"العدالة أم المصلحة؟".. اتفاقية الصيد البحري مع المغرب تضع أوروبا في مأزق

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت  صحيفة "الإندبندينتي" الإسبانية الضوء على معضلة تجديد أوروبا اتفاقية الصيد البحري مع المغرب، التي توشك على الانتهاء صيف 2023، والتي تسعى جبهة البوليساريو ممثلة إقليم الصحراء لإلغائها. 

وتتعلق اتفاقية الصيد البحري بنحو 120 سفينة صيد (80 بالمئة منها إسبانية)، ‏تمثل 11 دولة أوروبية، وهي: إسبانيا، والبرتغال، وإيطاليا، وفرنسا، وألمانيا، وليتوانيا، ولاتفيا، وهولندا، وإيرلندا، وبولندا، وبريطانيا.

وتستخرج هذه السفن من المياه المغربية 83 ألف طن سمك سنويا، تمثل 5.6 بالمئة من ‏مجموع صيد الأسماك في كل المياه المغربية.

وتصر الرباط على أحقيتها في إقليم الصحراء، وتقترح حلا لذلك حكما ذاتيا موسعا تحت سيادتها، بينما تطالب "البوليساريو" بتنظيم استفتاء لتقرير المصير،  وترفض أي اتفاقات دولية حول الإقليم يبرمها المغرب.

حيرة أوروبية

وقالت صحيفة الإندبندينتي إن صلاحية اتفاقية الصيد الحالية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، والتي أعلن القضاء الأوروبي أنها غير قانونية سابقا، تنتهي في 17 يوليو/ تموز 2023.  

وأضافت: في الحقيقة، أثار عامل الوقت مخاوف الاتحاد الأوروبي، وأطلق صافرات الإنذار في مجلس وزراء الزراعة والثروة السمكية، بقيادة الإسباني لويس بلاناس. 

ويعد بلاناس مدافعا شرسا عن فكرة تمديد فترة هذه الاتفاقية بينما تحسم محكمة العدل في الاتحاد الأوروبي في حكم الاستئناف المقدم من بروكسل ضد الانتصار التاريخي لجبهة البوليساريو.

وكانت المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي قد قررت في سبتمبر/ أيلول 2021، أن الاتفاقية باطلة، بحجة أنه تم الاتفاق عليها دون موافقة الشعب الصحراوي وممثله جبهة البوليساريو، في انتهاك واضح للقانون الدولي.

وتجدر الإشارة إلى أن أسطول السفن لا يزال معلقا الآن بينما تتخذ محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي قرارها النهائي بعد الاستئناف المقدم من مجلس الاتحاد الأوروبي في ديسمبر/ كانون الأول 2021. 

وبحسب مصادر من الممثلين القانونيين لجبهة البوليساريو، استشارتها الإندبندينتي، فمن المرجح أن يصدر الحكم في الربع الأخير من هذا العام، وربما في نهاية السنة.

ونقلت الصحيفة عن محامي البوليساريو، الفرنسي جيل ديفيرز، قوله إنه: "فيما يتعلق بالصحراء، نعلم جميعا أن القادة السياسيين الأوروبيين مستعدون لفعل أي شيء للدفاع عن اتفاقية الصيد وترسيخ الاستعمار المغربي، من باب المصلحة المطلقة". 

وأضاف: "إذا حاول قادة الاتحاد الأوروبي التوصل إلى اتفاق جديد اعتبارا من يوليو، فإن الإجابة واضحة: سنقوم برفع دعوى قضائية أخرى نطالب فيها بالإلغاء الفوري والتعويض الاقتصادي عن الأضرار التي لحقت بالشعب الصحراوي".

وقد تم مناقشة هذه المسألة في 13 مارس/ آذار 2023 في مجلس وزراء الزراعة والصيد البحري الأوروبي بناءً على طلب لاتفيا وليتوانيا وبولندا، الدول التي لديها أسطول بحري بارز في المياه المغربية والتي تشعر بالقلق إزاء حالة اتفاقية الصيد. 

وقدمت الدول الثلاث التماسا للمفوضية الأوروبية لتمديد بروتوكول اتفاقية الشراكة مع المغرب حتى صدور حكم المحكمة.

