صحيفة ألمانية تتوقع سياسة خارجية عربية "مقلقة للغرب" بعد مونديال قطر

قسم الترجمة | a year ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة ألمانية الضوء على المنتخب المغربي وما أحدثه في مونديال قطر 2022 من أثر على جماهير العالم العربي بشكل عام، وعلى جماهير الخليج بشكل خاص.

وقالت صحيفة "تاجز أنتسيجا" إن "نسخة كأس العالم في قطر حفلت بالعديد من المفاجآت، وكان أحد أهمها وصول المنتخب المغربي للدور نصف النهائي، ليكون بذلك أول منتخب عربي وإفريقي يصعد للمربع الذهبي في المونديال، على مر التاريخ".

كما تناولت الصحيفة الملف من زاوية السياسة الخارجية لدول الخليج العربي، ولا سيما مع الدول الغربية، وكيف ستتأثر تلك السياسة بمجريات كأس العالم التي انطلقت في 24 نوفمبر/تشرين الثاني واختتمت في 18 ديسمبر/كانون الأول 2022.

مصدر فخر

واستهلت الصحيفة تقريرها بنقل ما ذكره المعلق الرياضي المشهور، عصام الشوالي، قبيل المباراة الافتتاحية لمونديال الدوحة، في سياق الرد على الانتقادات الغربية للاستعدادات القطرية لكأس العالم.

وقال الشوالي: "نحن عرب التاريخ والمستقبل، نحن الثقافة والحضارة، نحن الذين تعلمت منهم أمم أوروبا".

وأضاف: "لا نقول إننا الأفضل، لكننا نرفض أن نكون الأقل، وينبغي أن تظهر الاحترام، حتى تحظى به".

وذكرت الصحيفة أنه "قد احتفى بهذه المقدمة، ونشرت في كل الصحف ووسائل الإعلام، وهو ما عُدَّ ردا من قطر مفاده عدم قبولها للانتقادات والتعليقات الغربية بخصوص تنظيم كأس العالم، وفقا للهوى العربي والتقاليد العربية والإسلامية".

ونهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2022، صرح مجلس التعاون الخليجي بأن كأس العالم في قطر يعد "مصدر فخر مستحق".

وتعقيبا على هذا التصريح، ذكرت صحيفة "تاجز أنتسيجا" أن "هذا الفخر العربي غذى دخول المنتخب المغربي للمرة الأولى إلى المربع الذهبي بكأس العالم، بل وكذلك الغضب من الانتقادات الأوروبية لقطر".

وقالت إن "المتابع للواقع يعلم أن شعور الوحدة العربية لم يكن حاضرا في كل مكان في شوارع الدوحة فحسب، بل كان هذا الشعور موجودا حين تلعب المغرب في كل مرة".

وأشارت إلى أن "الناس احتفلوا في كل الدول العربية، بغض النظر عن مكان وجودهم أو جنسيتهم، في دبي وغزة والقاهرة والدار البيضاء".

أوكرانيا والخليج

وفوق ذلك، ترى الصحيفة أن الغزو الروسي لأوكرانيا "أدى إلى قلب ميزان القوى لصالح الدول العربية".

وقالت إن "الرئيس الأميركي جو بايدن، والمستشار الألماني أولاف شولتس، زارا الدول الخليجية خلال الأشهر القليلة الماضية".

وذكرت "تاجز أنتسيجا" أن "ألمانيا وافقت قبل فترة وجيزة، على استئناف تسليم الأسلحة للسعوديين، رغم أنها كانت قد قررت سابقا تعليق تصدير الأسلحة للمشاركين في حرب اليمن، وعلى رأسهم الرياض".

وأوضحت الصحيفة أنه "أثناء بحث الدول الغربية عن بدائل للغاز الروسي، توفرت لدول الخليج فرصة للاستفادة من ارتفاع أسعار النفط والغاز، واستطاعت أن تدعم عجلة التنمية إلى الأمام بدعم من الصين".

