ضوء أخضر.. لوبوان تكشف "الدور الخفي" للسيسي في انقلاب السودان

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة فرنسية الضوء على العلاقة التي تجمع قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، الذي نفذ انقلابا في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، ورئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي.

وأشارت صحيفة "لوبوان" إلى أن "العلاقة التي تجمع كليهما هي علاقة الأخ الأكبر بالأخ الأصغر، حيث سيلعب السيسي، صاحب الـ66 عاما، دور الأخ الأكبر، وسيلعب البرهان، صاحب الـ61 عاما، دور الأخ الأصغر".

وقالت إن "البرهان يبدو أنه تلقى نصيحة من رئيس النظام السيسي".

ضوء أخضر

وأوضحت الصحيفة أن "السيسي انقلب على الرئيس (الراحل) محمد مرسي في 2013، فيما حل البرهان الحكومة الانتقالية لعبد الله حمدوك في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021".

واستطردت "مع ذلك، يبدو أن هذا الانتهاك للوثيقة الانتقالية السودانية الموقعة في أغسطس/آب 2019 قد تم التحقق منه، إن لم يكن مدبرا، من قبل السيسي".

وأشارت لوبوان إلى أنه "بعد أيام من الشائعات أكدت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 أن البرهان زار القاهرة في اليوم السابق لانقلابه".

فيما أكد علي بازارة، رئيس الديوان في وزارة الخارجية السودانية، التي لا تزال تحظى بالاعتراف من قبل المجتمع الدولي رغم الإطاحة بالحكومة، أن "رئيس المخابرات المصرية، عباس كامل، جاء مرتين للقاء البرهان في الأسبوعين اللذين سبقا الانقلاب"، وفق الصحيفة الفرنسية.

من جانبه، قال المستشار السياسي السوداني في منظمة "ذو سنتري"، سليمان بلدو، إن "مصر قد أعطت الضوء الأخضر وأعفت رئيس الوزراء".

وأكد بلدو أن "أجهزة المخابرات المصرية التي تدير الملفات المتعلقة بالسودان بدلا من وزارة الخارجية، منخرطة بشكل كبير في كل ما يحدث في البلاد".

وفيما يشبه محاولة لإثبات هذه الأطروحة وإظهار المزيد من المتظاهرين السودانيين المؤيدين للديمقراطية الذين اكتشفوا الدور الخفي للسيسي في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، فقد رفض رئيس النظام المصري التوقيع بالأحرف الأولى على الإعلان المشترك الصادر في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 بـ"إدانة الانقلاب"، توضح الصحيفة الفرنسية.

حتى الإمارات والسعودية، رغم اعتبارهما معاديين للتحول الديمقراطي السوداني، فقد خطا توقيعيهما إلى جانب كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

وحسب التفاصيل التي ذكرتها المستشارة والباحثة المستقلة المتخصصة في السودان، ندى واني، "فقد كان على الجنود تسليم مقاليد مجلس السيادة للمدنيين قريبا".

وأضافت أن "محاكمة المحكمة الجنائية الدولية شكلت تهديدا أيضا، وكذلك قرارات لجنة (تمكين) الحكومية المعنية بتفكيك النظام السابق".

وقالت واني: "لذلك ربما شعروا، في ضوء هذه العوامل وغيرها، أن الوقت قد حان لتنفيذ انقلابهم، الذي ربما حصلوا من أجله على موافقة ودعم السيسي".

ومنذ 21 أغسطس/آب 2019، كان السودان يعيش مرحلة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش و"قوى إعلان الحرية والتغيير" (مدنية) وحركات مسلحة وقعت مع الخرطوم اتفاقا للسلام، في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2020، لينقلب البرهان على الاتفاق وينفذ انقلابه.

أهداف مشتركة

ولخص الباحث المتخصص في مركز "كارنيغي للشرق الأوسط"، يزيد صايغ، أن "الأمر لا يقتصر على إظهار الزعيمين لأهداف مشتركة، إذ يطمح كلاهما إلى الحفاظ على التفوق العسكري ومنع التحول الديمقراطي".

وأضاف "يبدو أن رئيس النظام المصري، قبل كل شيء، يريد أن يقدم لنفسه ضمانا للاستقرار من خلال توسيع القوة العسكرية الموجودة بالفعل خلال الثلاثين عاما من ديكتاتورية عمر البشير، التي أطيح بها في 11 أبريل/نيسان 2019".

ولفت المحلل السياسي السوداني جهاد مشامون، إلى أن "السياسيين المدنيين في البلاد لم يتمكنوا أبدا من التوصل إلى اتفاق، وهو واقع كان بمثابة ذريعة للجنرال الانقلابي لحل الحكومة، التي عملت حتى ذلك الحين مع ائتلاف من الأحزاب غير قادر على الموافقة على تشكيل مجلس تشريعي".

فيما أكدت طالبة الدكتوراه في العلوم السياسية، مانون لاروش، أن "إرادة رجل القاهرة القوي تكمن في ضمان استمرارية الملفات الإقليمية الجارية، خاصة حول مسألة سد النهضة الإثيوبي، أي حيث تتلاقى مصالح البرهان والسيسي".

وينطبق الشيء نفسه، بحسب زميلها الباحث بلدو، على مثلث حلايب الحدودي، الذي تديره مصر ويطالب به المدنيون السودانيون.

وقال بلدو إن "مصر تصدر سلعا سودانية لا تنتجها مثل الصمغ العربي والسمسم والماشية، والجيش السوداني شريك تجاري رئيس لها وقد استلهم من العسكر المصريين الاستثمار بكثافة في الإنتاج والتجارة".

وأضاف "مع ذلك، لا يبدو أن نظام السيسي مستعد لوضع يده في جيبه لإنقاذ حلفائه من حالة الإفلاس".

وشدد بلدو على أن "النظام المصري سيتبع مصالحه الخاصة ويترك البرهان بلا شك، وعلى أي حال، فإنه ليس لدى القاهرة الوسائل لدعم الخرطوم على المدى الطويل".

فيما قالت "لوبوان" إنه "خلافا لأخيه الوهمي (السيسي)، فإن البرهان، الذي تعلم الدرس في مصر مثل معظم كبار الجنود السودانيين، لا يملك قاعدة صلبة داخل وطنه، رغم محاولة إثبات هذه النقطة، بل العكس من ذلك هو الصحيح، وهو ما يتمثل في نصب اعتصام أمام القصر الجمهوري في الأسبوع الذي سبق الانقلاب".

وخلص الباحث صايغ، بالقول إن "المعارضة المدنية السودانية حشدية ونشطة وتحظى بتأييد واسع، وهو ما ليس موجودا في الجيش، على عكس مصر عام 2013 حيث ثبت أن الدعم للجيش أكبر بكثير، فيما أصبحت المعارضة المدنية المتبقية وقتها تلك التي لا تشمل مؤيدي الجيش أو أنصار جماعة الإخوان المسلمين، في حالة تهميش".