تعاون إيجابي.. ما أهداف زيارة وزير الخارجية الصيني إلى 3 دول أوروبية؟

استعرض موقع صيني مستجدات العلاقات بين بكين والدول الفاعلة في الاتحاد الأوروبي، مؤكدا على أن التعاون بين الطرفين بدأ يأخذ منحى إيجابيا.
وأشار موقع "الصين نت" إلى أن عضو مجلس الدولة، وزير الخارجية الصيني، تشين قانغ، زار ألمانيا وفرنسا والنرويج في الفترة من 8 إلى 12 مايو/ أيار 2023 بعد دعوة من تلك الدول.
وأوضح أن هذه الدعوة تأتي على خلفية زيارة القادة الأوروبيين للصين في الأشهر الأخيرة، كما تعد زيارة "قانغ" إلى أوروبا خطوة أخرى في سبيل تعزيز الدبلوماسية بين الجانبين.
كذلك، تأتي الجولة بهدف تعزيز الحوار وزيادة الثقة وتبديد الشكوك بين الجانبين، حسب الموقع الصيني.
وأفاد التقرير بأن تلك الإشارة واضحة ومرحب بها على نطاق واسع، حيث صرح سفير الاتحاد الأوروبي لدى بكين (خورخي توليدو ألبينانا)، أن زيارة "قانغ" تمثل خطوة إيجابية لكل من الصين وأوروبا.
وقال إن "تعزيز تنفيذ التعاون بين الجانبين هو الهدف الرئيس لزيارة قانغ، وبالأخص، تهدف الزيارة إلى ألمانيا للتحضير للجولة السابعة من المشاورات الحكومية المشتركة (لم يحدد موعدها)".
وحسب الموقع، فإن هذه ستكون أول مشاورات حكومية وجها لوجه بين الجانبين منذ تفشي وباء كورونا أواخر عام 2019، كما أنها ستكون أول لقاء شامل بين الحكومتين الجديدتين في البلدين.
تعدد الأقطاب
وهذا ما أكده المستشار الألماني، أولاف شولتز، الذي قال إنه "يتطلع بشدة إلى إجراء هذه المشاورات".
وأردف شولتز أن "ألمانيا، بصفتها الدولة المضيفة، تقوم باستعدادات نشطة للمشاورات المهمة، وهي مستعدة للعمل مع الصين لضمان تحقيق نتائج إيجابية".
وأردف أنه في "سياق تعدد الأقطاب في العالم، يجب التمسك بالمساواة بين جميع الأطراف من أجل حماية السلام العالمي بشكل مشترك".
وتابع: "ألمانيا تولي أهمية لدور الصين وتأثيرها، ومستعدة لتعزيز التواصل معها بشأن القضايا الرئيسة مثل أزمة أوكرانيا".
كما اتفق الجانبان على زيادة التنسيق في المجالات المتعددة وتعزيز التعاون في إطار مؤتمر المناخ "COP 28" (الذي تستضيفه دبي الإماراتية بين 30 نوفمبر/ تشرين الثاني و12 ديسمبر/ كانون الأول 2023)، والتنوع البيولوجي وغيرها.
وفيما يخص باريس، أكدت وزيرة الخارجية كاثرين كولونا، على أن "فرنسا لا تنخرط في مواجهة بين التكتلات وترى أنه يتعين على جميع الدول العيش في وئام وتحقيق التنمية المشتركة".
وأشارت كولونا إلى أن "بكين تلعب دورا مهما في السلام والاستقرار العالميين"، مؤكدة أن "فرنسا مستعدة لتعزيز التواصل مع الصين بشأن القضايا الدولية والإقليمية الكبرى مثل الأزمة الأوكرانية، والسعي إلى إيجاد المزيد من الأرضيات المشتركة".
وبالنسبة للنرويج، التي ستحتفل مع الصين عام 2024 بالذكرى السبعين للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين، تعزز زيارة "قانغ" الثقة المتبادلة والتعاون، وفق الموقع الصيني.
وأكد "الصين نت" أن أوروبا تمر في الوقت الراهن بجولة من الانتقادات والتحليلات المعمقة حول إستراتيجية بكين وكيفية فهمها، والتي تعد مثار جدل بين الكثيرين.
وأوضح التقرير أنه "من المثير للاهتمام أن وزير الخارجية الصيني الجديد أجرى جولة أوروبية، ما يجعل موقف الصين واضحا، ويساعد على توفير تفسير موضوعي وهادئ للوضع الراهن".
وأكد أن مثل هذه الجولة "تسمح للأوروبيين بتقييم نوايا الصين وفهمها بشكل أفضل، وهذا بدوره يمهد الطريق أمام الحوار والتفاهم".
