في ظل خلافات داخلية وأزمات سياسية.. هل يتفكك "الإطار الشيعي" بالعراق؟

يوسف العلي | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

على وقع الأزمة السياسية التي يعيشها العراق منذ 11 شهرا، ومساعي قوى الإطار التنسيقي الشيعي إلى استئناف جلسات البرلمان لانتخاب رئيس للجمهورية وتكليف مرشحهم محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة، بدأت تظهر خلافات داخل "الإطار" قد تنتهي بتفككه.

ويضم الإطار التنسيقي الموالي لإيران كتل: ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، وكتلة "الفتح" بقيادة هادي العامري، وتيار الحكمة برئاسة عمار الحكيم، وتحالف النصر بزعامة حيدر العبادي، وتحالف "العقد الوطني" بقيادة فالح الفياض.

انقسام واضح

بدأت الخلافات تطفو على السطح بين أطراف الإطار التنسيقي بشكل واضح مع بداية الأزمة السياسية، ودعوة الصدر المتكررة إلى التحاق من وصفهم بأنه "يحسن الظن بهم" بركب الكتلة الصدرية لتشكيل حكومة الأغلبية السياسية.

إضافة إلى دعوته بإبعاد رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي و"عصائب أهل الحق" بزعامة قيس الخزعلي التي هي جزء من كتلة الفتح عن تشكيل الحكومة، ويلمح إلى دعوته للعامري والحكيم والعبادي للدخول معه في الحكومة.

لكن بعد انسحاب التيار الصدري من البرلمان في يونيو/ حزيران 2022، وسيطرة أتباعه على البرلمان في يوليو/ تموز 2022، اختلفت تصريحات الإطار التنسيقي بخصوص ردة فعل "التيار" من ترشيح السوداني لرئاسة الحكومة.

وفي يوليو 2022، أدانت بيانات صدرت عن المالكي والخزعلي والحكيم سيطرة التيار على مبنى البرلمان، لكن العامري والعبادي كانا من دعاة ضرورة التهدئة والذهاب إلى التفاهم للخروج من الأزمة السياسية وعدم التصعيد.

وفي 16 أغسطس/ آب 2022، وصف الصدر خصومه داخل الإطار التنسيقي بـ"الثالوث المشؤوم" وهم نوري المالكي، وقيس الخزعلي، وعمار الحكيم، وحذرهم من اللعب بالنار.

وجاء في بيان السياسي المعروف بـ"وزير الصدر" صالح محمد العراقي أنه "يجب على الكتل المنضوية في الإطار كبح جماح الثالوث الإطاري المشـؤوم فورا، فهذا الثالوث يلعب بالنار وقد يكون من صالحه تأجيج الحرب الأهلية من خلال الاعتصام مقابل الاعتصام أو المظاهرات مقابل المظاهرات".

وبعد تطور الصراع السياسي بين التيار الصدري والإطار التنسيقي إلى الصدام المسلح بالمنطقة الخضراء في 29 أغسطس، وتدخل الصدر في اليوم التالي بدعوة أتباعه لإنهاء الاقتتال والانسحاب الفوري، رحبت أطراف في الإطار بالخطوة فيما أصر آخرون على التصعيد.

وقال العامري، خلال بيان، إن "مبادرة مقتدى الصدر بوضع نهاية للعنف المسلح مبادرة شجاعة وتستحق التقدير والثناء، وجاءت في لحظة حرجة يراهن فيها الأعداء على توسيع حالة الاقتتال بين الأخوة".

كما أكد رئيس تحالف النصر حيدر العبادي، عبر "تويتر"، "ضرورة انسحاب كل المسلحين فورا ولا مبرر للدولة أن تقف عاجزة ومتفرجة خصوصا بعد خطاب مقتدى الصدر بسحب من يدعي الانتماء للتيار وهذه تحسب لسماحته".

لكن الأمر كان مختلفا بالنسبة للحكيم والخزعلي والمالكي، فكلهم لم يشكروا الصدر، على موقفه بإيقاف الاقتتال، بل أصدروا بيانا باسم الإطار التنسيقي، في 31 أغسطس، دعوا فيه إلى الإسراع بتشكيل "حكومة خدمة وطنية" وعودة المؤسسات الدستورية إلى ممارسة مهامها.

اعتراف بالخلافات

وبدا المشهد داخل الإطار التنسيقي أكثر وضوحا، بعدما أعلن سعد اللامي القيادي في تحالف "النصر" بزعامة العبادي خلال مقابلة تلفزيونية في 10 سبتمبر/ أيلول 2022، أن تحالفه "خارج الإطار منذ البداية ولا يؤيد رأيهم المتطرف".

وقال اللامي إنه "إذا أراد أحد عقد جلسة البرلمان وتشكيل الحكومة، ولا يأبه بالآخر ما يفعل (التيار الصدري)، فهذا ليس حلا وإنما كسر للإرادات ونحن ضده، ولا نقبل به".

وأضاف: "نحن من زمان خارج الإطار التنسيقي، ولا نلتزم بتوجهاته غير المنصفة والمرضية، فنحن لدينا رأينا الخاص ولا يفرض علينا باقي الإطار رأيهم المتطرف والمتشنج حتى يصفقوا لنا. نحن لن نبحث عن ذلك".

