3 بنوك أميركية تعلن إفلاسها.. وكالة تركية ترصد الأسباب والتداعيات

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

في 10 مارس/ آذار 2023، أعلنت الجهات الرقابية في ولاية كاليفورنيا، غلق مصرف "سيلكون فالي" البالغ حجم أصوله 210 مليارات دولار، بعد أن واجه أزمة سيولة، وتلاه بنكا "سيغناتشر" و"سيلفرغيت".

وسلطت وكالة الأناضول التركية الضوء على أسباب هذه الأزمة المصرفية التي يعاني منها الاقتصاد الأميركي، الأكبر بالعالم، وسط مخاوف من تداعيات مقلقة لها على بقية الاقتصادات.

انهيار البنوك

وبدأت الوكالة تقريرها بالإشارة إلى أن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي رفع سعر الفائدة من 0.25 إلى 0.5 بالمئة لتبلغ  4.75 بالمئة، في أحدث خطواته قبل أسابيع لمكافحة التضخم. 

وعند رفع أسعار الفائدة، ترتفع أيضا أسعار الفائدة على سندات الدين الحكومية. وهي نوع من الاستثمار القائم على الديون، حيث يقوم المستثمر بإقراض المال إلى الحكومة مقابل معدل فائدة متفق عليه على المدى القصير أو المتوسط أو الطويل.

ومع ظهور سندات جديدة بأسعار فائدة أعلى نتيجة سياسة رفع الفائدة، تنخفض قيمة السندات الحكومية القديمة ذات أسعار الفائدة المنخفضة في السوق. 

من ناحية أخرى، تشتري البنوك الكثير من السندات الحكومية لأنها تعدها التزامات قانونية وخالية من المخاطر.

وبينما كان الاحتياطي الفيدرالي يرفع أسعار الفائدة بسرعة، تآكلت قيمة السندات المودعة في البنوك الأميركية بسرعة. وطالما أن البنوك لا تبيع هذه السندات المستهلكة، فلن تكون قد أدركت الخسارة. 

وبينما بلغت الخسائر غير المحققة في السندات حوالي 75 مليار دولار خلال الأزمة المالية لعام 2008، زادت هذه الخسائر التي لم تتحقق بعد إلى ما بين 600-700 مليار دولار في الفترة الماضية.

واتضح أن بعض البنوك في الولايات المتحدة اشترت كميات مفرطة من السندات في ميزانياتها العمومية، وعندما بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة، لم تتوقع أن تنخفض قيم السندات، ولم "تتحوط" من مخاطره، ولم تكن قد أمَّنت هذه السندات.

لكن مع انتشار شائعات عن عجز في السيولة لدى البنوك نتيجة سياسة رفع الفائدة، توجهت شركات التكنولوجيا التي يودع أغلبها أموالها ببنك وداي السيلكون لسحب الأموال، وأصبحت هذه البنوك غير قادرة على سداد دفعاتها في وقت قصير جدا. 

لأن البنوك كانت قد قامت باستثمار الودائع التي جمعوها من عملائهم في السندات الحكومية لكسب المال.

ومع ارتفاع أسعار الفائدة ذابت قيمة السندات، ولم تتمكن البنوك من بيع السندات ودفع الأموال عندما طلبها المودعون. 

ونتيجة لذلك، أفلست بنوك "سيليكون فالي" و"سيغناتشر" و"سيلفرغيت".

تدخل الحكومة

ولفتت الوكالة التركية إلى أن شركة تأمين الودائع الفيدرالية في الولايات المتحدة تضمن لكل صاحب حساب في حال انهيار أحد البنوك ما يصل إلى 250 ألف دولار.

ومع ذلك، خاصة في بنك "سيليكون فالي"، كان حوالي 97 بالمئة من الودائع أعلى من حد التأمين هذا. 

ونظراً لحصول العديد من شركات التكنولوجيا على قروضها من خلال بنك سيليكون فالي، فإن الفشل في استرداد الودائع سيؤدّي إلى إغلاق مئات الشركات وبطالة ربما الآلاف من العاملين في مجال التكنولوجيا. 

بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي انهيار الغالبية العظمى من المودعين في أحد البنوك إلى محاولة عشرات الملايين من الأميركيين في جميع أنحاء البلاد سحب الأموال بسرعة من البنوك التي لم تتعرض للمشاكل بعد.

