"الوحدة 840".. ذراع سري للحرس الثوري الإيراني يخترق المظاهرات لسحقها
.jpg)
بدأ اسم "الوحدة 840" السرية يتردد أخيرا بكثرة في أتون الاحتجاجات المتواصلة في معظم المدن الإيرانية منذ منتصف سبتمبر/ أيلول 2022، على خلفية مقتل الشابة "مهسا أميني" من قبل "شرطة الأخلاق".
وأكدت تقارير إعلامية واستخبارية أن هذه الوحدة تعد من أهم وأكثر الأجهزة الأمنية الإيرانية شراسة وقمعا، ولا تظهر إلا مع المعضلات الكبيرة التي تواجه النظام داخليا وخارجيا.
وبدأ الحديث عن الوحدة مع إعطاء المرشد الإيراني علي خامنئي الضوء الأخضر لفرقه الأمنية بقمع المظاهرات بشتى الوسائل في 14 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، بحسب صحيفة "إيران إنترناشيونال" المعارضة.
إذ خرج خامنئي بعد صمت طويل ليصف الاحتجاجات الشعبية بأنها "أعمال شغب خططت لها أميركا والكيان الصهيوني، وساعدهما على تنفيذها الخونة من الإيرانيين في الداخل والخارج".
خلية مختلطة
وتحدثت مجلة "إنتيليجنس أونلاين" الفرنسية المتخصصة في شؤون الاستخبارات، في 17 أكتوبر 2022 عن دور الوحدة 840 في إخماد المظاهرات المتواصلة والتنكيل بالمحتجين.
وكشفت المجلة الفرنسية أن "الحرس الثوري الإيراني استدعى الوحدة (840) السرية لقمع الاحتجاجات التي اندلعت في البلاد".
وأضافت: "تتجه أولوية السلطات في طهران نحو الحد من الاحتجاجات، وتلعب الوحدة 840 دورا رئيسا في خطتها تلك".
وذكرت أن "الوحدة المعنية تلعب الدور الرئيس في خلية مؤلفة من قائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي، وقائد قوات الباسيج غلام رضا سليماني، وقائد الشرطة العميد حسين أشتري".
وأوضحت: "يعمل هؤلاء الثلاثة مع ستة قادة آخرين مسؤولين عن تنفيذ الإجراءات القمعية المختلفة بمن فيهم المستشار السياسي للحرس الثوري يد الله جافاني".
وفي 26 مايو/ أيار 2022، نشر موقع "الحرة" الأميركي، تقريرا عن مهام الوحدة 840، وتفاصيلها.
وأورد أن الوحدة يتزعمها شخص غير معروف يدعى، يزدان مير، ويشتهر باسم سدير باقري.
وأضاف: "يرافقه في القيادة اثنان من النشطاء الإيرانيين المخضرمين في الحرس الثوري، وهما مجتبى هاشمي ومحسن محمد، اللذان غالبا ما يتنقلان بين إيران وسوريا".

سرية للغاية
وكان قد أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، إلى أن إيران لا تعترف بوجود وحدة تابعة لفيلق القدس المنبثق عن الحرس الثوري تعرف بهذا الاسم.
كما لم تستعرض وسائل الإعلام الإيرانية اسم هذه الوحدة أبدا.
لكن الصحيفة الأميركية تقول نقلا عن الحكومة الإسرائيلية ومسؤولي الجيش والمخابرات، إن "هذه الوحدة السرية مكلفة بعمليات اختطاف واغتيال للأجانب في جميع أنحاء العالم، بمن فيهم المدنيون والمسؤولون الإسرائيليون".
وفي 23 مايو/ أيار 2022، نشرت مجلة "التايمز" البريطانية، خبرا تؤكد فيه أن "الوحدة 840 السرية كانت تخطط لسلسلة من جرائم القتل في أوروبا، بما في ذلك اغتيال دبلوماسي إسرائيلي بإسطنبول، وجنرال أميركي بألمانيا، بالإضافة إلى صحفي فرنسي".
ما يعني أن نشاط الوحدة في الأساس كان متمركزا على القيام بعمليات منفردة خارج الحدود، أكثر منها مختصة بمهام أمنية داخلية.
أما صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية فقالت في 19 نوفمبر 2020، إن مخابرات جيش الاحتلال) الإسرائيلي، تؤكد مسؤولية وحدة 840 عن هجمات العبوات الناسفة على الحدود بين إسرائيل وسوريا في نوفمبر وأغسطس من العام ذاته.

