أفلام نهاية العالم.. كيف تنبأت بفيروس كورونا قبل انتشاره بسنوات؟

12

طباعة

مشاركة

الأصل أن الفن يحاكي الواقع ويجسده في صورة أفلام أم مسلسلات درامية، لكن في كثير من الأحيان العكس هو ما يحدث، فيظهر للمتتبع كأن أحداث فيلم ما تتحقق على أرض الواقع. 

قد يستوحي كتاب السيناريو أعمالهم من الكتب المتخصصة في الأوبئة، وأيضا الدراسات العلمية التي تنذر بعضها بالفيروسات والأمراض التي تهدد العالم في المستقبل القريب.

كما تشكل دراسات مراكز الأبحاث الإستراتيجية مادة ثرية للأفلام والدراما السياسية، حيث ذهبت مصادر صحفية إلى حد الربط بين تزامن إنتاج فيلم "الجوكر" وعرضه مع موجة الثورات التي عرفتها أكثر من دولة.

 فيلم "العدوى"

عندما بدأ الحديث عن انتشار فيروس "كورونا" في الصين في يناير/ كانون الثاني 2020، عجت مواقع التواصل الاجتماعي بتدوينات تستحضر أحداث فيلم "العدوى" الذي عُرض قبل 9 سنوات.

يحكي الفيلم لمخرجه الأمريكي، ستيفن سودربيرغ، عن فناء البشرية بسبب انتشار عدوى مرض غير معروف، فبعد تزايد حدة الأعراض الشبيهة بأعراض الإنفلونزا، ومع انتشار الوباء عالميا يبدأ المتخصصون في تتبع مصادر الفيروس، ليعرفوا أنه انتقل من سيدة أمريكية كانت في زيارة لمدينة هونغ كونغ.

رصد الفيلم أحداث الفوضى التي يمكن أن تحدث نتيجة انتشار الوباء عالميا عندما تقل الموارد والأدوية والغذاء، يتحول البشر إلى أشخاص بدائيين كل ما يهمهم هو الطعام والشراب والحصول على  الدواء، فكيف تتنبأ هذه الأفلام بالأوبئة والأمراض التي قد تصيب العالم؟.

تحولت كلمة "كورونا" إلى الأكثر بحثا على محرك "جوجل" مع ظهور الفيروس، وبسبب الهلع الذي أصاب الناس من الوباء والخوف من الإصابة به، والفضول حول كيفية التعامل معه، علت مشاهدات الأفلام التي تتحدث عن الأوبئة ما جعل شبكة "نتفليكس" تعرض وثائقيا بعنوان "الوباء" في الشهر نفسه الذي ظهر فيه "كورونا"، يتضمن العمل معلومات طبية لكنه لا يجيب عن تساؤلات المشاهد حول المرض.

التشابه بين أحداث فيلم "العدوى" الذي عرض عام 2011 وبين فيروس "كورونا" الذي يجتاح الصين حاليا ويهدد باقي الدول، أظهر أن صناعة السينما في "هوليوود" تمهد لما هو قادم.

ميزانيات عملاقة

تحظى "أفلام نهاية العالم" (Apocalyptic Movies) بحصة الأسد من نسب المشاهدة، إذ يجذب محتواها كل من يعيش على كوكب الأرض وينتابه الفضول لمعرفة كيف ستكون نهاية العالم؟.

ترصد لهذه الأعمال ميزانيات عملاقة تشمل الشق التسويقي أيضا، ما يجعل الجمهور متشوقا لمشاهداتها، وهو ما ينعكس على الإيرادات فور خروجها إلى دور العرض.

"اصطدام عميق" تم إنتاجه في عام 1998 بميزانية تقدر بثمانين مليون دولار، وحقق إيرادات كبيرة قدرت بـ 350 مليونا، وكان رصده للجانب الإنساني في الكارثة والتركيز على الدراما بالتوازي مع الإبهار البصري والدقة العلمية، عوامل أساسية ساهمت في نجاحه. 

بميزانية تقدر بـ8.5 مليون دولار أنتج المخرج يون سانغ هو عام 2016، فيلم "القطار إلى بوسان" الذي تدور أحداثه على متن القطار فائق السرعة، الذي يتم إرساله من سيول إلى بوسان حيث يخترق فيروس الركاب.

قبل انطلاق القطار يتم اقتحامه من فتاة مصابة بجرح كبير في قدمها، يتضح فيما بعد أنها مصابة بفيروس اجتاح البلاد جعلها من الموتى الأحياء "زومبي"، وتبدأ الفتاة بنشر الفيروس عن طريق عض مضيفة القطار لينتشر الوباء بعد هذا في القطار كالنار في الهشيم، وعلى الركاب الكفاح للنجاة بحياتهم لحين الوصول إلى بوسان التي يتضح أنها البقعة الوحيدة الآمنة، والتي لم يصل لها هذا الوباء بعد.

