ضعيف ويمثل خطرا عليها.. هل تعارض الإدارة الأميركية تعويم النظام السوري؟ 

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

نشر موقع بريطاني تقريرا حول موقف الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس، جو بايدن، من موجة التطبيع الجارية مع رئيس النظام السوري، بشار الأسد.

وأكد موقع "ميدل إيست آي" بنسخته الفرنسية، أن "استمرار الأسد في منصب الرئاسة لا يشكل خطرا على المصالح الأميركية، وذلك لضعف حكومة الأسد".

ووصف إدارة بايدن بأنها "تفتقر إلى سياسة خارجية متماسكة تجاه سوريا".

وقال الموقع: "بينما تخفت تغطية الإعلام الدولي للصراع في سوريا، يستمر نظام الأسد في الاندماج من جديد في الحظيرة الدبلوماسية العربية".

ومنذ أواخر عام 2018، طبعت مجموعة من دول المنطقة علاقاتها مع دمشق، منها الإمارات وسلطنة عمان وغيرها.

محو الماضي

واعتبر الموقع أن "زيارة الأسد إلى الإمارات في مارس/ آذار 2022، ثم في 19 مارس 2023، أظهرت رغبة بعض القادة العرب في رؤية عودة دمشق من جديد في جامعة الدول العربية".

وأشار إلى "تأثير الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا، في 6 فبراير/ شباط 2023، على مسار إعادة دمج نظام الأسد في المنطقة".

ويرى الموقع أن "عدة حكومات في الإقليم تستخدم مسألة تقديم الإعانات الإنسانية لضحايا الزلزال من السوريين، كذريعة للتعاون مع حكومة الأسد".

كما أكد أنه "من المرجح أن ينضم أولئك الذين طبعوا علاقاتهم مع الأسد مرة أخرى إلى دعوات الغرب لتخفيف العقوبات، لكنهم سيتجاوزون القدر الذي وافقت عليه إدارة بايدن بالفعل".

وذكر الموقع البريطاني أن "90 بالمئة من السوريين كانوا يعيشون بالفعل تحت خط الفقر قبل الزلزال، وأن هناك ما يصل إلى 5.3 ملايين سوري بلا مأوى".

وأضاف أن دولا مثل الإمارات، والبحرين، والأردن، "تعتقد أنه من الواقعي إعادة الاعتراف بشرعية حكومة الأسد، ووضع حد للماضي".

وإحدى الحجج التي قدمها بعض المسؤولين العرب، هي أن دمشق من المرجح أن تنأى بنفسها بدرجة ما عن طهران إذا أعادت الدول العربية العلاقات مع الأسد.

"لكن هذا الاتجاه الإقليمي نحو إعادة تأهيل النظام في دمشق لا يروق لواشنطن"، حسب "ميدل إيست آي".

وندد أعضاء في الكونغرس الأميركي بالتطبيع مع الأسد، واصفين إياه بأنه "مخز"، كما أن بايدن – مثله مثل نظيره السابق دونالد ترامب- يعارض أن يطبع شركاء بلاده في الشرق الأوسط علاقاتهم مع الأسد.

وفي يناير/ كانون الثاني 2023، صرح المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، أن واشنطن "أوضحت لجميع حلفائها وشركائها أن الوقت الحالي ليس هو الوقت المناسب لتطبيع العلاقات أو تحسينها مع النظام السوري".

وشدد المسؤول الأميركي على أن واشنطن لا تدعم "إعادة تأهيل الديكتاتور الوحشي بشار الأسد"

ورغم الزلزال المدمر، أكد برايس أن "الكارثة لن تجعل إدارة بايدن تعيد النظر في موقفها من افتقار حكومة الأسد إلى الشرعية".

لكن في المقابل، أكد "ميدل إيست آي" أن "الولايات المتحدة غالبا ما ستتجنب اتخاذ خطوات ملموسة لمنع الدول العربية أو تركيا من المصالحة مع دمشق".

بايدن وقيصر

وحسب الموقع البريطاني، فإن "قانون قيصر" هو أقوى أداة تملكها واشنطن للتأثير على علاقات سوريا مع الدول العربية الأخرى.

فلا يقتصر هذا التشريع - الذي أقرته إدارة ترامب عام 2020- على فرض عقوبات شديدة على سوريا فحسب، بل يعاقب أيضا الأطراف الأخرى التي تقيم علاقات تجارية مع نظام الأسد.

