"لوفيجارو": الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يتحول لحرب تجارية

12

طباعة

مشاركة

بدأ الصراع السياسي الإسرائيلي الفلسطيني يأخذ شكل حرب تجارية، وذلك بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 28 يناير/ كانون الثاني الماضي، تفاصيل خطة السلام المعروفة إعلاميا بـ"صفقة القرن"، التي واجهتها الأطراف الفلسطينية أجمع بالرفض.

ووفقا لصحيفة "لوفيجارو" الفرنسية، فقد أعلنت إسرائيل، الأحد 9 فبراير/ شباط الماضي، منع الشاحنات الفلسطينية التي تحمل الفواكه والخضروات وزيت الزيتون والتمر من نقلها إلى الأردن حتى إشعار آخر، ما يمثل تصعيدا إضافيا في المواجهة التي بدأت العام الماضي.

وأوضحت: أبلغ مكتب الجمارك الفلسطيني، المصدرين الفلسطينيين أنه تلقى أمرا من الجانب الإسرائيلي بعدم إجراء أي تنسيق لتصدير المنتجات الزراعية. واشتكى المزارعون الفلسطينيون مؤخرا، من التأخير في تسليم المنتجات الزراعية، وخصوصا زيت الزيتون والتمر المراد تصديره إلى الأردن، قائلين: إن بعض البضائع قد أعيدت.

ونوهت إلى أن اندلعت الأزمة بين الجانبين، حين أعلنت السلطة الفلسطينية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وقف استيراد العجول من المزارعين الإسرائيليين.

وأشارت "لوفيجارو" أن "وزير الدفاع الإسرائيلي نفتالي بينيت، وهو مؤيد متحمس للاستعمار الإسرائيلي في الضفة الغربية، حظر مؤخرا مبيعات الفواكه والخضروات الفلسطينية في السوق الإسرائيلية وهو قرار يتعلق بالرد على الفلسطينيين الذين قاطعوا لشهور لحم العجل القادم من إسرائيل، حيث يسعى محمد اشتية رئيس وزراء السلطة الفلسطينية، ردا على هذا الإجراء إلى إيجاد موردين أرخص خارج أسواق الاحتلال".

اختلال الأسعار

وأكدت الصحيفة الفرنسية، أن محاولة تنويع السلع الفلسطينية أثارت غضب المربين الإسرائيليين حيث يعتبرونها ذات مخاطرة كبيرة، فهم يزودون الفلسطينيين بـ 140 ألف رأس من الماشية سنويا، وهو دخل يقدر بأكثر من 250 مليون يورو، فالمربون الإسرائيليون يرون أن مزارعهم مهددة بالإضافة إلى أكثر من ألفي وظيفة في القطاع.

وأشارت إلى أن المربين الإسرائيليين تظاهروا مؤخرا مع بعض حيواناتهم خارج منزل نفتالي بينيت، الذي يميل أكثر إلى إرضائهم مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في 2 مارس/ آذار المقبل، وهي الثالثة على التوالي خلال 11 شهرا في سابقة لم تشهدها إسرائيل من قبل.

وتأتي هذه الانتخابات بعد أن وصلت إسرائيل إلى طريق مسدود للمرة الثانية بعد فشل كل من زعيم "الليكود" بنيامين نتنياهو، وزعيم حزب "أزرق – أبيض" بيني جانتس في تشكيل حكومة، وسط خلافات بينهما منعت تشكيل حكومة موحدة.

ولفتت "لوفيجارو" إلى أنه على الجانب على الجانب الفلسطيني، تسبب رفض استيراد العجول الإسرائيلية في عدم استقرار للأسعار في محلات الجزارة بنسبة 30 بالمئة.

ورغم كل شيء، يظهر رياض العطاري، وزير الزراعة الفلسطيني، ثقته، فوفقا له، فإن التأثير السلبي لهذه المواجهة سيؤثر أيضا على الاقتصاد الإسرائيلي، وهو إعلان لا يعكس مع ذلك توازن القوى، بحسب الصحيفة.

وتسعى السلطة الفلسطينية لإنهاء الاعتماد بشكل كبير على الأسواق الإسرائيلية، وقال العطاري: "نعيش في لحظة سياسية حرجة، ندرك تماما أن هناك آثارا سلبية ستترتب على هذه الإجراءات ولكن أقول وبكل ثقة إن التبعات السلبية ستطال الاقتصاد الإسرائيلي"، مشيرا إلى أن نحو 60 منتجا زراعيا فلسطينيا يتم تصديرها إلى 100 سوق حول العالم.

ووفقا للصحيفة، فإن الفلسطينيين في وضع تبعية لإسرائيل، فبدون وجود عملة خاصة بهم، يستخدمون الشيكل الإسرائيلي، وما يقرب من 80 بالمئة من صادراتهم تذهب إلى إسرائيل.

لكن الدولة العبرية، تضيف الصحيفة، ليس لديها مصلحة أيضا في الضغط على الفلسطينيين بشدة، لأنهم عملاء مهمون بالسنبة لها، إذ أن تجارة الدولة العبرية أهم معهم من دول مثل فرنسا أو ألمانيا، وباختصار، هذه الحرب سيخسر فيها الجانبان.

تجدد العنف

الصحيفة سلطت الضوء على جانب آخر قد تسببه الأوضاع الاقتصادية، فوفقا لوسائل الإعلام، يعتقد المسؤولون العسكريون والأمنيون الإسرائيليون، أن التدابير الاقتصادية المتخذة ضد الفلسطينيين يمكن أن تأتي بنتائج عكسية وتؤدي إلى تجدد العنف.

وتأتي هذه الدعوة للحذر في الوقت الذي تصاعد فيه التوتر بالفعل عدة مرات منذ إعلان دونالد ترامب في 28  يناير/ كانون الثاني، صفقة القرن، والتي اعتبرها الفلسطينيون داعمة بشكل شائن لبنيامين نتنياهو والمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

وبحسب الخطة الأمريكية "صفقة القرن"، فإنه سيتم الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة للاحتلال الإسرائيلي، كما سيتم ضم أراض في الضفة الغربية المحتلة وغور الأردن للسيادة الإسرائيلية، إضافة إلى تنازل الفلسطينيين عن "حق العودة"، على أن تدعم الولايات المتحدة السلطة الفلسطينية بمساعدات اقتصادية.

ورفضت السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس (أبو مازن) والفصائل السياسية الأخرى، صفقة القرن الأمريكية، التي تباينت ردود فعل الحكومات العربية تجاهها.

وكدليل على ذلك أشارت "لوفيجارو" إلى ما شهدته الأراضي المحتلة أواخر الأسبوع الماضي، حيث قتل أربعة فلسطينيين، بينهم عضوان في أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية.

كما أصيب جنود إسرائيليون في انفجار سيارة مفخخة بالقدس المحتلة، في حين وقعت هجمات أخرى ضد جنود، غير أن صلاة الجمعة في ساحة المسجد الأقصى، التي كان يخشى أن يتبعها تظاهرات وأعمال عنف كبيرة انتهت بهدوء.