كير ومشار.. عسكريان جمعهما انفصال جنوب السودان وفرقهما حصد الغنائم

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع "ذي كونفيرساسيون" الأسترالي الضوء على رجلي جنوب السودان القويين، سلفا كير وريك مشار، لافتا إلى أنهما يلوحان في الأفق كرجلين مؤثرين في تاريخ بلدهما المستقل حديثا، ومستقبل أمتهم الفتية إلى حد كبير.

وأوضح أن جذور التنافس بين هذين الرجلين ترجع إلى عقود سابقة في جنوب السودان الذي نال استقلاله عن السودان عام 2011، وانزلق نحو الحرب الأهلية في عام 2013، ودامت خمس سنوات وخلفت ما يقارب 400 ألف قتيل وملايين النازحين.

نظرة فاحصة

وأوضح الموقع أن كير رئيس جنوب السودان البالغ من العمر 70 عاما، أما مشار، الذي يصغره بسنة، فهو نائبه.

وكان الرجلان شخصيتين محوريتين في التفاوض والاتفاق والاختلاف وخرق اتفاقيات السلام خلال معظم العقد الأول لجنوب السودان كدولة مستقلة يبلغ تعداد سكانها 11 مليون نسمة.

وشكلت مواقفهما وسلوكهما وأفعالهما طريق البلاد الصعب نحو الديمقراطية والسلام والتنمية والوحدة الوطنية والابتعاد عن هذه الأهداف أيضا.

ولفهم التطور السياسي المعاصر والمستقبلي والأمن والوحدة الوطنية في جنوب السودان، من المهم إلقاء نظرة فاحصة على هذين الزعيمين السياسيين .

وأمضى كل من كير ومشار سنوات تكوينهما في الحرب الأهلية الأولى والثانية في جنوب السودان بين حركات التمرد في جنوب السودان والقوات المسلحة السودانية والمليشيات الموالية للحكومة.

وخاض كلاهما عدة حروب بين أعوام 1955، و1972، و1983، و2005.

وينتمي كير إلى الدينكا، أكبر مجموعة عرقية في جنوب السودان. وكان ضابطا ومسؤولا ثانيا في حركة الجيش الشعبي لتحرير السودان، وهي حركة التمرد الرئيسة في جنوب السودان.

وقاد العديد من الهجمات العسكرية الناجحة ضد الحكومة السودانية، على سبيل المثال الاستيلاء على أجزاء كبيرة من ولاية غرب الاستوائية التي كانت تحت سيطرة الحكومة السودانية.

وجعلته قيادته العسكرية يتمتع بشعبية داخل الأجنحة العسكرية للحركة وكان لديه رؤية قوية لجنوب السودان المستقل.

ومع ذلك، كانت رؤيته في تناقض صارخ مع زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان الراحل جون قرنق دي مابيور، الذي يتمتع بشخصية كاريزمية والذي تصور سودانا موحدا يتمتع فيه السودانيون الجنوبيون بحقوق سياسية واقتصادية متساوية على طول شمال السودان.

وفي نهاية المطاف تم توقيع اتفاق سلام بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان في عام 2005، ما مهد الطريق لاستقلال جنوب السودان.

وأصبح قرنق نائب رئيس السودان ورئيسا للحكومة الانتقالية لجنوب السودان.

وبشكل مأساوي، توفي قرنق في حادث تحطم طائرة هليكوبتر بسبب خطأ طيار في عام 2005.

وتولى كير قيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان بالإضافة إلى منصب قرنق كنائب لرئيس السودان، وأصبح رئيسا لجنوب السودان.

وبعد استفتاء ساحق في عام 2011، حصل جنوب السودان على الاستقلال.

ويعرف كير عموما بظهوره العام الهادئ والمعتدل والخالي من المشاعر، لكن حتى خلال السنوات التي قضاها خاضعا لقرنق، كان متعطشا للسلطة التي وسعها بقوة داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان ومؤسسات الدولة في جنوب السودان على مدى العقود الماضية.

وينتمي مشار إلى النوير، ثاني أكبر مجموعة عرقية في جنوب السودان. وكان قائدا إقليميا تحت قيادة قرنق في الحركة الشعبية لتحرير السودان خلال الثمانينيات.

ومثل كير، اختلف مع أهداف قرنق، مفضلا استقلال جنوب السودان، كما اشتكى من قيادة قرنق الاستبدادية.

