حشد عسكري روسي على حدود أوروبا.. هل المواجهة مع "الناتو" قادمة؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

كشفت صحيفة الكونفدنسيال الإسبانية عن سيناريو للتحركات الروسية الأولية في مناطق شرق الاتحاد الأوروبي حال قررت المواجهة العسكرية مع حلف شمال الأطلسي "ناتو".

وأضافت أن وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن حذر روسيا علانية في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 من ارتكاب "خطأ فادح" عبر تصعيد حربها ضد أوكرانيا، مع أنباء متواصلة عن حشود عسكرية روسية جاهزة للقتال شرقي أوروبا.

والأجواء بين روسيا وأوكرانيا متوترة منذ الأزمة التي اندلعت عام 2014 عندما ضمت موسكو شبه جزيرة القرم ودعمت انفصاليين يخوضون نزاعا في شرقي أوكرانيا الناطق أغلبه باللغة الروسية.

فيما اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 18 نوفمبر 2021 الدول الغربية بالتصعيد في نزاع أوكرانيا عبر إجراء مناورات عسكرية في البحر الأسود وإرسال قاذفات للتحليق على مقربة من الحدود الروسية.

رؤية ضبابية

وأشارت الصحيفة الإسبانية إلى أن الانتشار العسكري الروسي مستمر، لكن مراقبة هذه التحركات من خلال مصادر مفتوحة لا يسمح إلا بالكشف عن جزء صغير من التحركات الفعلية.

وبهذا الشكل أصبح من الصعب تحديد ما يحدث بالضبط، لكن يبدو أن روسيا تقود عدة تحركات منفصلة في نفس الوقت، يرتبط بعضها فقط بأوكرانيا، والبعض الآخر قد يشكل خطرا على الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو ككل.

وأوضحت أن إحدى المشكلات الرئيسة تكمن في تحركات جيش الأسلحة المشتركة 41 الروسي، الذي يقع مقره في منطقة نوفوسيبيرسك بسيبيريا. وكان متمركزا في المنطقة العسكرية المركزية الروسية في وقت سابق.

لكن انتقل في مارس/ آذار 2021 إلى المنطقة العسكرية الغربية في روسيا الممتدة من فنلندا إلى أوكرانيا.

وأضافت أن ذلك الجيش شارك هناك لاحقا في تدريب عسكري واسع النطاق يستمر لمدة أربع سنوات، ويستهدف الهجوم على الجناح الشرقي لحلف الناتو.

 ونُشر جيش الأسلحة المشتركة 41 لأول مرة في ساحة تدريب بوغونوفو في منطقة فورونيج الروسية المحاذية لأوكرانيا. لكن في أكتوبر/ تشرين الأول 2021 تمركزت معظم قواته في منطقة سمولينسك، قرب بيلاروسيا، وغير بعيد عن أوكرانيا.

وأكدت الصحيفة أن هذه التحركات تحول دون تتبع الجيش الروسي، لكنها تشير إلى أن القوات تشارك في تدريبات عسكرية، رغم عدم وجود معلومات متاحة عن طبيعتها الدقيقة.

سيناريو المواجهة

ونقلت الصحيفة عن مصدر أوكراني مطلع على الوضع في أوائل نوفمبر 2021 أن أجزاء من هذه التدريبات تجري في بيلاروسيا.

ويبدو هذا مرجحا من وجهة نظر عسكرية: حيث إنه إذا بقي جيش الأسلحة المشتركة 41 في منطقة سمولينسك، وهو ما يكاد يكون مؤكدا، فسوف تملأ الفجوة بين جيش الأسلحة المشتركة 6، في الشمال ومقره سانت بطرسبرغ، وجيش الأسلحة المشتركة 20، في الشرق بمنطقة فورونيج.

وفي حال دخلت روسيا في حرب مع الناتو في الغرب، فإن مهمة جيش الأسلحة المشتركة 41 ستتمثل في قيادة التقدم من بيلاروسيا إلى ممر سوفالكي، المنطقة الحدودية بين بولندا وليتوانيا التي تفصل بيلاروسيا عن جيب كالينينغراد الروسي بشرقي أوروبا.

