رغم الاعتراضات.. حرب أوكرانيا تشق خطا لنقل الغاز بين إسبانيا وفرنسا

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أعادت الحرب الروسية الأوكرانية إحياء مشروع أنبوب غاز "ميدكات" بين إسبانيا وفرنسا، لنقل الغاز القادم من إفريقيا، عبر الأنابيب إلى قلب أوروبا لتخفيف التبعية للغاز الروسي.

وكشفت صحيفة إسبانية أن هذا الخط الرابط بين مدريد وباريس عبر إقليم كتالونيا يمكن إنجازه في عامين ونصف العام على الأكثر، لدعم خطي أنابيب آخرين موجودين في الوقت الحالي مع فرنسا.

وأوضحت صحيفة الإسبانيول أنه في ظل معارضة كبيرة لمشروعات المحروقات في أوروبا على خلفية تأثيرها الضار على تغير المناخ، يمكن إنجاز هذا الخط الجديد بطريقة تمكنه من نقل الغاز الأخضر بحلول 2030.

ولدى إسبانيا نحو 30 بالمئة من الطاقة الاستيعابية لمعالجة الغاز الطبيعي المسال في أوروبا، وتمتلك خطَّيْ أنابيب يربطانها مع حقول الغاز في شمال إفريقيا، لكن لديها خطوط ربط محدودة مع بقية مناطق أوروبا.

وضع صعب

وذكرت الصحيفة أن كل شيء يتسارع عندما تصبح الحاجة ملحة. فتتطلع أوروبا بأكملها إلى الشتاء في ظل الحرب في أوكرانيا التي يبدو أنها لا نهاية لها، وقرار الجزائر بقطع العلاقات التجارية مع إسبانيا. 

وتنتشر المخاوف من أنه سيكون هناك نقص في إمدادات الغاز عندما تكون هناك حاجة ماسة إليه.

لذلك، فمن المنطقي أن تعمل إسبانيا وفرنسا بالفعل على قدم وساق لزيادة قدرة روابط الطاقة، وتحديدا الغاز، عبر جبال البيرينيه في إقليم كتالونيا مع خط أنابيب الغاز ميدكات "الذي لم يولد بعد". 

وأوضحت أن هذا المشروع لا يحظى فقط بدعم الاتحاد الأوروبي، ولكن أيضا، إذا تم تبسيط الإجراءات الإدارية، يمكن أن يكون جاهزا للعمل بشكل كامل في غضون عامين أو عامين ونصف العام، أي بحلول منتصف أو أواخر عام 2024".

ونوهت بأن ميدكاست عبارة عن بنية تحتية دُفنت ونُسيت في جبال البيرينيه الكتالونية قبل ثلاث سنوات. ويعبر هذا الخط جبال البيرينيه الشرقية ويصل إلى أودي، في منطقة أوكسيتاني الفرنسية. 

وفي حال زيادة روابط الطاقة، فهذا لا يعني فقط أن إسبانيا ستتمكن من إرسال الغاز إلى أوروبا عندما تحتاجه، ولكن أيضا، يمكن عكس الاتجاه وأن تكون  أوروبا قادرة على إرسال الغاز إلى إسبانيا.

وأشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي يستورد 40 بالمئة من الغاز الذي يستهلكه من روسيا. وفي ظل التطورات الجيوسياسية الراهنة يريد إنهاء هذه التبعية في أقرب وقت ممكن ردا على غزو أوكرانيا. 

وفي الأسابيع الأخيرة، أعلنت روسيا بشكل متسلسل عن إغلاق إمدادات الغاز إلى عدد من الدول الأوروبية، بدءا من بلغاريا وبولندا وفنلندا وصولا إلى هولندا والدنمارك، وهو ما يهدد بارتفاع عدد البلدان التي يشملها هذا الانتقام الروسي.

محور الغاز

وأوردت الصحيفة الإسبانية أن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أبدت دعمها لصالح توسيع روابط الطاقة بين خطوط أنابيب الغاز الرابطة بين أوروبا وإسبانيا. 

في الواقع، تمتلك مدريد ثلث سعة تخزين الغاز الطبيعي المسال في الاتحاد الأوروبي وحوالي 25 بالمئة من البنى التحتية اللازمة لإعادة تحويل الغاز. 

