هذا ما قاله أردوغان أمام العالم.. لماذا غضبت مصر وإسرائيل؟

أحمد يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

"أردوغان صوتنا" (OurVoiceErdogan#) هاشتاج تصدر الترند العالمي على "تويتر"، عقب نحو 4 ساعات من إلقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 سبتمبر/ أيلول الماضي، وشارك فيه إضافة إلى الشعب التركي، شعوب عربية وإسلامية، بسبب القضايا الكبرى التي عرضها في كلمته. 

حمل خطاب أردوغان، أمام الجمعية العامة، ضجة كبيرة، بعد أن توسع في استعراض قضايا بلاده والعالم الإسلامي خاصة القضية الفلسطينية، حيث لقي ترحيبا تركيا وعربيا، فيما أثار غضب الإسرائيليين وحنقهم.

منذ وصوله للسلطة عام 2002، لا تنقطع جهود أردوغان، والحكومة التركية عن دعم الأقليات المسلمة والمسلمين المضطهدين حول العالم، سواء في فلسطين المحتلة، أو في محيطها الحيوي حيث يعاني المسلمون في بلغاريا واليونان ودول البلقان الأخرى، أو حتى على بعد آلاف الأميال من تركيا.

مع توسع تركيا وقوتها على الصعيد العسكري، والاقتصادي، وامتداد نفوذها، لتصبح دولة قوية ذات سيادة في الشرق الأوسط، وهو ما عبر عنه أردوغان بوضوح، مع إعلانه أن أنقرة تسعى إلى امتلاك سلاح نووي. فإلى أي مدى سيصل الحلم التركي؟ وإلى أين سيصل الصدام بين أردوغان وخصومه الإقليميين؟.

أردوغان صوتنا

الرئيس التركي قال في خطابه إن "إسرائيل لم تشبع"، مستعرضا خارطة فلسطين قبل احتلال إسرائيل لها حتى اليوم، ليُظهر لرؤساء العالم الدمار الذي حل في الأراضي الفلسطينية التي تتقلص يوما بعد يوم، حتى تكاد تتلاشى بسبب سياسة إسرائيل القائمة على الاستيطان ومصادرة الأراضي.

وأكد أردوغان أن "حدود إسرائيل تتوسع على حساب فلسطين، وقد وصلنا إلى درجة انعدام حدود فلسطين".

متسائلا: "لماذا لا يحرك العالم ساكنا في قضية فلسطين، ويراقب السياسات الإسرائيلية التي تقوم على استهداف المسجد الأقصى وفلسطين عموما، وهل الغاية من المبادرة المطروحة على أنها صفقة القرن القضاء على دولة فلسطين ووجود شعبها بصورة تامة؟".

وأردف: "أين حدود إسرائيل؟" هل هي حدود 1948 أو 1967 أم أن هناك حدودا أخرى لإسرائيل؟، فكيف يمكن نهب الجولان والضفة الغربية تحت نظر العالم. إسرائيل تتعمّد إنكار الواقع حتى مع توافر الأدلة والحقائق الكافية".

وانتقد أردوغان عدم تطبيق القرارات التي صدرت في الأمم المتحدة بخصوص القضية الفلسطينية، مؤكدا أن "مشاهد القتل الوحشية لامرأة فلسطينية بريئة من قبل قوات الأمن الإسرائيلية إذا لم تحرك الضمير فلم يعد للكلام معنى".

وتابع: "الحل يكمن في تأسيس دولة فلسطينية بأسرع وقت ممكن، تكون مستقلة وأراضيها متجانسة على أساس حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".

تصريحات الرئيس التركي حول الاستيطان والاعتداءات الإسرائيلية على القدس والمسجد الأقصى أثارت غضب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتهم بقضايا فساد، والذي زعم بعد ذلك أن الرئيس التركي "لا يتوقف عن قول معلومات غير صحيحة عن إسرائيل".

وقال نتنياهو: إنه ينصح الرئيس التركي "بالتوقف عن إسداء النصائح لإسرائيل".

تركيا النووية 

دائما وجه أردوغان انتقاداته إلى النظام العالمي، وإلى هيمنة 5 دول على مقدرات الأمور، وأمام الأمم المتحدة قال إنه "يتعين علينا إجراء الإصلاحات في مجلس الأمن".

