الإندبندنت: إيران تغير إستراتيجيتها في آسيا الوسطى.. وهذه الأسباب

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة الإندبندنت البريطانية عن محاولات إيران لتوسيع نفوذها في دول آسيا الوسطى وأوراسيا وأسباب ذلك.

وتطرقت النسخة الفارسية للصحيفة في مقال للكاتب وأستاذ الأدب الفارسي محمد السلمي إلى تحول بعض الدول "من عدو إلى صديق"، بعد أن أصبح بينها تعاون في مجالات عدة.

وسلط الضوء على علاقة طهران بدول عديدة مثل طاجيكستان، وأرمينيا، وأذربيجان، والأذريين الموجودين في إيران.

وتناول أيضا الحديث عن صادرات الغاز الطبيعي بين هذه الدول، كما تحدث عن روسيا والصين، وباكستان، والانسحاب الأميركي من الأراضي الأفغانية وتبعاته، بالإضافة إلى أمور أخرى. 

وافتتح الكاتب مقالته بالقول: يبدو أنه في الوقت الراهن تبدلت آسيا الوسطى إلى دول صديقة لإيران بعد أن كانت تعاني بسببها. 

يمكن اعتبار تحسن موقف طهران النسبي بأنه ناجم عن دبلوماسيتها الذكية، مثل اللا مبالاة تجاه المنافسين والعوامل الجيوسياسية في المنطقة. 

فبعد سقوط الاتحاد السوفييتي واجهت إيران مستنقعا في آسيا الوسطى ومنطقة القوقاز. ووضع تعدد الجنسيات والعرقيات تحديات وفرصا كثيرة أمام طهران. 

كما أن زعماء الدول المستقلة حديثا في آسيا الوسطى ومنطقة القوقاز قلقون بشأن التدخلات الطائفية والطموح الإيراني في دول الجوار، يقول الكاتب.

"خدعة موفقة"

وتابع السلمي: كان استخدام اللغة الفارسية وكذلك سائر الأدوات التجارية والحضارية من قبل إيران خدعة موفقة، وأسفر عن زيادة التوقعات لاستخدام القوة الناعمة للبلاد في آسيا الوسطى.

وأردف: "لم يخف مرتزقة طهران من انزعاج روسيا من خطوة تغيير مذهب شعوب المنطقة إلى التشيع". 

فقط كانوا على اتصال بروسيا، مع علمهم بعدم تحمل موسكو أي شكل من التشدد سواء السني أو الشيعي.  

وتابع: "حتى الأقلية الشيعية الضئيلة في أوزبكستان كانت من أصول إيرانية حيث تركوا وشأنهم".

لكن من ناحية أخرى، على الرغم من تمركز غالبية السكان الشيعة الأذريين في منطقة جنوب القوقاز الواقعة في أوراسيا، إلا أنه تم اتخاذ نهج حذر تحت عنوان السياحة الدينية.

وأضاف الكاتب أن طاجيكستان تعتبر إيران لاعبة على الوجهين خلال حربها الأهلية، وذلك على الرغم من ثقافتها وتاريخها الفارسي المشترك معها.

لدرجة أن طهران كانت متهمة بأن لها يد في تنظيم الانقلاب الفاشل في طاجيكستان عام 2015.

وأوضح الكاتب: "محفور في ذهن حكومة طاجيكستان سوء ظن تجاه أهداف إيران الطموحة".

وأشار أيضا إلى وجود مباحثات بين تركمانستان وإيران حول صادرات الغاز الطبيعي التركماني.

ولفت إلى أن إيران قررت أن ترضي روسيا والصين، القوتين العظميين العالميتين وكذلك قوى المنطقة لتجاوز نزاعاتها مع كل دول آسيا الوسطى تقريبا. 

لم تعف إيران هذه الدول فقط من مشروع الطائفية والتدخلات الداخلية خاصتها، بل قررت أن تنضم إلى المجالس الخاصة بالمنطقة من قبيل منظمة التعاون الاقتصادي، ومنظمة شانغهاي للتعاون.

أفسحت هذه المجالس الفرص العظيمة لإيران للتعامل والاتصال بآسيا الوسطى وأذربيجان في آن واحد، وفقا لما ذكره الكاتب. 

