صحيفة روسية: التناقض يخيم على مفاوضات تطبيع علاقات تركيا وأرمينيا

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أخيرا شهدت العلاقات بين تركيا وأرمينيا مؤشرات إيجابية على التقارب والتطبيع، بعد عقود ثلاثة من القطيعة بين البلدين، بسبب مزاعم يريفان بشأن أحداث عام 1915 واحتلالها إقليم "قره باغ" الأذربيجاني.

ورغم التقارب، اتهمت صحيفة "ازفيستيا" الروسية، كلا من تركيا وأرمينيا بالتناقض بسبب التصريحات العديدة الصادرة منهما بشأن صدق رغبتهما في تطبيع العلاقات، لكن بلا جدوى حقيقية على أرض الواقع.

تصريحات عديدة

وذكرت الصحيفة الروسية أن رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان أكد على هامش المنتدى الاقتصادي الشرقي السابع في مدينة فلاديفوستوك الروسية على رغبته في تحسين العلاقات مع تركيا.

وقال في تصريحات بتاريخ 7 سبتمبر/ أيلول 2022، إنه يتوقع تحقيق ذلك بدعم من موسكو.

وعلى مدى الأشهر التسعة الأخيرة، اتفقت أرمينيا وتركيا على فتح حدودهما البرية أمام مواطنين آخرين ليسوا من مواطني البلدين "في أقرب وقت ممكن"، في خطوة أخرى قبل "التطبيع الكامل".

وكذلك إنشاء نقل جوي مباشر للبضائع، كما استأنفت البلدان منذ فبراير/ شباط 2022 الرحلات الجوية بين يريفان وإسطنبول.

وعن هذه المرحلة، أضاف باشينيان: "بدأنا بالفعل محادثات مع تركيا، ونأمل في تحسين العلاقات مع أنقرة بدعم من روسيا". لكنه لم يوضح في أي مرحلة تجرى المحادثات.

على الجانب الآخر، امتلأت وسائل الإعلام التركية أخيرا بتقارير عن بدء مرحلة جديدة في التفاعل بين البلدين.

والتقى الممثلان الخاصان لتركيا وأرمينيا أربع مرات في موسكو، وعاصمة النمسا فيينا، كما أجروا أكثر من 500 محادثة هاتفية، وفق الصحيفة الروسية

بالإضافة إلى ذلك، تحدث باشينيان مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أوائل يوليو/ تموز 2022 عبر الهاتف لأول مرة.

كما أفادت الصحف التركية، نقلا عن مصادر دبلوماسية، بأن الممثلين الخاصين للبلدين قد يجتمعون في مدينة قارص التركية في سبتمبر 2022، دون وساطة من دولة ثالثة، فيما نٌفيت هذه المعلومات في أرمينيا.

تناقضات كبيرة

وتظهر هذه الاتصالات أن الدولتين تسعيان جاهدتين لتحسين العلاقات، لكن لا تزال هناك تناقضات كبيرة بينهما.

وبحسب الصحيفة، على الرغم من وجود سياسيين في أرمينيا يعارضون بشكل قاطع الاتصالات مع تركيا، إلا أن هناك أيضا من يتخذ نهجا أكثر عقلانية، ويتحدث عن الحاجة إلى تطبيع العلاقات.

إذ تدرك يريفان أن هذا سيحسن بشكل كبير الوضع الاقتصادي في البلاد.

وطالبت السلطات الأرمينية سابقا باعتراف تركيا بالإبادة الجماعية إبان حكم الدولة العثمانية، لكنها الآن لم تطرح أي شروط مسبقة.

من ناحية أخرى، تصر تركيا على تحسين العلاقات بين يريفان وباكو (عاصمة أذربيجان) أولا.

وبالتوازي مع المفاوضات الأرمنية التركية، بدأ الحديث عن إمكانية إبرام معاهدة سلام بين يريفان وباكو.

وعلاوة على ذلك، لم يصدر قرار نهائي بشأن وضع إقليم قره باغ، الذي كانت تحتله أرمينيا حتى تحريره عام 2020.