وأكد "ميدل إيست آي" أن فكرة منع إعادة الإعمار في ظل وجود الأسد على رأس السلطة، تبدو هدفا أميركيا في ظل إدارتي كل من ترامب وبايدن.

من جانبه، رأى أستاذ التاريخ في جامعة ميشيغان، خوان كول، أن "العقوبات الأميركية تلحق الضرر بالمدنيين السوريين الأبرياء وليس لها فرصة لإسقاط نظام الأسد".

وأضاف: "إنه موقف خاطئ، ولا يصدر من قوة عالمية مسؤولة، فليس من مصلحة أحد أن يعيش ملايين السوريين في بؤس ويُمنعون إعادة الإعمار بعد الحرب".

ورغم أن قانون قيصر يفاقم المعاناة الإنسانية في سوريا وفق البعض، إلا أن منتقدي نهج بايدن تجاه سوريا يحاججون بأن إدارته متساهلة للغاية في تطبيق هذه العقوبات الشاملة.

وفي وقت سابق من عام 2022، قال عضو جمهوري كبير في الكونغرس لموقع "المونيتور" الإخباري، إن "مجلس النواب -الذي يهيمن عليه الجمهوريون- سيضغط أكثر على بايدن لدفعه إلى تكثيف تطبيق قانون قيصر".

كما أعرب بعض الجمهوريين عن غضبهم بعد قرار إدارة بايدن تعليق العقوبات لمدة ستة أشهر، لتسهيل جهود الإغاثة الإنسانية.

واعترض على القرار رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي، مايكل ماكول، والعضو الرفيع المستوى في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، جيمس ريش.

ووصف البيان قرار إدارة بايدن بالسماح بالمعاملات المباشرة مع نظام الأسد بأنه "صفعة على وجه الشعب السوري".

واعتبر العضوان الجمهوريان بالكونغرس أن السماح بالمعاملات المباشرة مع نظام الأسد "سيفتح الباب أمام سرقة النظام السوري للمساعدات وسيتم إساءة استخدامه لإنشاء مسار لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد".

ومع ذلك، يبقى أن نرى ما إذا كانت واشنطن ستعاقب الكيانات الخليجية أو دول الشرق الأوسط الأخرى لانتهاكها العقوبات الأميركية على سوريا، أو في حالة ممارسة أعمال تجارية مع النظام، يقول الموقع البريطاني.

أولويات واشنطن

وعلى أي حال، فإن قانون قيصر لا يمنع دعم الشرعية المزعومة للنظام السوري من خلال الخطوات الدبلوماسية التي لا علاقة لها بالعلاقات التجارية، مثل إعادة فتح السفارات في دمشق، واستضافة وفود من دمشق. 

ووفقا لبعض الخبراء، فإن إدارة بايدن "لا تهتم كثيرا بتطبيع أعضاء مجلس التعاون الخليجي، والأردن، وتركيا مع حكومة الأسد، ولن تغير واشنطن شيئا في علاقاتها الثنائية مع هذه الدول لاقترابهم أكثر من دمشق".

وفي سياستها الخارجية، تركز إدارة بايدن على تعزيز وحدة الناتو ضد روسيا في سياق الصراع القائم في أوكرانيا، ومواجهة الصين، ومعالجة الملف النووي الإيراني.

ووفق مدير مركز دراسات الشرق الأوسط، نادر هاشمي، فإن "سوريا حاليا تحتل مرتبة منخفضة جدا في قائمة أولويات السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، فبعد هزيمة (تنظيم الدولة)، بات ما يحدث في سوريا لا يهم إدارة بايدن حقا".

بدوره، يرى الباحث في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، ديفيد دي روش، أن "إدارة بايدن ليست لديها العزم الكافي لاتخاذ خطوات قد تمنع حكومة الأسد من الاندماج في محيطها العربي".

وحذر "دي روش" من أن استخدام الإجراءات القسرية لثني الدول العربية عن المصالحة مع دمشق "قد يأتي بنتائج عكسية على مصالح واشنطن".

وأوضح أن "الخيار الأكثر واقعية بالنسبة لإدارة بايدن لوقف عملية إعادة تأهيل الأسد هو من خلال الحوار، حيث على المسؤولين في واشنطن أن ينخرطوا في مناقشات مع شركائهم الأمنيين حول إيجابيات وسلبيات التقارب مع الأسد".

فيما أكد الموقع أن "من وجهة نظر البيت الأبيض، أن استمرار الأسد في منصبه لا يمثل تهديدا ذا بال بالنسبة لمصالح الولايات المتحدة".