إستراتيجية بن زايد.. لماذا تتدخل الإمارات في النزاعات الإقليمية؟

12

طباعة

مشاركة

في قطر وليبيا والسودان واليمن، أصبح اسم دولة الإمارات العربية المتحدة مرتبطا بجميع القضايا الإقليمية التي تشهدها المنطقة، ولاسيما التي باتت تشهد اضطرابات أمنية وسياسية ونزاعات مستمرة، ضمن إستراتيجية منظمة يتبعها ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.

وبحسب تقرير لصحيفة "لوريون لو جور" اللبنانية الناطقة بالفرنسية، فإن التدخل الإماراتي هو رؤية موجهة ذات أهداف محددة: مواجهة توسع النفوذ الإيراني في المنطقة من جهة، والقاعدة والإخوان المسلمين من ناحية أخرى.

حماية المصالح

وأشارت إلى أن هذه السياسة يقودها محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، لمحاربة الأيديولوجية الإسلامية، بدعم من الشخص الذي يعتبره شقيقا ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

وأكدت أن الزعيمان الملقبان بـ"أمبز" و"أمبس"، يسعيان من خلال ذلك إلى فرض إيقاعهما لحماية مصالحهما بشكل أفضل، في وقت أظهرت فيه موجة المد والجزر التي أثارها الربيع العربي لعام 2011 حدود الأنظمة الاستبدادية الإقليمية.

وقالت إليزابيث ديكنسون، الباحثة في شبه الجزيرة العربية في المجموعة الدولية للأزمات، للصحيفة: "لقد تغيرت نظرة دولة الإمارات إلى أمنها بشكل كبير خلال العقد الماضي، فعلى الجانب المادي، نتج عن ذلك سياسة خارجية أكثر عدوانية، حيث يبدو أنها تحافظ على الأمن الداخلي من خلال لعب دور أكثر نشاطا في تشكيل المنطقة".

من جهته، رأى جورجيو كافيرو، المدير التنفيذي لمركز "جولف ستايت أناليتيكس"، وهي شركة استشارية في مجال المخاطر الجيوسياسية ومقرها واشنطن، أن الإمارات مقتنعة بثقل ميزان القوى خارج حدودها و"عازمة على أن تصبح قوة عسكرية في الشرق الأوسط لها تأثير كبير على توازن القوى الإقليمية لصالحها".

وأوضحت الصحيفة، أنه رغم ذلك، أصبحت تدخلات أبو ظبي مثيرة للجدل في حين أن أعمالها، التي تجمع بين الوسائل العسكرية والسياسية والمالية، بعيدة كل البعد عن إعطاء نتائج حاسمة، إذ يشير العديد من المراقبين إلى آثارها السلبية على الصراعات التي تعثرت فيها الإمارات حتى الآن.

واضافت إليزابيث ديكنسون، أن "أعداء الإمارات، يقاومون بالطبع كما أن التنافسات الأيديولوجية والسياسية الناتجة عن ذلك تثير وتفاقم الصراعات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والقرن الإفريقي".

نقل الأسلحة

وبيّنت "لو ريون لو جور" أنه في ليبيا، الغارقة في الفوضى منذ انهيار نظام معمر القذافي في 2011، دعمت أبو ظبي بحزم - مثل القاهرة - الجنرال خليفة حفتر، منذ عام 2014، ضد حكومة الوفاق المعترف بها من المجتمع والمدعومة من تركيا وقطر.

ونوهت إلى أن وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، قال في مقال نُشر بصحيفة "لو جورنال دو ديمانش" الفرنسية في مايو/أيار الماضي، إن الإمارات تؤمن بأن حكومة الوفاق الليبية مدعومة داخليا من الجماعات "الإسلامية والجهادية".

وذكرت أن أبو ظبي يشتبه في قيامها بنقل الصواريخ الأمريكية إلى قوات حفتر، ففي رسالة إلى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، دعا سيناتور ديمقراطي، الثلاثاء الماضي، إلى فتح تحقيق بشأن تعارض هذا النقل مع القانون الأمريكي وحظر الأمم المتحدة على تدفقات الأسلحة إلى ليبيا.

ورفضت أبو ظبي، الثلاثاء الماضي، هذه الاتهامات في بيان صدر عن وزارة الخارجية الإماراتية، و"حثت أيضا جميع الأطراف على نزع فتيل التوترات وإعادة الانخراط في العملية السياسية للأمم المتحدة".

