اصطفت مع الكبار بالصناعات الدفاعية.. كيف حقق أردوغان حلم تركيا؟

أحمد يحيى | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

منذ وصوله إلى سدة الحكم عام 2003، يحلم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بوضع بلاده على سلم الصناعات الدفاعية، وبعد قرابة عقدين من الزمن أصبح حوالي 65% من هذا القطاع مصنعا محليا، مقارنة بـ20% عندما صعد نجم حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان.

في 12 ديسمبر/ كانون الأول 2018، في ملتقى الصناعات الدفاعية بالمجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة، تحت شعار "تركيا قوة عالمية"، قال أردوغان: "تركيا ستنتقل إلى مصاف الكبار في الصناعات الدفاعية بفضل التقدم الكبير الذي أحرزته بهذا القطاع".

بالفعل بعد عامين فقط من حديث أردوغان، أصبحت تركيا في مصاف الدول الواعدة بقوة في هذا المجال الحيوي، لا سيما وأن الشركات المدنية التركية المتخصصة في الصناعات العسكرية، أصبحت رائدة ومتقدمة على الصعيد الإقليمي والعالمي.

شركة "أسلسان"

في يوليو/ تموز 2019، أعلنت مجلة "ديفينس نيوز" الأميركية، قائمتها التي تُصنِف سنويا أفضل 100 شركة عالمية في مجال الصناعات الدفاعية، وحسب قائمة الشركة الأميركية استطاعت 4 شركات تركية عملاقة تعزيز مواقعها في قائمة أفضل 100 شركة منتجة للأسلحة والمعدات العسكرية على مستوى العالم. 

واحتلت شركة "أسلسان" التركية المرتبة 52 في القائمة، وكانت قد دخلت التصنيف العالمي من قبل عام 2006، لكن في المرتبة 93 آنذاك.

وبمبادرة من "مؤسسة تعزيز القوات المسلحة التركية"، تأسست "أسلسان" التي تشتهر بصناعة أنظمة وأجهزة إلكترونية لأغراض عسكرية، عام 1975، بهدف تلبية احتياجات الجيش التركي في مجال أجهزة الاتصالات.

وفي عام 2017، وصلت ميزانية "أسلسان" إلى 1.42 مليار دولار، واستطاعت الشركة زيادة هذه القيمة في العام التالي بنسبة 26%، لتصبح 1.79 مليار دولار.

وفي 9 ديسمبر/ كانون الأول 2017، قامت أسلسان بإنتاج "معدات التسجيل الرقمية"، التي تنتجها دول قليلة حول العالم، كما نجحت إنتاج أنظمة اتصال، وتشويش، ونظم تشفير لاسلكي حربية حديثة للاستخدام بالمعارك العسكرية أبرزها نظام "كورال" الذي يوضع على مركبتين منفصلتين.

وتتمثل مهمة نظام كورال (الذي يبلغ مداه 240 كيلومترا) في رصد الموجات والترددات اللاسلكية والراديوية وتحليلها وتصنيفها واعتراضها أو التشويش عليها ومنعها من الوصول لهدفها.

وحسب المسؤولين في أسلسان، فإن "الشركة التي تشغل نحو 3 آلاف مهندس تعتبر الأكبر في قطاع الإنتاج الحربي بتركيا، وحققت إنجازات كبيرة في السنوات الأخيرة على صعيد الإنتاج والتصدير العسكري". 

صناعات دفاعية

ليست أسلسان فقط التي تميزت في الصناعات الدفاعية داخل تركيا، فهناك شركة الصناعات الجوية والفضائية التركية "توساش"، التي احتلت المرتبة 69 في تصنيف مجلة "ديفينس نيوز" الأميركية. 

وأسهمت "توساش" بشكل كبير في العديد من المنتجات التركية المحلية، مثل طائرات مسيرة ومروحيات أتاك والعنقاء وغوك باي والمقاتلة المحلية، وفي عام 2017، وصلت ميزانية الشركة إلى مليار و89 مليون دولار.

كما دخلت شركة "روكتسان" المتخصصة في صناعة الصواريخ والقذائف، قائمة التصنيف العالمي باحتلالها المرتبة 89، في الوقت الذي تصل فيه ميزانيتها إلى 522 مليون دولار.

وكذلك شركة "إس تي إم" التي تتميز بتصميم وتحديث المعدات العسكرية البحرية والطائرات المسيرة وتكنولوجيا الفضاء والرادار، حيث احتلت المرتبة 85 في تصنيف المجلة الأميركية.

وفي 10 ديسمبر/ كانون الأول، شاركت 20 شركة تركية متخصصة في مجال الصناعات الدفاعية، في معرض "الخليج للدفاع والطيران الخامس" بالكويت، أبرزها "هافلسان، وأريس، وأسفات، ودسان، وميل سوفت".

وشهد المعرض فقرات تعريفية بمنتجات وخدمات الشركات التركية في مجال الصناعات الدفاعية، ومن بين تلك المنتجات منصات قابلة للتركيب على مركبات مدرعة، ومركبات برية وجوية مختلفة، وأنظمة بحرية وإلكترونية وأسلحة، وذخائر، وأجهزة محاكاة، ومنتجات دعم لوجستية.

