قد تؤثر على مستقبلها.. هذا ما أظهرته تعزية "حماس" في مقتل سليماني

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "يني شفق" التركية، مقالا للكاتب طه كلينتش، سلط فيه الضوء على الجدل الذي أثير حول حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الأسبوع الماضي، عقب تعزيتها بمقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، والتي وصفتها الردود بأنها "مبالغ فيها".

ودعا الكاتب في مقاله حركة حماس إلى أن تنتبه للخطوات المستقبلية، وألا تسمح أن تكون منظمة "شيعية" تابعة لإيران، وإلا سيكون الاستبدال حليفها كما حدث ذلك سابقا مع حركات فلسطينية، لافتا إلى أن التدخل الخارجي في القضية الفلسطينية لم يسهم أبدا بغير الانقسام وتذليل المصاعب أمام وجود الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين.

التعزية بسليماني

وتطرق طه كلينتش إلى المؤتمر الذي عقده قائد القوة الجوية في الحرس الثوري أمين حاجي زادة، في 9 يناير/ كانون الأول 2019،  للحديث عن الرد الإيراني على مقتل سليماني، إذ ظهرت راية حركة حماس خلفه إلى جانب رايات المنظمات الشيعية المتحالفة مع طهران، وبرزت رايات حزب الله في لبنان، والحشد الشعبي العراقي، وكتائب حزب الله - العراق، جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن، وكذا لواء فاطميون في أفغانستان، ولواء زينبيون الباكستاني وراء المسؤول العسكري الإيراني.

وبحسب الكاتب التركي، فإن هذا المشهد لم يكن مفاجئا، حيث كانت هذه الأشياء معروفة منذ البداية، ما عدا راية واحدة، هي التي أثارت الدهشة وكانت خارج السياق تماما، في إشارة إلى راية حركة حماس.

وتابع: لا يخفى على أحد، أن حركة حماس تتلقى دعما اقتصاديا وسياسيا من إيران، لكن قد تكون خطوة إيران الأخيرة هذه (وضع راية حماس مع رايات منظمات شيعية أخرى التابعة لها) تشير إلى زاوية أخرى وهي (حماس) منظمة شيعية تعمل باسم إيران في فلسطين.

وأردف الكاتب، قائلا: يأتي ذلك في وقت لم تنته فيه ردود الفعل بعد على تصريحات رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، حيث وأثناء كلمة خطابية في مهرجان التعزية، بعد توجهه إلى إيران، بُعيد اغتيال رئيس فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، واصفا إياه بأنه "شهيد القدس".

ورأى طه كلينتش أن تصرفات حماس الأخيرة هذه أسهمت في زيادة الانفصال بالمشهد الفلسطيني المنفصل أصلا، وتقدمت خطوة ضد الحرب الدعائية التي تشن ضدها، ولا سيما أن هناك بالفعل بيانات استنكرت تصرفات حماس هذه ومن داخل الحركة نفسها، إذ صدر بيان عن جهة عرّفت نفسها بأنها "حركة حماس في سوريا" تدين ما قامت به الحركة في إيران، مؤكدة أن "سليماني قاتِل للآلاف من السُنة في كل من سوريا والعراق"، أيضا الانتقادات لهنية كانت من داخل الأراضي الفلسطينية.

ولفت الكاتب إلى أنه "حتى الآن كانت حماس تتعامل مع إيران على أنها داعم لها، وشكرها كان نابعا من ذلك، لكن فيما يبدو أن الحراك الحمساوي الأخير بعد رحيل سليماني نابع من مقاربة مختلفة".

وتابع: على مدار التاريخ، كان للقدس ثلاثة قادة، عاشوا لحظات مفصلية في تاريخ المدينة المقدسة، وهم، سيدنا عمر بن الخطاب، وكذلك صلاح الدين الأيوبي وآخرهم، السلطان العثماني يافوز سليم (سليم الأول).

وشدد الكاتب على أن هذه الأسماء الثلاثة، "مكروهة تماما في العقيدة الشيعية، وبالتالي من غير المقبول أن يلعب هنية، كبديل عن الشخصيات التاريخية هذه بحسب ما ترمي إيران وتخطط".

