"ناتو الشرق".. سر معارضة دوائر عراقية للمشاركة بالقمة العربية الأميركية

يوسف العلي | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

قبل نحو أسبوعين من انعقاد قمة تجمع الرئيس الأميركي جو بايدن مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي والأردن ومصر والعراق في جدة، بعد زيارة يجريها إلى إسرائيل وفلسطين، تعالت أصوات قوى سياسية عراقية برفض مشاركة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي فيها.

ومن المقرر أن يبدأ بايدن جولة للمنطقة تشمل تل أبيب ورام الله والرياض بين 13 و16 يوليو/ تموز 2022، هي الأولى له منذ تسلمه إدارة البيت الأبيض عام مطلع 2021، الأمر الذي أثار تساؤلات بخصوص رفض قوى عراقية موالية لإيران مشاركة بغداد فيها.

وفي 14 يونيو/ حزيران 2022 أعلن البيت الأبيض أن بايدن سيناقش مجموعة من القضايا الإقليمية في قمة جدة، بينها الهدنة باليمن وتوسيع التعاون الاقتصادي والأمني، وملف الطاقة، وسيؤكد التزام واشنطن بأمن الشركاء والدفاع عنهم في وجه التهديدات القادمة من إيران أو غيرها.

أهداف سياسية

المعترضون على مشاركة بغداد في قمة جدة، أشاروا إلى أن الموضوع يحمل بعدا سياسيا ويراد للعراق أن يكون ضمن محور تكون فيه إسرائيل ودول أخرى مطبعة معها ضد إيران بتشكيل "ناتو" جديد، مهددين باتخاذ خطوة ضد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي حال شارك بذلك.

وقال عضو المجلس السياسي لمليشيا "حركة النجباء" الموالية لإيران فراس الياسر، إن "تشكيل ناتو عربي بقيادة الكيان الصهيوني، هدف زيارة بايدن إلى الدول المطبعة، ليكون جزءا من التحالف القادم، والكاظمي مدعو إلى حضور قمة جدة".

وأضاف الياسر عبر تغريدة على "تويتر" في 25 يونيو 2022، قائلا: "بالمختصر، جر العراق إلى محور الكيان الصهيوني، وبدورنا نحذر من مغبة زج العراق في أتون المشروع الأميركي الجديد".

وفي السياق، قال النائب محمد الصيهود عن الإطار التنسيقي الشيعي الموالي لإيران، إن "الإطار يؤيد انفتاح العراق على كل دول العالم وإقامة علاقات طيبة وجيدة مع الجميع على مختلف الأصعدة الاقتصادية والأمنية، لكن هذه العلاقات يجب ألا تكون منحازة لطرف على حساب أي طرف دولي آخر، فالعراق يجب أن يبقى بعيدا عن سياسة المحاور".

وأوضح الصيهود، خلال حديث تناقلته وسائل إعلام عراقية في 25 يونيو، أن "هناك أهدافا سياسية وراء قمة السعودية غير الأهداف الاقتصادية المعلنة، فهناك مساع لسحب العراق نحو التطبيع".

واستدرك، "لكن ربما بعناوين مختلفة، ولذا فإن هناك مخاوف من ذهاب العراق نحو هذه المشاريع الخطيرة على الأمن القومي العراقي بالدرجة الأساس".

ورأى أنه "ليس من مصلحة العراق الوقوف مع محور دولي ضد آخر، كما تريد أميركا وحلفاؤها من دول الخليج، ولهذا نحن سوف نراقب ما سيتم الاتفاق عليه من رئيس الوزراء خلال مشاركته بالقمة السعودية المرتقبة، وسيكون لنا موقف منها من خلال مجلس النواب".

وأشار الصيهود إلى أن "حكومة الكاظمي حكومة تصريف أعمال يومية، ولذا فلا يحق لها إبرام أية عقود وصفقات دولية، وأي اتفاقية يتم عقدها خلال الزيارة سيتم الطعن بها أمام المحكمة الاتحادية، لأنها حكومة ناقصة الصلاحيات، وفق تفسير وقرارات القضاء".

مصلحة عراقية

وتعليقا على ذلك، قال رئيس مركز "التفكير السياسي" العراقي إحسان الشمري، إن "قمة السعودية نقطة شروع الإستراتيجية الأميركية تجاه المنطقة بشكل كامل، فهي إعادة تموضع لأميركا بعموم المنطقة".

وأضاف لصحيفة "العالم الجديد" العراقية في 25 يونيو، "كما أن الدول التي ستشارك في القمة مهمة ومؤثرة بالعالم والمنطقة، لذا فمن مصلحة العراق أن يكون حاضرا، خصوصا وأنه خلال الفترة الأخيرة أصبح فاعلا على مستوى الدبلوماسية والتوازن في العالم والمنطقة".

وتابع أن "الأصوات الرافضة لمشاركة العراق ليست جدية، فهذه الأصوات تريد أن تضع العراق ضمن المحور الإيراني، وأيضا لديها تراكم من الخلافات مع السعودية، لكن على الدولة العراقية أن تكون فاعلة ولا تلتفت لهذه الأصوات، فلا يمكن جعل الدبلوماسية العراقية رهينة بالآراء السياسية".

