بلا وريث.. صحة السلطان قابوس تثير القلق بسلطنة عُمان

في ثالث رحلة علاجية له منذ عام 2014، غادر السلطان قابوس بن سعيد سلطنة عُمان مطلع الأسبوع الجاري، متوجها إلى بلجيكا لإجراء فحوصات طبية أثارت قلقا كثيرا داخل إحدى أعضاء مجلس التعاون الخليجي، الذي يشهد بدوره انقسامات بمنطقة مليئة بالاضطرابات.
وقالت قناة "أر تي بي أف" البلجيكية: "شهدت بلجيكا، في نهاية هذا الأسبوع، وصول شخصية هامة إلى أراضيها، إنه سلطان عُمان قابوس بن سعيد الذي يتولى السلطة في هذا البلد الخليجي منذ عام 1970".
وأضافت: "لكن منذ 2014، يبدو أن صحة هذا الزعيم تتدهور، فعلى الرغم من أنه وضع حقائبه في مدينة لوفين، فإن هذه الرحلة لم تكن بغرض السياحة، بل للعالج في المستشفى الأكاديمي"، مشيرة إلى أن المشاكل الطبية التي يعاني منها تبعث على القلق في بلده، لأن هذا الزعيم ليس له وريث.
وكان ديوان البلاط السلطاني أعلن، في بيان له، أن السلطان قابوس غادر البلاد، السبت، إلى بلجيكا لإجراء بعض الفحوصات الطبية، موضحا أنها ستستغرق فترة محدودة.
ورحلة بلجيكا، هي الثالثة للسلطان قابوس منذ عام 2014، حيث سبق أن غادر إلى ألمانيا في 9 يوليو/تموز 2014 لإجراء بعض الفحوصات الطبية، وقضى بها نحو 8 شهور قبل أن يعود للسلطنة في 23 مارس/آذار 2015.
كما أنه في 14 فبراير/شباط 2016، سافر السلطان إلى ألمانيا من جديد لمتابعة الفحوصات الطبية الدورية، في رحلة استغرقت نحو شهرين، وعاد بعدها إلى البلاد في 12 أبريل/نيسان من العام نفسه.
ووفقا للقناة البلجيكية فإن فندق ذا فورث (The Fourth) في لوفين أغلق أبوابه حتى نهاية يناير/كانون الثاني أمام الزبائن، بعد وصول سلطان عُمان، الذي سيقيم في المدينة لمدة شهرين.
ونوهت إلى أن الفندق ذا الأربعة نجوم، يقع في الميدان الكبير، وبه 42 غرفة فاخرة، ورغم أنه حجز بالكامل خلال احتفالات نهاية العام، سيتعين على الضيوف التخلي عن حجوزاتهم وإتاحة المكان للسلطان البالغ من العمر 79 عاما.
وأكدت "أر تي بي أف" أن إدارة الفندق لم تعلق على الوضع ولم تتشاور مع مشغلي الفنادق الآخرين، لكن بحسب ستيفن دوسولي، مدير الاتصالات والتسويق في لوفين، سيتم نقل أولئك الذين حجزوا في "ذا فورث" إلى فنادق أخرى، مشيرا إلى أنه لا يتوقع أي مشكلات في الفنادق مع عطلات نهاية العام.
وقالت القناة: إن وضع قابوس بن سعيد فريد من نوعه في العالم، فسلطنة عُمان هي الملكية الوحيدة على هذا الكوكب التي لا يوجد بها ولي للعهد، كما أنها واحدة من الدول القليلة التي يتمتع فيها الحاكم بالسلطة المطلقة، وفقا للدستور الأساسي الذي أقره السلطان بنفسه، ومع ذلك، فمن بين دول الخليج، يعد هذا استثناء، سواء من الناحية السياسة الداخلية أو العلاقات الدولية.
قائد متفرّد
ولفتت إلى أن مسار ورؤية سلطان عُمان يميزانه بالفعل عن نظرائه في دول الخليج، فقد تزوج من بنت عمه لبضع سنوات، لكن سرعان ما طلقها، ولم ينجب منها أطفال ولذلك لا يوجد ولي عهد للعرش، وهو وضع لا يمكن تخيله تقريبا بالنسبة للبلدان العربية الأخرى.