وفي الاتجاه نفسه، نددت أصوات كثيرة بتصرفات التحالف الذي تقوده الرياض وأبو ظبي في اليمن، حيث تم تشكيل هذا التحالف في عام 2015 لدعم الحكومة اليمنية ضد متمردي أنصار الله الحوثي المدعومين من طهران، حيث يستخدم التحالف الأسلحة الغربية، التي وقع بعضها في أيدي الحوثيين أو أعضاء القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

وبحسب الصحيفة، فإن أجندة أبو ظبي تختلف إلى حد ما عن أجندة حليفها السعودي، ففي محاولة لاحتواء النفوذ الإيراني، تحاول دولة الإمارات توسيع نفوذها في اليمن من خلال دعم المجلس الانتقالي الجنوبي والنخب المحلية من خلال المساعدة المالية والعسكرية.

لكن الدبلوماسيين الغربيين قالوا لـ"رويترز" قبل نحو أسبوع، إن الإمارات تخفض أعداد قواتها عن طريق إخلاء ميناء عدن والساحل الغربي للبلاد مع تحسن الوضع في الحديدة، وهو قرار ينظر إليه البعض على أنه وسيلة لإعادة تجميع قواتها في سياق التوترات الحادة بين الخليج وإيران تاركين ورائهم القوات المحلية التي دربتها أبو ظبي.

ووصل قبل أيام المبعوث الأممي الخاص لليمن مارتن جريفيث إلى أبو ظبي حيث التقى بوزير الدولة أنور قرقاش ووزيرة الدولة الإماراتية للتعاون الدولي ريم الهاشمي، لمناقشة موضوع عملية السلام في اليمن والخطوات الواجب اتخاذها لتنفيذ اتفاقية ستوكهولم الموقعة في ديسمبر/كانون الأول.

فشل الحصار

وذكرت الصحيفة أنه في الآونة الأخيرة أيضا، وضعت أبو ظبي وكذلك القاهرة والرياض بصماتها على القضية السودانية، حيث تمزقت البلاد بين المجلس العسكري الانتقالي والمدنيين منذ تنحي الرئيس عمر البشير في أبريل/نيسان الماضي بعد مظاهرات حاشدة بدأت في ديسمبر/ كانون الأول.

وأكدت، أنه خوفا من انتشار حركة الثورة السودانية في المنطقة وزعزعة استقرارها، تدعم الإمارات نائب رئيس المجلس الانتقالي، الجنرال محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي.

وعلى أمل تهدئة التوترات، أعلنت الإمارات والمملكة السعودية بالفعل، في أبريل/ نيسان الماضي، عن دعم مالي مشترك بقيمة 3 مليارات دولار للسودان، 500 مليون للبنك المركزي السوداني و 2.5 مليار لتمويل المنتجات الغذاء والطبية والبترولية، وفقا للوكالة الأنباء السعودية الرسمية.

وتقول الصحيفة، إنه بالإضافة إلى الحفاظ على النظام العسكري، يسعى الحليفان أيضا إلى إبقاء القوات السودانية في تحالفهما في اليمن، والتي يقدر قومها بين 8 آلاف و 14 ألف جندي.

وتؤكد "لو ريون لوجور" أن أبرز مثال على سياسة الإمارات، الحصار الذي لا يزال مفروضا منذ يونيو/ حزيران 2017 ضد قطر،  بالتعاون مع السعودية والبحرين ومصر، إذ أن الدول الأربع قطعت منذ ذلك الحين العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة، متهمين إياها بتعميق علاقاتها مع إيران وجماعة الإخوان المسلمين وتمويل "الإرهاب".

ونوهت إلى أن الحصار الذي فشل مع ركود الوضع وتنويع قطر شراكاتها خارج الخليج من أجل البقاء واقفة على قدميها، أدى  إلى عكس ذلك، وباتت العواقب محسوسة في الإمارات، وفقا للخبير جورجيو كافيرو.

وقال الخبير: إنه "على الرغم من أنها تتماشى بشكل وثيق مع سياسة الرياض الخارجية، إلا أن السلوك الأخير لأبو ظبي قوّض المصالح الحيوية لدبي" ، مضيفًا أن "اقتصاد دبي قد عانى بشكل كبير جراء قطع الإمارات علاقاتها مع قطر".