من تدميرها من قبل الدول المحيطة بها، ما جعلها تنشر الخوف في المنطقة وتجعلها دائمًا تحت التهديد. ساعد في ذلك، مخاوف بعض الأنظمة العربية على نفسها ما جعلها بحاجة دائمة لمعلومات استخبارية مصدرها على طول الوقت إسرائيل. هذا الخوف جعلهم يتعاونون مع إسرائيل مقابل التخلي عن الاحتلال في القدس".

خطوات الدول العربية وخاصة السعودية من جهة، ومصر من جهة أخرى، حسب الكاتب، باتت تعين نتنياهو على تحقيق مآربه من اعلان القدس عاصمة للاحتلال وإقامة دولته اليهودية. لم يبق لهذه الخطوة غير معيق واحد وهو تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان.

مضيفا "لقد كانت التغريدات التي قام بها نتنياهو مهاجمًا بها أردوغان دليل مهم على المسؤولية الكبيرة التي تقوم بها تركيا ورئيسها تجاه القدس والمسجد الأقصى".