مخاوف متنوعة.. لهذا تباينت مواقف الدول العربية إزاء الغزو الروسي لأوكرانيا

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة الإندبندنت البريطانية، الضوء على الاختلافات التي طرأت على مواقف الدول العربية إزاء الغزو الروسي لأوكرانيا المتواصل منذ 24 فبراير/ شباط 2022.

وذكرت النسخة الفارسية للصحيفة في مقال للكاتب الإيراني محمد خير ندمان، أن هذه المواقف شُكلت بناء على مخاوف اقتصادية على خلفية أزمة الغذاء والطاقة الناجمة عن الحرب، وأخرى سياسية مرتبطة بشكل العلاقات مع الحليف الأميركي.

تأثيرات اقتصادية

وأوضحت الصحيفة أن للحرب الروسية الأوكرانية تأثيرات مستديمة وخطيرة على العالم بأكمله بالإضافة إلى أطراف النزاع، وخاصة في مجال الغذاء والطاقة التي تصدر أوكرانيا وروسيا أغلبه.

وفي الوقت الراهن وبسبب اشتداد الحرب، وكذلك العقوبات المفروضة على روسيا، فإن إمدادات الغذاء والطاقة مهددة.

فبالإضافة إلى أن أوكرانيا تُعرف باسم سلة الخبز الأوروبية من الناحية التاريخية، إلا أنها تعتبر مصدرا مهما للصادرات الغذائية في العالم؛ لأنها تملك أفضل الأراضي الخصبة لزراعة الحبوب، وخاصة القمح، والشعير، والذرة.

وتعد أوكرانيا خامس مصدر لإنتاج القمح في العالم، وتنتج 12 بالمئة من القمح، و18 بالمئة من الشعير، و12 بالمئة من الذرة في العالم. وتعدى حجم صادرات القمح الأوكرانية 18 مليون طن بالنظام المتري.

ومن هذا المنطلق أعربت الدول الأوروبية عن قلقها من ارتفاع أسعار المواد الغذائية وخاصة قيمة الخبر، وهذا القلق ليس مقتصرا على أوروبا، بل يشمل بشكل كبير عددا من الدول العربية مثل، مصر، والسعودية، ولبنان، واليمن، وليبيا.

وتوضح الإحصائيات في عام 2020، أن 50 بالمئة من القمح المستهلك في لبنان يُستورد من أوكرانيا، وكذلك 43 بالمئة في ليبيا، و22 بالمئة في اليمن، و14 بالمئة في مصر.

 وبناءً على ذلك، نقص القمح، وسائر المواد الغذائية أو ارتفاع سعرها تأثرا بالحرب، من الممكن أن يمثل قلقا بالنسبة لهذه الدول.

وكذلك ليس ببعيد عن الذهن أن نقص المواد الغذائية في بعض من الدول ينتهي بمجاعات وزيادة معدل الفقر، ونتيجةً لذلك تؤدي إلى وقوع أعمال شغب وحدوث اضطرابات.

من ناحية أخرى، ستؤثر الحرب الأوكرانية تأثيرا خطيرا على سوق الطاقة أيضا؛ لأن روسيا تعد إحدى أهم المصادر الرئيسة للبترول والغاز في العالم.

 وبعد فرض العقوبات على روسيا وانسحاب الاستثمارات والشركات البترولية الكبرى من هناك، ازدادت أسعار النفط بشكل غير مسبوق منذ الأزمة المالية عام 2008.

علاوة على هذا التوقع فإن ارتفاع سعر البترول سيؤدي إلى زيادة معدل التضخم، ومن ثم الركود الاقتصادي في سائر العالم.

ومن المتوقع أن ارتفاع سعر البترول الخام والغاز الطبيعي، ومن ثم نزول معدل العرض، سيكون له تبعات إيجابية بالنسبة للدول المصدرة لهذه المواد في العالم العربي.

فسيقلل من الركود الاقتصادي لديها، ويعمل على اتساع أنشطتها الاقتصادية. وفي هذه الحالة ستستطيع دول مثل الجزائر، والعراق، وليبيا أن تجد فرصة لتجديد مصادر دخلها.

محددات سياسية

الموقف السياسي للعالم العربي تجاه الحرب الأوكرانية سواء من حيث الرأي العام، أو الحكومات، يواجه اختلافا، بالإضافة إلى كونه متعدد الأوجه شأنه شأن سائر الأمور.

وسعت السعودية والإمارات على سبيل المثال إلى اتخاذ موقف محايد، كما أن الرياض لم تقبل ضغوطات أميركية من أجل زيادة إنتاج النفط لثبات وتوازن الأسعار.

 وأكدت السعودية على التزامها باتفاقية "أوبك بلس" المبرمة مع روسيا في عام 2022، المبنية على الحفاظ على انخفاض معدل إنتاج البترول من أجل ثبات الأسعار.

وتخطت الإمارات الأمر، ولم تصوت لمشروع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المبني على إدانة الهجوم الروسي على أوكرانيا الذي أُعد تحت إشراف الولايات المتحدة.

ويبرز موقف السعودية والإمارات تجاه حرب أوكرانيا ميل البلدين إلى إقرار علاقات متنوعة على المستوى الدولي.

وحقيقة الأمر منذ أن قللت الولايات المتحدة اهتمامها تجاه الشرق الأوسط، عملت السعودية والإمارات على تعزيز وتقوية علاقاتهما مع موسكو وبكين في العديد من المجالات، ومن ضمنها المجال العسكري.

في المقابل، اتخذ البعض الآخر من دول الخليج العربي موقفا مختلفا تمامًا. على الرغم من محاولة قطر والكويت إلى الابتعاد عن الاستقطاب الموجود بين الغرب وروسيا، إلا أنهما أعربا عن قلقهما بشأن زيادة التوتر العسكري في أوكرانيا.

واعتبرت الصحيفة أن موقف قطر والكويت هو انعكاس للمشكلة الأمنية للدول الصغرى بالخليج، وشكها في أهداف القوى العظمى.

وكان جليا اختلاف وتعدد أوجه العرب في الاجتماع الطارئ للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة بخصوص الأزمة الأوكرانية الذي انعقد في الثاني من مارس/ آذار 2022.

فصوتت 15 دولة عربية لصالح مشروع القرار المعد الخاص بإدانة الهجوم الروسي على أوكرانيا، ووجوب انسحاب القوى الروسية من أوكرانيا.

فيما امتنعت ثلاث دول عربية عن التصويت، وهي الجزائر، والسودان، والعراق، كما صوتت سوريا ضد المشروع.

ولفتت إلى أن الشعوب العربية أيضا انقسمت إلى ثلاث أقسام في هذا الشأن.

المجموعة الأولى خالفت هجوم روسيا على أوكرانيا باعتبارها دولة مستقلة، وقالت إن أوكرانيا لها الحق في اتخاذ قراراتها المتعلقة بسياستها الخارجية، وكذلك الانضمام إلى أي ميثاق أمني تريده.

والمجموعة الثانية انتقدت سياسة الغرب المزدوجة التي تدعم مقاومة الأوكرانيين ضد قوات الروس المعتدية، لكن تعتبر مقاومة الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي إرهابًا.

وركزت المجموعة الثالثة على كيفية تصادم دول الغرب مع اللاجئين، وانتقدوا التمييز بين اللاجئين العرب، مسلمي الشرق الأوسط، واللاجئين الأوكرانيين ذوي العيون الزرقاء، والشعر الأشقر، واعتبروه عنصرية.