هكتور حجار.. وزير لبناني يستخدمه "تيار عون" للتلاعب باللاجئين والمانحين

لندن - الاستقلال | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

عندما تألفت الحكومة اللبنانية الحالية عقب مخاض سياسي عسير في سبتمبر/ أيلول 2021 وحملت 24 وزيرا لم يخض معظمهم غمار السياسة من قبل، كان على رأسهم وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار.

صحيح أن حجار تسلم حقيبته الوزارية في ظل أزمة اقتصادية خانقة عصفت بلبنان منذ عام 2019 وألقت بـ80 بالمئة من المواطنين في براثن الفقر، إلا أنه لم يتوان عن تسديد "أحجار حقده" بشكل غير مسبوق تجاه اللاجئين السوريين والفلسطينيين على حد سواء.

وطوال الشهور الأخيرة راح حجار يحمل اللاجئين وزر التراجع الاقتصادي لبلده شأنه شأن ساسة لبنان الموالين والدائرين في فلك حزب الله والنظام السوري وإيران.

وفي كلمة مشينة خلال مشاركته في الدورة الرابعة للمجلس العربي للسكان والتنمية بالسعودية، قال حجار: "إذا استمرينا على هذه الحال، سوف نبحث في السنوات القليلة القادمة عن سكان من أصل لبناني داخل الأراضي اللبنانية".

وأضاف في 24 ديسمبر/ كانون الأول 2022: "لأن النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين يشكلون اليوم 40 بالمئة من السكان بكثافة هي الأعلى في العالم، ما سبب ضغطا على الموارد والسلع والخدمات في لبنان"، على حد زعمه.

النشأة والتكوين

ولد هكتور حجار عام 1965، وهو من الطائفة الكاثوليكية المسيحية، وحائز على دكتوراه في طب الأسنان من الجامعة اللبنانية، وإجازة في التنشيط الاجتماعي من جامعة القديس يوسف.

وعمل حجار في حقل الخدمة الاجتماعية عبر مجموعة من الجمعيات، منها جمعية "رسالة سلام" التي تهتم بمرافقة الأشخاص أصحاب الحاجات العقلية الخاصة، ومؤسسة كاريتاس.

كما أسس "جماعة الإخوة المرسلين"، ومجموعة "رواد الأعمال والقادة المسيحيون- لبنان"، وجمعية PAD (وقاية، مرافقة، وتطوير).

وحجار عضو في اللجنة الحكومية المكلفة بمتابعة إعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم بتحريك مباشر من النظام السوري لتحقيق مكاسب سياسية.

ويعد حجار ناشطا اجتماعيا قبل أن يعين وزيرا للشؤون الاجتماعية في حكومة نجيب ميقاتي التي جرى تشكيلها من 24 وزيرا، وهي الآن تمارس صلاحياتها بصفتها حكومة تصريف أعمال.

وآنذاك ضمت التشكيلة الحكومية، شخصيات تتولى الوزارات للمرة الأولى ومن خارج الوسط السياسي، لكنها جميعها سميت من قبل الفرقاء السياسيين وكرست المحاصصة الطائفية المعتادة في لبنان.

ولعبت المحاصصة الطائفية في لبنان دورا رئيسا في توزير حجار كونه أحد الأسماء التي اختارها ما يسمى بـ "التيار العوني" لشغل هذا المنصب.

ويقصد بـ"التيار العوني" من يدورون في فلك الرئيس اللبناني السابق ميشال عون الذي انتهت ولايته في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، والمتحالف مع حزب الله والنظام السوري.

وعلى مدى ست سنوات من ولاية عون شهد لبنان انهيارا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وترك إرثا ثقيلا من المؤسسات المهترئة التي ينخرها الفساد.

وحينها أكد لبنانيون أن عون رحل عن رئاسة لبنان غير مأسوف عليه وعلى ولايته الرئاسية "الأسوأ في تاريخ لبنان"، ودعوا إلى محاكمته هو وفريقه السياسي بتهمة الفساد والذهاب بالبلاد إلى الهاوية وتسليمها إلى إيران وتنفيذ أجندة حزب الله ونظام الأسد.

