دخلت رسميا حلبة المنافسة بالقارة.. هكذا تحاول أوروبا إنقاذ ما يمكن في إفريقيا

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة "إندبندنت" البريطانية أن القمة الأوروبية والإفريقية السادسة التي عقدت في بروكسل يومي 17 و18 فبراير/ شباط 2022 تمثل نقطة تحول مهمة في سياق التنافس القائم في القارة، لا سيما مع التنين الصيني.

وأوضحت الصحيفة في مقال للكاتب يوسف كنعان كوتشوك، بنسختها التركية، أن تصريحات قادة الاتحاد الأوروبي قبل وأثناء القمة حملت رسائل مهمة تبين أن التنافس في إفريقيا مع القوى الدولية الأخرى سيستمر علانية بعد اليوم.

مكاسب مهددة

وذكرت الصحيفة أنه مع تزايد اهتمام القوى العالمية بها وعلى رأسها الصين، أصبحت إفريقيا مركزا للتنافس العالمي في الألفية الثالثة.

وبدأت عديد من الجهات الفاعلة مثل الاتحاد الأوروبي والصين والهند وتركيا في تنظيم قمم إفريقية بشكل دوري.

وتناول جدول أعمال القمة الأوروبية الإفريقية الأخيرة عناوين اعتيادية حول التعاون الأمني​​، ومكافحة الهجرة غير الشرعية، ومنع نقل رؤوس الأموال غير الشرعية إلى خارج إفريقيا، إلا أنه لم يتم طرح مقاربة جديدة لهذه القضايا.

وكان أمرا متوقعا أن تظهر الدول الإفريقية استياءها تجاه موقف الاتحاد الأوروبي من مكافحة وباء كورونا. إذ ن الدول الأوروبية لم تطلق مبادرات لتسهيل وصول البلدان النامية إلى اللقاح، بل على العكس، خزنت عندها ما يزيد عن احتياجات سكانها.

أضف إلى ذلك ما أوصت به مفوضية الاتحاد الأوروبي من حظر فوري للسفر من وإلى الدول الإفريقية عند اكتشاف متحور أوميكرون في جنوب إفريقيا وبوتسوانا.

على الرغم من حقيقة أن أوميكرون شوهد أيضا في بعض البلدان الأوروبية، إلا أنه لم يتم رفع حظر السفر إلا منتصف يناير/ كانون الثاني 2022.

حتى أن بعض الدول الإفريقية وصفت موقف الاتحاد الأوروبي هذا بأنه "عنصري".

غير أن الاتحاد الأوروبي نجح في التملص من المشكلة بقطعه الوعود حول تقديم 450 مليون جرعة لقاح للدول الإفريقية والقول إنه سيسعى لإلغاء براءات اختراع اللقاحات، لكن لم يتخذ أي خطوة ملموسة بشأن ذلك.

والواقع أن ما يجعلنا نقول إن القمة كانت حاسمة، احتواؤها على إشارات تفيد بأن الاتحاد الأوروبي يرغب في أن يعيد النظر في سياساته ومقارباته تجاه القارة الإفريقية.

ويعد تعهد الاتحاد الأوروبي باستثمار 150 مليار يورو في الدول الإفريقية في إطار مبادرة "البوابة العالمية"، أهم المؤشرات على ذلك.

مبادرة منافسة

وأوضحت الصحيفة أن الاتحاد الأوروبي أعلن أنه سيتم إطلاق حزمة الاستثمار هذه في مجالات الطاقة والنقل والتحول الرقمي والتكيف مع تغير المناخ والنمو المستدام والتوظيف والتعليم والصحة.

واللافت أن الاتحاد الأوروبي طرح الحزمة كبديل منافس لـ "مبادرة الحزام والطريق" التي تنفذها الصين منذ 10 سنوات، أمام الدول الإفريقية.

وهنا وجب الحديث عن التغير في موقف المفوضية الأوروبية في نهاية عام 2019 كواحدة من العوامل التي سرعت من عملية التغيير هذه.

كذلك فإن السياسات العدوانية التي اتبعتها روسيا بعد عام 2014، وسياسة الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، ومغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي، دفع الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ موقف أكثر استباقية على نطاق عالمي.

والحق أن هذه المقاربة الجديدة اعتراف من أوروبا أن أنشطة الدول الأخرى في القارة تهز مكانتها التي حافظت عليها لعدة قرون.

ولا شك أن القلق من خسارة القارة الإفريقية اقتصاديا وكونها ستكون الأكثر تأثرا من أزمات الهجرة غير الشرعية والإرهاب لقربها الجغرافي هي الأسباب وراء التغيير في سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه إفريقيا.

فعلى عكس الاتحاد الأوروبي، لن يتأثر الشركاء الآخرون الصاعدون في القارة مثل الصين والهند والبرازيل وتركيا وروسيا بشكل مباشر من المشاكل في القارة الإفريقية.

لذلك، لا يريد الاتحاد الأوروبي أن يتم استبعاده من المنافسة، رغم أن ذلك يضطره لمواجهة المشاكل المتعلقة بإفريقيا وتحمل العبء.

وبينما يهدف الاتحاد الأوروبي إلى التخفيف من المشاكل مثل الفقر والبطالة بميزانيته الاستثمارية البالغة 150 مليار يورو من ناحية، يهدف على الناحية الأخرى إلى زيادة استثماراته المربحة في القارة.

والأهم، الحصول على المعادن النادرة التي تعتبر ضرورية من أجل التحول الأخضر.

موقف حذر

غير أنه ليس من الواضح حاليا ما إذا كانت سياسة الاتحاد الأوروبي الجديدة تجاه إفريقيا ستكون ناجحة أم لا.

فقبل كل شيء، لم يتم تبني سياسة موحدة تجاه إفريقيا داخل الاتحاد.

ثانيا، ليس من الواضح حجم التمويل الذي سيخصصه أعضاء الاتحاد الأوروبي لمبادرة "البوابة العالمية".

ثالثا، ليس هناك ما يضمن أن مستثمري دول الاتحاد سيستثمرون في القارة الإفريقية على المستوى المتوقع.

ورأت الصحيفة أن مهمة الاتحاد الأوروبي ليست سهلة على الإطلاق بالنظر إلى أن قرارات الاستثمار لا تعتمد فقط على الحوافز الأوروبية والدول الأعضاء في الاتحاد، بل على ظروف البلد المراد الاستثمار فيه.

خاصة وأنه من غير المعروف ما إذا كانت الدول الإفريقية سترحب بمبادرة الاتحاد الأوروبي، بما أن التمويل والتبرعات المقدمة منه يخضع لشروط معينة.

ويرغب الاتحاد الأوروبي في أن يكون الشريك "الأفضل" بالنسبة لإفريقيا ، لكن الوقت وحده من سيحدد مدى رغبة إفريقيا في الاستجابة لذلك، وإن كان يقال أن الدول الإفريقية بعيدة كل البعد عن الاستجابة لجهود الاتحاد الأوروبي لتسريع العلاقات.

ويذكر أن الدول الإفريقية رفضت اقتراح الاتحاد الأوروبي المتعلق بعنوان البيان الختامي للقمة الذي كان "التحالف الإفريقي الأوروبي"، واعتبرت كلمة "شراكة" كافية.

وبما أن نتيجة إستراتيجيات وسياسات الاتحاد الأوروبي خلال الـ 20 سنة الماضية اتضحت، من المتوقع أن يذهب الاتحاد لاتباع سياسات ومبادرات جديدة في السنوات القادمة.