ورأى اللامي أن "اقتراح الصدر حل البرلمان وإبقاء رئيسي الجمهورية والبرلمان الحاليين لإجراء انتخابات مبكرة، يعد تطورا مهما ومبادرة تمثل خط شروع، ويجب الجلوس للتفاوض عليها، لا أن ندعو إلى جلسة برلمانية".

وكان "وزير الصدر" قد قال خلال بيان في 8 سبتمبر إن "حل البرلمان ممكن بلا عودة الكتلة الصدرية ولا سيما مع وجود حلفائها وبعض المستقلين بالبرلمان"، داعيا إلى إبقاء "رئيس الجمهورية برهم صالح، في منصبه بعد حل البرلمان، بينما يقود مصطفى الكاظمي حكومة لتصريف الأعمال والإشراف على الانتخابات المبكرة".

وفي 11 سبتمبر، قال العبادي عبر "تويتر" إن "أي مسار يقوم على كسر الإرادة سيكون وبالا على الشعب والدولة. أدعو لاتفاق سياسي يفضي لاعتبار المرحلة الراهنة انتقالية، تبدأ بتشكيل حكومة وتنتهي بحل البرلمان وإجراءات انتخابات مبكرة. مصالح الشعب واستقرار الدولة أعلى وأغلى من أي مصلحة حزبية أو فئوية".

تغريدة العبادي كانت ردا على بيان صدر للمالكي في اليوم نفسه، الذي شدد فيه على أن "القضاء حكم بعدم جواز حلّ البرلمان، وهذا يعني ‎أنه لا انتخابات مبكرة إلا بعد استئناف البرلمان جلساته، وتشكيل حكومة جديدة مكتملة الصلاحية".

وتابع: "القوى السياسية أبدت موقفها الداعم ‎لقرار القضاء، ‎وأعلنت رفض حلّ البرلمان والانتخابات المبكرة ‎المقترحة، ‎وهذا يعني أنه لا داعي بعد للحديث في هذا ‎الموضوع المحسوم دستوريا وقضائيا وسياسيا، ‎ويجب مغادرته"، في إشارة واضحة لمقتدى الصدر وقيادات في تياره أكدوا التزامهم بمطلب حلّ البرلمان، وإجراء انتخابات جديدة كطريق وحيد للخروج من الأزمة السياسية.

ودعا المالكي في بيانه، إلى ما وصفه بـ"تكريس الكلام والجهود حول كيفية تفعيل البرلمان، والإسراع في تشكيل حكومة ائتلافية لتحقيق أفضل ‎الخدمات والاستقرار السياسي والأمني"، وفقا لقوله.

ويأتي موقف المالكي التصعيدي ضد الصدر، بعد ساعات من تأكيد تحالفي "السيادة"، الممثل السياسي عن العرب السنة في العراق، والحزب الديمقراطي الكردستاني، الحاكم في إقليم كردستان العراق، في بيان مشترك، ضرورة إجراء انتخابات مبكرة يسبقها تشكيل حكومة بصلاحيات كاملة.

خطوة مرتقبة

وتعليقا على احتمالية تفكك قوى الإطار التنسيقي، قالت مصادر سياسية لـ"الاستقلال" إن "حدوث انشقاق وارد جدا خلال الأيام المقبلة، خصوصا بعد الخلاف الواضح اللي ظهر بين العبادي وباقي مكونات الإطار التنسيقي، وربما العامري يلتحق به".

وتوقعت المصادر أن "يجري وفد سياسي مكون من رئيس إقليم كردستان نجيرفان بارزاني، وزعيم تحالف السيادة خميس الخنجر، ورئيس تحالف الفتح هادي العامري، زيارة إلى الصدر في النجف، وأن الأخير سيملي شروطه ويطرح حكومة برئاسة العبادي لإجراء الانتخابات المقبلة".

ولفتت إلى أن "تمسك الإطار التنسيقي بترشيح النائب محمد شياع السوداني من طرف واحد من أطراف الإطار وهو نوري المالكي، ويؤيده في هذا قيس الخزعلي، يؤكد استمرار الانقسام بين أعضائه، ولا سيما بتغريد العبادي والعامري خارج سرب الصقور داخل الإطار التنسيقي".

من جهته، رأى عضو ائتلاف دولة القانون، عادل المانع خلال مقابلة تلفزيونية في 12 سبتمبر، أن "العبادي يطرح رأيا والآخرون غير ملزمين أن يأخذوا به، لذلك موقف الإطار بغالبيته أهم من مواقف أجزاء الإطار، وبالتالي إذا صدر قرار من الإطار فبالتأكيد يلتزم به العبادي".

ولفت المانع إلى أن "العبادي يعبر عن رؤيته لحل الأزمة، لكن الإطار التنسيقي بشكل عام بما فيهم ائتلاف دولة القانون يسعى إلى عقد جلسة البرلمان، ثم نمضي إلى انتخاب رئيس جمهورية وتشكيل حكومة، وبعدها يبدأ الحوار السياسي بشأن إشراك التيار الصدري من عدمه".

وبعد استقالة كتلة التيار الصدري من البرلمان (73 مقعدا) في يونيو/ حزيران 2022، زاد عدد نواب الإطار التنسيقي إلى نحو 130 بعدما ذهبت إليه 40 مقعدا من مقاعد الصدريين، وذلك يتيح له تعيين رئيس للوزراء وتشكيل الحكومة بالتحالف مع كتل برلمانية أخرى.