وأشار إلى أن "القدس لا تزال واضحة القبلة والمعالم، وهي تكره كل من يضفي عليه صبغة غير التي تنتمي إليها، سواء من إيران وغيرها، وليس من المقبول أن يضفي هنية على أحد رجالات إيران، أنه شهيد القدس بحجة الدعم الإيراني المقدم لها، وهو موقف لا يمكن تفسيره كثيرا".

واستطرد الكاتب: سنرى معا عواقب "المقاربة الشديدة" لقيادة حماس الجديدة تجاه إيران، لكن دائما ما يعطي التاريخ دروسه، فعلى مدار 100 عام من تاريخ القضية الفلسطينية المؤلمة، ساهمت التدخلات الخارجية في الانقسام الداخلي بل وتعزيزه، وغني عن الذكر التأكيد أن نتيجة ذلك كان الاحتلال الإسرائيلي كمشكلة قائمة حتى يومنا هذا.

شواهد تاريخية

واستذكر الكاتب، نقاط التحول في تاريخ فلسطين الحديث، بالقول: "استولت بريطانيا على الأراضي الفلسطينية فور سقوط الإمبراطورية العثمانية، ومن ثم خرجت بعض نقاط المقاومة من داخل فلسطين، ومنها حركة المقاوم السوري عز الدين القسام، حيث كانت مقاومته الأكثر شهرة في تلك الفترة".

وأضاف: "كما كانت للحركة الدبلوماسية التي قاعد زمامها من القدس الحاج أمين الحسيني تأثيرا عكسيا بعد أن تدخلت كل من مصر والأردن، وبات لهما سيطرة على جزء من الأراضي الفلسطينية، ثم قدمت مرحلة ياسر عرفات عام 1959، وأسّس مع أصدقائه حركة التحرير الوطني- فتح، ولم تكن صدفة أنه اختار الكويت مقرا له، إذ كانت تحت السيطرة البريطانية في ذلك الوقت".

وأشار الكاتب إلى أن "أولئك هربوا من تسلط الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر، وارتموا في أحضان الإنجليز، ولا سيما أن عبدالناصر، أعلن بعد تأسيس حركة بفتح بـ5 سنوات وتحديدا عام 1964، تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، بقيادة أحمد الشقيري وأُعْلِنت المنظمة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. وما لبث أن سيطر عرفات على المنظمة بعد هزيمة عبد الناصر في حرب عام 1967 ضد إسرائيل".

وبيّن أن المنظمة الفلسطينية تنقلت بين العواصم العربية، فبدأت في الأردن ثم انتقلت الى لبنان، ومنه إلى تونس، وكان لها في كل عاصمة جولات وصولات، حتى عام 1987، حيث خرجت للنور حركة حماس والتي عرفت نفسها بأنها "حركة مقاومة إسلامية" لتشكل بديلا، عن التيار الفلسطيني السائد في ذلك الوقت، لكن وفي هذه الفترة أيضا كانت إيران بالفعل قد سيطرت على منظمة أخرى ذات صبغة إسلامية انطلقت قبل حماس بقليل وهي "حركة الجهاد الإسلامي".

ولفت إلى أنه بعدما بقيت قيادة حماس في بلدان مثل الأردن وسوريا، اندلعت ثورات "الربيع العربي" في عام 2011، لينتقل مقرها الرئيسي إلى العاصمة القطرية الدوحة؛ فيما لا تزال "حركة الجهاد الإسلامي" تحت السيطرة المطلقة لدمشق وإيران.

وختم الكاتب مقاله بالقول: إن "وجود حماس كان نابعا من الغضب على الخط الذي ارتضته منظمة التحرير لنفسها، وأعلنت حماس عن سياسات بديلة لخط المنظمة وخط حركة فتح المتعلق بالسلام والارتهان الى أحضان أطراف خارجية، وإذا ما اتبعت حماس هذا النهج، فمن الطبيعي أن يخرج تيار آخر بديل عنها، لأن الحركات التي تتعارض مع الفلسفة المؤسسة والقواعد الأولوية عند انطلاقها، يتم استبدالها دائما بحركات جديدة".


المصادر