"ارتماء في الأحضان".. ماذا وراء تسارع إيران لتفعيل اتفاقية التعاون مع الصين؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة إيرانية إن "زيارة الرئيس، إبراهيم رئيسي، إلى بكين في 14 فبراير/شباط 2023، أعادت تسليط الأضواء على اتفاقية التعاون التجاري والإستراتيجي التي وقعها البلدان في مارس/آذار 2021، وقالت عنها طهران إنها (خارطة طريق متكاملة) للتعاون بين البلدين لمدة 25 عاما".

وعد موقع "عصر إيران" أن "مسؤولي طهران عادة ما يعربون عن رضاهم بالاتفاق مع بكين، رغم تأكيد جهات عديدة على أن الاستثمار الصيني في إيران يختلف عن مثيله في الدول الأخرى، لأنه يعتمد على المواد الخام والعمالة والشركات الصينية".

وكانت الاتفاقية قد أثارت حالة كبيرة من الجدل داخل إيران بسبب عدم الإعلان عن تفاصيلها، حتى إن منتقدي النظام ومعارضيه شبّهوا هذه الاتفاقية بمعاهدة "تركمانتشاي" المهينة، والتي تنازلت طهران بموجبها عن أراضيها ومصالحها لروسيا القيصرية.

ويأتي "ارتماء طهران في أحضان بكين" بعد أن تعرضت إيران لمشاكل اقتصادية ضخمة بسبب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وفرض العقوبات عليها مرة أخرى، وتشديد الحصار عليها ضمن حملة العقوبات القصوى التي نفذتها إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب.

النفط مقابل البضائع

ومازالت مسألة تنفيذ الاتفاقية الإيرانية الصينية التي وقعت في عهد الرئيس الإيراني السابق، حسن روحاني، "محل نقاش".

ففي يناير/كانون الثاني 2022، زار وزير الخارجية الإيراني بكين، وأعلن من هناك عن بداية تنفيذ الاتفاقية المبرمة بين البلدين.

ولكن بعد مرور أكثر من عام، أعلن المتحدث باسم باسم الحكومة الإيرانية، أن الرئيس رئيسي يزور الصين من أجل تنفيذ الاتفاقية، وهو ما يدل على تعثر تنفيذها في الفترة الماضية.

ونُشر نص الاتفاقية الشاملة المشتركة بشأن التعاون الإستراتيجي بين طهران وبكين باللغة الإنجليزية على الموقع الرسمي لرئيس إيران.

لكن لم ترد معلومات عن تفاصيل الاتفاقية.

وقيل في ذلك الوقت إن ذلك بسبب "عدم توقيع أي عقد حتى الآن، لم تكن هناك أرقام في الاتفاقية، لكن الآن، بعد مرور عام على زيارة وزير الخارجية ورحلة الرئيس إلى الصين، لا توجد حتى الآن تفاصيل متاحة عن هذه الاتفاقية"، وفق "عصر إيران".

ونشر الموقع تقريرا حول ما قال إنه "مبادلة إيران لنفطها الرخيص بالبضائع وأنظمة الأمن السايبراني وأنظمة الفلترة التي تخص شبكة الإنترنت، والتي تستخدم في حماية شبكات المعلومات الإيرانية".

ووفقا لما نقله التقرير عن موقع "تجارت نيوز" الإيراني، فإن "الصين تشتري النفظ والغاز والمنتجات البتروكيماوية من إيران بخصم يصل إلى 30 بالمئة، مع إمكانية تأخير السداد لمدة سنتين".

وأضاف التقرير أن "الصين يمكنها سداد ديونها النفطية لإيران باليوان الصيني، بالإضافة إلى امتياز آخر يمنح لبكين إمكانية سداد ثمن ثلثي كمية مشترياتها من النفط والغاز نقدا، والثلث الآخر في شكل سلع وخدمات، أو بعبارة أخرى: النفط الرخيص مقابل البضائع".

وبحسب مسؤولين محليين، ستستثمر الصين 400 مليار دولار في إيران، وهو ما أكدته مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، التي قالت إن حجم الاستثمارات المنتظرة هو 280 مليار دولار في صناعة النفط والغاز، و120 مليار دولار في صناعة النقل. 