وخلال عطلة نهاية الأسبوع، اجتمع بنك الاحتياطي الفيدرالي ووزارة الخزانة الأميركية ومؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية لإيجاد حل مشترك للمشكلة. 

أولا، حاولوا بيع هذه البنوك لمنظمات أخرى من خلال جمع العطاءات عن طريق المزاد. لكن لا أحد يريد شراء هذه البنوك. 

ثم، بحكم الضرورة، أنشأت الوكالات الحكومية صيغة إنقاذ. ووفقا لذلك، تم إغلاق البنوك، وترك أولئك الذين اشتروا أسهم البنوك لمصيرهم.

وبسبب هذه الأزمة، فقدت العديد من البنوك ما بين 20 و 70 بالمئة من قيمتها في سوق الأوراق المالية. ولكن تم تعويض المواطنين الذين احتفظوا بودائع في البنك، بغض النظر عما إذا كانوا ضمن حدود تأمين مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية.

وبالتالي، يأمل المسؤولون الأميركيون في منع المواطنين من الذهاب إلى البنوك الأخرى ومحاولة سحب ودائعهم.

وتم إنشاء صندوق عمليات الإنقاذ لمنع المزيد من إفلاس البنوك. وفقاً لذلك، إذا تلقت البنوك الأميركية طلبات سحب ودائع مكثفة من عملائها، فستكون قادرة على إظهار السندات التي تحتفظ بها كضمان والاقتراض بسعر فائدة ليس مرتفعا جدا. 

والأهم من ذلك، حتى لو أظهرت البنوك سندات مستهلكة كضمان، فإن الصندوق سيتداول هذه السندات بقيمتها الأصلية. بعبارة أخرى، بدأت الولايات المتحدة تطبيق "سندات محمية بالفائدة" وهو أمر يكاد أن يكون غير ضار لحل الأزمة المصرفية التي ظهرت فجأة.

السيناريوهات المحتملة 

وفي 13 مارس، استجابت أسواق الأسهم الأوروبية والأميركية لخطة الإنقاذ بعمليات بيع مكثفة. لأن أولئك الذين احتفظوا بالمال في البنك تم إنقاذهم، لكن أولئك الذين اشتروا أسهم البنك تُركوا بخسائر كبيرة". 

وفي هذه الحالة، لم يرغب المستثمرون في الاحتفاظ بأسهم البنوك في أيديهم، معتقدين أنَّ البنوك الأخرى يمكن أن تفشل بطريقة مماثلة. واستمرت الانخفاضات الكبيرة، وخاصة في أسهم البنوك.

ومع بدء الأزمة المصرفية، ظهرت التوقعات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي لن يكون قادراً على رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر. وهكذا تم شراء السندات والعودة إلى الأسهم. وارتفع الذهب والبيتكوين بشكل ملحوظ.

والواقع أن الأزمة لم تنته تماما، حيث ارتفعت "فروق أسعار FRA-OIS"، التي تفسر الفرق بين الفائدة التي ستجدها البنوك من السوق وسعر الفائدة الخالي من المخاطر للبنك المركزي، إلى المستويات التي شوهدت في أزمة 2020 في الولايات المتحدة. 

بمعنى آخر، لا يمكن للبنوك العثور على أسعار فائدة منخفضة من السوق، أو بشكل أكثر دقة، لا أحد يريد إقراض المال لأي شخص لأن البنوك لا تزال لا تثق تماماً في بعضها البعض.

والتوقع العام في السوق هو أنه سيتم الإعلان عن التضخم السنوي حول 6 بالمئة. ففي الشهر السابق، تم تحديد التضخم السنوي عند 6.4 بالمئة. 

وإذا جاء التضخم ضمن التوقعات أو أقل منها، فلن يحتاج بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع حاد في أسعار الفائدة لمكافحة التضخم. وبالتالي، يمكن أن يستمر الجو الإيجابي في الأسواق.

ولكن في سيناريو إعلان التضخم فوق التوقعات، سيكون بنك الاحتياطي الفيدرالي في وضع صعب حقا؛ لأنه سيكون من الضروري إجراء زيادات حادة في أسعار الفائدة لوقف التضخم. 

ومع ذلك، في خضم الأزمة المصرفية التي لم تهدأ بالكامل بعد، قد يؤدي رفع سعر الفائدة إلى وضع أكثر إثارة للقلق، تختم الوكالة التركية.