وأضاف: أن "الموقف بشأن الطاقة النووية هو إما أن تكون محظورة على الجميع أو متاحة للجميع". محذرا من أن "عدم المساواة" بين الدول بشأن تلك المسألة تقويض للتوازن العالمي.

وبشأن أسلحة الدمار الشامل، قال "إما أن تمنع عن جميع الدول أو يسمح للجميع بحيازتها، لنحل هذه المشكلة بشكل عادل".

بعد تصريحات الرئيس التركي بيوم واحد، في 25 سبتمبر/ أيلول الماضي، أشار "مركز بحوث الأمن القومي" التابع لجامعة "تل أبيب" العبرية، في تقديره الإستراتيجي، إلى تصريحات أردوغان والتي تناول فيها بشكل "علني ومباشر وواضح، لأول مرة إمكانية أن تختار تركيا مسار التحول النووي العسكري"، مؤكدا أن توجهات وطموح أردوغان يحمل تهديدا ليس فقط لدول المنطقة بمن فيهم "إسرائيل"، بل للقوى العظمى العالمية.

وأوضح التقدير أن "تصريحات أردوغان تعكس رؤيته للوصول إلى قدرة نووية كتعبير عن مدى تطور تركيا"، لافتا إلى أن "الرئيس التركي ومنذ زمن بعيد يولي أهمية لتطوير صناعة السلاح التركي (بهدف التصدير أيضا)، ولبناء قدرات عسكرية مستقلة".

ونوه المركز في نشرته شبه الدورية بعنوان "نظرة عليا"، إلى أن "تركيا في هذا السياق، تشترط المشتريات العسكرية من جهات خارجية بالمشاركة في المعلومات، وتناول أردوغان في الماضي الإشكالية الكامنة في امتلاك إيران لصواريخ ذات مدى بعيد بينما لا توجد هذه لدى تركيا، وبالفعل في السنوت الأخيرة طرأ تقدم على صناعة السلاح التركية".

وسبق أن صرح أردوغان مطلع سبتمبر/ أيلول الماضي، في كلمة ألقاها أمام أعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم بمدينة سيواس التركية (التي انطلقت منها حرب الاستقلال)، أن "بعض الدول تمتلك صواريخ ذات رؤوس نووية، وليس واحدا أو اثنين، لكنهم يقولون لنا إننا لا نستطيع امتلاكها، وليس بوسعي أن أقبل بذلك".

المنطقة الآمنة

ومن نيويورك أعلن الرئيس التركي، أن مساعي أنقرة وواشنطن لإنشاء المنطقة الآمنة شرق الفرات، تجري وفق الجدول الزمني المحدد، وذلك بعد اتهامات سابقة بالمماطلة.

وقال أردوغان للصحفيين، "الاستعدادات على طول الحدود باتت مكتملة. الخطوات الفعلية القادمة بخصوص المنطقة، سيجري تقييمها من أجل اتخاذها وتنفيذها".

وفي 29 يوليو/ تموز الماضي، في بيان لوزارة الدفاع التركية، قال خلوصي أكار وزير الدفاع: "إن بلاده ستضطر لإنشاء منطقة آمنة في سوريا بمفردها، حال عدم التوصل لتفاهم مشترك مع الولايات المتحدة".

وحسب وكالة الأناضول التركية الرسمية، فإن البيان جاء في إطار اتصال هاتفي بين أكار، ونظيره الأمريكي مارك إسبر". وشدد أن تركيا هي الدولة الأنسب وصاحبة القوة القادرة على ضبط المنطقة الآمنة في سوريا. 

وفي كلمته طالب الرئيس التركي العالم بأسره بالمبادرة من أجل وقف الأزمة الإنسانية في سوريا، ودعا المجتمع الدولي إلى ضمان الأمان في مدينة إدلب السورية.

وقال أردوغان "لا يمكننا إيجاد حل دائم للمسألة السورية دون تكريس مفهوم يقف على مسافة واحدة من كافة المنظمات الإرهابية". وشدد على ضرورة القضاء على التنظيمات التابعة للعمال الكردستاني شرق نهر الفرات في سوريا.

وأشار إلى أن تركيا أنقذت 32 ألف مهاجر غير نظامي من الغرق في البحار خلال العام الحالي "وأرسلنا 58 ألف مهاجر من غير السوريين إلى بلدانهم".