ونقلت الصحيفة أن غالبية الدول تدعم هذا الإجراء، بما في ذلك إسبانيا. وفي هذا السياق، عبّر بلاناس عن ثقته في أن الحكم سيكون إيجابيا.

وأضاف الوزير: "لقد دافعنا دائما، أمام المفوضية والمجلس، عن شرعية الاتفاق ونأمل أن يكون القرار إيجابيا، رغم أنها قد تؤخر إبرام البروتوكول"، مدركا أن الرباط تطلب الحصول على "ضمانات" حول إيجابية الحكم لإعادة التفاوض بشأن الاتفاقية.

واشارت الصحيفة الإسبانية إلى أن تجديد الاتفاقية كان مطروحا على الطاولة منذ أشهر، ونوقش خلال الزيارة الأخيرة التي أداها بلاناس، السفير السابق لإسبانيا في المغرب، إلى الرباط في إطار الاجتماع رفيع المستوى بين إسبانيا والمغرب.

وأظهر  البلدان في ذلك الاجتماع انسجاما جديدا في العلاقات الثنائية بعد التغيير التاريخي والمثير للجدل في موقف الحكومة الإسبانية بشأن نزاع الصحراء. 

في مواجهة احتمال تعليق الصيد، وعد بلاناس "بالبحث عن آليات الدعم التي قد تكون قابلة للتطبيق على كل من مالكي السفن والصيادين". 

الحكم النهائي

وأشارت الصحيفة إلى أن جبهة البوليساريو واثقة من أن محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي ستصدق على الحكم الأولي. وتدعي أن لا المجلس ولا اللجنة قد قدموا حججا جديدة.

وقال أوبي بشير، القائم بأعمال مندوب المنظمة الصحراوية في بروكسل: "حاولت إسبانيا إعادة التفاوض على اتفاقية الصيد مع المغرب، لكن لم يكن هناك رد إيجابي من المؤسسات الأوروبية لأنه سيكون انتهاكا صارخا آخر لحكم سنة 2021". 

وشدد بشير على أنه "صحيح أن المحكمة تركت الاتفاقية سارية المفعول بانتظار القرار الجديد لكنها أغلقت الباب أمام أي تفاوض جديد". 

في هذا السياق، ترى الدبلوماسية الصحراوية أن حدوث انتكاسة في المحاكم الأوروبية أمر غير مرجح، تشير الصحيفة الإسبانية.

ويقول بشير: "لا يمكن لمحكمة العدل أن تحكم ضد اجتهادها القضائي، الذي يؤكد حقيقة أن الصحراء والمغرب إقليمان مختلفان ومنفصلان؛ وأن للشعب الصحراوي الحق في تقرير المصير؛ وأن البوليساريو هي الممثل الشرعي للصحراء؛ ويجب أن يحصل أي اتفاق اقتصادي يتعلق بالموارد الطبيعية على موافقتهم".

ونقلت الصحيفة أن إصدار حكم لصالح البوليساريو سيؤدي إلى زيادة تعقيد العلاقات بين بروكسل والرباط، التي تضررت بالفعل جراء تورط المغرب في مخطط رشوة أعضاء البرلمان الأوروبي.

فضلا عن التحقيق بتهمة التجسس باستعمال برنامج بيغاسوس وتورط النظام المغربي في ذلك؛ والإدانة التاريخية لقمع الصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان.

عموما، يمكن نشر الحكم في خضم الحملة للانتخابات العامة الإسبانية، ما يضيف عنصر توتر جديد للعلاقة التفضيلية مع المغرب التي حولها الحزب الاشتراكي إلى محور سياسته الخارجية، ما تسبب في كسر العلاقات الدبلوماسية مع الجزائر.

ويقول محامي البوليساريو، إنهم "مصممون على مواصلة المشوار، ونريد قطع أموال الاتحاد الأوروبي التي تمول الاستعمار المغربي".

ويضيف: "في السنوات القادمة، لن يكون أمام الدول الأوروبية خيار سوى التفاوض على اتفاقياتها مع البوليساريو إذا كانت ترغب في تجديد تراخيص الصيد الخاصة بها".

ويختم قائلا: "يجب أن يكونوا حذرين من اليوم بشأن القرارات التي يتخذونها في المستقبل".