كأن العالم مقبل على مجاعة.. كيف واجه الناس كورونا بغزو المتاجر؟

12

طباعة

مشاركة

رفوف فارغة بمحلات تسوق المواد الغذائية ومواد التنظيف، تكرر المشهد في أكثر من دولة بعد أن تحول أخذ التدابير اللازمة لمواجهة وباء فيروس كورونا إلى هوس يسيطر على عقول الناس ويشعرك بأن العالم اقترب من نهايته أو أن يوم القيامة على الأبواب.

الأخبار التي تنتشر عن الفيروس كالنار في الهشيم، وحظر عدد من الدول التجوال في الشوارع وإجبار المواطنين على لزوم منازلهم، مثلما يحدث في إيطاليا، كلها عوامل تسببت في زيادة حدة هذا الهوس.

يعتقد الناس أنهم يواجهون إحدى أسوأ الكوارث الطبيعية التي أصابت البشرية، لذا يعتبرون أن ما يُقدمون عليه هو الوسيلة الأمثل لضمان سلامتهم، في حين أن المتخصصين يشددون على غسل اليدين والتزام أبسط تدابير الوقاية فقط لا غير.

تخزين الأطعمة، إحدى هذه التدابير، فمن غير المعروف متى تنتهي هذه الأزمة التي يعيشها العالم، ومواجهة المجهول تجعلهم يصابون بالهلع والخوف الذي يدفعهم للاعتقاد بأن التجاوب مع الحدث يجب أن يكون بنفس حجمه، وهو ما يدفع الناس للشراء بكميات تفوق احتياجاتهم وتحرم غيرهم.

هلع التسوق

أغلب الدول أعلنت حالة الطوارئ، في معظمها تعلق الأمر بإيقاف الدراسة، وحث الناس على عدم الخروج إلا للضرورة، لكن الكثير من مواطني العالم بدؤوا يتصرفون وكأن العالم مقبل على مجاعة، وهو ما أظهرته الصور والفيديوهات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.

في ولاية واشنطن تختفي أوراق المراحيض والحليب والمياه الغازية بسرعة فائقة من على الأرفف، وفي سنغافورة تهافت المواطنون على شراء الأرز والشعرية إلى حد دفع رئيس الوزراء لي هسين لونغ إلى طمأنة الناس بوجود كميات كافية منها.

وفي نيوزيلندا زاد معدل الإنفاق على السلع الغذائية الأسبوع الماضي بنسبة 40 في المئة مقارنة بنفس اليوم من العام السابق، وفي ماليزيا زاد معدل المبيعات الأسبوعي لمعقمات اليدين بنسبة 800 في المئة.

من جهتها رصدت وكالة "دوتشي فيلي" الألمانية، انتشار حمى الشراء وتسارع العديد من المواطنين إلى مراكز التسوق لشراء الأغذية التي يمكن تخزينها استعدادا لأي حجر صحي محتمل، بسبب انتشار الفيروس. 

فيما اعتبرت مجلة "ذ سبيكتاتور" البريطانية أن الهستيريا أخطر من الإصابة التي قد يسببها كورونا، بعد إغلاق العديد من المصانع وتأثر أسواق المال وإلغاء آلاف الأشخاص لرحلاتهم وعطلهم.

وفسرت المختصة في علم النفس للمستهلك كيت نايتنجيل، إقبال الناس على ورق المرحاض بشكل خاص، بالقول: "لأنه شيء أساسي وهو ما يحدث في أوقات الخطر، إذ يزيد تركيزنا على الطبقات السفلى من تسلسل ماسلو الهرمي للاحتياجات الأساسية فيصبح الطعام والنظافة الأكثر أهمية".

تدخل الحكومات

في المغرب، لم تتجاوز حالات الإصابة 28 وفق إحصاءات رسمية حتى الاثنين 16 مارس/آذار 2020، ورغم ذلك عاشت الأسواق حالة غير مسبوقة، إذ فرغت المحلات من كل المواد الغذائية، بما فيها غير القابلة للتخزين.

الأمر جعل وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد، حفيظ العلمي، يصرح بأن العرض كاف لتلبية جميع احتياجات استهلاك الأسر، بما في ذلك احتياجات شهر رمضان الذي يتميز بارتفاع مستوى الاستهلاك. 

وفي عرض قدمه أمام اجتماع مجلس الوزراء الأخير، طمأن العلمي المغاربة قائلا: "سلاسل التموين الصناعية لا تتوقع اضطرابات مهمة على المدى القريب، إذ تؤمن مسالك بديلة من طرف الفاعلين".

من جهته، أكد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، أن حالة الهلع التي طالت بعض المواطنين الذين يتهافتون على تخزين المواد الغذائية غير مبررة، مشددا على أن المؤونة المتوفرة تكفي البلاد لمدة 4 أشهر قادمة.

كلام المسؤولين ومحاولات طمأنة المواطنين لم تأت أكلها، إذ استمرت الحالة نفسها في الأسواق، في ظل غياب اتخاذ أي تدابير فعلية على الأرض.