ويرتبط جزء مهم آخر من هذا الاستثمار بصناعة السيارات، ومن المفترض أن تزداد حصة السيارات الصينية في السوق الإيرانية.

الأنظمة السايبرانية

وطرح التقرير سؤالا حول ما يمكن أن تمنحه إيران للصين مقابل هذه الاستثمارات التي تبلغ 400 مليار.

وأجاب على ذلك من تقرير لمجلة "بتروليوم إيكونوميست"، جاء فيه أن الصين ستستثمر في مشاريع النفط والغاز الإيرانية، وفي المقابل، ستكون الأولوية لبكين في تنفيذ جميع المشاريع الإيرانية المختصة بقطاع الطاقة.

ونقل التقرير عن معهد "الشرق الأوسط"، وهو معهد متخصص في مجالات الطاقة والأمن والدفاع والمصارف، أنه "مع تنفيذ اتفاقية التعاون المشترك، سيزيد وجود الصين في سوق السيارات والأجهزة المنزلية الإيرانية، وستصدر إيران النفط للصين وتستورد في مقابله الأجهزة المنزلية والسيارات بدلا من الحصول على عوائد مالية".

ولم يؤكد التقرير الصادر عن المعهد ما قيل عن وجود خصم 30 بالمئة على مبيعات النفط والغاز إلى الصين، ولكنه قال إن إيران تبيع نفطها للصين بـ"خصومات كبيرة" بناء على هذا العقد. 

وأكد التقرير أن "استثمارات الصين في الدول المختلفة تعتمد بشكل كامل على المواد الخام والعمالة والشركات، وهو ما لا يبرر إعراب المسؤولين الإيرانيين عن الرضا بهذه الاتفاقية".  

ومن الأجزاء المهمة التي يركز عليها التقرير في تنفيذ اتفاقية التعاون بين الصين وإيران، ذلك الجزء المتعلق بالتعاون في مجال الأمن السايبراني والأنظمة الخاصة بفلترة الإنترنت.

ونظم "فلترة الإنترنت"، هي برامج تمنع مستخدمي الكمبيوتر من الوصول إلى مواقع معينة، وتستخدم في المقام الأول لحظر المحتوى الذي يعد غير مناسب لمستخدمين محددين.

وأثير الحديث عن استيراد إيران لأنظمة الأمن السايبراني من الصين بالتزامن مع زيارة الرئيس الإيراني لبكين، وفي وقت تحتاج فيه طهران لهذه الأنظمة التي تحتاجها في الحرب السيبرانية ومواجهة المظاهرات الداخلية التي يعد قطع خدمة الإنترنت ومنع المتظاهرين من استخدامه إحدى وسائل النظام في التصدي للاحتجاجات.

وذكر التقرير أن بعض نواب البرلمان الإيراني أكدوا في أوقات سابقة على إجراء المقاصة النفطية مع شبكة المعلومات الوطنية، أو مبادلة النفط بالأنظمة التي يمكن أن تسهم في بناء الشبكة الوطنية للمعلومات.

ومن هؤلاء النواب، محمود نبويّان، رئيس لجنة "المادة تسعين" في البرلمان، وهي اللجنة المختصة بالشكاوى المقدمة في السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية طبقا للمادة 90 من دستور الجمهورية.

وكان نبويّان قد قال: "ليس لدينا سيادة على الفضاء الإلكتروني، ومحركات البحث، ووسائل التواصل الاجتماعي، والبريد الإلكتروني، لكن من المهم للغاية بالنسبة لنا أن نتمكن من السيطرة على الفضاء المجازي بالتعاون مع الصين".

وأشار النائب، محمد صالح جوكار، إلى التعاون بين إيران والصين في مجال الإنترنت، قائلا إن "خطة تأميم الإنترنت ليست مسألة اليوم أو الأمس، وإنما تعود إلى عدة سنوات سابقة، ومن المقرر أن تساعدنا الصين في الوصول إلى هذا الهدف من خلال اتفاقية التعاون المشترك".