أبناء أبو مازن.. هكذا كونوا إمبراطوريتهم المالية في وقت قصير

أحمد علي حسن | منذ ٦ أعوام

12

طباعة

مشاركة

مهما حاول الرئيس الفلسطيني محمود عباس إبعاد أولاده عن المشهد السياسي، فإن ثروتهم الضخمة تضع علامات استفهام كثيرة حول الطريقة التي استطاعوا بها جمع هذه الأموال المقدرة بملايين الدولارات.

أموال تجمعت في حضن عائلة الرئيس الذي يضم إلى نسبه 3 أبناء، أكبرهم مازن الذي توفي عام 2002 بنوبة قلبية، وطارق ثم ياسر الذي ظهر مؤخرا مع والده في زيارات لدول عديدة كان آخرها زيارة إلى مصر في يناير/كانون الثاني 2019.

طارق وياسر محمود عباس اللذان تولى والدهما رئاسة السلطة الفلسطينية في يناير/كانون الأول 2005، ارتبطت أسماؤهما بتهم فساد كشفتها تقارير لوسائل إعلام أجنبية بين عامي 2009 و2015.

أحاديث ووثائق دارت عن استغلال الرجلين منصب والديهما وعلاقاتهما مع المسؤولين المقربين منه، لكن ذلك لم يثبت بشكل فعلي في ظل غياب الأدلة، والحماية التي يتمتع بها الاثنان انطلاقا مع كونهما أبناء الرئيس.

نجلا الرئيس

طارق رجل أعمال (50 عاما) من مواليد دولة قطر، وحاصل على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة شرق واشنطن، وصاحب تاريخ واسع من العمل التجاري والإداري.

عام 1988 بدأ حياته المهنية بالعمل في شركة الواحة للاستثمارات باليونان، ثم انتقل ليرأس مجموعة من الشركات التجارية والسياحية والإعلانية، والتي يتركز عملها في الأراضي الفلسطينية ودول الخليج والولايات المتحدة.

أثيرت حول طارق العديد من شبهات الفساد، على خلفية امتلاكه شقة فارهة في حي "ميرشنت سكوير" شرق لندن، بمبلغ 1.5 مليون دولار وفق ما نشرت دراسة لدائرة السجلات العقارية البريطانية عام 2012.

يستحوذ الرجل أيضا على الشركة العربية للاستثمار بنسبة 18 %، وهو ما أثبتته "وثائق بنما" التي أشارت إلى امتلاكه شركات وهمية تعمل في مجالات الأغذية والمعدات الطبية، بملايين الدولارات.

أما ياسر فهو أيضا رجل أعمال (54 عاما)، ومولود في قطر، وحاصل على درجة البكالوريوس في الهندسة المدنية، ولديه جواز سفر كندي ويقيم في هناك منذ سنوات.

ثروة ضخمة

معلومات استقتها "الاستقلال" من تقارير لوسائل إعلام أجنبية، بحثت في أصول الشركات التي يمتلكها نجلا الرئيس الفلسطيني، وتبين أن الثروة تقدر بنحو 120 مليون دولار، تشمل العقارات والشركات برؤوس أموالها وأرباحها السنوية.

لكن الخلافات بين عباس، والقيادي الذي طرده من حركة "فتح" النائب محمد دحلان، كشفت عن رقم أكبر يصل إلى نحو 300 مليون دولار، بحسب ما ورد في مقابلة مع موقع "عمون" الأردني في 8 يونيو/حزيزان 2016.

تفاصيل الأرقام تكشف عن أن الشركة العربية الفلسطينية للاستثمار (أيبك) التي تأسست عام 1994 برأس مال مصرح به يبلغ 100 مليون دولار، منها 75 مليونا كأصول مدفوعة.

طارق يشغل منصب نائب الرئيس للشؤون التنظيمية في الشركة، ويملك أسهما بقيمة نحو مليون دولار، وهو صاحب علاقة وطيدة مع رئيسها طارق العقاد الذي يستغل الصداقة في الحصول على تسهيلات.