ومع ذلك، أغضبت مثل هذه الرسائل المعارضة الأرمينية بشدة وأطلقت موجة جديدة من الاحتجاجات.

من ناحية أخرى، تقوم أذربيجان بمساعدة الشركات التركية، بترميم البنية التحتية المدمرة في قره باغ بعد الحرب، وتخطط أيضا لإلغاء حظر النقل والاتصالات الاقتصادية.

ويعد هذا مفيدا لجميع دول المنطقة وخاصة أرمينيا، لكن من ناحية أخرى، يمكن أن تضع يريفان القضايا التاريخية الأساسية فوق الظروف الاقتصادية المواتية.

وكانت قد انحازت تركيا إلى جانب أذربيجان في نزاع قره باغ في أوائل التسعينيات، وقٌطعت العلاقات الدبلوماسية من جانب واحد مع أرمينا.

وقدم الأتراك في ذلك الوقت شروطا مسبقة غير مقبولة للأرمن لاستئناف العلاقات الدبلوماسية وفتح الحدود البرية، منها رفض الاعتراف الدولي بالإبادة الجماعية للأرمن وعودة الإقليم المحتل إلى أذربيجان.

وحاولت الدولتان تطبيع العلاقات في عام 2009، وإقامة علاقات اقتصادية، عبر الاستفادة من دبلوماسية كرة القدم، حيث إن أرمينيا وتركيا انتهى بهما المطاف في نفس المجموعة المؤهلة لكأس العالم.

وتبادل حينها الرئيسان السابقان الأرميني سيرج سركسيان والتركي عبد الله غول الزيارات.

وجرى التوقيع في مدينة زيورخ السويسرية على بروتوكول حول إقامة العلاقات الدبلوماسية ومبادئ العلاقات المتبادلة.

وتبع ذلك مصالحة دون شروط مسبقة. كما اتفق الطرفان على تشكيل لجنة مشتركة لمناقشة الإبادة الجماعية للأرمن إبان الدولة العثمانية في المستقبل.

إلا أن هذا لم يناسب باكو، وفق الصحيفة، فرفض البرلمان التركي تحت ضغط من أذربيجان التصديق على البروتوكولات. وبعد ذلك، سحبت يريفان الوثائق أيضا. 

 دور موسكو

ولفتت الصحيفة الروسية إلى أن أنقرة عرضت هذه المرة إطلاق مفاوضات جديدة، وجرى الترحيب بذلك في يريفان.

كما دعمت موسكو استئناف الحوار بين يريفان وأنقرة، وساعدتهما في التوصل إلى مثل هذه القرارات.

وأكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف هذا الدور في تصريحات صحفية سابقة، إذ قال: "دورنا هو المساعدة في إقامة حوار مباشر، وآمل أن يكون ناجحا". 

وتستفيد روسيا أيضا من تطبيع العلاقات بين أنقرة ويريفان، فإذا جرى فتح "ممر زنغازور" وتشغيله تحت سيطرة موسكو، فسوف يمر أقصر طريق يربط بين تركيا وأذربيجان عبر أراضي أرمينيا لا جورجيا.

وفي الآونة الأخيرة، أخذت تركيا دور صانع السلام، على الرغم من أنها في بعض الأحيان تحتاج إلى مساعدة في حل الخلافات المختلفة مع الشركاء.

وادعت الصحيفة الروسية أن الجانبين يريدان موافقة موسكو، لكنهما لا يريدانها أن تسيطر على المفاوضات أو أن تؤثر عليها.

ولهذا عقدت الجولة الأولى (يناير 2022) من المفاوضات في موسكو، لكن الثانية (فبراير 2022) والثالثة (مايو 2022) كانت في فيينا.

وأعرب الرئيس أردوغان أنه في حال نجاح هذه الاجتماعات، فهو مستعد لفتح الحدود.

كما صرح باشينيان أيضا أنه إذا أقام الممثلون الخاصون حوارا، فلن يتم استبعاد المفاوضات على المستويات العليا في المستقبل.