دعمه بقوة.. ماذا يمثل لترامب بقاء نتنياهو في السلطة؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "يني شفق" التركية، مقالاً للكاتب عبد الله مراد أوغلو، سلّط فيه الضوء على انتخابات الكنيست الإسرائيلي الأخيرة، مشيراً إلى أن النتائج كانت مخيبة لآمال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الدائم الأساسي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وقال الكاتب في مقاله، إن "ترامب كان يُعوّل كثيراً على فوز نتنياهو في الانتخابات لإتمام ما يُعرف بصفقة القرن وهي خطة السلام الأمريكية التي يقول ترامب أنها ستُنهي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني للأبد، دون أن يُعلن عنها بشكل رسمي، فيما كانت تُرشِّح معلومات أن الخطة ستُعلن عنها بُعيد الانتخابات الإسرائيلية".

فشل الخطة

وأشار إلى أن "خسارة نتنياهو للانتخابات قلب خطط ترامب كلها رأسًا على عقب"، مشدداً على أن ترامب اعتمد على نتنياهو لتحقيق خطة السلام الإسرائيلية الفلسطينية، والتي وصفها بأنها "صفقة القرن".

وفي هذا السياق، ذكر الكاتب أن علاقة ترامب- نتنياهو تتغلب على العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، حيث ركّزت سياسة ترامب في ما يتعلق بإسرائيل على إبقاء نتنياهو في السلطة وفي هذا السياق، زوّد ترامب إسرائيل بمكاسب كبيرة لا يُمكنها تحقيقها في ظل الظروف العادية.

وأوضح الكاتب: عكس نتنياهو هذه المكاسب في حملاته الانتخابية نتيجة لعلاقته الشخصية مع ترامب، وقد اعتمدت ذلك ضمن أساليب الدعاية لحزب الليكود، حيث عمدت الحملة الانتخابية لنتنياهو إلى مشاركة الصور التي تُظهر نتنياهو وترامب سويًا في كل من انتخابات 9 أبريل/نيسان الماضي و 17 سبتمبر/أيلول الجاري.

وتابع: يجب أن نلاحظ أن اليهود الليبراليين في الولايات المتحدة و "الديمقراطيين" غير مرتاحين لتدشين ترامب سياسته الإسرائيلية على العلاقة الشخصية التي أقامها مع نتنياهو؛ في وقت كان يُؤيِّد فيه الديموقراطيون والجمهوريون الرئيسيون صيغة " قيام الدولتين" في حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني ولكن سياسات قضم الأراضي التي يقوم بها نتنياهو تُقوّض هذا الاتفاق؛ بالإضافة إلى إن "صفقة القرن" آنفة الذكر لم تُشر لا من قريب ولا من بعيد لمشروع حل الدولتين.

ولفت إلى أن ترامب يستخدم السياسة الإسرائيلية التي تُركز على نتنياهو كأداة ضغط في السياسة الداخلية للولايات المتحدة الأمريكية، حيث يضغط من أجل تدفُّق موارد اللوبي الإسرائيلي المالية إليه وللجمهوريين في انتخابات 2020 كما أن المسيحيين الصهاينة الإنجيليين، من ناحية أخرى، يُوفرون للجمهوريين الدعم الجماهيري الإستراتيجي؛ وبالنسبة لترامب، الذي يخوض انتخابات التجديد العام المقبل فهو يرى أن أي سياسة إسرائيلية تُركِّز على نتنياهو تُعد إحدى الوسائل الفعّالة للحفاظ على التحالف هذا الدعم.

ولكن وأمام هذا الدعم غير المسبوق لنتنياهو، خيّب آمال ترامب بحسب تعبير الكاتب، حيث لم ينجح في الانتخابات التي جرت مرتين في ذات العام من تشكيل حكومة ائتلافيه بقيادته، وبعد أن حل في المرتبة الأولى في الانتخابات التي جرت في 9 أبريل/نيسان الماضي، بات في المرتبة الثانية في انتخابات الإعادة في 17 سبتمبر/أيلول الجاري.

هزيمة لترامب

ونوّه إلى أن هزيمة نتنياهو تعني هزيمة ترامب، وهذه النتيجة التي توصّل لها الكاتب بُعيد الانتخابات الإسرائيلية ونتائجها غير المتوقعة، ولاسيما وأن خطة السلام التي لطالما تحدث عنها ترامب مرتكزة بشكل رئيس على نتنياهو وتسويقه لها في أوساط المجتمع الإسرائيلي، وهو الذي كان أي ترامب يُخطط للإعلان عن الخطة بعد أيام قليلة من الانتخابات الإسرائيلية؛ الأمر الذي لم يحدث.