وتأسف أردوغان لأن العالم نسي بسرعة الطفل السوري إيلان كردي الذي توفي غرقا أثناء محاولة عائلته الوصول إلى أوروبا عبر البحر، وأضاف: "لا تنسوا، قد يدور الزمان وتصبحون أنتم أيضا في موقف مماثل".

حماية القدس

وحرص أردوغان خلال زيارته إلى الولايات المتحدة، إلى التشديد على قضايا خارجية، تعد من عماد السياسة التركية، بعد أن حملتها وتبنتها الدولة، وعلى رأس تلك القضايا، قضية القدس، حيث قال أردوغان: "ما من قوة أو تهديد يستطيع ثني بلاده عن حماية وصون حقوق فلسطين والقدس، قبلة المسلمين الأولى".

وأوضح الرئيس التركي أن "قضية القدس لا تخص المسلمين في فلسطين وحدهم، بل هي شرف العالم الإسلامي البالغ عدده 1.7 مليار نسمة".

بعدها هاجم وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الرئيس التركي، على خلفية تصريحات الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال كاتس: "أنت آخر من يمكنه أن يعظ إسرائيل، فأنت لست سلطانا، وتركيا ليست الامبراطورية العثمانية!".

في السياق ذاته، كان للرئيس التركي دور كبير في مواجهة قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي اعترف بموجبه بالقدس عاصمة لإسرائيل في 6 ديسمبر/ كانون الأول 2017، إذ قدمت تركيا واليمن مشروع قرار للأمم المتحدة يؤكد اعتبار مسألة القدس من قضايا الوضع النهائي، التي يتعين حلها عن طريق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لتقر الأمم المتحدة به بأغلبية 128صوتا.

كما دعا أردوغان إلى قمة طارئة لمنظمة التعاون في تركيا عقب القرار، اعترفت فيها الدول العربية والإسلامية بالقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية، وذلك ردا على اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل.

صدام مع السيسي

أردوغان في تصريحات خلال لقائه الجالية التركية بالولايات المتحدة، أكد أن بلاده ستواصل البحث في قضية وفاة الرئيس المصري السابق محمد مرسي.

وقال أردوغان بهذا الخصوص: "وفاة الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي وهو ينازع في قاعة المحكمة وعدم السماح لأسرته بدفنه، جرح نازف بداخلنا".

وفي 26 سبتمبر/ أيلول الماضي، قال مراسل صحيفة "حرييت" التركية، عبر حسابه الشخصي على "تويتر"، إن "الرئيس التركي قرر مغادرة حفل العشاء الذي أقيم في الأمم المتحدة، بعد رؤيته الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حاضرا في القاعة".

المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد حافظ، شن حربا ضد الرئيس التركي، وقال إن "القاهرة تعرب عن بالغ الاستغراب والاستهجان تجاه تصميم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على مواصلة ادعاءاته وإصداره تصريحات واهية وباطلة".

وأشار حافظ إلى أنه "من المفارقات الساخرة أن تأتي تلك الادعاءات من شخص مثل أردوغان، على ضوء رعايته للإرهاب في المنطقة فضلا عما يرتكبه نظامه من انتهاكات صارخة في حق الشعب التركي الصديق، حيث يحاول أن يجعله رهينة لحرية زائفة وعدالة مزعومة".

لتعرب أنقرة عن رفضها للتصريحات المصرية وتصفها بأنها "مليئة بالكذب والافتراءات" ضد الرئيس رجب طيب أردوغان، ووصفت انتقاد الديمقراطية بتركيا من قِبل "القادمين للسلطة بالانقلاب" بـ"التراجيكوميدي".

جاء ذلك في بيان نشره المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية حامي أقصوي، الأربعاء، ردا على سؤال حول تصريحات المتحدث باسم الخارجية المصرية، الثلاثاء، ضد تركيا ورئيسها أردوغان.

وقال أقصوي: "نرفض التصريحات المليئة بالكذب والافتراءات ضد بلادنا ورئيس جمهوريتنا، والتي أدلى بها متحدث الخارجية المصرية متجاوزا حدوده". 

وشدد أقصوي على أن الإدارة الحالية في مصر تفضل تبني موقف عدواني مثلما فعلت ذلك عدة مرات في السابق، وذلك بهدف التستر على انتهاكات حقوق الانسان وتجاهل المطالب الأساسية للشعب المصري.