صراع في سوريا
وفي مطلع يناير/ كانون الثاني 2021، كشفت تقارير أخرى عن دور متقدم للوحدة 840 في سوريا، وانخراطها إلى جوار نظام الأسد في النزاع السوري، التي تورطت فيه إيران بانتهاكات غير مسبوقة عبر أذرعها الأمنية والعسكرية.
إذ أورد موقع "إنتيلي تايمز" الإسرائيلي أن "جهاز مخابرات تابع لدولة غربية نفذ عملية استهدفت مكتبا في العاصمة السورية دمشق تتخذ منه وحدة 840 مقرا لها".
وحسب الموقع العبري، فإن العملية تمثلت في اقتحام للمقر الواقع على بعد 3 كيلومترات من قصر رئيس النظام السوري بشار الأسد.
وذكر أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية اكتشفت الوحدة السرية التابعة للحرس الثوري في مايو/ أيار 2019.
وفي 26 مايو 2022، ذكر موقع "صوت بيروت إنترناشيونال" أن هذه الوحدة هجومية في المقام الأول، وتعد جديدة نسبيا، في بنية الجهاز الأمني والحرس الثوري الإيراني.
ولفت إلى أنها مسؤولة عن تخطيط وإحداث عمليات إرهابية خارجية، تحديدا في سوريا.
وهي من الوحدات المسؤولة عن تجنيد وتدريب ميليشيات أجنبية هناك، تحديدا من أفغانستان وباكستان.
وفي الآونة الأخيرة بات يتنقل قادة الوحدة 840 بانتظام من إيران إلى سوريا.

مقتل خدائي
ورغم أن الوحدة 840 تقوم بعمليات أمنية معقدة، واستهدفت شخصيات معادية للدولة الإيرانية، لكن العكس أيضا يحدث، باستهداف مسؤولين بارزين بداخلها، بل وداخل طهران نفسها.
ففي 22 مايو 2022، تلقت الوحدة ضربة ثقيلة، عندما اغتال رجلان مسلحان العقيد حسن صياد خدائي بالرصاص في وضح النهار خارج منزله في العاصمة الإيرانية.
لم تكن هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها مسؤولون إيرانيون للقتل في إيران، إلا أن الهجمات السابقة من هذا النوع عادة ما استهدفت مسؤولين معنيين بالبرنامج النووي الإيراني.
لكن اغتيال العقيد خدائي، مثل حادثة مختلفة كليا عن العمليات السابقة.
إذ كان خدائي يشغل منصب نائب "قائد الوحدة 840" السرية التابعة لـ "فيلق القدس".
وهو المسؤول الأول عن التخطيط للعمليات الإيرانية الخارجية مثل الخطف والاغتيال.
وأورد معهد واشنطن للدراسات، في 20 يونيو/ حزيران 2020، أنه في حين أن المؤامرات الخارجية الإيرانية ليست ظاهرة جديدة، وهي منهجية مستمرة لفترة دامت أكثر من أربعة عقود.
لكنها أصبحت أكثر تكرارا وعدائية في السنوات الأخيرة، منذ انخراط إيران بقوة في الصراع السوري.
وذكر أن خدائي كان مستهدفا من أجهزة أمنية متعددة لضلوعه شخصيا في الارتفاع الكبير لهذا النوع من العمليات خلال العقد الماضي، فهو المحرك الأول لأنشطة الوحدة 840.
وأضاف أن هذا التوجه التصاعدي في المؤامرات الإيرانية، كشف بفعالية ملامح القصة وراء عملية القتل المحيرة للعقيد خدائي، والكشف أيضا عن ملامح الوحدة 840 التي أصبحت شديدة الأهمية والخطورة لدى قادة الدولة الإيرانية.

ودخلت الوحدة الإيرانية أيضا حتى في صدامات مع دول تعد حليفة لإيران، مثل تركيا.
وفي أبريل/ نيسان 2021 أعلنت المخابرات التركية عن إحباط محاولتي اغتيال في قبرص التركية من تنفيذ الوحدة 840.
وقامت بالكشف عن عميل الوحدة 840، آفات حسيني فار، وهو مواطن إيراني يعمل كرئيس قسم الوحدة داخل الأراضي التركية.
وذكر موقع "تي أر تي" التركي الرسمي في 26 مايو/ أيار 2022، أن الوحدة 840 لها أنشطة في إفريقيا وقرابة 40 دولة.
المصادر
- "لا تعترف إيران بوجودها".. ما هي الوحدة 840 بفيلق القدس؟
- أسرار الوحدة 840 بفيلق القدس.. ولماذا لا تعترف إيران بوجودها؟!
- خلفيّة مقتل العقيد في «فيلق القدس» حسن صياد خدائي
- نيويورك تايمز: إسرائيل تعترف بمسؤوليتها عن اغتيال العقيد الإيراني خدايي
- مصادر إسرائيلية: العقيد المقتول صياد خدائي کان نائب قائد وحدة 840 في فيلق القدس الإيراني
- IDF: Terror cell behind placing of IEDs is Unit 840 of Iran's Quds Force