أوضاع خطيرة.. موقع إيطالي يحذر من تداعيات إفلاس تونس على روما

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

حذرت أكاديمية إيطالية من عواقب تخلف تونس عن سداد ديونها لروما؛ نتيجة عدم التوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي.

وفي حوار مع موقع "إيل سوسيداريوا"، أوصت أستاذة الثقافة والتاريخ والمجتمع للدول الإسلامية بجامعة بادوا الإيطالية، ميكالا ميروكوري، بـ"ضرورة أن تأخذ روما زمام المبادرة في دعم تونس في ظل تصاعد معدلات الفقر والبطالة وانهيار محتمل لاقتصاد البلاد".

وتشهد تونس أزمة اقتصادية حادة فاقمتها تداعيات تفشي جائحة كورونا، وارتفاع تكلفة استيراد الطاقة والمواد الأساسية إثر الأزمة الروسية الأوكرانية.

وتحتاج تونس لتعبئة موارد مالية في موازنة العام الجاري بأكثر من 4 مليارات دولار، في وقت تنتظر الدخول في برنامج إصلاحات اقتصادية يرافقه قرض، مع صندوق النقد الدولي.

أوضاع خطيرة

من جانبه، أشار موقع "إيل سوسيداريوا" الإيطالي، إلى محاولة أعداد كبيرة من الأشخاص خاصة من فئة الشباب بلوغ السواحل الإيطالية بطريقة غير قانونية.

كما حذر أيضا من احتمال وصول العديد من المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء في ظل توجيه الرئيس قيس سعيد أصابع الاتهام ضدهم ضمن "ترتيب إجرامي يهدف إلى تغيير التركيبة الديمغرافية للبلاد".

ولفت الموقع إلى أن "تونس على وشك الإفلاس، وقد تقع العواقب أيضا على إيطاليا، خاصة أن هناك أيضا مصالح 900 شركة إيطالية يجب حمايتها".

وفي حديثها عن الوضع، بيّنت الأكاديمية ميروكوري أنه "لم يحدث من قبل أن عاشت تونس أزمة سياسية واقتصادية متصلة بهذه الحدة".

وعن مدى أهمية تونس بالنسبة لإيطاليا وأوروبا اقتصاديا خاصة أنها تتفاوض منذ مدة طويلة على خطة لديونها الخارجية مع صندوق النقد الدولي، قالت إن تونس طلبت الحصول على قرض بقيمة ملياري دولار بينما تعيش "أوضاعا اقتصادية خطيرة بالفعل".

وأوضحت أن "النمو المنخفض المصحوب بتضخم مرتفع وديون بلغت، بحسب ما قالت وزيرة المالية التونسية، سهام البوغديري نمصية، 90 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، علامات تعطي فكرة عن الوضع".

وبحسب قولها، "لم تتم المصادقة على صرف التمويل في الوقت الحالي، لأنه وفقا للمؤسسات الدولية لا توجد ظروف ديمقراطية في البلاد، فضلا عن موقف رئيس الدولة من المهاجرين غير النظاميين من جنوب الصحراء الموجودين في البلاد".

يذكر أن الرئيس التونسي كان قد شدد خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي على وجوب اتخاذ "إجراءات عاجلة" لوقف تدفّق المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء إلى بلاده، مؤكدا أن هذه الظاهرة تؤدي إلى "عنف وجرائم".

وحذرت ميركوري من أن "الأوضاع قد تتسبب في ضرر كبير لإيطاليا، التي لها علاقات مهمة مع تونس خاصة مع وجود 900 شركة إيطالية مستثمرة في البلاد". 

وأشارت إلى أنه "لهذا السبب بالتحديد، أجرت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، محادثة هاتفية مع نظيرتها التونسية نجلاء بودن أكدت خلالها عن مواصلة بلادها دعم تونس ماليا".

يأتي ذلك بعد زيارة وزيري الخارجية أنطونيو تاياني والداخلية ماتيو بينتيدوسي إلى العاصمة تونس في يناير/ كانون الثاني 2023. 

وتابعت: "أعتقد أنه من الضروري دعم البلاد من أجل مواصلة التعاون مع دولة تمثل، وإن كانت صغيرة في حجمها، شريكا مهما للتبادلات التجارية مع إيطاليا".