وبعد اتفاق السلام لعام 2005 ووفاة قرنق، أصبح مشار نائب رئيس جنوب السودان.

تنافس عنيف

محبطا ومعارضا لقيادة قرنق لمقاومة استقلال جنوب السودان، شكل مشار وأعضاء القبائل الأخرى حركة متمردة معارضة للجماعة المتمردة الرئيسة، الحركة الشعبية لتحرير السودان في عام 1991.

وأطلقوا على هذا اسم فصيل الحركة الشعبية لتحرير السودان"ناصر".

وقاتل مشار وفصيله ناصر من أجل استقلال جنوب السودان، لكنهم تلقوا في الوقت نفسه دعما ماليا وعسكريا من الحكومة العسكرية في الخرطوم.

وبالاعتماد على إستراتيجية فرق تسد، استخدمت الخرطوم مشار وقواته للانقلاب على متمردي الحركة الشعبية لتحرير السودان بما في ذلك قرنق وكير.

وخلال مذبحة معروفة في بلدة بور، قتلت قوات ناصر آلاف المدنيين المنتمين إلى عرقية الدينكا، قبيلة كير.

وكانت النتيجة هجمات انتقامية. ولم تصبح الانقسامات داخل جنوب السودان عنيفة على نحو متزايد فحسب، بل كانت أيضا ذات طابع عرقي بشكل متزايد.

ولا يزال إرث هذا العنف العرقي دون حل إلى حد كبير ولم تتم معالجته، ولا يزال مصدرا للريبة والشك الكامن الذي استغله الخطاب السياسي والتلاعب.

ومنذ عام 2013، شهد جنوب السودان حربا أهلية هي في الأساس ناجمة عن صراع بين قوات كير التي يهيمن عليها الدينكا وقوات مشار التي يهيمن عليها النوير.

ويشعر كل من كير ومشار بالقلق بشأن مستقبلهما السياسي وأمنهما وأمن عائلاتهما وحلفائهما وأقاربهما العرقيين.

وتتمتع بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (UNMISS) بتفويض لدعم تنفيذ العديد من اتفاقيات السلام بالإضافة إلى حماية المدنيين.

ولها حضور كبير، أكثر من 14 ألف عسكري و 1500 شرطي وما لا يقل عن 2000 موظف مدني.

ومع ذلك، فقد كان ينظر إليها في كثير من الأحيان على أنها تقوم بالقليل بعد فوات الأوان لحماية المدنيين.

الدينكا والنوير

من الناحية الأيديولوجية، لا يبدو أن كير ومشار متباعدان إلى هذا الحد، ولطالما رأى كلاهما أن مستقبل جنوب السودان هو مستقبل دولة مستقلة.

وتكمن الصعوبة في الاتفاق على كيفية التنظيم والتوزيع والتعاون داخل أمة تتكون من عشرات المجموعات العرقية والقبائل الفرعية، وسبل العيش المختلفة، والروابط الثقافية عبر البلدان المجاورة.

ومن الواضح، رغم أنهم لن يعترفوا بذلك أبدا، أن الرجلين يعدان نفسيهما ومجتمعاتهما العرقية الورثة الرئيسين للأمة، وأن لكل منهما حقا شرعيا في القيادة.

وتتم رعاية هذه الادعاءات من خلال الحصة النسبية للسكان لكلتا المجموعتين ودورهما في الحرب مع الحكومة السودانية في الخرطوم، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى مناطق الاستيطان على طول الحدود بين جنوب السودان والسودان.

والدينكا أكبر مجموعة عرقية في جنوب السودان، وتمثل حوالي 35 بالمئة من السكان. أما النوير فهم ثاني أكبر قبائل بحوالي 16 بالمئة، فيما  تمثل المجموعات الأخرى حصصا أصغر بكثير.

وفي السنوات الأخيرة، تم قطع المساعدات الخارجية عن المساعدات الإنسانية، وتوقف الاستثمار الأجنبي بسبب انعدام الأمن، وارتفعت أسعار السلع اليومية بشكل كبير بسبب انخفاض الأنشطة الزراعية وزيادة الاعتماد على الواردات.

وهذه فقط بعض التداعيات التي تجعل حياة المواطنين العاديين في جنوب السودان أكثر صعوبة مما كانت عليه بالفعل في معظم حياتهم.

وفي نهاية المطاف، يبقى السؤال المطروح على كير ومشار هو ما الذي يريد كلاهما أن نتذكره؟ يختم الموقع.