لأن الخطة كانت- كما ذكر الكاتب- مرتبطة بنتنياهو وفوزه؛ ما دفع بترامب للتخفيف من فداحة خطأه ومحاولة رد الاعتبار للعلاقة الإسرائيلية الأمريكية، وأنها قائمة على مبدأ الدول وليس العلاقة بين اشخاص، أي أن سياسة واشنطن المتعلقة بإسرائيل هي سياسة "مؤسساتية" وليست "شخصية".

وأوضح: بعد ثلاثة أيام من الانتخابات، أرسل ترامب المبعوث الخاص للشرق الأوسط جيسون غرينبلات إلى إسرائيل لتقييم الأضرار؛ كما انضم إلى هذا اللقاء كل من السفير الأمريكي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان والسفير الإسرائيلي لدى أمريكا واجتمع الأطراف كلها بحضور نتنياهو، ولم يُدلِ الطرفان بأي بيان، لكن قيل إن الاجتماع يحتوي على مصير خطة ترامب للسلام، ومسار جهود بناء الحكومة والتوترات الأخيرة بين الولايات المتحدة وإيران.

وتابع الكاتب: كما هو معروف فقد فاز حزب "أزرق أبيض" في انتخابات إسرائيل متقدمًا بمقعدين فقط على نتنياهو، وعليه فإن بيني غانتس، رئيس الأركان العامة السابق، مرشّح لمنصب رئيس وزراء هذه الكتلة، التي تسمى الجناح "يسار الوسط".

وأردف: لم يكن ترامب والبيت الأبيض يبحثان عن تواصل البتة مع غانتس، بل وحين الإعداد للخطة لم يكن غانتس ولا آراؤه قد أخذت في الحسبان، وكل هذا يأتي في وقت قد يكون هناك لقاء قريب يجمع بين رجلي إسرائيل في الساحة السياسية وهما "غانتس ونتنياهو" في وقت لم يتم تحديد لقاء يجمع الأطراف الإسرائيلية الأخرى مع غرينبلات.

ولفت الكاتب إلى الدوائر التي تدعم نتنياهو تراقب هذا التطور بعناية. السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو ما إذا كان ترامب يبتعد عن نتنياهو في وقت قال فيه إنه والأخير سيلتقيان لتوقيع اتفاقية دفاع مشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل وهذا التصريح كان عشيّة الانتخابات الإسرائيلية، إذ بيّن ترامب إن الاجتماع سيبدأ بعد الاجتماعات العامة للأمم المتحدة التي تنعقد في هذه الأيام، فيما لا يُرحّب بالأساس بيني غانتس المرشح لمنصب رئاسة الوزراء بهذه الاتفاقية، هذا عدا عن أن نتنياهو نفسه لم ينضم إلى اجتماعات الأمم المتحدة.

وختم الكاتب مقاله بالقول: كان يمكن أن يتغير الوضع لو أن نتنياهو حقق نتيجة يمكن أن تشكل حكومة وعليه ففي هذه المرحلة، يبدو أن خطط ترامب لنتنياهو قد انهارت؛ فقد  كان نتنياهو هو الدومينو الأكثر أهمية في لعبة ترامب. ومع سقوط هذا الحجر ستسقط حجارة ترامب الأخرى تباعاً.

يُذكر أن بنيامين نتنياهو وبيني غانتس، أبرز خصومه السياسيين، اتخذا "خطوة هامة" في اتجاه تشكيل حكومة جديدة، وفقاً لتصريحات أدلى بها الرئيس الإسرائيلي ريئوفين ريفلين. جاء ذلك بعد اجتماع استضافه الأخير بين الخصمين السياسيين. ولم تُعلن حتى الآن أية تفاصيل عما دار في الاجتماع، لكن بياناً مشتركاً صدر عن نتنياهو وغانتس أكد أن مفاوضي الجانبين سيجتمعان.

وجاءت نتيجة الانتخابات العامة، الثانية هذا العام، دون حسم للأغلبية. وفي محاولة للوساطة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي وغانتس، أوصى ريفلين بتشكيل حكومة من خلال التحالف بين حزب "الليكود" الذي يقوده نتنياهو، والذي فاز بـِ 31 مقعداً في البرلمان، وتحالف "أزرق أبيض" السياسي الذي يقوده غانتس، والذي فاز بـِ 33 مقعداً.