انحرافات استبدادية

وعن مخاطر أن ترتفع تدفقات المهاجرين غير النظاميين نتيجة الوضع الاقتصادي، بينت المختصة الإيطالية أن "الفقر والهجرة ظاهرتان لا يمكن الفصل بينهما". 

وذكرت في هذا الصدد، وصول 1133 تونسيا إلى إيطاليا منذ مطلع يناير من إجمالي 14 ألف مهاجر غير نظامي استخدموا طريق الهجرة السري عبر وسط البحر الأبيض المتوسط. 

وقالت ميركوري إنه "من الواضح أنه إذا لم يتم معالجة المشكلة الاقتصادية، فقد تتخلف تونس تماما عن السداد، وهذا من شأنه أن يزيد بشكل كبير من عدد المهاجرين نحو السواحل الإيطالية". 

وأضافت "شهد العام 2022 بالفعل عددا قياسيا من الوافدين على سواحلنا بسبب ارتفاع معدل البطالة، خاصة بين الشباب، وكذلك الفقر".

وشددت ميركوري على أن "أعداد المهاجرين الراغبين في الهجرة نحو إيطاليا سيرتفع إذا لم نحل الوضع الاقتصادي في تونس وفي بلدان أخرى في المنطقة".

ووصفت المعادلة بالبسيطة، "المزيد من الفقر يعني المزيد من المراكب المحملة بالأشخاص غير النظاميين المغادرة نحو السواحل الإيطالية".

وعن دور إيطاليا وأوروبا في مساعدة البلاد، أكدت ميركوري بشكل رئيس على دور روما "لأن أوروبا تبدو لي منفصلة قليلا عن الوضع التونسي".

ولفتت إلى أن "إيطاليا اقترحت ما يسمى بخطة (ماتي) في تونس ودول شمال إفريقيا الأخرى، والتي تعني التعاون الثنائي في العديد من المجالات، بما في ذلك، على سبيل المثال، الطاقة المتجددة، والأغذية الزراعية، والصناعة، والتكنولوجيا".

وأضافت "لذلك فإن المزيد من الاستثمارات في تونس يمكن أن تساعد بالتأكيد على تعافي الاقتصاد"، وتوصي ميركوري داعية بالقول "سيتعين علينا توخي الحذر الشديد لتجنب الانحرافات الاستبدادية التي يمكن أن تضع استثماراتنا في موضع تساؤل".

وعن إمكانية أن تؤدي تصريحات سعيّد ضد المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء الموجودين في البلاد أيضا إلى زيادة عمليات الإنزال على السواحل الإيطالي، ترى أنه من "المؤكد أن هذه الإجراءات ستدفع المزيد إلى ركوب البحر في ظل وجود حوالي 21 ألف مهاجر من جنوب الصحراء الكبرى في تونس".

ولفتت إلى أن "بيانات وزارة الداخلية التي تظهر أن الجنسية الإيفوارية تحتل المراتب الأولى من حيث الوافدين بشكل غير قانوني تليها الجنسية الغينية، تعطي صورة لما يمكن أن تكون عليه عواقب هذه السياسة".

وتنصح الخبيرة بـ"ضرورة الحوار المباشر مع سعيّد" وذلك في إجابة عن سؤال الموقع عن إمكانية التوصل إلى اتفاق مع السلطات التونسية لمحاولة إبقاء الوضع تحت السيطرة.

وشرحت أن الهدف من الحوار "توضيح هذه الجوانب ووضع خطة إدارة للهجرة تنطلق من نظام تعاون بين السلطات الإيطالية والتونسية من شأنه حماية الأقليات أو المهاجرين الموجودين في تونس أو تنفيذ سياسات ترحيل أو إعادة توطين بشكل مشترك وبطرق مختلفة". 

وخلصت ميركوري إلى القول إن "ما يحدث لا يحترم روح التفاهمات التي توصلت إليها رئيسة الوزراء ميلوني وتحديدا وزيري الخارجية والداخلية خلال زيارتهما إلى تونس ولقائهما الرئيس سعيد".