أما الشركة العربية الفلسطينية لمراكز التسوق "برافو" التي تأسست عام 2000، فهي إحدى الشركات التابعة للشركة العربية الفلسطينية للاستثمار، ويبلغ رأس مالها نحو 10 ملايين دولار، ويشغل فيها طارق منصب نائب رئيس مجلس الإدارة.

وبالنسبة لشركة "سكاي" للدعاية والإعلان والعلاقات العامة التي تأسست عام 1996 ويديرها طارق، فهي إحدى استثمارات "أيبك"، وتعمل برأس مال يقدر بـ 845 دولار، وإجمالي مبيعات يفوق 3 ملايين.

وهناك أيضا شركة "تايكي فلسطين" للسياحة والسفر التي تأسست عام 2013، وتعود ملكيتها له بالشراكة مع كريم شحادة، وانطلقت برأس مال 42 ألف دولار، حصة طارق من أسهمها 15 ألف سهم.

أما فيما يتعلق بالعقارات، فللرجل شقة في لندن بـمليون ونصف المليون دولار في "ميرشانت سكوير" وفق سجل العقارات البريطاني 2012، و4 شقق أخرى في تونس بـ 550 ألف دولار اشتراهم بين عامي 2011 و2013.

ويمتلك أيضا أرضا في تونس بـ 130 ألف دولار بمساحة 15 ألف كيلو متر مربع اشتراها عام 2011، فضلا عن شقة في لبنان بـ 510 آلاف دولار اشتراها من صديقه عام 2013، وأخرى في أريحا بـ 195 ألف دولار اشتراها عام 2007.

مليونير العائلة

أما ياسر شقيق طارق، فاستطاع، وفق حديث صحفي نشره موقع "دنيا الوطن" المحلي عام 2009، تحقيق أرباح جيدة مهدت لتأسيس شركة عقارية باسم "فالكون"، تخصصت بعملية شراء وبيع العقارات، لاسيما المنازل والأراضي.

بحسب الرجل، فإن عمله توسع إلى: "تأسيس شركات أخرى متوسطة الحجم بعضها لم يكتب لها النجاح، لكن الحظ ضرب معه في "فالكون توباكو" التي أصبحت الوكيل الموزع لسجائر لوكي وكينت وفاليسروي الأمريكية".

المجموعة التجارية تضم شركات "فالكون إلكترو ميكانيكل"، و"فيرست فالكون"، و"فالكون غلوبل تلكوم"، و"فيرست أوبشن"، و"فالكون للاستثمارات العامة"، و"فالكون توباكو"، وجميعها تحقق عائدات سنوية وصلت 35 مليون دولار.

رأس مال الشركات الأربعة الأولى يوازي 3 ملايين دولار، باستثناء "فالكون للاستثمارات" التي يبلغ رأس مالها 5 ملايين دولار، في حين سجلت أصول التبغ  140 ألف دولار، بحجم مبيعات يتعدى 25 مليون دولار سنويا، وتواجه اتهامات بالاحتكار.

أما شقق ياسر فليست كثيرة مقارنة بعقارات طارق، فالأول يمتلك شقة واحدة بـ 170 ألف دولار في رام الله، مسجلة باسم زوجته هالة عباس، واشتراها من عمرو الحوراني سفير فلسطين في الدنمارك عام 2014.

فضيحة "الصقر"

معركة الخلافة مع دحلان داخل حركة "فتح" التي يرأسها عباس منذ سنوات، دفعت الأطراف المعادية إلى الكشف علنا عن علاقة أبنائه بثروة السلطة. 

ونظرا للعجز السياسي الذي يعانيه رئيس السلطة الفلسطينية، بدأ كبار المسؤولين في "فتح" وبعض الدول العربية بتسريب المعلومات إلى وسائل الإعلام حول فساده الحكومي.

