صحيفة فرنسية تحذر من سيطرة "طريق الحرير" الصيني على موانئ أوروبا

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة لاكروا الفرنسية عن انخراط الشركات الصينية في حملة كبيرة من أجل الاستحواذ على الموانئ الأوروبية.

وأشارت "لاكروا" إلى أن المستشار الألماني "أولاف شولتز" يدرس بالفعل بيع جزء من "ميناء هامبورغ" لمجموعة صينية حسبما أوردته وسائل إعلام ألمانية في 20 أكتوبر/تشرين الأول.  

يأتي ذلك في الوقت الذي تسيطر فيه شركات بكين بالفعل على 13 ميناء في القارة العجوز.

لاعب رئيس 

تشير الصحيفة إلى أن بكين ما زالت تؤكد نفسها أكثر من أي وقت مضى كلاعب رئيس في خطوط التجارة البحرية في أوروبا.

وأعلن شولتز، في هذا السياق، عن دعمه لمحاولة الصين الاستحواذ على حصة في ميناء هامبورغ، على الرغم من تحذيرات حكومته وأجهزتها الاستخباراتية، بحسب ما كشفت وسائل الإعلام الألمانية.

سيصبح هذا الميناء الثالث في أوروبا الأحدث في قائمة طويلة من الموانئ الأوروبية التي تستحوذ عليها، جزئيا، الشركات الصينية. 

يشار إلى أن الاستحواذ على ميناء بيرايوس في اليونان قد أسال على وجه الخصوص، وفقا لذات المصدر، الكثير من الحبر. 

بدأت شركة "كوسكو"، أكبر مالك صيني للسفن، في الاستحواذ على أسهم في ميناء بيرايوس بداية من عام 2008، بسبب أزمة الديون اليونانية.  

بعد ست سنوات، في عام 2016، أصبحت شركة كوسكو المملوكة للدولة الصينية صاحبة النصيب الأعلى من مالكي أسهم الميناء.  

تمتلك كوسكو حاليا 67 بالمئة من أسهم هذا الميناء الذي يمثل أحد ركائز البنية التحتية الحيوية في اليونان.

ونجحت في تحويله إلى واحد من أكثر الموانئ ديناميكية في العالم: مرت عبره 900 ألف حاوية عام 2010، مقارنة بـ 5.6 مليون حاوية عام 2019.

وتقول لاكروا: "سيكون وصول كوسكو إلى ميناء هامبورغ أكثر أهمية، إذ يعد هذا الميناء الألماني ثالث أكبر ميناء في أوروبا، ومن المعلوم أن الشركات الصينية تستهدف البنية التحتية الرئيسة".  

وكانت شركة كوسكو قد استحوذت بالفعل على 35 بالمئة من محطة "أوروماكس" في ميناء روتردام هولندا، وهو الأكبر في أوروبا، ويعد بوابة إلى شمال وغرب القارة.

اشترت كوسكو 20 بالمئة من "ميناء أنتويرب" الهولندي الذي يعد واحدا من أهم ثلاثة موانئ أوروبية. 

المثير للاهتمام هو أن ذات الشركة استولت على 90 بالمئة من ميناء زيبروغ الواقع على بعد 100 كلم منه.

في الجنوب الأوروبي أيضا، تجد كوسكو موطأ قدم لحملتها على الاستحواذ على الموانئ الأوروبية. 

ووافقت الحكومة الإيطالية على توقيع عقد مع الصين يتضمن اتفاقيات تجارية بين "موانئ تريست" وجنوة وشركة تشييد الاتصالات الصينية (CCCC). 

أثار هذا القرار مخاوف في بروكسل وواشنطن من سيناريو مشابه لما جرى مع ميناء بيرايوس اليوناني. ومع ذلك، فإن هذا الخوف لم يترجم حتى الآن (إلى أفعال). 

تمتلك شركة تشييد الاتصالات الصينية، وهي منافسة لـ "كوسكو"، أسهما في العديد من الموانئ الفرنسية وأماكن أخرى.  

وفتحت شركة تشييد الاتصالات فروعا لها في مدينة "دونكيرك" في الشمال الفرنسي، و"لوهافر"  في الشمال الغربي الفرنسي.

كذلك في "مرسيليا" في الجنوب الفرنسي، وأيضا في مدينة "مرسى شلوق" في مالطا، وأخيرا في إسطنبول التركية. 

طرق الحرير

تجري عمليات الاستحواذ المختلفة المذكورة، في إطار مشروع الصين حول طرق الحرير البحرية الجديدة. 

وهو مشروع أطلقته بكين لربط الصين بشكل أفضل بإفريقيا وآسيا وأوروبا وأوقيانوسيا (تشمل المنطقة الواقعة بين قارتي آسيا والأميركيتين وبالتالي تشمل جميع جزر المحيط الهادئ).

على وجه العموم، تسيطر الصين بشكل كلي أو جزئي على 13 ميناء في القارة العجوز، وهو ما يعادل 10 بالمئة من قدرة النقل البحري الأوروبي، وفق صحيفة لاكروا. 

ومع ذلك، لم تستحوذ الصين على البنية التحتية الأوروبية فقط. وبنت على سبيل المثال، "ميناء هامبانتوتا" في سريلانكا. 

وهو ما اضطر الحكومة في العاصمة السريلانكية "كولومبو" بعد ذلك عام 2017 إلى تأجيره للصين لمدة 99 عاما بسبب عدم قدرتها على سداد الديون المفرطة التي تخلدت عليها بسبب التكلفة الباهظة لبناء الميناء.  

وبحسب الصحيفة الفرنسية، أثار فقدان الحكومة السيادة على الميناء موجة احتجاج كبيرة في البلاد.

إذ وقعت سريلانكا اتفاقا بقيمة 1,1 مليار دولار مع الصين بخصوص بيع أسهم 70 بالمئة من ميناء هامبانتوتا، في جنوب البلاد، الذي يتوسط أكثر طرق الملاحة النشطة والمزدحمة بين الشرق والغرب.

ويتيح الاتفاق لشركة حكومية صينية الاستحواذ على الميناء. ولجأت الحكومة في كولومبو، في ذلك الوقت، إلى قوانين صارمة لقمع إضرابات للعمال المعارضين لبيع الميناء لشركة "ميرشانتس بورت" القابضة الصينية.  

وفي تعليقه على ذلك، قال "هو جيانهوا" نائب رئيس الشركة الصينية، إن شركته تود جعل الميناء بوابة لتوسعة اقتصادات جنوب آسيا وإفريقيا حيث تدير عمليات مماثلة. 

وأكد أن "الأعمال في ميناء هامبانتوتا ستكون عابرة للحدود عبر المحيط الهندي، وستمتد للشرق الأقصى، وأوروبا، والعالم".  

بصرف النظر عن هذه الحالة المتطرفة في سريلانكا، فإن استيلاء الصين على البنى التحتية للموانئ في أوروبا يمكن أن يسبب مشاكل سياسية، تقول لاكروا.   

يذكر هنا على سبيل المثال، أن اليونان تصوت باستمرار ضد قرارات الاتحاد الأوروبي المتعلقة بموقف الصين من حقوق الإنسان منذ وصول شركة كوسكو إلى ميناء بيرايوس.

نقلت "صحيفة سلات" الفرنسية عن الخبير الصيني في المعهد الهولندي للعلاقات الدولية "بول فان دير بوتين"، في هذا السياق قوله: "نعتقد الآن أن الاستثمارات الصينية في دول البحر الأبيض المتوسط وأوروبا الوسطى من المرجح أن تؤثر على المواقف تجاه الصين".