هذه التدابير اتخذتها بعض المحلات في تركيا التي منعت زبائنها من شراء أكثر من عبوة معقم لكل واحد، بسبب ارتفاع الطلب عليه وندرته في الأسواق.

وفي إيطاليا، وضعت الحكومة تطبيقا على الإنترنت للمواطنين الممنوعين من الخروج، يطلبون عبره تصريحا لمغادرة المنزل بغرض التسوق، وينظم التطبيق الحركة داخل كل محل بحيث لا يوجد أكثر من 3 زبائن داخله في وقت واحد، ويواجه المغادرون منازلهم بدون إذن عقوبة حبسية تتراوح ما بين 3 و6 أشهر.

وفي العاصمة الأسترالية سيدني، نشب خلاف بين سيدتين في متجر بسبب المواد الغذائية، وهما يخضعان للمحاكمة بسبب تبادلهما الضرب.

أما في بريطانيا، فقرت الحكومة إطالة مدة دوام محلات المواد الغذائية لساعات أطول دون إغلاق، حتى يتمكن المواطنون من الحصول على ما يحتاجونه دون الاضطرار إلى خلق حالة من الفوضى. كما وعدت الحكومة بضخ السلع باستمرار دون توقف، لمواجهة حالة الهلع التي تصيب المواطنين.

وأوصت الحكومة الأميركية مواطنيها بالكف عن هلع التسوق، وتحديدا الكمامات الطبية، مؤكدة أن الأطقم الطبية أصبحت تواجه أزمة بسبب هذا الإقبال الكبير عليها ما سبب اختفاءها من الأسواق.

وأوصت الحكومة الأميركية مواطنيها بالكف عن هلع التسوق، وتحديدا الكمامات الطبية، مؤكدة أن الأطقم الطبية أصبحت تواجه أزمة بسبب هذا الإقبال الكبير عليها ما سبب اختفاءها من الأسواق.

وفي فلسطين، لزم الأمر تدخل الشرطة للحد من النوبة الهستيرية، التي أصابت الناس فأقدموا على شراء وتخزين المواد التموينية، تحسبا لدخول البلاد حالة طوارئ، وإغلاق المتاجر ومراكز التسوق، بسبب تفشي كورونا.

مدير إدارة التموين والمخزون الإستراتيجي بوزارة التجارة والصناعة في قطر، عبدالله الكواري، قال في تصريحات صحفية: "المخزون الإستراتيجي من السلع في قطر لم يتأثر نتيجة الإقبال المتزايد والازدحام في المجمعات لشراء السلع وتخزينها".

 لافتا إلى أن الوزارة تمتلك منظومة متكاملة لمراقبة المخزون الإستراتيجي من السلع في الأسواق لحظة بلحظة، ورصد أي نقص في السلع وتوفيرها في أسرع وقت ممكن.

وأضاف الكواري أن سلوك بعض الأفراد والتهافت على الأسواق لتخزين السلع تصرّف خاطئ ولا يفيد بشيء سوى زيادة أرباح التجار فقط، لأن جميع السلع متوافرة، ولا توجد أزمة على الإطلاق.

وأكد في تصريح لتلفزيون قطر، "توفير الكمامات والمعقمات في جميع الصيدليات"، لافتا إلى أن ارتفاع أسعار هذه المنتجات يرجع إلى ارتفاع أسعارها عالميا نتيجة الأزمة الحالية التي تمر بها دول العالم.

المسؤول القطري شدد على أن الوزارة تراقب الأسعار للتأكد من عدم استغلال التجار للوضع الراهن وإقبال المستهلكين على المستلزمات الطبية.

تجار الأزمة

أما في مصر، فلزم الأمر تدخل دار الإفتاء، قائلة: إن استغلال الظروف العصيبة لتحقيق مكاسب مادية عن طريق احتكار السلع ورفع أسعارها: "حرام شرعا وخيانة للأمانة"، مؤكدة أن "الشريعة الإسلامية حرمت الاحتكار بكل صوره وأشكاله".

وأضافت دار الإفتاء- في مقطع مصور أن "التضييق على الناس، وحبس ما يحتاجون إليه في حياتهم من الطعام وغيره، من أجل زيادة الأسعار وتحصيل مكاسب مادية، يعد غشا واعتداء وإضرارا بالناس وأكلا لأموالهم بالباطل".

وفي تونس، تعمل أجهزة الرقابة الاقتصادية ومنظمات الدفاع عن حقوق المستهلكين على كبح التهافت على الغذاء بسبب الخوف من تفشي كورونا.

وقال رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك سليم سعد الله: "ما عرفته المساحات التجارية من إقبال مكثف على اقتناء الغذاء غير مبرر"، معبرا عن مخاوف من أن يشرع هذا السلوك لممارسات الاحتكار وزيادة أسعار الغذاء بمختلف أصنافها.