في تقرير نشره مركز القدس للشؤون العامة عام 2016، تحت عنوان "محمود عباس" وأبنائه، تبين أن: ابني عباس يمتلكان مجموعة تجارية كبيرة تسمى "الصقر"، والتي استولت على تجارة الضفة الغربية وسوق العمل فيها. 

وحسب التقرير: فإن عباس يدعم المجموعة بشكل خفي، وعمل على ترتيب العديد من الظروف المواتية التي تمنح مصالح أبنائه مزايا على الشركات الفلسطينية الأخرى.

التقرير استند إلى معلومات صحفية كشفت عن أن: "المجموعة تحظى بدعم عباس الذى لا يدخر جهدا فى الوقوف بجانبها لدرجة نجاحه فى جلب حوالى مليون و890 ألف دولار مساعدات أمريكية للشركة.

وهنا لا بد من إشارة إلى إعلان محمد رشيد المستشار السابق للزعيم الراحل ياسر عرفات: أن محمود عباس نهب على الأقل 100 مليون دولار بطرق غير مشروعة، بحسب التقرير.

ثروة أبومازن ونجليه تضخمت بصورة كبيرة إذ أن الأموال الكبيرة التى جمعها ولدا عباس، ياسر وطارق، أصبحت حديث الشارع والمجتمع الفلسطينى.

وتداول الناس أخبارا عن: "قيام طارق بتهريب آثار من فلسطين إلى الخارج وسمسرة أراض وبيع توكيلات تجارية حصرية، وكل ذلك دون رقيب أو حسيب ويتم بقوة وسطوة أبو مازن".

كما تواجد اسم طارق ضمن "وثائق بنما" التى سُربت بعد تحقيق صحفى موسع، حيث كشفت عن امتلاك "طارق" أسهما بمليون دولار فى الشركة العربية الفلسطينية للاستثمار، والتى تملك السلطة 18% من أسهمها.

غياب المساءلة

الأرقام آنفة الذكر تبرهن سبب تمسك عباس برئاسة السلطة رغم تقدمه في السن، وتشير بشكل واضح إلى سعيه لاختيار خليفة له يحمي إمبراطورية ولديه الاقتصادية بعد تقاعده، وفق مراقبين.

لكن كل من سيخلف عباس سيحتاج إلى ترتيب البيت وتنظيف الفساد الحكومي، وهو ما سيعجز عنه الكثير من المقربين إليه، خاصة صائب عريقات، أمين عام اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، والذي حاول عباس تعيينه خلفا له.

هذه المحاولة اصطدمت بمعارضة داخل الحركة، خاصة من أعضاء لجنتها المركزية بزعامة جبريل الرجوب، فضلا عن أن عريقات يعتبر شخصية ضعيفة وتفتقر إلى المصداقية والشعبية.

في سياق هذه المحاولات في استغلال السلطة، حاولت "الاستقلال" التواصل مع جهات مخولة للحديث عن القضية، لكن الأمر تعذر نظرا لحساسية الموضوع، وغياب الأدلة حول الأرقام التي وردت في تقارير إعلامية.

تواصلنا بشكل مباشر مع "الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة – أمان"، الذي نشر مسبقا تقارير عن سوء إدارة المال العام، واستغلال أبناء المسؤولين لمناصب آبائهم في الحصول على بعض المنافع، كالتوظيف والحصول على امتيازات مالية.

وائل بعلوشة، مدير المكتب الإقليمي للائتلاف، نفى لـ "الاستقلال": وجود معلومات محددة لديهم، بخصوص موضوع أبناء الرئيس، لكن لدينا توجهات حول حوكمة المال العام".

ونفى أيضا وجود معلومات حول ثروة أبناء عباس، وإذا ما كانت تشكلت بسبب استغلال نفوذ والدهم، مبديا استعداد الائتلاف للتعليق على أية وثائق تثبت ذلك.