فاليري بيكريس.. مرشحة فرنسية تعقد خيارات ماكرون ولوبان في الانتخابات

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

سلط تقرير إسباني الضوء على فاليري بيكريس، المرشحة التي قلبت موازين الانتخابات الرئاسية في فرنسا (المقررة في أبريل/نيسان 2022)، بعد أن بدت قبل سنتين أو ثلاث سنوات وكأنها إجراء شكلي لا غير.  

وفي هذا السياق، تطرقت صحيفة الإسبانيول إلى علاقة هذا الصعود بالديغولية التي حددت على مدار عقود، جوهر الجمهورية الفرنسية. 

في المنظومة الفرنسية، تعتبر السياسة الخارجية والدفاعية أيضا، "مجالا محفوظا" لرئيس الجمهورية الذي يمتلك صلاحيات شبه مطلقة لاتخاذ القرارات في هذا الصدد. 

الديغولية الفرنسية

هذه السلطة أنشأها مؤسس الجمهورية الخامسة الجنرال شارل ديغول، واستغلها الرئيس الاشتراكي فرانسوا ميتران، على الرغم من أن رؤساء آخرين كانوا أقل اندفاعا لممارستها على أكمل وجه.

ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، كانت فرنسا في الأساس تطورا للديغولية مع استثناءات قليلة جدا. 

في تلك التجاذبات، كان حتى على الاشتراكية أن تجد شخصية مثل فرانسوا ميتران لتصل أخيرا إلى الإليزيه، وفق الصحيفة الإسبانية.  

وعلى وجه الخصوص، كان ميتران، منافس ديغول في عام 1965، من أشد المعجبين بالجنرال، وهو أمر لم يخفه أبدا خلال حياته السياسية.

ربما لهذا السبب بالذات، فهم ميتران دائما أن بقاءه السياسي يعتمد بشكل حصري على تقسيم الديغولية، أو على تحول  الناخب المحافظ نحو بديل آخر.

 اعتمد ميتران على فكرة أنه إذا تمكنت فرنسا من التصويت لمرشح من اليمين الوسطي، عاقل وذي إحساس عال ببلده، فسوف يحافظ دائما على هذا التقليد الانتخابي. 

منذ البداية، كان فوزه في انتخابات عام 1981 نتيجة لخيانة الرئيس الأسبق جاك شيراك ‏(29 نوفمبر/تشرين الثاني 1932 - 26 سبتمبر/أيلول 2019)، للزعيم الأسبق أيضا فاليري جيسكار ديستان (2 فبراير/شباط 1926 - 2 ديسمبر/كانون الأول 2020). 

ومع تقدم العقد، فعل كل ما في وسعه لتعزيز سياسي إقليمي غير مهم وقائد حزب أقلية يدعى جان ماري لوبان. كان هدفه، مرة أخرى، هو إثارة الخلافات والشكوك. 

ونقلت الصحيفة أن الإصلاح الانتخابي لعام 1985، جعل الجبهة الوطنية تنتقل من صفر إلى 35 نائبا في 1986، في الانتخابات التشريعية الوحيدة التي أجريت في ظل هذا النظام. 

ومن هنا أدى وصول لوبان إلى المؤسسات ووسائل الإعلام والجدل السياسي الذي رافقه إلى حدوث انقسام في اليمين وبين بعض الناخبين اليساريين الذين شعروا بالتهديد من الهجرة في مدن مثل مرسيليا. 

وفي هذه المرحلة، احتاج الرئيس الاشتراكي ميتران إلى لوبان لإبقاء رئيس الوزراء الأسبق إدوار بالادور (92 عاما) وشيراك ورفاقهما في مأزق، ليمثل هو الوسطية في فرنسا. لكن، لم يعتقد أبدا أن تخرج التجربة عن نطاق السيطرة.

وأشارت الصحيفة إلى أنه عندما توفي فرانسوا ميتران عام 1996، بدا من المستحيل على (الابنة مارين) لوبان (زعيمة اليمين الفرنسي) أن تندمج بين حزبي الأغلبية في اليمين وممثلي اليسار.

لكن بعد ست سنوات، في الانتخابات الرئاسية لعام 2002، حدث ما لا يمكن تصوره: سقط رئيس الوزراء الاشتراكي، ليونيل جوسبان، بأقل من مئتي ألف صوت إلى المركز الثالث في الجولة الأولى.

نتيجة لذلك، أصبحت الجولة الثانية بمثابة مبارزة بين لوبان وشيراك. ثم، ناشد جوسبان وحدة الديمقراطيين وفاز شيراك دون تعقيدات كثيرة، مع أعلى نسبة، في الواقع، لأي مرشح في الجولة الثانية، والتي كانت في حدود 82.21 بالمئة. 

وأضافت الصحيفة أن تلك الانتخابات كانت علامة فارقة في تاريخ اليمين المتطرف الفرنسي.

لكن على الرغم من أزمة القيادة التي دفعت لوبان إلى الوراء والمشاكل التي واجهتها ابنته مارين في إحياء المشروع السياسي، لم يعرف أحد في فرنسا كيفية الاستفادة من الأزمة المالية لعام 2008 مثل الجبهة الوطنية. 

