بدل أبطال الحرب.. فرنسا تخدع الجزائر وتعيد إليها جماجم مرتزقة ولصوص

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

توقفت صحيفة "لاكروا" الفرنسية عند "فضيحة" الجماجم التي استعادتها الجزائر من باريس، حيث اتضح أن بعضها "يعود أساسا إلى لصوص ومرتزقة لا علاقة لهم بتاتا بالمقاومين الجزائريين".

وقالت الصحيفة إنه "في لفتة سياسية للتوفيق بين الذكريات، أخفت فرنسا والجزائر خبرا مفاده أنه من بين 24 جمجمة تعود إلى فترة الغزو الاستعماري، أعيدت في يونيو/حزيران 2020 إلى الجزائر، كانت هناك جماجم مضافة أو مجهولة وليس لها أي علاقة بالمقاومين والمجاهدين".

ستة فقط

وذكرت "لاكروا" أنه في الذكرى الـ58 لاستقلال الجزائر، أشارت "صحيفة الوطن" اليومية الجزائرية، عن الحشد الذي تجمع وراء حشد الشخصيات الذين جاؤوا إلى ساحة الشهداء لدفن هؤلاء المجاهدين الذين "عادوا إلى أرضهم أسيادا عظماء"، كما أكد وزير المجاهدين الطيب زيتوني، في ذلك الوقت.

وكانت فرنسا حينذاك قد أعادت رسميا إلى الجزائر 24 جمجمة تعود إلى الشهداء (المقاومين) الذين ارتقوا خلال الغزو الاستعماري (1830-1962).

وكان من بينهم مقاومون بارزون مثل "الشيخ بوزيان" أو "شريف بوبغلة"، الذين قادوا الثورة ضد المستعمر قبل أن يقتلوا وتقطع رؤوسهم، وتنتهي جماجمهم في مجموعات متحف الإنسان في باريس.

وأكدت لاكروا أن "الرئيس عبد المجيد تبون وعددا من القادة الآخرين في النظام الجزائري الحالي، صمتوا على حقيقة أن العديد من هذه الجماجم لم تكن لأبطال جزائريين، أو على الأقل مجهولة الهوية أو من أصل غير مؤكد".

وأشارت في سياق متصل إلى التقرير المثير للجدل الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2022.

وتمكنت "نيويورك تايمز" من الاطلاع على نص الاتفاقية السرية التي وقعتها الحكومتان الفرنسية والجزائرية في 26 يونيو/حزيران 2020، والتي أشارت إلى أن "ست جماجم فقط من التي أعيدت إلى الجزائر كانت تخص مجاهدي المقاومة".

والمفاجأة، كما تقول الصحيفة الأميركية، أن باقي الجماجم الـ24 تضمنت جماجم لـ"لصوص ومساجين وثلاثة جنود مشاة جزائريين خدموا في الواقع في الجيش الفرنسي".

وتتساءل لاكروا، في هذا الصدد، عن السبب وراء مطالبة الجزائر باستعادة هذه الجماجم بينما كانت تعلم حقيقتها؟

وقالت إنه "قبل الخوض في الجوانب الدبلوماسية، حيث إن موضوع مصالحة الذكريات حساس للغاية بين البلدين، وقع التعتيم على الحقائق العلمية وفرض صمت مطبق حول موضوع الجماجم هذا ، الذي كان متداولا إلى حد ما بين الطرفين".

جدير بالذكر أنه في عام 2016 أشار المدير المسؤول عن مجموعات المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي، الذي يعتمد عليه متحف الإنسان في فرنسا، إلى صحيفة "لاكروا" أن ستة من أصحاب تلك الجماجم كانوا "في خدمة فرنسا" وأنه يمكنه أن يكون من بينهم "قتلى في المستشفى لم يعلن عن جثثهم أو تم تصنيفهم على أنهم قتلة".

غموض تام

لكن بعد طلب رسمي للتعويض من جانب الجزائر تم الحفاظ على السرية التامة للجنة الخبراء العلميين الفرنسية الجزائرية التي أنشئت عام 2018. 

وأكد "متحف الإنسان" أنه إلى اليوم تمت دراسة 37 من 45 بقايا جثث بشرية جزائرية تعود إلى القرن التاسع عشر، لأنه تبين أن 3 مفقودة و5 خالية من أي معلومات. 

وبينما كانت 11 جمجمة غير موثقة بشكل كاف، كانت 26 جمجمة بحكم الواقع قابلة للإرجاع إلى الجزائر.

إلى الآن وصل الأراضي الجزائرية 24 منهم، ولاتزال اثنتان في انتظار أن يقع إرسالهما أيضا.

وفي هذا السياق، أكدت السيناتورة الفرنسية عن "اتحاد الوسطيين"، كاثرين مورين ديسايلي، أنه "تم تنفيذ هذا العمل في غموض تام".

وقالت ديسايلي، التي عملت لفترة طويلة على عملية إعادة رفات الموتى، إن "القضايا الدبلوماسية سادت على المسائل التاريخية، واعترفت بكل وضوح بفشل العملية".

لكن، كما قالت لاكروا، يبدو أن الجمعية الوطنية مترددة في اعتماد هذا النص حتى يكون لفرنسا بـ قانون إطاري آخر يتعلق بإعادة بقايا الجثث البشرية ذات الصبغة الحساسة، وأيضا إيجاد مجلس وطني للتفكير في هذا الموضوع من تثقيف المجتمع السياسي الفرنسي بشأن هذه القضية.

"لم نحرز أي تقدم في هذا الموضوع منذ أكثر من 10 سنوات"، تضيف ديسايلي.

وتابعت: "كان يجب أن نعيد هذه الجماجم القديمة إلى الجزائر، لكن هذه البادرة كان يجب أن تكون مثبتة قانونيا وتاريخيا وعلميا".

لكن الصحيفة أكدت أنه مع ذلك، بسبب عدم وجود قانون، لا يمكن إرجاع هذه الجماجم بالكامل.

وبسبب الغموض والتسرع تم إيداعهم لمدة خمس سنوات في الجزائر، وهي وديعة قابلة للتجديد طالما لا يوجد تشريع قانوني يؤطر العمل على هذه الجماجم ويمنع عودتها.

يشار إلى أن الحكومة الجزائرية لم ترد على طلبات التعليق التي وجهتها إليها "نيويورك تايمز"، ولا يزال غير واضح سبب قبولها لبعض الجماجم التي لا تعود لرجال المقاومة، خاصة وأنها كانت تنتقد بعض الجوانب في سياسة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تجاه البلاد.

من جانبه أيضا، رفض مكتب ماكرون التعليق، وأعاد توجيه الأسئلة لوزارة الخارجية الفرنسية، التي قالت إن "عملية إعادة الجماجم تمت بموافقة الطرفين".