يمتلك المخرج شركة تجارية، يتعامل مع البورصة، ويأخذ عمله كل وقته وتفكيره، ما جعله يحطم الأرقام القياسية في نسب الحضور حين عرض فيلمه في السينما، ليس في كوريا الجنوبية وحدها ولكن على مستوى البلاد الآسيوية، حيث اقترب من 10 ملايين مشاهدة في الأسبوع الأول، كما عرض في مهرجان "كان" السينمائي.

أفلام الأوبئة

أما أشهر أفلام الأوبئة فهو "أنا أسطورة" للنجم الأمريكي ويل سميث الذي عرض عام 2007، وهو فيلم خيال علمي ورعب أمريكي من إخراج فرانسيس لورانس، مأخوذ عن رواية المؤلف الأمريكي ريتشارد ماثيسون "أنا أسطورة" التي تناولها فيلم "آخر رجل على الأرض" عام 1964 وفيلم "أوميجا مان" عام 1971.

يلعب ويل سميث دور روبرت نيفيل الخبير في علم الفيروسات الذي يبقى وحيدا على قيد الحياة في المدينة بعد إصابة الجميع بفيروس جعلهم يتحولون إلى مسوخ بشرية لا يعيشون إلا في الأماكن المظلمة ويحاول سميث من خلال الفيلم أن يكتشف علاج للمرض من أجل إنقاذ البشرية.

في عام 2016 عُرض فيلم "الجحيم" المأخوذ عن الرواية بنفس الاسم يحكي قصة بروفيسور علم الرموز في جامعة هارفرد، الذي استيقظ في منتصف الليل من جرح في الرأس، ليكتشف أنه راقد في المستشفى لا يستطيع أن يتذكر ما حدث معه خلال الساعات الست والثلاثين الأخيرة أو مصدر ذلك الشيء الرهيب الذي اكتشفه الأطباء بين أمتعته.

إثر هذا تدب الفوضى في العالم لانغدون ويضطر للهروب عبر أزقة مدينة فلورنسا برفقة شابة لطيفة تدعى سيينّا بروكس، التي تمكنت من إنقاذ حياته بفعل تصرفاتها الذكية، ليتبيّن له أن بحوزته مجموعة من الرموز الخطرة التي ابتدعها عالِم فذ.

تتسارع الأحداث عبر مواقع أثرية شهيرة، مثل قصر فيكيو، ويكتشف لانغدون وبروكس شبكة من السراديب القديمة، فضلا عن نموذج علمي جديد ومخيف من شأنه أن يُستخدم إما لتحسين نوعية الحياة على الأرض أو تدميرها.

على هذه الخلفية، يصارع لانغدون خصما رهيبا بينما يتشبث بلغز يأخذه إلى عالم الفنون الكلاسيكية والممرات السرية والعلوم المستقبلية، محاولا اكتشاف الأجوبة ومعرفة مَن هو الجدير بثقته قبل الانهيار الكبير.

تهويل الحقائق

"بعد 28 أسبوعا" فيلم أخرجه الإسباني خوان كارلوس فيرسناديلو، وتم تصويره في بريطانيا، صدر سنة 2007، تدور قصته حول انتشار فيروس يسمى"ريج" بلندن حيث يبدأ الفيلم بعد مرور 6 شهور من انتشار الفيروس بالمدينة.

ويتمكن الجيش الأمريكي من استعادة النظام ويبدأ في إعادة السكان للمدينة الخاضعة لحجر صحي لكن شخصا حاملا للفيروس يدخل لندن ويتسبب عن غير علم في إعادة نشر الفيروس المميت بالمدينة مسببا حالة من الفوضى بين جميع السكان.

قد تنطلق هذه الأفلام من الروايات كما هو مذكور في الأمثلة السابقة، وقد تعتمد على الدراسات والأبحاث العلمية، لكن بعضها قد لا ينطلق من أساس علمي بل إن "هوليوود" قد تتلاعب بالمعلومات العلمية حتى تتناسب الحبكة مع عنصر الإثارة الذي تعتمد عليه هذه الأفلام لتحقيق الانتشار الواسع. 

الهدف الأول الذي يشتغل لأجله صناع السينما هو الإبهار لأجل الأرباح التي قد لا تتحقق بدون تهويل ومبالغة لا رصد الحقائق العلمية فقط.