في عام 2012، تجاوزوا ستة ملايين صوت في الجولة الأولى؛ وفي 2014، فازوا في انتخابات البرلمان الأوروبي، التي سيكررونها سنة 2019.

وفي 2017، استغلوا انقسام اليمين الوسطي وفضائح رئيس الوزراء الأسبق فرانسوا فيون للتسلل مرة أخرى إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية.

مع بقاء ستة أشهر على الانتخابات، هيمن فيون على صناديق الاقتراع، تلاه على بعد مسافة لوبان، السياسي الفرنسي اليساري جان لوك ميلونشون، والرئيس الحالي إيمانويل ماكرون الغامض، وهو بلا شك الشخصية الأكثر قدرة على الابتكار وقيادة مشروعه الخاص، مثل ديغول.

لم يستغرق ماكرون وقتا طويلا حتى يتفوق على الجميع، وحتى أقل من ذلك، حتى ينهار فيون والديغولية بين اتهامات الفساد واللامبالاة التي تصاحب أي حزب يعتقد أنه فائز قبل أوانه.

المعركة القادمة

في معركته ضد لوبان في الجولة الثانية، فاز ماكرون بنسبة 66.10 بالمئة من الأصوات، أي أقل بأكثر من 15 نقطة من شيراك قبل 15 عاما.  

وأشارت الصحيفة إلى أن مارين لوبان حققت هالة من الشرعية جعلتها مرشحة قوية بعد خمس سنوات.

في الواقع، احتلت لوبان وماكرون المركز الأول في استطلاعات الرأي خلال العامين الماضيين. لكن تغير كل شيء، حتى هذا الصيف، عندما بدأت وسائل الإعلام في الحديث عن الترشيح المحتمل للصحفي والسياسي الصاعد إريك زمور.

ونوهت الصحيفة بأنه بالاستناد إلى افتراض ميتران نفسه، يمكن الإقرار بالحقيقة التالية: إذا استطاع الفرنسيون التصويت لمرشح معقول من اليمين الوسطي، فإنهم يفضلون هذا الخيار.

وفي الانتخابات الحالية، تمثله المرشحة فاليري بيكريس، وهي رئيسة المجلس الإقليمي في إيل دو فرانس (وسط البلاد)، منذ عام 2015. 

في الواقع، فازت بيكريس أمام أربعة منافسين قبل أقل من شهر في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، أو الديغوليين الجدد، بما في ذلك المرشح الأكثر حظا في استطلاعات الرأي، كزافييه برتراند.

كان تأثير انتخابها فوريا، حيث وضعتها استطلاعات الرأي التي نشرت في الأيام الأخيرة في المركز الثاني، متعادلة مع لوبان، وقريبة جدا من ماكرون في جولة ثانية محتملة.

وأشارت صحيفة "الإسبانيول" إلى النتائج المحتملة للجولة الأولى من الانتخابات في فرنسا.

في الواقع، فقط فضيحة ذات أبعاد هائلة يمكن أن تبعد الرئيس الحالي ماكرون.

كما يمكن أن نعتبر أن هذه الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية هي في الواقع مرحلة أساسية لاختيار منافسه. ومن المتوقع أن يزاح زمور من الجولة الثانية.  

ونقلت الصحيفة أن بهذه التوقعات، سيكون منافس ماكرون إما مارين لوبان أو فاليري بيكريس. عموما، كلاهما مقيد بحوالي 16-17 بالمئة من الأصوات. وهنا، ستتفوق المرشحة القادرة أكثر من غيرها على تعبئة ناخبي زمور. 

وأوردت أنه تماما كما في عام 2002، أو في 2017، كان الوصول إلى الدور الثاني بمثابة نجاح تاريخي للجبهة الوطنية.

لذلك، فإن عدم الحفاظ على هذا التقليد في عام 2022 سيكون بمثابة ضربة قاضية للحزب.

وهنا نحن نتحدث عن حزب فاز في الانتخابات الأوروبية الأخيرة مرتين، وتنازع على الإليزيه ضد ماكرون في الانتخابات الرئاسية السابقة والذي تصدر استطلاعات الرأي بنسب لا يستهان بها لأكثر من عامين.

ونوهت الصحيفة بأن لدى ماكرون الكثير من الدواعي للقلق. إذا كان خصمه هو لوبان مرة أخرى، فإن الشيء المنطقي هو التفكير في نتائج مشابهة جدا لتلك التي كانت موجودة قبل خمس سنوات.

لكن في جولة ثانية ضد مرشح اليمين الوسطي، فإن المعادلة ستتغير. 

وذكرت الإسبانيول أن عاملا آخر يثير مخاوف ماكرون، يتمثل في الفارق الذي يفصله عن بيكريس في استطلاعات الرأي، الذي لا يتجاوز ست نقاط.

وبشكل عام، فإن ست نقاط فارق بسيط ولا يمكن لماكرون الاعتماد على تعبئة خارجية مثل تلك التي حدثت في 2017.

الكلمات المفتاحية