تغير الأوضاع

وأردف الكاتب: بعد انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من أفغانستان في أغسطس/آب 2021، أصبحت تعاملات إيران مع دول آسيا الوسطى أكثر فائدة. 

في الوضع الذي تعتبر فيه باكستان داعمة لحكومة طالبان في أفغانستان بشكل علني، أخذت سائر دول الجوار تنظر إليها نظرة شك وسوء ظن، ومن ضمنها إيران.

المصالح المتداخلة في أفغانستان وكذلك التهديد بعودة "التشدد السني"، هيأت فرصة فريدة من نوعها بالنسبة لطهران لكي تضع كابول تحت ضغط.

ليست كابول فقط، ربما يكون لدى إيران سلوك سياسي ظاهري مناسب من وجهة نظر باقي دول العالم، وفق الكاتب.

ولفت السلمي إلى أن أوزبكستان ترغب في إيصال السكك الحديدية مع أفغانستان عن طريق إيران وميناء جابهار، بإدارة الهند، ثم بحر العرب.

 وعلى الرغم من أن الميناء الإيراني في الوقت الحالي لا يحقق الاستفادة المطلوبة بالنسبة لأفغانستان؛ إلا أن مشروع السكك الحديدية لا يزال في بداية عمله. 

ومع كل هذا، ستوضح إيران أنها بالقرب من دولة ذات نفوذ ومزدحمة نسبيا وهي أوزبكستان باعتبارها "أقصر الطرق" للوصول إلى بحر العرب.

وذكر الكاتب: إيران بدأت تقلق بعد أن حررت أذربيجان أراضيها من تحت سيطرة أرمينيا ومن ضمنها إقليم قره باغ. 

كما تواجه طهران تهديد النزعة الانفصالية القومية - العرقية بين سكانها الأتراك الأذريين.

مقايضات الغاز

وعلى هامش قمة مجلس التعاون الاقتصادي، وقعت إيران على معاهدة مقايضة الغاز مع تركمانستان وأذربيجان.

ستصدر تركمانستان سنويا من 1.5 إلى ملياري متر مكعب من الغاز إلى إيران حتى يجري تصديره عن طريق شبكة خط النقل الإيرانية إلى أذربيجان. 

على الرغم من العلاقات المقلقة المتعلقة بالغاز مع تركمانستان من ديسمبر/كانون الأول  2016 وما يليه، تحاول إيران أن تظهر نفسها مركز الطاقة في المنطقة.

وأشار الكاتب إلى أن أذربيجان وتركمانستان الواقعتين على شواطئ بحر قزوين، ليستا بحاجة إلى دولة ثالثة لعلاقات الطاقة. 

وقبل أن تقبل إيران وأذربيجان الاعتماد على بعضهما البعض من ناحية الطاقة، كان هناك بعض العوامل المحفزة على التعامل بين هاتين الدولتين.

فعلى سبيل المثال، خلال نزاعات إقليم قره باغ كانت طهران تعمل على تأمين نفط يريفان (عاصمة أرمينيا).

وبعد انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من أفغانستان، وجدت إيران تلائما في سياساتها ومصالحها مع روسيا المفعمة بثقتها العسكرية في نفسها، وكذلك مع الصين من الناحية الاقتصادية الغنية في آسيا الوسطى وأوراسيا، بحسب الكاتب.

وأضاف: من الممكن أن تكون موسكو وبكين غير موافقتين على افتراضات طهران، لكن تسود البراغماتية على العلاقات الخاصة بهما.

ومع ذلك لا تنسجم مصالح طهران مع إسلام أباد في كابول، وكذلك أنقرة في باكو ويريفان.

ويقول الكاتب: "لن تتصالح تركيا وباكستان فيما يخص أذربيجان وأفغانستان حيث إن تلك الدولتين لهما أهمية حاسمة من أجل الاستقرار في آسيا الوسطى ومنطقة القوقاز".

ويختتم السلمي بالقول: سياسات إيران بخصوص آسيا الوسطى موفقة بشكل رئيس، لكن الدعم الاقتصادي، السياسي والإستراتيجي الكبير الذي تريده طهران بشدة، لن يتحقق.