وأشارت إلى أنه في الوقت نفسه، تقاوم الدول الخليجية "محاولة ضمها بشكل كامل إلى الرؤية الغربية المناهضة لروسيا".

ودللت على ذلك بأن المسؤولين في الرياض ينظرون إلى حرب أوكرانيا -في المقام الأول- على أنها "أزمة أوروبية" دفع الأوروبيون على أثرها "ثمنها باهظا".

كما نقلت الصحيفة تصريحات مؤسس ورئيس مجلس إدارة مركز الخليج للأبحاث في واشنطن، عبد العزيز صقر، بقوله إن "الخليج خاصة والعالم العربي عامة يهتم بالإنصات للمخاوف الأمنية الروسية".

وقالت "تاجز أنتسيجا" إن "الرياض تقارن بين أوكرانيا واليمن"، فبحسب صقر "تريد السعودية أن يكون لليمن حكومة صديقة بدون تأثير عدائي ولا تهديدات عسكرية واسعة النطاق".

وهنا شبهت الصحيفة بين رغبة الرياض بألا تكون للحكومة اليمنية علاقات ذات تأثير عسكري عدائي ضدها، وبين رغبة روسيا بألا تنضم أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي "الناتو".

الصين والخليج

من جهته، قال كبير باحثي  مركز "أتلانتيك كاونسيل" بواشنطن، جوناثان فولتون: "لا ينبغي بالضرورة فهم التقارب العربي مع الصين وروسيا على أنه إهانة متعمدة للولايات المتحدة".

وعلل فولتون ذلك بأنه "يمكن ملاحظة أن المنطقة كانت تتطلع إلى الشرق بشكل متزايد منذ سنوات".

وأرجع ذلك بالأساس لأسباب اقتصادية، فبكين تقود مشروع طريق الحرير الجديد أو المُسمى بـ"الحزام والطريق"، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان أطلق بدوره "رؤية 2030".

وتابع: "هنا ينتابك شعور بأن ذات الشركة الاستشارية أطلقت هذين المشروعين الضخمين".

وقال فولتون أيضا إن "السعودية تحتاج إلى استثمارات وخبرات أجنبية لجعل اقتصادها أقل اعتمادا على النفط، وهذا بالضبط ما يمكن أن تقدمه الصين، التي -بدورها- تريد توسيع مجالات نفوذها".

وذكرت الصحيفة أن "الرياض كانت تحاول بشكل غير مباشر الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون التي تقودها بكين". 

وتتكون المنظمة من تحالف يجمع بين روسيا والصين وإيران والهند وباكستان وأربع دول في آسيا الوسطى، ويُنظر إليها على أنها قوة موازنة لحلف شمال الأطلسي. 

ولم تحظ إيران بعضوية كاملة في المنظمة إلا عام 2022، رغم أنها كانت عضوا مراقبا منذ عام 2005. 

ويرى فولتون أن دخول إيران للمنظمة، تسبب في تزايد الاهتمام الخليجي بها، حيث يتوقع حكامها ضمانات أمنية من قبل القوى الكبرى في "شنغهاي".

وفسرت الصحيفة التصريح الصيني أعقاب القمة الخليجية الصينية بشأن الجزر الثلاث المتنازع عليها بين إيران والإمارات، بأن بكين كانت تقدم للخليجيين "معروفا"، وتظهر لهم استعدادا لتقديم بعض الضمانات من أجل الحفاظ على علاقات وثيقة مستدامة معهم.

وفي بيان أعقب القمة الخليجية الصينية في 9 ديسمبر/ كانون الأول 2022، تبنت الصين ودول مجلس التعاون الخليجي خطة عمل مشتركة تهدف إلى تعزيز التعاون الإستراتيجي، بما في ذلك التأكيد على دعمهم للقضايا الإقليمية، وكذلك مطالبة الإمارات بحل النزاع الذي طال أمده بشأن جزر الخليج الثلاث.

وذكر البيان أن "النزاع المتعلق بجزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى يجب حله من خلال المفاوضات بين إيران والإمارات بموجب قواعد القانون الدولي".