وأشار الشمري إلى أن "مصلحة العراق تكمن في أن يمد علاقات مع كل الدول، ودعم التوجهات والتحركات الأخيرة للسعودية، كونها أصبحت الآن دولة ارتكاز سياسي واقتصادي ومالي في المنطقة".

لذا ليس من مصلحة العراق الابتعاد عن هذه التحركات والتوجهات التي سترسم الإستراتيجية المستقبلية لعموم المنطقة، يؤكد الباحث العراقي.

من جانبه، رأى المحلل السياسي العراقي علي البيدر خلال تصريح لصحيفة "العربي الجديد" في 25 يونيو، أن "زيارة الكاظمي الأخيرة إلى إيران لم تخل من مناقشة قمة الرياض، والتأكيد على أن بغداد لن تكون ضمن أي تحالف من أي شكل كان ضد طهران".

وأجرى الكاظمي زيارة إلى طهران التقى خلالها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في 26 يونيو، قادما من زيارة قصيرة إلى السعودية التقى فيها بولي العهد محمد بن سليمان، إذ أكد الكاظمي أنه اتفق مع رئيسي على التهدئة في المنطقة، لا سيما باليمن.

وأعلنت الخارجية الإيرانية على لسان المتحدث باسمها سعيد خطيب زادة خلال مؤتمر صحفي في 27 يونيو، أن "الكاظمي نقل لنا رسالة من الرياض وناقشنا معا موعد الجولة المقبلة في بغداد التي ستكون على مستوى دبلوماسي"، مشيدا بالدور العراقي في الوساطة بين طهران والرياض.

واستضاف العراق على أرضه خمس جولات للحوار بين السعودية وإيران، منذ انطلاق أولاها في 9 أبريل/ نيسان 2021.

وكان آخرها في أبريل/ نيسان 2022 بمشاركة رئيس المخابرات السعودية خالد حميدان ونائب أمين المجلس الاعلى للأمن القومي الإيراني سعيد عرفاني، وحضرها لأول مرة الكاظمي.

مشاريع مضادة

في المقابل، قال الكاتب العراقي عادل الجبوري خلال مقال نشره موقع "العهد" العراقي في 25 يونيو، إن مضامين القمة المرتقبة في السعودية لم تتكشف بشكل واضح، لكن الملك الأردني عبد الله الثاني كان الأكثر وضوحا في حديثه عن هذه القمة، حينما أعرب عن ترحيب بلاده بإنشاء ما أسماه بـ(ناتو شرق أوسطي).     

وخلال مقابلة أجرتها معه شبكة "سي إن بي سي" الأميركية في 25 يونيو، أكد عاهل الأردن، أنه سيدعم تشكيل هذا الناتو، على أن يتم ذلك مع الدول التي لديها نفس التفكير.

وأضاف: "أود أن أرى المزيد من البلدان في المنطقة تنخرط في هذا المزيج، سأكون من أوائل الأشخاص الذين يؤيدون إنشاء ناتو في الشرق الأوسط".

وأشار الكاتب العراقي إلى أن "معظم الأطراف السياسيةـ لا سيما قوى الإطار التنسيقيـ تدرك مخاطر جرّ العراق الى تحالفات واصطفافات تعود عليه بالضرر وليس الفائدة، ناهيك عن كونها تخلق المزيد من الفوضى والاضطراب والقلق في المنطقة، لذلك طالبت الكاظمي منذ وقت مبكر بعدم المشاركة في قمة الرياض".

ورجح الجبوري أن "تكون زيارة الكاظمي المفاجئة لطهران في 26 يونيو، غير بعيدة عن ظروف وأهداف ومبررات مشاركة العراق في القمة، علما أن القراءات الأولية للزيارة تمحورت أساسا حول تشكيل الحكومة الجديدة ومدى إمكانية التجديد للكاظمي لولاية ثانية".  

ولفت إلى أن "الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها والقفز عليها، هي أن العراق الذي يرتبط بعلاقات إستراتيجية جيدة مع إيران، وكان للأخيرة مواقف إيجابية حياله على طول الخط، ينبغي ألا ينخرط في أي مشاريع مضادة لها، خصوصا إذا كان مصدرها واشنطن وتل أبيب وأطراف أخرى لا تتردد في الإفصاح عن أهدافها ومشاريعها وخططها".

وفي عام 2018، كانت أميركا قد دعت إلى تشكيل تحالف عسكري عربي على غرار حلف الناتو، يضم دول الخليج ومصر والأردن ومعها إسرائيل لمواجهة الخطر الإيراني، مشيرة إلى أن ذلك "يشكل حصنا في مواجهة العدوان والإرهاب والتطرف الإيراني، وإرساء السلام في الشرق الأوسط".

وعلى غرار ذلك، قال قائد القيادة المركزية الأميركية السابق الجنرال جوزيف فوتيل في قمة عسكرية بالكويت في 12 سبتمبر/ أيلول عام 2018، إن "هناك اثنين من التهديدات الأمنية في المنطقة، يتمثلان بأنشطة إيران المزعزعة للاستقرار، والمنظمات الإرهابية المتطرفة".