وأشارت القناة إلى أن الرحلات العلاجية العديدة لقابوس في ألمانيا وأخيرا بلجيكا، أثارت مخاوف بشأن خلافة البلاد واستقرارها، وفقا للدبلوماسيين، خاصة أن السلطان، ليس متزوجا في الوقت الحالي، وإضافة إلى الأطفال ليس لديه كذلك إخوة.
وأوضحت: من حيث حقوق الإنسان وحقوق المرأة، فإن البلاد تحرز تقدما، حيث حصلت النساء على حق التصويت في السلطنة منذ عام 1995، وبشكل عام، على الرغم من أنه لا تزال هناك تفاوتات قوية، إلا أنها تعتبر أفضل من مثيلاتها في البلدان المجاورة.
كما جعل السلطان قابوس نهضة عُمان وبناء وطنه وتحقيق رفاهية وسعادة شعبه أهم مرتكزات حكمه، فشهدت البلاد في عهده نقلة نوعية في التعليم والثقافة والصحة والاقتصاد والسياحة، بحسب القناة.
وتابعت: "أن السلطان قابوس بن سعيد حارب الصعود المتواضع للإسلام الراديكالي الداخلي، إذ لا تزال التوترات الدينية هامشية، وربما يرجع ذلك إلى انتشار، الإباضية، التي تدعو إلى احترام الأديان الأخرى".
حياد سياسي
وبحسب "أر تي بي أف"، فإن أحد الخصائص الرئيسية الأخرى التي تتميز بها سلطنة عُمان هو الاستقرار السياسي، فعلى الرغم من أنها تقع في منطقة تشهد تجاذبات بين السعودية وإيران، تمكنت عُمان من تجنب هذه النزاعات ووضع نفسها في موقع إستراتيجي كجار محايد، وذلك بفضل مواقف السلطان، الذي تمكن على مدار سنوات عديدة من الحفاظ على علاقات جيدة مع الجميع.
ونقلت القناة عن الصحفي جان فريديريك لاريج تريمبلاي القول: تعتمد السياسة الخارجية للسلطان قابون بن سعيد على مفهومين: عدم التدخل وعدم الانحياز، أي لا تعارض، ولا تشارك، ولا تتقيد بالتحالفات، وقد مكّن هذا الموقف البلاد من لعب دور الوسيط.
فبالنسبة للسعودية، رفض السلطان قابوس، المشاركة في التحالف الذي تقوده الرياض للحرب في اليمن منذ عام 2015، وأدى إلى انتقادات دولية كبيرة، كما لم يشارك في تحالف الدول العربية ضد تنظيم الدولة في سوريا والعراق، وفي الوقت ذاته تنفذ بلاده العديد من مشاريع التعاون الاقتصادي مع الرياض لربط شبكات أنابيب النفط بالساحل العماني، بحسب القناة.
وذكرت: كما أن علاقات عمان مع سوريا بشار الأسد لم تنقطع، وحرص وزير الخارجية السوري وليد المعلم على جعل رحلته الأولى إلى إحدى دول الشرق الأوسط، لسلطنة عُمان في أغسطس/آب 2015، احتفالا بدور الوسيط السلطان قابوس في الأزمة السورية.
مستقبل غير مؤكد
وخلصت القناة إلى أنه على الرغم من كل هذه العوامل، فإن استقرار البلد أصبح موضع شك، وذلك يعود إلى غياب وريث، وإلى العلاج الطبي الذي تكرر للسلطان.
ونوهت إلى أنه في حالة الوفاة، من المتوقع أن تجتمع العائلة للتوافق على اسم الخليفة في غضون ثلاثة أيام، وإذا لم تتمكن من الموافقة، فإن مجلس الدفاع هو الذي يعين الشخص الذي اقترحه السلطان.
وبحسب القناة، فإن الدستور العماني، يوجب على السلطان قابوس كتابة خطاب يعين فيه خليفته، وسيتم فتحه إذا لم تتمكن أسرته من الاتفاق على الخليفة الجديد. ورأت أنه على أي حال، فإن البلاد تأخذ منعطفا جديدا، وسط مخاطر من رؤية المشهد السياسي معطلا.