ومن خلال هذه البنى التحتية، جنبا إلى جنب مع تطوير خط أنابيب الغاز ميدكات، يمكن لإسبانيا أن تلعب دورا رئيسا في ضمان أمن الإمداد في الاتحاد الأوروبي.

وأوضحت الصحيفة أن الاحتياطيات في إسبانيا اليوم، أعلى بكثير من المتوسط ​​الأوروبي، والتي تعادل 66 بالمائة من إجمالي الاحتياطات. 

علاوة على ذلك، تصدر إسبانيا غازا إلى فرنسا أكثر مما تستورده عبر خط أنابيب الغاز من الجزائر؛ وتؤمن هذه العملية عبر خطي الأنابيب الذين يربطا مدريد وباريس، وهما إيرون في غيبوسكوا، ولارو في نافارا.

وإذا كانت السعة القصوى لخطوط أنابيب الغاز من إسبانيا إلى أوروبا في حدود سبعة مليار متر مكعب سنويا؛ ستزيد هذه السعة بعد تشغيل ميدكات بمقدار تسعة مليار متر مكعب من الغاز سنويا، مما يعني أكثر من ضعف سعة هذه البنى التحتية. 

وعلى الرغم من أنه رقم بعيد جدا عن 190 مليار متر مكعب الذي تساهم به روسيا حاليا في أوروبا، إلا أنه سيقلل من مستوى الخطر أو انعدام الأمن الموجود حاليا في جميع أنحاء القارة العجوز.

وأشارت إلى أن منظمي الطاقة في فرنسا وإسبانيا أصدروا في عام 2019 رأيا غير موات بشأن مشروع ميدكات الذي كان يُسمى ستيب والذي كان من المقرر أن يكون مقدمة لمشروع أكبر يسمى ميدكات، اختصار لميدي كتالونيا.

مشروع مكلف

ورأت اللجنة الوطنية للأسواق والمنافسة الإسبانية ولجنة تنظيم الطاقة (الجهة المنظمة الفرنسية) أن اقتراح إيناغاز (مشغل نقل الغاز الإسباني) وتريغاز (نظيره الفرنسي) لم يكن ناضجا وكان مرهقا بالنسبة للمستهلكين.

لا سيما عندما انغمست ألمانيا في أحضان روسيا عبر مشروع خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2"، الذي أصبح في طي النسيان، خاصة أن تشغيله الأولي تزامن تقريبا مع بداية الحرب الروسية في أوكرانيا. 

بالإضافة إلى ذلك، انتقدت المنظمات البيئية غير الحكومية هذا المشروع، مؤكدة أنه مكلف وغير ضروري في ذلك الوقت.

كما قللت هذه المنظمات من قيمة هذا المشروع لأنها ترى أنه من السلبي تطوير البنى التحتية لمواصلة الإمداد والترويج لاستخدام الموارد الأحفورية.

وهو ما يتعارض مع اتفاقية باريس، حيث تم الاتفاق على تقليل الانبعاثات في الغلاف الجوي من أجل مكافحة تغير المناخ. وبالتالي، فهي لا تتماشى مع التحول إلى الطاقات الخضراء والنظيفة والمستدامة.

ونوهت الصحيفة بأن كل شيء قد تغير اليوم مقارنة بما كان عليه قبل ثلاث سنوات فقط، وهو أمر أصبح واضحا وضوح الشمس. 

في الحقيقة، أجبر اعتماد أوروبا على نفط وغاز بوتين القارة العجوز وعلى رأسها إسبانيا على البحث عن حلول بديلة.

ونقلت الصحيفة أن إسبانيا ترى أيضا في هذا المشروع هدفا متوسطا ​​وطويل المدى، يتمثل في دمج الهيدروجين الأخضر في خط أنابيب ميدكات، الذي سيحل محل الغاز بدءا من عام 2030. 

وبشكل عام، بين السيناريو الجيوسياسي وأزمة الطاقة التي تعاني منها أوروبا، أصبح خيار ميدكات ضروريا أكثر بكثير مما كانت عليه في عام 2018.