من جانب آخر، من المحتمل أن يتقدم جيش الأسلحة المشتركة 41 جنبا إلى جنب مع الفيلق 11 للجيش في كالينينغراد، من أجل سحق الدفاعات البولندية والليتوانية.

أما جيش دبابات الحرس الأول، المتمركز في موسكو، الذي تم تعيينه سابقا لهذه المهام، فسيكون الآن متاحا كاحتياطي تشغيلي لدعم تقدم جيش الأسلحة المشتركة 41 ودفع الهجوم الأولي نحو نهر أودر، على الحدود البولندية الألمانية.

وذكرت أنه في حال اندلعت حرب واسعة النطاق في منطقة البحر الأسود بدلا من غرب روسيا، فستكون مهمة جيش الأسلحة المشتركة 41 هي الضغط على أوكرانيا من الشمال، في الغالب عبر بيلاروسيا.

وستسعى موسكو إلى عزل كييف بسرعة عن أي تعزيزات وستتخذ مواقع على الضفة الغربية لنهر دنيبر، الذي يمر عبر العاصمة ويقسم أوكرانيا إلى قسمين.

وفسرت الصحيفة تدريبات جيش الأسلحة المشتركة 41 الحالية بأنه يحتاج إلى الاستعداد للعمل في اتجاهين تشغيليين، فخطط نشره وتحضيراتها أكثر تعقيدا من تلك الخاصة بالجيوش الأخرى.

تحركات أخرى

وفي السياق، لفتت الصحيفة الإسبانية إلى تسارع تحركات مجموعة أخرى من التعزيزات العسكرية في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني 2021، تستهدف أوكرانيا على وجه التحديد.

فزاد عدد العسكريين في القرم، وانتشر عدد من جيش دبابات الحرس الأول في منطقة ماسلوفكا، قرب الحدود مع مدينة خاركيف الأوكرانية شمال شرقي البلاد؛ ويبدو أنه كان هناك تركيز أكبر للمركبات العسكرية حول منطقة روستوف في شرق أوكرانيا.

وفي جميع الأحوال، من المرجح أن تسمح هذه الخطوة الأخيرة لروسيا بالتسلل إلى منطقة دونباس بأوكرانيا، وهي نية تبدو واضحة من العدد الكبير للمركبات العسكرية التي تصل إلى مطار روستوف أون دون.

كما حشدت روسيا وحدات الحرس الوطني، وهي قوات أمنية شبه عسكرية وأرسلتها أيضا إلى روستوف، حيث ستؤدي مهام السيطرة على الأراضي المحتلة بعد غزو أوكرانيا، وقمع المعارضة، وتنصيب إدارات قادرة على التحكم فيها.

وتدل هذه التعبئة على أن الكرملين يفكر على الأقل في خيار المزيد من عمليات التوغل في أوكرانيا.

ومقارنة بالوضع في مارس/ آذار وأبريل/ نيسان 2021، عندما نشرت قواتها قرب الحدود مع أوكرانيا، يبدو أن روسيا تبذل جهدا أقل بكثير لضمان أن يكون الانتشار الحالي مرئيا.

وعموما، قد يشير هذا إلى نية أكثر جدية بكثير من مجرد الرغبة في الظهور في شكل القوة التي تشكل تهديدا على أوروبا.

على صعيد آخر، أشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة اتخذت في السابق خطوات ردعية، حيث أرسلت سفنا حربية إلى البحر الأسود. ونشرت في أبريل 2021 طائرات مقاتلة في بولندا. ونجحت هذه الخطة في تحقيق هدف واشنطن.

فبعد يومين فقط، ألغت روسيا "التدريبات" التي كانت تجريها قرب الحدود مع أوكرانيا. وفي الواقع، يبدو أن هذه هي اللغة الوحيدة التي تفهمها موسكو.