أرقام قياسية

في 20 أبريل/ نيسان 2019، أعلنت "جمعية الشركات المصنعة للمنتجات الدفاعية والفضائية"، أن "الشركات التركية المتخصصة في الصناعات الدفاعية والجوية، حققت رقما قياسيا في حجم طلبات الشراء، بلغ 12 مليارا و204 ملايين دولار خلال عام 2018".

وذكر البيان أن "مبيعات أنظمة الصواريخ الأرضية بلغت 4 مليارات و386 مليون دولار، بينما بلغت مبيعات الأسلحة الأخرى والذخيرة والصواريخ مليارين و655 مليون دولار". 

وفي 4 يناير/ كانون الثاني 2020، بحسب معطيات مجلس المصدرين الأتراك، "شهدت صادرات تركيا الدفاعية والجوية، زيادة بمقدار 34.6% عن العام الماضي 2019، مقارنة بـ 2018". 

وأضاف بيان المجلس: "بلغت قيمة الصادرات الدفاعية والجوية التركية إلى دول الشرق الأوسط 710 ملايين و144 ألف دولار، في 2019".

وفي 9 مايو/ آيار 2018، قال إسماعيل دمير مستشار الصناعات الدفاعية التركي: "العديد من البلدان تولي اهتماما كبيرا لشراء المنتجات التركية في قطاع الصناعات الدفاعية".

وخلال السنوات الماضية استطاعت تركيا تحقيق تقدم كبير في مجال الصناعات الدفاعية، وحدت من الاعتماد على الخارج وحققت جزءا من الاكتفاء الذاتي، بما يخص تسليح جيشها، ووصلت إلى الدخول في مصاف الدول المتقدمة بتصنيع الأسلحة وتصديرها.

أسلحة رادعة 

في 6 يناير/ كانون الثاني 2020، أعلن رئيس الصناعات الدفاعية التركية إسماعيل دمير، أنهم سيبدؤون بتقديم سلسلة من المنصات والأنظمة الجديدة لقوات الأمن التركية خلال 2020.

وذكر أنه "سيتم تسليم طائرة بدون طيار مقاتلة من نوع (TİHA) بنهاية العام الحالي، وتسليم مروحية (أتاك) المقاتلة من طراز (Atak Faz-2) في أقرب وقت".

وأضاف: "سيتم تسليم القوات المسلحة التركية أكبر سفينة حربية برمائية ومتعددة الأغراض من نوع (TCG Anadolu) في نهاية العام 2020".

وحول الأنظمة الفضائية، أشار دمير لمواصلة العمل في مشروعي تطوير القمر الصناعي المتعدد، ونظام الرادار ذي الفتحة الاصطناعية "غوك تورك-3".

وفي 22 ديسمبر/ كانون الأول 2019، حضر الرئيس أردوغان، تدشين أول غواصة محلية الصنع، والتي أطلق عليها "بيري ريس" بولاية قوجه ايلي التركية. 

وجرى بناء الغواصة محلية الصنع في إطار مشروع محلي، يهدف إلى المساهمة في زيادة قدرات البحرية التركية وتطوير الصناعات الدفاعية التركية في مجال صناعة الغواصات.

وجهة للتصدير

وفي 21 ديسمبر/ كانون الأول 2018، أعلنت تركيا عن استهدافها تصدير أبرز منتجاتها للصناعات الدفاعية، وهي المدرعة "سامور" البرمائية، والقادرة على التحول إلى جسر عائم تجتاز عبرها المركبات العسكرية الأنهار والمستنقعات التي تعترضها، وتعد المدرعة "سامور" من أوائل المشاريع التركية التي تم إنتاجها بإمكانات وقدرات محلية خالصة.

وتتميز "سامور" المصنعة من قبل شركة "إف إن إس إس" FNSS التركية للصناعات الدفاعية، بقدرتها على التقدم في الماء وهي تحمل عربات عسكرية على ظهرها، ما يتيح تجاوز العوائق المائية بسهولة، وتحرك الوحدات بسرعة.

وفي 21 يوليو/ تموز 2019، كشفت تركيا عن أول مدرعة كهربائية تم تصنيعها بالكامل بإمكانات محلية. المدرعة "Akrep IIe" التي تنتمي لعائلة مدرعات ومركبات "العقرب" العسكرية، صُنعت بأيادي خبراء شركة "أوتوكار" إحدى شركات قطاع الصناعات الدفاعية التركية الرائدة في تصنيع المركبات والمدرعات والأنظمة البرية.

وتتميز المدرعة الكهربائية بسرعتها العالية وصوتها المنخفض مقارنة بالمركبات التقليدية، فضلا عن امتلاكها محركا كهربائيا يجعلها قادرة على تلبية مطالب الجيوش في جميع أنحاء العالم.

وأوضحت "أوتوكار" أن المدرعة تستجيب بأفضل طريقة للأداء التكتيكي المتوقع، لا سيما الكفاءة في استهلاك الوقود، والحركة، والدعم اللوجستي المتكامل.