أما حجار فقد كان يتحرك ليس كوزير بل كأداة بيد التيار الوطني الحر اللبناني، الذي يقوده جبران باسيل، المتزوج من شانتال ابنة عون.

ولكون باسيل ضمن المحور الإيراني في لبنان، فقد كان أحد أشد السياسيين المعادين للاجئين السوريين حينما شغل منصب وزير الخارجية والمغتربين بين فبراير/شباط 2014 و30 أكتوبر 2019، وبدا كأنه ينفذ إستراتيجية نظام الأسد في طريقة التعامل معهم.

معاداة اللاجئين

ولهذا فإن المتتبع لتصريحات حجار المهاجمة للاجئين السوريين يجد حلقة وصل تستكمل تلك الإستراتيجية من ناحية "شيطنتهم" واعتبارهم المسبب لأزمات لبنان الاقتصادية لا الطبقة السياسية الفاسدة التي نهبت ثروات البلد ورهنته لإيران والنظام السوري.

ويستضيف لبنان بشكل رسمي، مليوني ونصف مليون لاجئ سوري في بلد يعيش فيه أربعة ملايين لبناني، ضمن ألف بلدة وفي خيم ومخيمات وفق ظروف غير إنسانية.

وعبر هؤلاء الحدود إلى لبنان المجاور هربا من بطش أجهزة نظام بشار الأسد منذ عام 2011، لكنهم باتوا يواجهون تضييقا أكبر على وجودهم، فضلا عن حملات عنصرية يطلقها بعض ساسة لبنان ضدهم.

وكشف حجار، خلال مقابلة مع وكالة سبوتنيك الروسية في 13 أكتوبر 2022، عن وجود ما وصفه بـ"اتفاق سياسي يضمن لبنان بموجبه (عودة آمنة للنازحين السوريين) إلى بلادهم".

وأشار وقتها إلى أن رئيس الأمن العام اللبناني، عباس إبراهيم، "يتابع الحوار والمفاوضات والتنسيق" مع النظام السوري.

وحول إمكانية نجاح هذه الآلية أشار حجار إلى أنه "لا مفر من النجاح، وليس لدينا تسوية سوى النجاح بإعادة النازحين السوريين".

ومضى يقول: "نبهنا مرارا وتكرارا من الأزمات المتتالية من حضور السوريين في لبنان كنازحين واليوم هناك جزء منهم نازح وجزء مستثمر وجزء منتظر الذهاب إلى أوروبا".

وكانت طالبت منظمة العفو الدولية "أمنستي" في 17 أكتوبر 2022، السلطات اللبنانية بإيقاف ما تطلق عليه "العودة الطوعية" للاجئين السوريين، مشيرة إلى أن لبنان "يعرض اللاجئين السوريين، عن قصد، لانتهاكات بشعة".

وسبق أن أعلن حجار، في 9 مايو/ أيار 2022، أن لبنان "تكبد حتى الآن خسائر بنحو 30 مليار دولار جراء النزوح"، داعيا المجتمع الدولي إلى تعويض بلاده.

لكن هذا الرقم شكك فيه اقتصاديون، وقالوا إنه بالمجمل فقد حصل لبنان على أكثر من 13 مليار دولار خلال عشر سنوات لغايات إنسانية بسبب الوجود السوري على أراضيه، أي أكبر من أي رقم دعم تحدث عنه بعشرات المرات.

وهذه المبالغ تصل إلى لبنان بالعملات الصعبة التي يفتقدها بينما تصر الحكومة على تسليمها للمنظمات الإغاثية بسعر الصرف الرسمي الذي يقل عن سعر السوق الحقيقي بعشرات الأضعاف، في عملية توصف بالأكثر إجحافا.

وفي 6 أكتوبر 2022، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية تسجيل الإصابة الأولى بالكوليرا في البلاد منذ 1993 في محافظة عكار، لينتقل الوباء بعد ذلك إلى مناطق عديدة في البلاد.

وزعم حجار في 14 أكتوبر 2022 أن "مرض الكوليرا بدأ في مخيمات النازحين السوريين، وهناك أمراض أخرى قد تظهر".