تعاون براغماتي
وبين أن "التعاون البراغماتي لتعزيز العلاقات الثنائية، ومعالجة الخلافات بطريقة هادئة ومنطقية، ووقف الخسائر في بعض المجالات في الوقت المناسب، هي عناصر الدبلوماسية الناضجة".
وخلال جولة "قانغ" في أوروبا، منحت ألمانيا موافقة نهائية لشركة صينية للاستحواذ على حصة كبيرة في مشغل محطة الحاويات الإستراتيجية في ميناء هامبورغ.
ووفق التقرير، فإن هذا الاتفاق يمثل إشارة إيجابية نسبيا للعلاقات الصينية-الأوروبية".
ومع ذلك، فإن التقارير الإعلامية الأخيرة تفيد بأن الاتحاد الأوروبي يخطط لفرض عقوبات على سبع شركات صينية؛ بسبب توريد معدات من المحتمل أنها استخدمت لدعم الغزو الروسي لأوكرانيا.
ونقل الموقع الصيني ما كتبه أحد الدبلوماسيين الصينيين، ردا على هذا التحرك، قائلا: "بينما تحاول بكين تعزيز السلام الذي يصب في مصلحة أوروبا، فإن الاتحاد الأوروبي بدوره يطعنها في ظهرها".
وقال: "ومن خلال هاتين النقطتين، ليس من الصعب رؤية ازدواجية وتعقيد سياسة أوروبا تجاه الصين، حيث إن القوى الصديقة والعقلانية في (بروكسل) في موقف دفاعي الآن ضد بكين".
وتابع: "بعض الأوروبيين لديهم بالفعل سوء فهم عميق وتصورات خاطئة عن الصين، وفي ظل تأثير الخطاب السام للولايات المتحدة والغرب اليوم، تعززت هذه الأفكار المغلوطة، ما يزيد من تدهور الأجواء في العلاقات بين بكين وأوروبا".
أربع مشكلات
وشدد الموقع الصيني على أنه "بصورة عامة، تواجه العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين أربع مشكلات رئيسة".
أولها "عقدة أوكرانيا غير الضرورية"، وثانيها الرغبة الخطرة في التدخل في الشؤون الداخلية الصينية وخاصة قضية تايوان التي ترى بكين أنها جزء من أراضيها.
أما المشكلة الثالثة فهي الاستنتاج الخاطئ بأن التفاعل الاقتصادي والتجاري المتبادل بين الصين وأوروبا هو "مخاطرة" بالنسبة للاتحاد الأوروبي.
"بينما تتمثل المشكلة الرابعة في الانحياز والتبعية لإستراتيجية واشنطن الشاملة لاحتواء الصين"، حسب التقرير.
ولذلك، وخلال جولته في أوروبا، ركز "قانغ" على هذه القضايا الأربع، وتحدث مع الجانب الأوروبي حيالها.
وأشار الموقع الصيني إلى أنه "يجب أن نلاحظ هنا أن هذه المشكلات تنبع من رؤى ضيقة، وتحيزات مفرطة، ومعتقدات مغلوطة لبعض الأشخاص في أوروبا، لكن مع وجود نظرة إستراتيجية ومدى نظر بعيد، فإنه ليس من الصعب حلها".
وأردف: "الآن، يبدو أن بعض الأشخاص في أوروبا متشبثون بمواقفهم الخاطئة، ومن الصعب إقناعهم بالتراجع، قد نحتاج إلى المزيد من الصبر والانتظار حتى يتنبهوا من تلقاء أنفسهم".
وأوضح التقرير أنه "على الرغم من التحديات التي واجهت العلاقات الصينية الأوروبية في الفترة الأخيرة، فإن الاستثمارات الفرنسية والألمانية في الصين قد شهدت زيادة بنسبة 60.8 بالمئة على التوالي خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام 2023.
وأكد أن "هذا يدل على القوة القاهرة للمصالح الاقتصادية"، مضيفا أنه "إذا لم يتدخل بعض الأشخاص سياسيا في أوروبا، فستصبح أكثر استقلالية وأمانا، نتيجة للتعاون الخارجي المزدهر".
وأردف: "تحتاج العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي إلى مزيد من الثقة والطموح، ولا ينبغي أبدا أن يكون وضع خطوط حمراء ضد الطرف الآخر هدفا لأي من الجانبين".
وختم الموقع بالتأكيد على أن "العلاقات الصينية الأوروبية قادرة على التطور "بلا حدود"، وأنه "إذا استمعت إلى الجانب الصيني بصدق، فإن أوروبا ستكون أقل تشوشا وتعقيدا".