وبدا كلام حجار متحاملا فيه على اللاجئين، دون لفت النظر إلى أن بلده لبنان يعاني من مشاكل تلوث في مصادر المياه لديه، إضافة إلى أزمة نفايات قديمة، فضلا عن أزمة صرف صحي تزداد حدة مع انقطاع الكهرباء عن الكثير من محطات تكرير الصرف الصحي.

والكوليرا مرض إسهال حاد يمكن أن يقتل إذا لم يُعالج، بحسب منظمة الصحة العالمية، ووقتها أعلن الاتحاد الأوروبي، أنه خصص 800 ألف يورو لدعم لبنان في مكافحة وباء الكوليرا المتفشي.

ويرى مراقبون أن حجار، لا يجلد اللاجئين إلا بهدف "شيطنة حالهم" أمام الدول المانحة كي تبادر وتغدق الأموال فقط لإسكات الأصوات الرافضة لوجودهم.

إذ كثيرا ما دعا حجار "المانحين لتبني مقاربة جدية تحاكي واقع النازحين واللبنانيين المزري وتقديم المزيد من الدعم لمواجهة الأزمة وعدم ربط الدعم بأزمة النازحين الأوكرانيين".

دمية سياسية

وينظر اللبنانيون إلى الطبقة السياسية الحالية في لبنان على أنها مفروضة عليهم تحت سلطة قوى الأمر الواقع وتحالفات القوى التي ماتزال تحدد اسم الرئيس ورئيس الوزراء والوزراء.

ولذلك، فإنه حينما سمع اللبنانيون بتعيين هكتور حجار وزيرا للشؤون الاجتماعية، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بتسجيل مصور سابق لحجار قبل توزيره، وهو يتحدث عن كيفية مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلد.

وقال حجار خلال مقابلة حينما كان ناشطا اجتماعيا: "إلى اليوم الشعب الصيني لا يستعمل الحفاضات، الإمبراطورية الصينية الاقتصادية، البديل هو ما كنا نستعمله في الماضي: فوط يمكن غسلها".

ومضى يقول: "كذلك يمكن الاستعاضة عن المحارم الورقية بفوط يمكن غسلها وكيّها وإعادة استخدامها، نحن أمام حرب اقتصادية، الليرة يجب أن تكون مخصصة للحاجة القصوى، الحفاضات والمحارم الورقية ليستا الحاجة القصوى".

وتساءل مغردون عن الهدف وراء تعيين حجار وزيرا للشؤون الاجتماعية، فهل كان لتحسين أوضاع المواطن الاجتماعية أو العودة به إلى العصور القديمة، على حد قولهم.

ورأى كثيرون أن من يفكر بهذه العقلية ويتقلد منصبا وزاريا لن يكون قادرا على إنقاذ اللبنانيين من فقرهم وانهيار اقتصادهم الوطني.

ويعد حجار شخصية مشاكسة، وكثيرا ما يصطدم مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.

ولا سيما في ظل التراشق الحاصل حول صلاحية الحكومة إذ يعمد كثير من الوزراء المحسوبين على حزب الله والتيار الوطني الحر على مقاطعة جلسات تدعو لها وإفشال نصابها كونهم يرونها "غير دستورية"، وفق وصفهم.

إذ كان حجار من بين 9 وزراء لبنانيين (من أصل 24)، محسوبين على الرئيس السابق عون، رفضوا دعوة ميقاتي إلى جلسة لمجلس الوزراء بتاريخ 5 ديسمبر/ كانون الأول 2022، قبل أن يعدل وزير الصناعة جورج بوشيكيان عن قراره ويأمن نصاب الجلسة.

لكن رغم ذلك، فقد أشارت قناة "إم تي في" المحلية، إلى أن حجار كان "منفعلا وغاضبا في جلسة مجلس الوزراء وبدأ بالصراخ وعلا صوته وقال لميقاتي "بدك توقف الجلسة أنا هون عم مثل فخامة الرئيس" وترك مقعده بانفعال وتوجه نحو ميقاتي وكاد يحصل احتكاك بينهما.

وهذا ما أعطى دليلا وفق مراقبين على دور حجار في تنفيذ سياسات "التيار العوني" لا ممارسة صلاحياته خدمة للبنان، حيث يصر التيار على إبقاء هذا البلد تحت هيمنة طبقة سياسية واحدة.